تم جمع القرآن الكريم في عهد النبي -صلّى الله عليه وسلّم، وكان حفظه متواتراً في الصدور، ومكتوبا في السطور، أما في عهد أبو بكر كانت آيات وسور القرآن المكتوبة مُفرّقة؛ فتم جمعها في عهد عثمان في مصحف واحد، وفي هذا الصدد، تقدم بوابة "دار الهلال"، بالتفصيل كيفية جمع القرآن الكريم كالآتي:
ـ جمع القرآن في عهد الرسول:
ـ زاد نزول القرآن الكريم مُفرَّقاً من حرص النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من عدم تفلُّت شيءٍ منه، فكان يردّد كلّ ما يُلقيه عليه جبريل -عليه السلام- قبل انتهائه من تلقينه، فنزل قوله -تعالى-: (إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ* فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ).
ـ بعد نزول الآية كان يصمت إلى حين انتهاء الوحي من تلقينه، ثمّ يستدعي الكَتَبَة من الصحابة؛ ليكتبوا كلّ ما ينزل من القرآن الكريم، وكان جبريل -عليه السلام- ينزل على النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-؛ ليعرض عليه القرآن الكريم كلّ سنةٍ في ليالي شهر رمضان، وقد عرضه عليه مرّتين في آخر سنةٍ من حياته -عليه السلام.
ـ لما تُوفّي النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- كان الكتاب العزيز مجموعاً في قلوبهم ومحفوظاً في ذاكرتهم، فقد حرص الصحابة على حفظ القرآن الكريم أوّلاً بأوّلٍ.
ـ لم م يدع النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- جمع القرآن الكريم خاصّاً بالصدور فحسب، ولكنّه اهتمّ بجمعه وحفظه في السطور أيضاً؛ تمكيناً وتثبُّتاً في الجمع والحفظ، فكان يُوكل مَهامّ الكتابة إلى كَتَبة الوحي؛ فكلّما نزلت آيةً أو سورةً، أمر النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بكتابتها، فيتمّ بذلك حفظها، ممّا يؤكّد حِرصه الشديد على جمع كتاب الله -تعالى- مكتوباً في السطور، ومحفوظاً في الصدور.
ـ القرآن الكريم تمّت كتابته كلّه في العهد النبويّ، وإن كان مُفرّقاً.
ـ كان النبي يرشد الصحابة -رضوان الله عليهم- في كيفيّة كتابة الآيات والسُّوَر، وكيفية وضعها في مواضعها الصحيحة.
ـ أنّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- كان يراجع ما تتمّ كتابته من قِبل صحابته -رضوان الله عليهم-، ويقرؤه.
ـ جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق:
ـ في بداية الأمر لم تكن هناك حاجةٌ ماسّةٌ لجمع كتاب الله في مكانٍ واحدٍ في خلافة أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- إلى أن حدثت حروب الردّة التي خلّفت الكثير من القتلى، وكان أغلبهم من حفظة الكتاب، وهو السبب الرئيسيّ الذي أدّى إلى خوف عمر من أن يضيع القرآن؛ فعرض فكرة الجمع على أبي بكرٍ.
ـ على الرغم من أنّ الصديق رفض في البداية؛ لأنّه أمرٌ لم يقم به النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-، إلّا أنّ عمرُ بقي يُذكّره أنّه أمر خيرٍ للمسلمين حتى طمأنّ الله -تعالى- قلب أبي بكرٍ لجمعه، فأمرَ زيدَ بن ثابت بجمعه، وقد اجتمعت في زيد -رضي الله عنه- خِصالٌ حميدةٌ، ومزايا عديدةٌ اختِير -بفضلها- أن يكون ممّن يجمع القرآن الكريم.
ـ كان لجمع القرآن في عهد الصدِّيق مزايا، منها تدوين القرآن الكريم كاملاً، وضبطه بالكتابة واطمئنان الصحابة لحفظ القرآن وزوال الخوف عليه من موت الحفظة.
ـ جمع القرآن في عهد عثمان بن عفّان:
ـ في عهد عثمان أخذ كلّ صحابيٍّ يُقرئ المسلمين القرآن ببلدٍ؛ فكانت القراءات مُتباينةً بحسب ما أُنزِل على الرسول من الأحرف السبعة، والصحابة كلٌّ منهم يُعلّم كما علّمه النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- حرفاً وقراءةً، فأدّى ذلك إلى تعدُّد القراءات، وتبايُن المقرئين من الصحابة في كلّ بلدٍ.
ـ عاين الصحابي حذيفة بن اليمان الاختلاف بين الناس في فتح بلاد أرمينية وأذربيجان، فكان بعضهم يُجرّح بعضاً، فأخبر أمير المؤمنين وقتئذٍ بما رآه من اختلافات المسلمين في قراءاتهم ونزاعهم في ذلك، فأرسل عثمان إلى أمّ المؤمنين حفصة بأن ترسل إليه ما عندها من الصُّحف؛ حتى يتمّ نسخها، ثمّ يردّها إليها.
ـ اختار عثمان زيداً ومجموعةً من الصحابة القرشيّين للنسخ، فنسخوا الصُّحف إلى المصاحف، وأمرهم عند اختلافهم مع زيد في كلمةٍ أن يرجعوا إلى لسان قريش؛ فعليهم القرآن أُنزِل، ثمّ أرسل عثمان كلّ مصحفٍ إلى بلدٍ، وأمر بحَرق ما سواها من المصاحف، ورَدّ الصُّحف إلى حفصة، وتمّ بذلك جمع القرآن الكريم في عهده.
ـ كان لجمع القرآن في عهد عثمان عدّة مزايا، منها قطع بؤرة الخلاف بين المسلمين، واجتماعهم على مصحفٍ واحدٍ، ومعرفة القراءات الثابتة للقرآن الكريم، وتعلُّمها.
اقرأ أيضا:
10 طرق تساعد على تحفيظ القرآن الكريم للأطفال.. تعرف عليها
منها الصبر والشجاعة.. كيف كانت أخلاق النبي؟