«الحياد فى الوطن خيانة» .. والرماديون والمذبذبون وهواة إمساك العصا من المنتصف هم أخطر أعداء الدولة.. فالشريف يعادى من يعادى وطنه.. وعندما تتبدل المسارات من العداء إلى التصالح، يحترم مصلحة الوطن.. ورؤية صانع القرار.. لكن الأكلة على كل الموائد.. والمتحولين.. والواقفين فى المنتصف مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء.. ولا إلى هؤلاء.. لا يعرفون هذه المعانى الشريفة.. فهم دائماً جاهزون لبيع شرفهم ومبادئهم مقابل أى ثمن أو مصلحة.. وهم أخطر من الخونة والعملاء.
«أكره مَن يُعادى بلدي، ويُضمر لها الشر.. وأحب مَن يساعدها».. هذا هو المبدأ الذى يحكم مواقف الشرفاء والوطنيين.. ولا يعرفه المرجفون وأصحاب المواقف الرمادية وهواة إمساك العصا من المنتصف. هناك مقولة فى السياسة تقول: «ربما يكون صديق اليوم هو عدو الغد.. وعدو اليوم هو صديق الغد».. فالسياسة مصالح وتوافق وعلاقات دول تُبْنَى على أساس الاحترام، وعدم الإضرار. .. وتتحدد مواقف الجميع من أبناء الوطن على أساس علاقة الدولة.. فإذا كانت هناك دولة تعادى بلدي، وتتآمر عليها وتحاول الإضرار بمصالحها أو أمنها.. فهى بالنسبة لى كمواطن عدو.. والحيادية هنا خيانة.. والوقوف فى المنطقة الرمادية عمالة.. لأنه ليس هناك أغلى وأعز من الوطن.
زميلى الإعلامى الكبير نشأت الديهي.. أثار فى برنامجه «بالورقة والقلم» حول «بوصلة الوطن».. وتغيير مواقف الإعلامى حسب درجة علاقة وطنه بدولة أخري.. أو تتبدل حسب العلاقة، عداءً أو صداقة، أو حتى توتر.. وأعجبتنى عبارة «بوصلة الوطن».. فمواقفى تتحدد طبقاً لموقف بلدي.. أكون شديد العداء والمواقف مع مَن يُعادى بلدي، وإذا وجدت أن هناك خطراً يحدق بها، فأنا مثل «الجندي» أو المقاتل الذى لا يتردد لحظة فى حمل سلاحه لمواجهة عدو.. وأقلامنا وكلامنا يشبهان السلاح.
يقيناً.. الانحياز للوطن شرف لا يضاهيه شرف.. والإعلامى الوطنى الشريف لا يرى إلا مصلحة بلده.. وهو مثل الجندى الذى يقسم بأن يدافع عنها فى البر والبحر والجو.. وأن يكون معها فى السراء والضراء.. تلك هى الوطنية التى لا يعرفها المرجفون والخونة وأصحاب المواقف الرمادية الذين لا يكفون عن العواء.. فمَن يكتفى بشرف المشاهدة عندما يتعرض الوطن للخطر أو يرى ويدرك أن هناك من يتآمر على دولته.. أقل ما يوصف به هؤلاء أنهم مثل المسخ، بلا هوية أو شكل أو مضمون.. انتهازيون بالدرجة الأولي، «سماسرة حرب».. وتُجار فرص يبحثون عن مصالح ضيقة ورخيصة. الرماديون والمرجفون أخطر من أعداء الوطن، لأن العدو بالنسبة لك واضح تستطيع أن تتعامل معه بشكل مباشر، أما أصحاب المواقف «المائعة» فهم أخطر من ألد الأعداء. بوصلة الوطن.. تعبير عبقري.. تتحدد تبعاً لها مواقفنا واتجاهاتنا.. ولا نخجل من إعلان ذلك على الإطلاق.. فهناك شرفاء يقدمون أرواحهم فداء لهذا الوطن فى مواجهة أعدائه.. وبالتالى فإن مَن يقف «محايداً» أو فى المنطقة الرمادية هو مثل الجندى المتخاذل، والهارب من الميدان، وهو فى عداد الموتى على قيد الحياة، وعقوبته معروفة أيضاً، وهى الإعدام.
شرف الدفاع عن الوطن لا يضاهيه شرف سواء بالسلاح أو بالكلمة أو القلم، وهى معانٍ لا يعرفها الجالسون فى المناطق «الرمادية».. والإعلامى إذا وقف فى صف الوطن ضد أى دولة معادية، فهو واجب مقدس وشرف كبير، لا بديل ولا غنى عنه، وليس بعده اختيار.. وما دون ذلك هو خيانة وعمالة.. وإذا تغيرت مواقف نفس الدولة المعادية إلى علاقات طبيعية مع الوطن، فإن المواقف هنا تختلف، ولا تتعلق بالحب أو الكراهية، أو مغازلة مَن كان يعادينا.. فنحن نتصرف ونتحدث ونحدد مواقفنا طبقاً لبوصلة وقلب وعقل وطننا.. ولسنا من أصحاب المصالح الشخصية.. فأعظم مصلحة للإنسان هى مصلحة وطنه.. أما الآكلون على كل الموائد، ومَن ينتظرون «فُتات» الآخرين وإحسانهم.. فهم مثل الجيف العفنة، ومصيرهم مثل «والى عكا».
نحن لا نريد لمصر إلا القوة والقدرة والنصر.. ومن يعتقد أن أصحاب المواقف الشريفة المعاصرة لوطنهم لهم مصالح شخصية، فهو واهم ويعانى من مرض وشذوذ فكرى وعقائدي، ولا يعرف أدنى معايير الوطنية. مواقف الشرفاء لا تتبدل بالمعنى السييء.. ولكنها لا ترى سوى مصلحة الوطن.. لا تُداهن مَن يعادى الوطن.. ولا تقبل أن تقف فى منطقة رمادية فى حالة تعرضه للخطر.. وتكون فى حالة طبيعية غير مبتذلة إذا عادت العلاقات إلى طبيعتها من خلال الاحترام المتبادل.. فالأقلام الشريفة أشبه بالأسلحة الفتاكة التى فى حوزة الوطن.. فى مواجهة أعدائه.. أما إذا حدث الوفاق فهى أقلام غير مبتذلة لا تسعى ولا تبحث عن منافع أو مصالح شخصية ذاتية، فجُلّ اهتمامها وعقيدتها مصلحة الوطن وأمنه ونُصْرَته.
الناعقون والمرجفون والرماديون، تحدثوا عن أن الإعلام فى مصر غَيَّر مواقفه بعد تغيير مسارات العلاقات مع بعض الدول.. وهذا غير صحيح بالمرة، فمن الطبيعى أن تتخندق فى صف الوطن فى حال إذا تعرض لخطر ومحاولات التآمر والإضرار بأمنه واستقراره، وحياة وأرواح شعبه ومصالحه العليا.. وتُشْحِذ أقوى أسلحتك كإعلامى فى وجه مَن يعادون وطنك، وهو شرف ونقاء وطن لا يدركه «السفلة» والمرجفون والرماديون الذين هم أخطر وأشد وطأة من الأعداء.
وإذا ما تغير المسار السياسى للدولة مع مَن كان يختلف معها أو يعاديها، فإن الإعلامى الوطنى الشريف يحترم رأى صانع القرار، لأن فيه مصلحة الوطن، وأن حالة الاختلاف أو الإضرار قد انتهت.. وهنا لا يَنْظِمُ الشعر والغزل فيمن كانوا بالأمس أعداء.. ولكنه يحتفظ بالخبر العادى والطبيعي.. احتراماً وتقديراً لرؤية الدولة وصانع القرار.. وهذا أيضاً شرف لا يعرفه المتنطعون والرماديون. قلنا ومازلنا.. إن الحياد فيما يتعلق بالأوطان «خيانة».. وانتهازية.. فكيف أشاهد وطنى يواجه الخطر وأقف مكتوف الأيدي.. فالكلمة والقلم هما أضعف الإيمان. مواقف الذين حسموا أمرهم واختاروا طريقهم فى أن يكونوا فى صف الوطن لا يمكن لأحد أن يزايد عليها، وهؤلاء لا ينتظرون مصلحة أو عطاء من أحد.. ولا يأكلون على كل الموائد.. ولم يُعْرَف عنهم أى تلون، أو تحول، وليس دفاعاً عن إعلامى كبير فى حجم نشأت الديهي، بقدر ما هو حقيقة ثابتة وراسخة.. فنحن لسنا على رأسنا بطحة.. بل نتشرف وعلى استعداد أن نقدم أرواحنا وحياتنا من أجل مصر، فهذه هى الغاية والمقصد والهدف، ولم نُضْبَط يوما بتحول أو تلون، ولم نجلس على موائد اللئام والخونة والعملاء طمعاً فى تمويل أجنبى للعمل ضد مصالح بلادنا.. فهذه هى الخيانة بعينها.
موقفنا ثابت.. لم يتزحزح قَيْدَ أُنْمُلَة.. ونقول ونؤكد دائماً أن ما جرى فى يناير 2011 مؤامرة واضحة المعالم ومكتملة الأركان، لم تستهدف الإطاحة بنظام، ولكن كان هدفها الشيطانى هو إسقاط مصر وإعلان وفاة الدولة.
الحياد.. خيانة.. أمر بديهى وبدلاً من أن يتوارى المرجفون والرماديون خزياً وعاراً.. على مواقفهم الرديئة.. انتابتهم حالة من الفجور والخِسَّة والسفالة والتنطع للهجوم على الشرفاء.. واتهامهم بتبديل مواقفهم، وهذا غير صحيح.. فمَن هاجموا أعداء مصر.. لم يتحولوا للغزل والهُيام بعد أن تبدلت مسارات السياسة، طبقاً لمصلحة الدولة ورؤية صانع القرار التى هى محل الاحترام والتقدير والتأييد، لأنها تصب فى المصلحة العُليا للوطن.. وتصدر عن عقيدة وطنية شريفة تحظى بثقة عميقة فى كل خطواتها وقراراتها. اللعب على كل الحبال.. والانتقال من مربع إلى آخر حسب المصلحة والمكاسب والمنافع، وإدمان التحول والتلون أمر خطير للغاية.. فالتلون هو من صفات الحرباء.. وتغيير الجلد من صفات الأفاعي.. والخطر هو غض الطرف عن هذه الآفات، لأنها هى الأخطر على المجتمع والدولة، ولا يمكن إدماجها.. بل يجب بترها.. لأن وجودها يمثل بؤرة «خبيثة».. وشوكة فى ظهر الوطن.. تنتظر التوقيت للانقضاض.. جاهزة فى أى وقت لبيع مبادئها وشرفها.
المحايدون أيضاً أشد خطراً.. والرماديون والمرجفون والمذبذبون.. فالأوطان تحتاج رجالا حسموا أمرهم.. لا يرون إلا بعين الوطن.. ولا يتحركون إلا طبقاً لبوصلته.. لا يبيعون مبادئهم.. ولا يبحثون عن مصالح وغنائم ومكاسب.. بل جُل عقيدتهم الولاء والانتماء لتراب وأرض مصر.
من الخطر أيضا أن نربى ونرعى الأفاعى فى بيوتنا.. وأوطاننا.. لأنه مهما أغدقت لها العطاء.. ومنحتها بسخاء.. فى النهاية ستلدغك.. وسيكون مصيرك الموت لا محالة.. لذلك فرعاية الشرفاء والاهتمام بهم هو الاختيار الأفضل. أغرب شيء أن تتحدث عن الفضيلة والمبادئ وأنت غارق فى بحور الرذيلة والرخص.. وللأسف لا تخجل، وتدَّعى وتزعم وتكذب رغم أن الفضائح كانت «مباشر» أمام كل الناس.. فعلاً.. «نهيتك ما انتهيت والطبع فيك غالب.. وديل الكلب ما ينعدل لو علقوا فيه قالب». من المهم أن تسأل السؤال التاريخى والمصيرى والكاشف: من أين لك هذا.. إذا كنت تسأل الناس إلحافاً.. ويعطف عليك البعض بـ«سندوتش» وخمسة جنيهات و«كوب شاى أو فنجان قهوة».. وإذ فجأة تصبح من أصحاب السيارات الفارهة والأرصدة الهائلة.. والسكن الفاخر، فيلا أو قصر.. وملابس على أحدث موضة من أرقى بيوت الأزياء.. السؤال الطبيعي: من أين لك كل هذا؟!.. فمن المهم أن تتوازن الأمور؟!.. وتتسق حتى تستقيم الحياة. سيظل الشريف شريفاً.. وهبه اللَّه نعمة الاستغناء وبُغْض الحرام.. وسيظل الملوث ملوثاً.. والعاجز عاجزاً.. لكن فى النهاية سوف تسقط الأقنعة، ولن يصعد الفشلة والعجزة وأنصاف المواهب والمبتزون.. فالتاريخ لا تخفى عليه خافية، يسجل كل شيء.. وللأسف الناس تنسي.. وتغتر بالمظهر وتتجاهل الجوهر.. ولن يحيق المكر السييء إلا بأهله.
خلود وحماية الوطن لا يمكن أن تكون فى أيدى المرجفين والرماديين والمذبذبين.. فهؤلاء لديهم قدرة غريبة على بيع كل شيء.. حتى وإن كان الشرف.. التصابى السياسى لدى البعض آفة خطيرة، وسلوك مشين.. يشبه المراهقة المتأخرة لدى العجائز.. مما يجعلهم مسخاً.. ومسخرة لا تجلب سوى الإساءة والعار.. لذلك المتنطعون هم أخطر أمراض المجتمع.
ما أعظم المواقف الواضحة.. والأيادى الطاهرة.. والقلوب النقية.. وما أجمل الشرف فى زمن عزَّ فيه الشرف.. فهو رصيد لا ينفد.. بل يساوى أموال وكنوز الدنيا.. والوفاء والانتماء والفداء والتضحية من أجل الوطن ومناصرته هى أعظم النعم. وفى الختام الشرفاء فى زمن عزَّ فيه الشرف.. عقيدتهم الحياد فى الأوطان خيانة.. مواقفهم واضحة لا لبس فيها.. فالأقلام والكلمات هى أيضاً سلاح.. والإعلامى والصحفى «مقاتل» يغضب لوطنه.. ويسعد لانتصاره، ويشهر سلاحه فى وجه أعدائه.. لكن الرماديين والمذبذبين والمرجفين هم أخطر أعداء الوطن، بل أخطر من العملاء والجواسيس، لا تأمنهم على وطن.. فهم غارقون فى البيع حتى بيع الشرف.. جاهزون للتلون والتحول مثل الحرباء والأفاعي.. والنتيجة «لدغة موت محتومة».. لذلك فمحاولات احتوائهم أو إدماجهم، مخاطرة كبرى. «أكره مَن يُعادى بلدي، ويُضمر لها الشر.. وأحب مَن يساعدها».. هذا هو المبدأ الذى يحكم مواقف الشرفاء والوطنيين.. ولا يعرفه المرجفون وأصحاب المواقف الرمادية وهواة إمساك العصا من المنتصف. هناك مقولة فى السياسة تقول: «ربما يكون صديق اليوم هو عدو الغد.. وعدو اليوم هو صديق الغد».. فالسياسة مصالح وتوافق وعلاقات دول تُبْنَى على أساس الاحترام، وعدم الإضرار. .. وتتحدد مواقف الجميع من أبناء الوطن على أساس علاقة الدولة.. فإذا كانت هناك دولة تعادى بلدي، وتتآمر عليها وتحاول الإضرار بمصالحها أو أمنها.. فهى بالنسبة لى كمواطن عدو.. والحيادية هنا خيانة.. والوقوف فى المنطقة الرمادية عمالة.. لأنه ليس هناك أغلى وأعز من الوطن.
زميلى الإعلامى الكبير نشأت الديهي.. أثار فى برنامجه «بالورقة والقلم» حول «بوصلة الوطن».. وتغيير مواقف الإعلامى حسب درجة علاقة وطنه بدولة أخري.. أو تتبدل حسب العلاقة، عداءً أو صداقة، أو حتى توتر.. وأعجبتنى عبارة «بوصلة الوطن».. فمواقفى تتحدد طبقاً لموقف بلدي.. أكون شديد العداء والمواقف مع مَن يُعادى بلدي، وإذا وجدت أن هناك خطراً يحدق بها، فأنا مثل «الجندي» أو المقاتل الذى لا يتردد لحظة فى حمل سلاحه لمواجهة عدو.. وأقلامنا وكلامنا يشبهان السلاح.
يقيناً.. الانحياز للوطن شرف لا يضاهيه شرف.. والإعلامى الوطنى الشريف لا يرى إلا مصلحة بلده.. وهو مثل الجندى الذى يقسم بأن يدافع عنها فى البر والبحر والجو.. وأن يكون معها فى السراء والضراء.. تلك هى الوطنية التى لا يعرفها المرجفون والخونة وأصحاب المواقف الرمادية الذين لا يكفون عن العواء.. فمَن يكتفى بشرف المشاهدة عندما يتعرض الوطن للخطر أو يرى ويدرك أن هناك من يتآمر على دولته.. أقل ما يوصف به هؤلاء أنهم مثل المسخ، بلا هوية أو شكل أو مضمون.. انتهازيون بالدرجة الأولي، «سماسرة حرب».. وتُجار فرص يبحثون عن مصالح ضيقة ورخيصة. الرماديون والمرجفون أخطر من أعداء الوطن، لأن العدو بالنسبة لك واضح تستطيع أن تتعامل معه بشكل مباشر، أما أصحاب المواقف «المائعة» فهم أخطر من ألد الأعداء. بوصلة الوطن.. تعبير عبقري.. تتحدد تبعاً لها مواقفنا واتجاهاتنا.. ولا نخجل من إعلان ذلك على الإطلاق.. فهناك شرفاء يقدمون أرواحهم فداء لهذا الوطن فى مواجهة أعدائه.. وبالتالى فإن مَن يقف «محايداً» أو فى المنطقة الرمادية هو مثل الجندى المتخاذل، والهارب من الميدان، وهو فى عداد الموتى على قيد الحياة، وعقوبته معروفة أيضاً، وهى الإعدام.
شرف الدفاع عن الوطن لا يضاهيه شرف سواء بالسلاح أو بالكلمة أو القلم، وهى معانٍ لا يعرفها الجالسون فى المناطق «الرمادية».. والإعلامى إذا وقف فى صف الوطن ضد أى دولة معادية، فهو واجب مقدس وشرف كبير، لا بديل ولا غنى عنه، وليس بعده اختيار.. وما دون ذلك هو خيانة وعمالة.. وإذا تغيرت مواقف نفس الدولة المعادية إلى علاقات طبيعية مع الوطن، فإن المواقف هنا تختلف، ولا تتعلق بالحب أو الكراهية، أو مغازلة مَن كان يعادينا.. فنحن نتصرف ونتحدث ونحدد مواقفنا طبقاً لبوصلة وقلب وعقل وطننا.. ولسنا من أصحاب المصالح الشخصية.. فأعظم مصلحة للإنسان هى مصلحة وطنه.. أما الآكلون على كل الموائد، ومَن ينتظرون «فُتات» الآخرين وإحسانهم.. فهم مثل الجيف العفنة، ومصيرهم مثل «والى عكا».
نحن لا نريد لمصر إلا القوة والقدرة والنصر.. ومن يعتقد أن أصحاب المواقف الشريفة المعاصرة لوطنهم لهم مصالح شخصية، فهو واهم ويعانى من مرض وشذوذ فكرى وعقائدي، ولا يعرف أدنى معايير الوطنية. مواقف الشرفاء لا تتبدل بالمعنى السييء.. ولكنها لا ترى سوى مصلحة الوطن.. لا تُداهن مَن يعادى الوطن.. ولا تقبل أن تقف فى منطقة رمادية فى حالة تعرضه للخطر.. وتكون فى حالة طبيعية غير مبتذلة إذا عادت العلاقات إلى طبيعتها من خلال الاحترام المتبادل.. فالأقلام الشريفة أشبه بالأسلحة الفتاكة التى فى حوزة الوطن.. فى مواجهة أعدائه.. أما إذا حدث الوفاق فهى أقلام غير مبتذلة لا تسعى ولا تبحث عن منافع أو مصالح شخصية ذاتية، فجُلّ اهتمامها وعقيدتها مصلحة الوطن وأمنه ونُصْرَته.
الناعقون والمرجفون والرماديون، تحدثوا عن أن الإعلام فى مصر غَيَّر مواقفه بعد تغيير مسارات العلاقات مع بعض الدول.. وهذا غير صحيح بالمرة، فمن الطبيعى أن تتخندق فى صف الوطن فى حال إذا تعرض لخطر ومحاولات التآمر والإضرار بأمنه واستقراره، وحياة وأرواح شعبه ومصالحه العليا.. وتُشْحِذ أقوى أسلحتك كإعلامى فى وجه مَن يعادون وطنك، وهو شرف ونقاء وطن لا يدركه «السفلة» والمرجفون والرماديون الذين هم أخطر وأشد وطأة من الأعداء.
وإذا ما تغير المسار السياسى للدولة مع مَن كان يختلف معها أو يعاديها، فإن الإعلامى الوطنى الشريف يحترم رأى صانع القرار، لأن فيه مصلحة الوطن، وأن حالة الاختلاف أو الإضرار قد انتهت.. وهنا لا يَنْظِمُ الشعر والغزل فيمن كانوا بالأمس أعداء.. ولكنه يحتفظ بالخبر العادى والطبيعي.. احتراماً وتقديراً لرؤية الدولة وصانع القرار.. وهذا أيضاً شرف لا يعرفه المتنطعون والرماديون. قلنا ومازلنا.. إن الحياد فيما يتعلق بالأوطان «خيانة».. وانتهازية.. فكيف أشاهد وطنى يواجه الخطر وأقف مكتوف الأيدي.. فالكلمة والقلم هما أضعف الإيمان. مواقف الذين حسموا أمرهم واختاروا طريقهم فى أن يكونوا فى صف الوطن لا يمكن لأحد أن يزايد عليها، وهؤلاء لا ينتظرون مصلحة أو عطاء من أحد.. ولا يأكلون على كل الموائد.. ولم يُعْرَف عنهم أى تلون، أو تحول، وليس دفاعاً عن إعلامى كبير فى حجم نشأت الديهي، بقدر ما هو حقيقة ثابتة وراسخة.. فنحن لسنا على رأسنا بطحة.. بل نتشرف وعلى استعداد أن نقدم أرواحنا وحياتنا من أجل مصر، فهذه هى الغاية والمقصد والهدف، ولم نُضْبَط يوما بتحول أو تلون، ولم نجلس على موائد اللئام والخونة والعملاء طمعاً فى تمويل أجنبى للعمل ضد مصالح بلادنا.. فهذه هى الخيانة بعينها.
موقفنا ثابت.. لم يتزحزح قَيْدَ أُنْمُلَة.. ونقول ونؤكد دائماً أن ما جرى فى يناير 2011 مؤامرة واضحة المعالم ومكتملة الأركان، لم تستهدف الإطاحة بنظام، ولكن كان هدفها الشيطانى هو إسقاط مصر وإعلان وفاة الدولة.
الحياد.. خيانة.. أمر بديهى وبدلاً من أن يتوارى المرجفون والرماديون خزياً وعاراً.. على مواقفهم الرديئة.. انتابتهم حالة من الفجور والخِسَّة والسفالة والتنطع للهجوم على الشرفاء.. واتهامهم بتبديل مواقفهم، وهذا غير صحيح.. فمَن هاجموا أعداء مصر.. لم يتحولوا للغزل والهُيام بعد أن تبدلت مسارات السياسة، طبقاً لمصلحة الدولة ورؤية صانع القرار التى هى محل الاحترام والتقدير والتأييد، لأنها تصب فى المصلحة العُليا للوطن.. وتصدر عن عقيدة وطنية شريفة تحظى بثقة عميقة فى كل خطواتها وقراراتها. اللعب على كل الحبال.. والانتقال من مربع إلى آخر حسب المصلحة والمكاسب والمنافع، وإدمان التحول والتلون أمر خطير للغاية.. فالتلون هو من صفات الحرباء.. وتغيير الجلد من صفات الأفاعي.. والخطر هو غض الطرف عن هذه الآفات، لأنها هى الأخطر على المجتمع والدولة، ولا يمكن إدماجها.. بل يجب بترها.. لأن وجودها يمثل بؤرة «خبيثة».. وشوكة فى ظهر الوطن.. تنتظر التوقيت للانقضاض.. جاهزة فى أى وقت لبيع مبادئها وشرفها.
المحايدون أيضاً أشد خطراً.. والرماديون والمرجفون والمذبذبون.. فالأوطان تحتاج رجالا حسموا أمرهم.. لا يرون إلا بعين الوطن.. ولا يتحركون إلا طبقاً لبوصلته.. لا يبيعون مبادئهم.. ولا يبحثون عن مصالح وغنائم ومكاسب.. بل جُل عقيدتهم الولاء والانتماء لتراب وأرض مصر.
من الخطر أيضا أن نربى ونرعى الأفاعى فى بيوتنا.. وأوطاننا.. لأنه مهما أغدقت لها العطاء.. ومنحتها بسخاء.. فى النهاية ستلدغك.. وسيكون مصيرك الموت لا محالة.. لذلك فرعاية الشرفاء والاهتمام بهم هو الاختيار الأفضل. أغرب شيء أن تتحدث عن الفضيلة والمبادئ وأنت غارق فى بحور الرذيلة والرخص.. وللأسف لا تخجل، وتدَّعى وتزعم وتكذب رغم أن الفضائح كانت «مباشر» أمام كل الناس.. فعلاً.. «نهيتك ما انتهيت والطبع فيك غالب.. وديل الكلب ما ينعدل لو علقوا فيه قالب». من المهم أن تسأل السؤال التاريخى والمصيرى والكاشف: من أين لك هذا.. إذا كنت تسأل الناس إلحافاً.. ويعطف عليك البعض بـ«سندوتش» وخمسة جنيهات و«كوب شاى أو فنجان قهوة».. وإذ فجأة تصبح من أصحاب السيارات الفارهة والأرصدة الهائلة.. والسكن الفاخر، فيلا أو قصر.. وملابس على أحدث موضة من أرقى بيوت الأزياء.. السؤال الطبيعي: من أين لك كل هذا؟!.. فمن المهم أن تتوازن الأمور؟!.. وتتسق حتى تستقيم الحياة. سيظل الشريف شريفاً.. وهبه اللَّه نعمة الاستغناء وبُغْض الحرام.. وسيظل الملوث ملوثاً.. والعاجز عاجزاً.. لكن فى النهاية سوف تسقط الأقنعة، ولن يصعد الفشلة والعجزة وأنصاف المواهب والمبتزون.. فالتاريخ لا تخفى عليه خافية، يسجل كل شيء.. وللأسف الناس تنسي.. وتغتر بالمظهر وتتجاهل الجوهر.. ولن يحيق المكر السييء إلا بأهله.
خلود وحماية الوطن لا يمكن أن تكون فى أيدى المرجفين والرماديين والمذبذبين.. فهؤلاء لديهم قدرة غريبة على بيع كل شيء.. حتى وإن كان الشرف.. التصابى السياسى لدى البعض آفة خطيرة، وسلوك مشين.. يشبه المراهقة المتأخرة لدى العجائز.. مما يجعلهم مسخاً.. ومسخرة لا تجلب سوى الإساءة والعار.. لذلك المتنطعون هم أخطر أمراض المجتمع.
ما أعظم المواقف الواضحة.. والأيادى الطاهرة.. والقلوب النقية.. وما أجمل الشرف فى زمن عزَّ فيه الشرف.. فهو رصيد لا ينفد.. بل يساوى أموال وكنوز الدنيا.. والوفاء والانتماء والفداء والتضحية من أجل الوطن ومناصرته هى أعظم النعم. وفى الختام الشرفاء فى زمن عزَّ فيه الشرف.. عقيدتهم الحياد فى الأوطان خيانة.. مواقفهم واضحة لا لبس فيها.. فالأقلام والكلمات هى أيضاً سلاح.. والإعلامى والصحفى «مقاتل» يغضب لوطنه.. ويسعد لانتصاره، ويشهر سلاحه فى وجه أعدائه.. لكن الرماديين والمذبذبين والمرجفين هم أخطر أعداء الوطن، بل أخطر من العملاء والجواسيس، لا تأمنهم على وطن.. فهم غارقون فى البيع حتى بيع الشرف.. جاهزون للتلون والتحول مثل الحرباء والأفاعي.. والنتيجة «لدغة موت محتومة».. لذلك فمحاولات احتوائهم أو إدماجهم، مخاطرة كبرى.