يوافق اليوم 14 أكتوبر ذكرى واحدة من أهم بطولات حرب أكتوبر 1973، ومن أهم المعارك الجوية وأطولها في التاريخ، هي معركة المنصورة الجوية، التي وقعت في 14 أكتوبر عام 1973، والتي سطر خلالها رجال القوات الجوية واحدة من أهم الملاحم البطولية، فنجحوا في التصدي لهجوم القوات الإسرائيلية وإفشال مخططها بتدمير القواعد الجوية المصرية، وأصبح هذا اليوم فيما بعد عيدا للقوات الجوية.

وخلال معركة المنصورة الجوية حاولت القوات الجوية الإسرائيلية تدمير القواعد الجوية المصرية الرئيسية بدلتا النيل في طنطا والمنصورة والصالحية، في حرب أكتوبر 1973، لكن الطائرات المصرية كانت لها بالمرصاد، فأفشلت هذا المخطط في تحقيق أهدافه، وانتهت المعركة التي استمرت نحو 53 دقيقة، مما جعلها من أكبر المعارك الجوية من حيث عدد الطائرات المشاركة وأطولها من حيث الفترة الزمنية.

معركة المنصورة الجوية

كان محاولة الطائرات الإسرائيلية الهجوم على القواعد الجوية المصرية في معركة المنصورة هو أكبر هجوم جوي تشنه إسرائيل ضمن سلسلة من الهجمات الجوية التي استهدفت المطارات المصرية بقوة قُدرت بحوالي 120 طائرة إسرائيلية، ولم يكن ذلك الهجوم هو الأول من نوعه، وقد سبقه العديد من الهجمات الإسرائيلية يوم 7 و8 و12 أكتوبر على مطاري طنطا والمنصورة لكنها انتهت بالفشل بسبب قوة الدفاع الجوي المصري.

وفي صباح يوم 14 أكتوبر 1973، هاجم الطيران الإسرائيلي مطار المزة العسكري في دمشق، ثم بعدها كان المستهدف الهجوم الكبير على القواعد المصرية في الدلتا الذي خُصص له ثلاثة أسراب من طائرات الفانتوم العاملة في القوات الجوية الإسرائيلية، وهم السرب 107 ويتمركز في حتسريم والسرب 119 ويتمركز في تل نوف والسرب 201 ويتمركز في حتسور.

كما استخدم الطيران الإسرائيلي طائرات سكاي هوك ونيشر، وقدر عدد الطائرات الإسرائيلية بنحو من 120 - 160 طائرة، وقد كان الهدف الأساسي لها هو ضرب مطار طنطا، حيث خُصص السرب 201 لفتح الطريق إلى طنطا، وذلك بعد ضرب مطار المنصورة المعقل الرئيسي لنخبة أسراب الميج الاعتراضية.

وخططت الطائرات الإسرائيلية لمسار الهجوم على ثلاث موجات جوية من اتجاهات مختلفة، كانت الموجة الأولى استدراج طائرات الميج المصرية وإبعادها عن المطارات التي تحميها، أما الثانية ضرب وإسكات الدفاعات الجوية والردارات المصرية، الموجة الثالثة هي الموجة الهجومية الرئيسية التي ستضرب المطارات المستهدفة، وذلك من خلال الهجوم ناحية شمال غرب الدلتا عبر المنطقة بين دمياط وبلطيم وبورسعيد.

تفاصيل معركة المنصورة الجوية

وفي ذلك اليوم في الثالثة والربع، رصد الرادار المصري على البحر المتوسط اقتراب 20 طائرة فانتوم تحلق باتجاه الجنوب الغربي من البحر عبر بورسعيد وأبلغت القيادة الجوية، ثم بعدها رصدت 60 طائرة إسرائيلية، قادمة من ثلاث جهات عبر بورسعيد ودمياط وبلطيم وقد أمرت القيادة بتفريقها بواسطة 16 طائرة ميج 21 من قاعدة المنصورة و8 ميج-21 من قاعدة طنطا إضافة إلى 16 طائرة التي تُشكل المظلة الجوية.

وبعدها بدقائق، أُبلغ مجدداً عن موجة إسرائيلية ثانية من 16 طائرة قادمة من البحر على ارتفاع شديد الانخفاض، فاقلعت 8 ميج-21 من المنصورة و8 ميج-21 من مطار أبو حماد لاعتراضها وهنا بدأت المعركة الجوية، واحتشدت السماء بالطائرات في دوائر من الاشتباكات الجوية كل طائرة ميج تعقب طائرة فانتوم والعكس.

وفي أعقاب ذلك رصدت الرادارات المصرية موجة إسرائيلية ثالثة بقوة 60 طائرة قادمة من ناحية بورسعيد، انطلقت لاعتراضها 8 ميج-21 من مطار إنشاص، واشتبكت الطائرات المصرية مع الطائرات الإسرائيلية فوق قريتي دخميس ودكرنس بالمحلة الكبرى، حتى فشل الهجوم وانسحبت آخر طائرة إسرائيلية من سماء المعركة في الرابعة و8 دقائق تقريبا.

بيان نجاح معركة المنصورة الجوية

وفي العاشرة من مساء ذلك اليوم، أذاع راديو القاهرة بياناً عن المعركة عُرف بالبلاغ رقم 39، وقد جاء في ذلك البيان أنه "دارت اليوم عدة معارك جوية بين قواتنا الجوية وطائرات العدو التي حاولت مهاجمة قواتنا ومطاراتنا وكان أعنفها المعركة التي دارت بعد ظهر اليوم فوق شمال الدلتا، وقد دمرت خلالها للعدو 15 طائرة وأصيب لنا 3 طائرات، كما تمكنت وسائل دفاعنا الجوي من إسقاط 29 طائرة للعدو منها طائراتا هيليكوبتر، وبذلك يكون إجمالي خسائر العدو من الطائرات في المعارك اليوم 44 طائرة منها طائرتا هيليكوبتر".

وقد أدت المعركة إلى سقوط 15 إلى 17 طائرة فانتوم إسرائيلية بواسطة 7 طائرات ميج، ثم سقطت 3 طائرات مقاتلة مصرية نتيجة اشتباك جوي، بالإضافة إلى تدمير طائرتان بسبب نفاذ الوقود منهما وعدم مقدرة طيارهما الرجوع للقاعدة الجوية، ودُمرّت أخرى ثالثة بعد مرورها وسط حطام طائرة فانتوم متطاير سبق إسقاطها بواسطة تلك الطائرة.