كتب: ميادة محمد
قالت صحيفة واشنطن بوست، إن البيت الأبيض لم يتصل بأي من السفراء الأوروبيين منذ أربعة أشهر، ولم يوكل إليهم أي مهمة دبلوماسية رفيعة المستوى للتواصل مع بلادهم، ولم يعطوا مؤشرات على العمل معهم، على الرغم من أن عددًا من المبعوثين زاروا الدول الأوروبية من حين لآخر، كما أن نائب الرئيس ووزير الدفاع حملوا رسالة طمأنة عبر المحيط الأطلنطي، وأكدوا على التزام أمريكا بالناتو، وتحدثوا عن الروابط والتحالفات القديمة مؤكدين أن شيئا لم يتغير.
وأشارت الصحيفة إلى أن الأوروبيين كانوا يتظاهرون بالصدق، لكن في غضون يومين فقط الأسبوع الماضي أنهى الرئيس دونالد ترامب بنفسه تلك الأشهر من عدم اليقين، وتأكد أن حديث مبعوثيه لم يكن موثوقًا فيه، وكل شيء الآن تغير حقا، وبعد أن وصل ترامب إلى بروكسيل وبدأ لقاء الحلفاء، الذين قال لهم في أول خطاب له هناك، عليكم أن تدفعوا مبالغ هائلة مقابل أمنكم، وانتقدت الصحيفة هذا الأمر قائلة إن حلف الناتو ليس ناديا اجتماعيا حتى يدفع أعضاءه مستحقات سنوية عن العضوية.
وبعد ساعات من هذه التصريحات في بروكسيل، انتقد ترامب ألمانيا ووصفها بالسيئة بسبب ملايين السيارات التي تبيعها في الولايات المتحدة، ويبدو أنه يريد إعادة صياغة اتفاقية التجارة الأمريكية مع ألمانيا، لكن هذا الأمر لا معنى له؛ لأن برلين لا تتفاوض على صفقاتها التجارية الخاصة، وإنما يتم ذلك من خلال الاتحاد الأوروبي.
ولفتت الصحيفة إلى أن ترامب فيما يبدو يعتقد أنه زعيم التحالف، وبدأ يضغط بقضية الالتزام بمعاهدة تغير المناخ، موضحا أنه سيتخذ قراره النهائي بشأن اتفاق باريس بعد أسبوع، كما لو كان في مسلسل تليفزيوني ويريد غبقاء الناس يشاهدون، إضافة إلى ذلك قام بلفتة غريبة حينما دفع رئيس وزراء الجبل الأسود ليكون في الأمام أثناء تصوير قيادات حلف الناتو، وكأنه يتصرف كواحد من المشاهير، ولم يظهر ترامب حتى الآن أي فهم للقضايا المطروحة، وخلال خطابه بالناتو لم يشر إلى المادة 5، وهي الفقرة التي تلزم الأعضاء بالدفاع عن بعضهم البعض إذا تمت مهاجمتهم، وفي وقت لاحق أعلن أن رحلته تمهد للسلام من خلال القوة، على الرغم من أنه كان وأضحا أنه ليس لديه فكرة ما هي تلك العبارة، التي كان يستخدمها رونالد ريجان في الثمانينيات.
وبعد انتهاء الزيارة أسرع مساعدا ترامب لتفسير ما يعنيه الرئيس وأعلن مستشار الأمن القومي اتش ماكماستر أن الرئيس يؤيد المادة 5، ولكن لم يصدقه أحد في غالب الظن، ونتيجة لهذه الرحلة فإن النفوذ الأمريكي الذي يمارس دائما من خلال تحالفات تجارية وعسكرية قائمة على المصالح المتبادلة، والذي كان في جوهره العلاقات مع ألمانيا وصل إلى مستوى منخفض.