السبت 15 يونيو 2024

حسن خليل يكتب: عالم بلا أسوار «قناع الدين الجزء الثالث»

حسن خليل

ثقافة2-9-2021 | 17:50

حسن خليل

عالم بلا أسوار هو سلسلة مقالات عبارة عن نقد بسيط وصريح لكل ما يدور حولنا من المعاملات، نحاول فيها توضيح المشاعر الزائفة، والعلاقات الوهمية، والتى يخشى الكثير التحدث فيها جهارا، والتى تشمل كل النواحى الحياتية، الاجتماعية والثقافية وحتى الدينية، وغيرها ،  والتى قد تكون نفوسنا من أوهمتنا بأنها حقيقية، وصورت لنا أننا على الطريق الصحيح، إذا أردت أن تعرف فى أى طريق أنت فلتدخل معنا عالمنا الذى بلا أسوار.

رابعا: الدين منصبا

وهذا الذي درس العلوم الشرعية، ليكون نافعا للبرية، لم ينظر إلى ما وهبه الله من علم، وإنما نظر كيف يصل إلى أعلى المناصب، بهذا العلم، فتمسح ونافق، وتشدق بما لا ينفع الناس، وإنما بما يداهن به أصحاب السلطة، ومن ملكه الله على الناس، ويمشى على حسب أهوائه، فيحلل الحرام ويحرم الحلال، حتى يصل إلى مبتغاه، فإذا ما وصل لم يتغير واستمر به الحال، وصار أكثر نفاقا وتمسحا، خشية الإطاحة به، والعودة إلى ما كان عليه الحال، فلا ندرى أبعلمه هوى، أم به علا؟، أرى أنه حقق ما يطلب، فقد اتخذ الدين وسيلة ليصل إلى المنصب، فانطبق عليه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا) (رواه مسلم فى صحيحه)، .

خامسا: الدين مغنما

وهذا لم يظهر جليا إلا بعد عصر التكنولوجيا ونقل المعلومات، فقد أطل علينا بوجهيه الجميل والقبيح - وإن كان القبيح أظهر - فرأينا من رجال الدين - أو من نظنهم كذلك - ما لم نره من قبل فكل يسعى ليكون صاحب المقام الأوحد، والمشاهدات الأعلى، ليس حبا فى الله، ولا لنفع عباد الله، وإنما حبا فى الشهرة، وما يغدق عليه من أموال، والعجيب أن منهم من ينادى بالحرية، وهو أسير العبودية، ومن ينادى بالزهد ، وهو للمال عبد، ومن ينادى بالتقشف، وهو أكثر من يسرف، أولئك اتخذوا الدين مغنما، ليعيش فى دنيته منعما، فاستولوا على عقول البسطاء، واغتنموا أموال الفقراء، وتشدق بأقوالهم الجهلاء، فقاسوا عليهم الدين، وهم عنه أبعد ما يكون.

 

وبعد أن استعرضنا معايير الدين عند البعض، وأن منهم من يتخذ الدين لغرض، وأن أكثرهم مخادع، لا يخشى لوم، ولا يردعه رادع، سيتبادر فى الأذهان سؤال، كيف اتقى الخداع ممن يحسن المقال، ويدل على دينه مظهره العام؟، وفى الحقيقة أنك لم تخدع بمعسول الكلام، ولا بالمظهر العام، وإنما وافق هواك هواه، فاتبعته دون سواه، فإنما كنت تبحث عن ما يشبع رغبات نفسك، فإذا ما وجدته انقدت إليه بلا تفكير، ولتعدد الأهواء تعددت الطوائف، فكل إلى ما تمليه عليه نفسه يسير، فمهما حاولت فأنت لنفسك أسير، وإن تحليت بحالهم، وتكلمت بلسانهم؛  لتدافع عن نهجهم ، فإنما تدافع عن هواك لا عنهم، ولا تتعجب فكلٌ يتحكم فيه هوى النفس، حتى الإيمان لا يكون إلا عن هوى، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَا يُؤْمِن أَحَدكُمْ حَتَّى يَكُون هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْت بِهِ) (الطبرانى فى الكبير) ، فالحمد لله أن وافق هوانا ما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فإنما تؤمن، بما تريده ، وتنأى عن ما لا تريده، وانظر لنفسك حين تفعل الذنب، وتبحث له عن مخرج شرعى طالما تفعله، فإذا مللته حرَّمته، أكان حلالا قبل ذلك، ثم تذكرت أنه حرام!، وقس على ذلك كل الأفعال.

ويبقى السؤال الأهم، هل أنا عبد لله؟، ولن يجيب على هذا إلا أنت، فمهما قال فيك القائلون، ومدحك المادحون، ومهما وصفوا ورعك وتقواك وزهدك، وأعجبك قولهم وغرك فى نفسك، فلن يعرف الإجابة غيرك، وكما تعاهدنا من قبل ابحث فى أعماق نفسك، واصدق معها ولا تأفك، وحطم أسوار صمتك، حينها فقط ستعرف أين أنت من ربك، ولكن من خوفكم من الإجابة سيبقى السؤال فى أذهانكم عالقا، ولكنى سألتها فأجابت: "لستَ كذلك".

يذكر أن حسن خليل سعد الله، كاتب ومؤلف مصري، يعمل رئيسًا لقسم الصارف الآلي في بنك التعمير والإسكان، وبرغم طبيعة عمله البعيدة عن موهبته، فإنه استطاع أن يوجه اهتمامه إليها بشكل كبير ومثمر، حتى حصل على ليسانس الدراسات العربية والإسلامية، ومن ثم الدراسات العليا والماجستير، في علوم الحديث الشريف من المعهد العالي للدراسات الصوفية.