أكد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن الاتصال الحكومي كان له دور فاصل وحاسم في إدارة الدول والمجتمعات لأزمة فيروس كورونا "كوفيد -19".. مشيرا إلى أن الحكومات التي تتمتع بقنوات مفتوحة مع شعوبها وثقة متبادلة بينها وبين الجمهور تمكنت من إدارة الأزمة على نحو أفضل.
جاء ذلك في كلمة الأمين العام للجامعة العربية خلال الجلسة الافتتاحية للدورة العاشرة للمنتدى الدولي للاتصال الحكومي الذي انطلق اليوم الأحد بالشارقة تحت رعاية الدكتور سلطان القاسمي حاكم الشارقة.
وقال أبو الغيط "لقد انطلق هذا المنتدى في عام 2012 بفضل رؤية حكيمة وجهود مدروسة.. لكي يشكل حلقة هامة في مسار التغيير الذي ننشده جميعا، وأظن أن هذا التاريخ له دلالة مهمة.. فمن بعد الأحداث العاصفة في 2011، والتي أفضت إلى ما أفضت إليه من أزمات ما زلنا نعاني منها إلى اليوم في أكثر من مكان بعالمنا العربي".
وأضاف "أن هذه الأحداث مثلت دافعاً لإعادة النظر والتفكير، فجزء كبير من المشكلات كان ناجماً عن حالة غير صحية من الانفصال بين الحكومات والشعوب، وهنا، فحتى لو كانت الحكومات تقوم بعملها وتبذل جهدها، فإن الشعوب ، إذا لم تُشرَك في هذا العمل وتُحاط علماً بهذا الجهد ، تجد نفسها منفصلة عما يجرى ومنعزلة عن المشاركة فيه وغير شاعرة بالمسئولية عنه أو بملكيته".
وتابع أبو الغيط " أتحدث عن حالة إشكالية عشناها جميعاً بصور مختلفة في بلداننا العربية.. حيث نُظر للشعوب، لا بوصفها مشاركاً أصيلاً في التنمية، بل مستقبلاً لها، وهي حالةٌ خطيرة، أدت إلى أن الكثير من المواطنين أصبحوا غير واعين بمُشكلات البلاد الحقيقية، ولا بالتحديات التي تواجهها.. ولا حتى بالجهود والخطط التي تُبذل لمواجهة هذه التحديات".
وأكد أن هذه هي الحالة ذاتها التي تجعل الناس عُرضة للتلاعب بأحلامهم من قِبل البعض والعبث بطموحاتهم من جانب جماعاتٍ تدعي الحرص على مصلحة الشعوب، فغياب المعرفة بالتحديات وعمق المشكلات يعطي المساحة للشعارات غير الواقعية، وللبرامج التي لا تقوم على أساس من الواقع.. وللمطالب السياسية التي تستهدف المزايدة لا الإصلاح.
وأوضح الأمين العام لجامعة الدول العربية أن إشراك الشعوب يبدأ بإشاعة المعرفة بحجم التحديات وعمق المشكلات التي يواجهها المجتمع... وليس صحيحاً أن هذه المعرفة تُشيع اليأس أو تُضعف من شعبية الحكومات.. بل الصحيح أنها تضع الناس والحكومات في قاربٍ واحد.. وتُعيد تشكيل الخطاب السياسي على أساس من الواقع القائم، وليس الوعي الزائف أو الشعارات الكاذبة.
وقال إن العملية التنموية عملية متكاملة تسير في اتجاهين، لا تنمية تقوم بها الحكومة وحدها من دون شعبٍ واعٍ ومؤيد .. فالتنمية، بطبيعتها، تقتضي تضحيات من أجل المستقبل.. ولا يُقدم على هذه التضحيات سوى شعب واعٍ وعارف بقيمة التنمية وضرورتها وانعكاساتها المباشرة على الجيل الحالي والمستقبلي.
وأضاف أبو الغيط "لا تكتمل العملية التنموية، إلا لو كانت الحكومات بدورها، على معرفة بما تريده الشعوب وما تشكو منه وما تصبو إليه، ولهذا نقول إنها طريق يسير في اتجاهين، وليس اتجاهاً واحداً.. وركنها الأساسي هو الشفافية في المعلومات والقرارات على حدٍ سواء.. فهذه الشفافية هي التي تضمن للسياسات الحكومية التأييد الشعبي الضروري والشرعية اللازمة لإنجاحها.. وهي التي تضمن للخطط والبرامج الحكومية تلبيتها لحاجات الناس كما هي في الواقع، وعلى الأرض".
وتابع قائلا " لقد رأينا جميعاً ما كشفت عنه تجربة كوفيد في العامين الماضيين من تأثير الاتصال الحكومي الناجح على أداء الحكومات في وقت الأزمة.. فقد صار واضحاً أن الحكومات التي تتمتع بقنوات مفتوحة مع شعوبها وثقة متبادلة بينها وبين الجمهور، تمكنت من إدارة الأزمة على نحوٍ أفضل.. ومن قراءة الواقع بصورة أكثر دقة.. ومن القيام بواجبها في التوجيه والضبط والتوعية على نحو أسرع وأكثر كفاءة".
وأشار أبو الغيط إلى أن الاتصال الحكومي كان له دور فاصل وحاسم في إدارة الدول والمجتمعات لأزمة كوفيد.. وأظن أن علينا أن نتوقف كثيراً أمام هذه التجربة بالتأمل والبحث واستخلاص العبر فيما يتعلق بكفاءة أجهزة الاتصال الحكومي.. وبسريان قنوات التواصل بين الأجهزة والمؤسسات الرسمية والشعوب.
وأوضح أن التكنولوجيا المعاصرة توفر أدوات غير مسبوقة لنقل المعلومات ونشرها ومعالجتها، ولا شك أن على الحكومات ملاحقة ومواكبة هذه الأدوات الجديدة.. ليس فقط لاستخدامها كوسائط اتصال جديدة مع الشعوب، وإنما أيضاً لرصد مُشكلاتها، وما تتسبب فيه أحياناً من تشويش أو حالة من البلبلة والتخمة المعلوماتية.
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية " لدينا في الإمارات العربية نموذج رائد في اقتحام الثورة المعلوماتية، وتطويع أدواتها لصالح العمل الحكومي وبغرض تعزيز التواصل في الاتجاهين، بين الحكومة والشعب.. نحن نتحدث عن حكومة رقمية حديثة.. وعن إدارة تستند إلى المعلومات في كل خطة.. في كافة ربوع الإمارات، وأظن أننا نحتاج التوقف كثيراً أمام نموذج الشارقة.. وما يُمثله من إشراقة استثنائية".
وأضاف " نحن هنا لا نتحدث فقط عن حكومة إلكترونية، وإنما أيضاً عن نموذج يجعل المعرفة والثقافة جزءاً لا يتجزأ من عملية الإدارة والحكم.. ولا أظن أن هذا النموذج كان ليتحقق من دون وجود شخصية استثنائية مثل سمو الشيخ سلطان القاسمي في القلب من هذه التجربة الرائدة".
وشدد أبو الغيط على أن المجتمعات العربية لن تنهض سوى بإشاعة الثقة بين الحكومات والشعوب.. فهذه الثقة وحدها هي ما تضمن العمل والتضحية.. ولا يُمكن أن تشيع الثقة سوى على أساس من الشفافية وتبادل المعلومات في الاتجاهين.. وإشراك الشعوب بكشف الحقائق أمامها حول مستويات التحديات التي تواجهها.. والخطط الموضوعة لمواجهة هذه التحديات..مؤكدا أن الاتصال الحكومي جزء لا يتجزأ من أي عملية تنموية ناجحة.