الأربعاء 22 مايو 2024

أعراض «كوفيد الطويل» يحيّر خبراء العالم

صورة ارشيفية

عرب وعالم3-10-2021 | 13:13

سها البغدادي

يستخدم الخبراء و الاختصاصيون مصطلح علمي «الضباب الدماغي» لوصف حال المرضى الذين تجاوزوا الإصابة  «كوفيد - 19» وتعافوا من الفيروس ، ولكن العجيب أنهم ما زالوا يشعرون بصعوبة بالغة في التركيز، وحتى أنهم يجدوا صعوبة فى متابعة الحديث مع الآخرين ، ولم يستطيع البعض منهم تذكر أمور حدثت في الماضي القريب. كما أنهم يعانوا من إلتهاب شديد فى  المفاصل و الإنهاك المستمر ، حتى بعد ساعات من النوم أو الراحة، ونجدهم يعانوا من القلق الشديد لأسباب غير معلومة ، وعدم الشعور بالأمان ، وتعطل حاستي التذوق والشم بشكل ملاحظ ، ناهيك عن صعوبة التنفس التي تصل إلى حد الاختناق أحياناً، أو تدوم لفترة طويلة.

أعراض «كوفيد - 19» لن تنتهى بخروجك من المستشفى 
التعافي من «الكورونا »، بالنسبة لكثيرين، لا يبلغ خواتيمه ولا ينتهي بمجرد الخروج من المستشفى أو نتائج الاختبار السلبي، بل قد يستمر أشهراً عديدة، ربما أكثر، بأعراض صحية مهمة عند الذين تعرضوا لإصابة خطرة، أو حتى الذين كانت أعراض إصابتهم خفيفة.

ربع المتعافين يعانون من أعراضكوفيد الطويل
هذا ما تؤكده أوسع دراسة أجريت حتى الآن على ما يعرف باسم «كوفيد الطويل» أجراها عشرات الباحثين في أكثر من 60 بلداً طوال تسعة أشهر، ويراجعها حالياً خبراء منظمة الصحة العالمية. يُستفاد من نتائج هذه الدراسة أن الأعراض المذكورة كانت تصيب 10 في المائة من الذين أصيبوا بالوباء خلال الموجة الأولى، لكنها الآن تظهر على حوالي 25 في المائة من الذين تعافوا من الفيروس، وبعضها يستمر على القدر نفسه من الخطورة بعد نصف عام من الإصابة.

أعراض ما بعد الكورونا أسوأ مما توقعه الأطباء 
ويقول الاختصاصيون و الخبراء إن التجارب والمعاينة السريرية المستمرة أظهرت أن هذه الأعراض أسوأ بكثير مما كانت الأوساط الطبية تتوقع، وليس من الواضح بعد إذا كان متحور «دلتا» هو السبب أم لا ، أو أن الأطباء لم يعيروها الاهتمام الكافي في المراحل الأولى من الجائحة عندما كانت كل الجهود الطبية موجهة بهدف شفاء المصابين وإنقاذهم من الموت .

دراسة أكسفورد 33%من المتعافين يعانوا من أعراض ما بعد الكورونا 
وتشير الدراسة إلى أن العديد من التجارب السريرية التي أجراها الباحثون تمت داخل  أقسام مخصصة لمراقبة هذه الأعراض ودراستها. ويذكر أن أنطونيو فاوتشي الاختصاصي الأمريكي المعروف في العلوم الوبائية ، كان صرح منذ أيام بأن الدراسات الأخيرة التي أجريت في عدد من جامعات الولايات المتحدة حول هذه الأعراض، بينت أنها تصيب بين 15 في المائة و30 في المائة من المتعافين، فيما ذهبت دراسة نشرتها منذ يومين جامعة «أكسفورد» إلى أن هذه النسبة يمكن أن تصل إلى 33 في المائة.

إنهاك عام وإلتهاب المفاصل وعجز عن التركيز 
ويقول ماتيو توساتو الاختصاصي الإيطالي من مستشفى «جيميلي» الجامعي في روما، إن أكثر الأعراض انتشاراً بين أكثر من ألفي حالة تابعها وعاينها منذ منتصف العام الماضي، هو الإنهاك العام الذي يرافقه التهاب حاد في المفاصل وآلام في العضلات. ويليه العجز عن التركيز، حتى في المحادثات العادية نلاحظ هذا عدم التركيز ، وضعف الذاكرة. ويشير أحد خبراء منظمة الصحة العالمية إلى أن هذه الاضطرابات تظهر أيضاً على الذين أصيبوا بالوباء من غير أن تصاحب إصاباتهم أعراض تذكر.

ضيق التنفس وضعف فى القلب وإضطرابات الدماغ 
وتفيد الدراسة بأن أعراض صعوبة التنفس تظهر في الغالب عند الذين تعافوا من إصابات خطرة بالفيروس، واحتاجوا للعلاج في وحدات العناية المركزة . ويقول روجيه بلانشار، المسؤول عن قسم الأمراض التنفسية في مستشفى جنيف الجامعي، وأحد الذين شاركوا في هذه الدراسة، إن المشكلتين الأساسيتين اللتين عاينهما في حالات المصابين بأعراض «كوفيد» طويلة الأمد، هي الصعوبة الفائقة في التنفس والإنهاك الشديد لدى القيام بأي مجهود جسدي، وانخفاض كمية الأكسجين في الدم، وما ينتج عنه من وهن في العضلات، وضعف في القلب، واضطرابات في وظائف الدماغ. ويشرح بلانشار أن العلاج الذي يعتمده قسمه في هذه الحالات، هي قوارير الأكسجين التي ترافق المصابين في المنزل وخارجه، ومادة الكورتيزون لمعالجة الالتهابات. يضاف إليها، بعد تراجع الأعراض، التمارين الرياضية الخفيفة تحت إشراف الأطباء.

متابعة المتعافين بصورة دورية 
ويدرس خبراء منظمة الصحة العالمية حالياً اقتراحاً جديدا ،تقدم به واضعو الدراسة المذكورة،  بإنشاء أقسام داخل المستشفيات أو إقامة عيادات طبية مستقلة، أو  لمعاينة المتعافين من «كوفيد - 19» بصورة دورية، وإخضاعهم لفحوصات وتحليلات كل ثلاثة أشهر من أجل متابعة تطور الأعراض التي يعانون منها. ويعتقد الخبراء أن هذه التجربة متعددة الاختصاصات يمكن أن تحتذى في المستقبل لمعالجة العديد من الأمراض المزمنة ومتابعة تطوراتها.