الثلاثاء 21 مايو 2024

بسمة عبد العزيز: العنف النفسي يترك أثرا أكبر من «البدني» (حوار)

ليس عيبا أن يلجأ الشخص للطبيب لطبيب نفسي لتقدم الدعم المطلوب

طبيب الهلال12-9-2021 | 17:10

حوار: محمود علي - تصوير: محمد ممدوح

ظاهر العنف من المشكلات الاجتماعية التي تؤرق جميع المجتمعات، قد تتفاوت درجتها من مجتمع لآخر وفقا لثقافته ونشأت الفرد ومدى تطبيق العدالة الاجتماعية بين الناس وغيرها من العوامل، لكن هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة انتشرت بصورة فجه وارتفعت حدتها لدرجة القتل، وتخللت بعض الأسر فيمارس الزوج العنف على زوجته، والآباء على الأبناء.

ولمحاولة الفهم الجيد لهذه الظاهرة وأسبابها وكيفية التعامل معها تواصلت "بوابة دار الهلال" مع الطبيبة النفسي بمستشفى العباسية للصحة النفسية والكاتبة الصحفية بسمة عبد العزيز، لتفسير هذه الظاهرة وطرق معالجتها، وإلي نص الحوار:-

 

- ما هو مفهوم العنف خاصة الأسري؟ وأشكاله؟

يُعرف العنف بأنه شكل من أشكال الإيذاء يمكن أن يكون في صورة لفظية أو بدنية، ومن أشكال ممارسة العنف هناك ما يخلف علامات ظاهرية كأن يلكم شخص آخر في وجهه فيتسبب له بكدمة أو أن يطعن شخص آخر بسكين أو سلاح ناري. 

وعنف يسبب أثرا نفسيا كالشعور بالقلق الشديد والأرق وفقدان الشهية المبالغ فيه أو الاكتئاب بدرجاته الخفيف أو الشديد الذي يدفع صاحبه للعزلة.

وعنف سلبي كشخص لا يؤدي مهمة هو مُكلف بها، مثل طفل يرفض إطاعة تعليمات وأوامر والديه، وقد يُمارس العنف من فرد ضد فرد أو جهة ضد فرد، لكنها تتلخص جميعها في كونه إيذاء لفظي أو بدني.

 

- في رأيك ما هو أسوء أشكال العنف؟

بعض أنواع العنف النفسي تترك أثرا غائرا في الشخص أكثر بمراحل من العنف البدني، وأسوء أشكال العنف هو ما يمس الأسرة والأشخاص القريبين منا، فالكثير من الأشخاص يرفض عمل مهمة معينة بمجرد أن يشعر بأن هذا الرفض قد يعرض أسرته للإيذاء يضطروا على الفور للموافقة حماية لهم.

 

- نرى في تلك الأيام أن ظاهرة العنف ازدادت حدتها لدرجة القتل، فما تفسيرك لهذا التغير؟

تزايدت ظاهرة العنف داخل المجتمع وفي التعامل بين الناس، وأصبحت ملحوظة من الناحية الكمية والكيفية، فنلاحظ عبر مواقع التواصل الاجتماعي وصفحات الجرائد أخبارا كثيرة عن ممارسات عنف ونوع من الجرائم لم نكن معتادين عليها من قبل، تمثلت في ممارسات عنف داخل الأسرة وبين الأصدقاء قد تصل في بعض الحالات إلى القتل، متخطية حد الإيذاء الجسدي أو اللفظي الشائع.

 

القضية تكمن فيما يمر به المجتمع من تغيرات نتيجة عوامل كثيرة اجتماعية منها واقتصادية وسياسية، خلقت دائرة مغلقة من العنف، يمارس من هو أعلى العنف على من هو أدنى منه، تبدأ من مدير يعنف موظفيه، ثم رجل مقهور يمارس العنف على زوجته، وعنف من الزوجة على أبنائها، وهذا ناتج عن عدم قدرة من يتعرض لأي شكل من أشكال العنف على مواجهة من يعنفه بل يتجه إلى الأضعف منه ويمارس عليه العنف.

 

- كيف يمكن تجنب العنف من البداية أو تقليل أثاره؟

فكرة تجنب العنف تكاد تكون مستحيلة، ولكن يمكن تقليل أثاره من خلال المواجهة وليس التهرب، فالهروب يخلق إحساسا بالضعف والتخاذل والإهانة، أما المواجهة إن لم تكن متكافئة فتقلل من الشعور بهذا الإحساس، لأنها تُشعِر الفرد بعدم الاستسلام وأنه سعى للحصول على حقه، ويختلف أسلوب مواجهة العنف من بحسب ما تعرض له الشخص من عنف سواء لفظي أم بدني.

 

- كيفية التعامل مع الأشخاص ممن تعرضوا للعنف؟

يجب مساندتهم نفسيا وتصديقهم وألا نشكك فيما يقولون، ونستمع لهم بشكل هادئ دون توتر ونفكر معهم، ونؤكد لهم أن لهم كل المساندة والدعم من الجميع، لأن القبول المجتمعي للشخص الذي تعرض للعنف واحتضانه وطمأنته يزيل عنه عبئ الصدمة أو العنف الذي تعرض له.

 

- ما رسالتك لكل من يشعر بالعيب في اللجوء إلى طبيب نفسي مخافة أن يظنه الناس مجنونا؟

في السابق كانت هناك فكرة متداولة بين الناس أن الطبيب النفسي لا يلجأ إليه إلا المجنون، وهذا خطأ وبدأنا في تجاوزه وقطعنا شوطا كبيرا في تقبل المجتمع للطب النفسي، لذا على أي شخص يشعر بنوع من أنواع الأضراب أو أعراض نفسية فعليه أن يلجأ إلي طبيب متخصص لمساندة له دون أن يعيب هذا الأمر.

 

- هل كل مرتكب جريمة مريض نفسي وبحاجة للتأهيل؟

لتحديد ما إذا كان يستحق تأهيلا نفسيا أو بمعنى أخر أنه أرتكب الجريمة نتيجة مرض نفسي يجب عرضه على الطب النفسي الشرعي، ليرى هل قدراته العقلية سليمة وفعل الجريمة بمحض إرادته أم لا؟ وإذا ثبت أنه فعلها لمرض نفسي يحكم القاضي عليه بقضاء فترة حكمه كعلاج بالمستشفيات النفسية المخصصة.

أما إذا ثبت أنه معافى وفعلها بمحض إرادته وعقله سليم فهذا شخص مسؤول عن وبالتالي لا يحتاج إلي طبيب نفسي ويجب معاقبته على جرمه وتعديل سلوكه من تلقاء نفسه لأنه شيء جيد.