من أفضل المشاعر التي يشعر بها الإنسان هو السعادة والحب؛ فالحب مصدر من المصادر الأساسية للسعادة لدى الإنسان، فالحب فطرة عند كل البشر ويزداد جمال الحب إذا كان في الحلال ويغطية رضا الله.
درجات الحب في الإسلام
حب الله تعالى حب الله -تعالى- ثلاثة مراتب، ومنها الآتي:
المرتبة الأولى: الحب الذي يسيطر فيه ذكر الله -تعالى- على قلب الإنسان، فلا يدخله وسواس، ولا شيء غيره، فيصبح يتلذذ بعبادته والتقرب إليه، فيخفف عنه الله تعبه ومصائبه؛ لذلك يحرص دائمًا إلى التقرب الله.
المرتبة الثانية: الحب الذي يبعث في النفس إيثار الحق على غيره، من خلال النظر في صفات الله -تعالى-، مما يدفع المسلم إلى محبته، والدوام على ذكره، وتعلق القلب به وترك ما سواه.
المرتبة الثالثة: الحب الذي يخطف القلب من خلال إطالة النظر في كمال ذات الله -سبحانة وتعالى-.
حب العبد لله تعالى
حب العبد لخالقه من أعظم الواجبات؛ فقد أوجب الله -تعالى- على الإنسان محبته فقال: «قُل إِن كانَ آباؤُكُم وَأَبناؤُكُم وَإِخوانُكُم وَأَزواجُكُم وَعَشيرَتُكُم وَأَموالٌ اقتَرَفتُموها وَتِجارَةٌ تَخشَونَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرضَونَها أَحَبَّ إِلَيكُم مِنَ اللَّـهِ وَرَسولِهِ وَجِهادٍ في سَبيلِهِ فَتَرَبَّصوا حَتّى يَأتِيَ اللَّـهُ بِأَمرِهِ وَاللَّـهُ لا يَهدِي القَومَ الفاسِقينَ»، فهي من أسباب دخول الجنة، ومرافقة النبي -عليه الصلاة والسلام- فيها، وتكون هذه المحبة من خلال معرفة الله -تعالى- وأسمائه وصفاته، واستشعار عظمته ونعمه، واتباع أوامره، وتكون محبته للآخرين كأبنائه ووالديه طريق للقرب منه -سبحانه وتعالى-، ومحبة الله -تعالى- هي محرك الإنسان للخير وللإيمان الحق، قال الله -تعالى-: «وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ»؛ فإيمان يدفع العبد لحب الله -تعالى- ويدعوه إليه، وأحد الأعمال التي تزيد من محبة الله -تعالى- في قلب العبد، ذكر نعمه، وكثرة ذكره وحمده، ومناجاته وخاصة في قيام الليل، والإلحاح عليه بالدعاء في توفيقه لمحبته، وتحبيب الناس بالله -ععز وجل-، والاعتبار من هذه المحبة.
حب رسول الله عليه الصلاة والسلام
يعد حب النبي -صلى الله عليه وسلم - من الامور الدائمة في حياة الإنسان، وليست مقتصرة على زمان معين، فهي تشمل نصرته، والاقتداء به، والدفاع عن سنته ورسالته، و يجب أن تكون محبته في قلب العبد أقوى من محبته للوالد والولد، لحديث النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: «فَوَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ، لا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ حتَّى أكُونَ أحَبَّ إلَيْهِ مِن والِدِهِ ووَلَدِهِ»، وينبغي على المسلم قراءة سيرته؛ للوصول إلى حبه من خلال مواقفه التي تصل إلى القلب، وكلما تعمق الإنسان بقراءتها كلما ازداد حباً لنبيه -عليه السلام-، وحب النبي -عليه السلام- من علامات الإيمان، وطريق إلى رضا الله -تعالى- ونيل الجنة، والنجاة من النار.
حب الآباء والأمهات والزوجة والأبناء
يعد حب الآباء لأبنائهم من أنواع الشعور الطبيعية والفطرية عند الإنسان، وهو أقوى وأبقى من الحقوق العرفية والاجتماعية؛ فهو جزء منه، ويسعى إلى بقاءه أكثر من نفسه، وقد كانت العرب تفتخر بآبائها في الأسواق وأمام الحجيج، وقد ذكر الله -تعالى- ذلك بقوله: «فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا»، وأما حق الآباء على الأبناء فهي كبيرة وعظيمة، وذكرها الله -تعالى- بقوله: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً)، وقد قال النبي -عليه الصلاة والسلام- عندما جاءه رجل يسأله عن أحقّ الناس بحقّ صُحبته قال: «أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أُمُّكَ قالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: ثُمَّ أبُوكَ».
وبالنسبة لحب الزوج لزوجته فهيؤ فطرة، حيث قال الله -تعالى-: «وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ»، فمن رحمة الله -تعالى- بأن خلق البشرية من جنسين؛ ليسكن كل منهما إلى الآخر، ويحصل بينهما المودة والسكينة والرحمة، ولا تحصل السكينة والائتلاف الحقيقيين إلا بين البشر.
حب المسلم لأخيه المسلم
يعد حب المسلم لأخيه المسلم؛ وإرادة الخير له، ونصرته أيضاً جميعها من علامات حب الله -تعالى-، ومحبة الله -تعالى- تكون بمحبة ما يحبه من الأعمال والأفعال، وبغض ما يبغضه من الأعمال والأفعال؛ فالأخوة في الله -تعالى- تجعل المسلم يعتصم بالله -تعالى-، ويثق بإخوانه، ويكون الاحترام المُتبادل بينهم، ويعد الحب في الله- تعالى- من أوثق عرى الإيمان، وهو جزء من الدين، ومن المودة في القربى، ومن الرحمة التي جعلها الله -تعالى- بين المُسلمين، وقد بشر الله -تعالى- المُتحابّين فيه بالجزاء العظيم يوم القيامة، قال النبي -عليه السلام- في الحديث القُدسي الذي يرويه عن ربه: «إنَّ اللَّهَ يقولُ يَومَ القِيامَةِ: أيْنَ المُتَحابُّونَ بجَلالِي، اليومَ أُظِلُّهُمْ في ظِلِّي يَومَ لا ظِلَّ إلَّا ظِلِّي»، ويكون هذا الحُبّ لأجل الله -تعالى- وطمعا في رضاه، وليس طمعاً في الدنيا أو المال؛ فيحبّ المسلم أخوه المسلم لأجل طاعته لله -تعالى-؛ كمحافظته على صلاة الجماعة وغيرها من الطاعات، مما يجعل المُسلم يحشر معه يوم القيامة، لحديث النبي -عليه الصلاة والسلام-: «المرْءُ مع مَن أحَبَّ يومَ القيامةِ».