الأحد 23 يونيو 2024

بعد استيلاء طالبان على أفغانستان.. ماذا ننتظر من هيومن رايتس واتش؟


شيماء خميس

مقالات8-9-2021 | 21:59

شيماء خميس

مع اجتياح طالبان لأفغانستان، والانسحاب الأمريكي الأسوأ تاريخيًا، الذي يعيد للأذهان أخطاء أمريكا الفادحة، التي ارتكبتها في فيتنام بالأمس القريب، هربت أمريكا وعملت على إجلاء مواطنيها، وسحب جنودها، لكنها لم تخطط لإجلاء العناصر التي ستعاني الأمرين في وجود طالبان بالحكم، مثل: الناشطات الحقوقيات، والصحفيات، والعاملين بالحقلين الفني والأدبي. 

ظلت أمريكا تردد شعارات تعزيز الديموقراطية و حقوق الإنسان، ثم اضطلعت بلعبة سياسية سخيفة لم تظهر كل أركانها حتى الآن، فسمحت بهروب الرئيس الأفعاني، وانسحبت دون أن تفكر في مصير الأبرياء الأفغان، تحت وطأة حكم طالبان.

المعلن أن هناك اتفاق بين أمريكا وطالبان، على السماح للجيش الأمريكي باستكمال عمليات الإجلاء، لكن الحقيقة المفجعة، أن الكثيرين لا يستطعون حتى الوصول إلى لمطار، والكثير من العائلات انقسمت، بين أفراد من حقهم الإجلاء، وآخرين عالقين بلا أمل في النجاة، مما يمثل وضعًا إنسانيًا مزريًا، تحت سمع وبصر هيومن رايتس واتش، المنظمة التي تدعي حماتة حقوق الإنسان.

فقد ظلت المنظمة الكسولة، دون تقارير أو بيانات حقيقية، تنقل ما يحدث على أرض الواقع في أفغانستان، فلا معلومات عن خطط انتقام طالبان من موظفي الحكومة السابقين، أو من أعضاء المجتمع المدني، خاصة الذين تربطهم علاقات بالحكومات الأجنبية.

الكل يعرف أن البيانات الحقيقية ستُظهر أمريكا في دور الذئب، وهو أكثر الأدوار التي تناسبها على الصعيد الدولي، فهي تهرب ببعض الفرائس بين أنيابها، وتدهس البعض الآخر، لترحل موفرة الأمان لمواطنيها وحدهم، وغير عابئة بالأطراف الأخرى، بينما هيومن رايتس لا تفتح فمها، لأن التصريحات ستدين أمريكا في مجال حقوق الإنسان، وهو أمر لا تتقنه هيومن رايتس، إنها فقط تتقن توجيه أسهمها للمجتمع العربي، فتطالب بحماية حقوق المثليين، والمنظمات غير الحكومية التي لا يفهم أحد دورها  الحقيقي، ولا يعرف أحد حدود تمويلاتها، وفيما تستخدم، ولكنها تغض الطرف عما يحدث في فلسطين، حفاظًا على ماء وجه إسرائيل، الابنة المدللة لأمريكا. 

ولا ترى المنظمة ما تقترفه أمريكا من مهازل إنسانية ضد المواطنين السود، خاصة، والملونين عامة، حيث يعيش معظمهم في ظروف حياتية سيئة، ولا يتمتعون بنفس الحقوق أو الفرص مثل المواطنين المنحدرين من أصول قوقازية، كما لا تهتم المنظمة بالتجاوزات التي يرتكبها الجنود  الأمريكيون في العراق، طوال سنوات الاحتلال الأمريكي غير المبرر، الذي بدأ في مارس 2003، وأخيرًا تتناسى ما يحدث في أفغانستان، هذا البلد الذي حولته أمريكا لساحة حرب، لعقود متتالية، وها هي تخرج منه خالية الوفاض، غير عابئة بمصير آلاف الأبرياء، وهيومن رايتس لا تلفظ بنت شفة. 

وفيما يلي مشاهد من أهم ما تناقلته وكالات الأنباء من قصص إنسانية، حدثت و مازلت تحدث، في أفغانستان، مع اجتياح طالبان، وترهيب المواطنين المساكين، لعلها توقظ ضمير منظمة حماية حقوق الإنسان الكسولة، التي تكيل الأمور دومًا بمكيالين، وتظهر الجميع مخطئين، وتصدر ضدهم تقارير سلبية، تستخدمها أمريكا، والمجتمع الدولي، الذي يأتمر بأمرها فيما بعد، للضغط والابتزاز.
 
حصد الانفجار الأرهابي، الذي ضرب مطار العاصمة الأفغانية كابول، 170 روحًا، كلها من الإفغان الساعين إلى مغادرة بلادهم، بعد سيطرة طالبان، خوفًا على حياتهم في ظل حكم الميليشيات الأكثر تطرفا في العالم، و من بينهم شابة تدرس الصحافة، وتعمل ناشطة على إحدى قنوات يوتيوب، لتعتمد على راتب زهيد في تأمين مصاريف دراستها.

كانت الناشطة واسمها "نجمة صادقي"، ترتدي السواد وتبكي في آخر فيديو لها، قبل التوجه للمطار مع شقيقها وابن عمها، على عكس فيديوهاتها السابقة، التي كانت تظهر فيها بملابس ملونة، وتستمع للموسيقي، وهي تتجول في أسواق المدينة بحرية.

وفي الوقت الذي سعت فيه أمريكا وحليفتها بريطانيا، لإجلاء مواطني كلتيهما، سجلت إحدى السيدات، التي تنحدر من أصول أفغانية، وتحمل الجنسية البريطانية، وتحتل منصبًا برلمانيًا، أنها جاءت لزيارة مسقط رأسها، فإذا بها تسجل مشاهد الرعب الذي اجتياح الشوارع، حتى توقفت السيارات، وترجل الناس، آخذين طريقهم جريًا إلى المطار، في حين سمعت صيحات: "اختبئوا، طالبان ستقتلكم.. طالبان ستبيد الجميع". 

وبالطبع تدخلت السفارة والحكومة البريطانية لإجلائها، لكنها ظلت تتساءل عن مصير الآخرين، ممن أبقاهم سوء حظهم في براثن طالبان.
 
غارغشت هيداي، بريطاني أفغاني، عمل في الجيش الأمريكي، وانتقل إلى المملكة المتحدة منذ حوالي ستة أشهر، لكنه عاد إلى أفغانستان عندما استولت طالبان على السلطة.

وقيل له إنه سيتم إجلاؤه، لكن زوجته لا تحمل جنسية مزدوجة، ولن يُسمح لها بالمغادرة، وفي بداية الأمر منعت بالفعل، لكن تم تغيير القرار لاحقا، بيد أن الزوجة عانت الأمرين حتى وصلت إلى مجمع المطار في كابل، لمقابلة زوجها وأطفالهما، الذين يحملون جنسية المملكة المتحدة أيضا.

كل هذا يحدث ومازال الوضع مأساويا ولا حياة لمن تنادي، أين المظلة الكبرى التي تحمى حقوق الإنسان؟!

يجب أن نفيق ونعترف بأننا لا ننتظر أي شيء من هذه المنظمة الكسولة، التي لن تفيق من سباتها، إلا إذا أشارت لها أمريكا بسبابتها، لتضغط على بعض الدول هنا وهناك.