السبت 1 فبراير 2025

تطاول يوسف زيدان علي شخصية البطل "صلاح الدين الأيوبي" فجر القضية .. الأعمال التاريخية... بين رصد الواقع وهامش الإبداع

  • 30-5-2017 | 09:43

طباعة

تحقيق : محمد بغدادي - عمرو والي

تبدو العلاقة بين الدراما والتاريخ في غاية التعقيد والتشابك، ومنذ أن نشأت الدراما بأنواعها كان التاريخ أحد أهم مقاصدها، وزاد من هذا الاشتباك إشكالية عدم القدرة على وضع الحدود الفاصلة بينهما التصريحات الأخيرة التى خرجت من الروائي يوسف زيدان حول شخصية القائد صلاح الدين الأيوبي والتي ظهرت فى الفيلم السينمائي الذي قام ببطولته الفنان أحمد مظهر، والتى أعتبرها جاءت على غير حقيقتها حيث قال: إنه واحد من أحقر الشخصيات فى التاريخ الإنساني مدعياً إنه قام بحرق إحدى أهم المكتبات فى العالم بحجة مواجهة الفكر الشيعي، بالإضافة إلى ارتكابه جرائم حرب بحق الفاطميين" لتثير تلك التصريحات حالة من الجدل الواسع، وتفتح الباب أمام عدة تساؤلات أهمها.. هل يمكن اعتبار العمل الفني مصدراً للتاريخ؟ وإلى أي مدى يجب أن يلتزم صناع الدراما بالوقائع التاريخية فيه؟ وما مساحة الخيال والإبداع المطلوبة؟ ولماذا يُتهم صناع الدراما دائماً بتزييف التاريخ مع كل عمل تاريخي؟ ... "الكواكب" طرحت هذه الأسئلة على مجموعة من المتخصصين، وجاءت الإجابات من خلال السطور التالية..

الثواتب التاريخية

قال الكاتب والمؤلف عبد الرحيم كمال، لابد أن يلتزم المؤلف فى العمل التاريخى بالثوابت فقط، ولا يجوز التغيير فى التاريخ، أو واقعة معينة، لكن يحق للكاتب أن يضع وجهة نظره ولمسته الفنية فى الأمور المتعلقة بالحياة اليومية للشخصية التى يقدمها فى العمل الدرامى أو ما شابه.

وضرب كمال مثالاً بـ"مسلسل شيخ العرب همام"، الذى قدمه منذ سنوات وقام ببطولته الفنان يحيى الفخرانى، إذ قال إنه التزام بالثوابت وهى فكرة الخيانة التى تضمنها المسلسل، بالإضافة إلى طبيعة شخصية شيخ العرب واسمه بالكامل.

حرية مشروطة

فيما ذكر الكاتب الكبير محفوظ عبدالرحمن: من الممكن أن يقوم الكاتب بملء الفراغ فى بعض التفاصيل المتعلقة بشخصية تاريخية يقدمها فى عمل درامى، إذا كان الكاتب يقدم شخصية قائد معارك، والوقائع التاريخية لا توضح مع من كان يتحدث هذا القائد، فمن الممكن للمؤلف أن يفترض أن هناك شخصية معينة يتحدث معها القائد ويستشيرها فى كافة أمور حياته، حيث إنه من المنطقى أن يكون هناك شخص يتبادل معه الآراء.

مؤكدًا أن حرية المؤلف ليست مطلقة فى كتابة نص درامى لشخصية تاريخية ولكنه يجب أن يلتزم بالخطوط العريضة والوقائع التاريخية للشخصية.

وتعليقًا على تصريحات الكاتب يوسف زيدان بشأن القائد صلاح الدين الأيوبي، قال محفوظ عبد الرحمن إن شخصية صلاح الدين نالت شهرة واسعة وهناك بعض الوقائع التى قام المؤرخون بتوثيقها والتى تحتمل الصواب أو الخطأ، ولكن بعيدًا عن ذلك لا خلاف على أن صلاح الدين الأيوبى كان له دور عظيم فى التاريخ، وأسلوب خاص فى التعامل بشرف وقيم، وإذا كان هناك بعض الأشخاص الذين يختلفون مع سياسة صلاح الدين، فهذا لا يعطى الحق للكاتب يوسف زيدان وغيره أن يصفوه بهذا الوصف، وسيظل صلاح الدين بطلاً فى تاريخ العرب.

تزييف التاريخ

بحرص شديد هكذا شدد الكاتب بشير الديك على التعامل مع المادة التاريخية واضاف يجب أن يتم بحرص دقيق، لا يجب أن يتم تغيير الوقائع التاريخية الأساسية، فثورة 1952 لا يمكن أن نقول إنها قامت فى عام آخر، كذلك يجب أن يلتزم الكاتب بأسماء من قاموا بالثورة، وبتاريخها ومواعيدها والأحداث الرئيسية التى شهدتها، مؤكدًا أن هناك وقائع تاريخية أساسية تميز مرحلة عن غيرها يجب أن تذكر حتى لا يكون هناك إغفال للتاريخ، كما أن هناك فرقاً بين تزييف التاريخ وإغفال بعض الوقائع التاريخية الأساسية.

وفيما يتعلق بواقعة صلاح الدين الأيوبى قال: فى رأيى أن ما صرح به الكاتب يوسف زيدان يعد أمرًا سيئاً، حيث إنه لا يحق لأحد أن يتطوع من تلقاء نفسه وينتقد شخصية القائد العظيم صلاح الدين الأيوبى، فى محاولة منه لإثارة اهتمام الجمهور، كما أنه لا يجوز أن يسب زيدان القائد صلاح الدين الأيوبى وأن يصفه بـ "أحقر الشخصيات التاريخية"، متسائلاً: هل قام زيدان بقياس نسبة "الحقارة" درجة بين الجميع فوجد أن صلاح الدين الأيوبى أحقرهم؟!، معتبرًا أن هذا التصريح غير علمى.

وأَضاف قائلا:" صلاح الدين شخص عادى ولا يمكن إنكار تحريره القدس التى ظلت تحت قبضة الصلبييين لسنوات طويلة، وإذا كان يوسف زيدان يمتلك معلومات تفيد بعكس ذلك فعليه أن يقدمها دون التحقير من شأن قائد بحجم وقيمة صلاح الدين".

وعن الفيلم الذى قدمه المخرج الراحل يوسف شاهين عن القائد صلاح الدين الأيوبى، أكد الديك إن الفيلم تضمن المعلومات الأساسية التى كانت فى هذه الفترة من أن صلاح الدين هو قائد البلاد وهو من تولى قيادة الجيش وتحرير القدس التى كانت تحت سيطرة الصلبيين لما يقرب من 200 عام، وهذه حقائق لا يمكن أن نغفل عنها.

واختتم الكاتب بشير الديك حديثه قائلا: هناك بعض الأشخاص يحرصون على إثارة اهتمام المتلقى من خلال تصريحات فى غاية الغرابة، مؤكدًا أن النهج السائد حاليًا هو الإثارة ثم الإثارة التى باتت الهدف الأول والأخير لعدد كبير من الناس، مضيفا أننا أصبحنا فى عصر الإثارة بلا معنى أو ضمير.

كواليس الفيلم

المخرج السينمائي خالد يوسف كتب عبر صفحته علي موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك رداً على تصريحات يوسف زيدان بشأن شخصية صلاح الدين الأيوبي، والفيلم الذى أخرجه يوسف شاهين، قائلاً " الحقيقة العلمية الثابتة أن الفن والسينما التاريخية تحديدا تنقل للناس رؤية مبدعى الأعمال الفنية فى التاريخ، إلا أنها ليست تأريخا ولا توثيقا، فتلك مهنة المؤرخين ومكانها محافل البحث العلمى التاريخى، أما الفن فلا يعدو أن يكون وسيلة من وسائل التعبير الإنسانى لمبدع رأى الواقع أو قرأ التاريخ بزاوية ما أراد أن يعبر عنها، وله كامل الحرية أن يطلق لخياله العنان فيخترع شخصيات أو أحداثا ويغض الطرف كما يريد عن شخوص أو أحداث لكى يستطيع أن يؤكد رؤيته ووجهة نظره ولا يجوز الحكم على الأعمال الفنية إلا بالمعايير التى يخضع لها هذا الفن، وعلى رأسها المنهج العلمى فى النقد الفنى، وليس من بينها أساليب المنهج العلمى فى التاريخ أو غيره من العلوم."

وأضاف: أن "الفن الصادق لا يمكن أن يصنع بتوجيه أو بأمر أو بإرادة نظام مهما عظم.. فإذا دققنا فى فهم فيلم الناصر صلاح الدين، ففى رأيى أنه فيلم لا يتحدث عن صلاح الدين وينتصر لبطولاته ولا يشير بتلميح، سواء مقصودا أو غير مقصود، لجمال عبدالناصر، ولا ينتصر لأحلامه فى تحرير القدس، لكنه فيلم ينتصر لضرورة التعايش بين الأديان وبين الأجناس المختلفة، ويعلى من قيم الحب والتسامح وقبول الآخر، وفى جانب منه يصحح صورة الإسلام التى يحاول بعض القوى العالمية تشويهها، ويقدم صورة متحضرة لمنظومة القيم الحاكمة للثقافة العربية. وفى إطار هذا الفهم كان له أن يتناول قراءة الفترة التاريخية التى اختارها مبدعوه ليستخلصوا منها وينتصروا لهذه الرؤية، ولتتفحص الفيلم جيدا لتدرك ذلك فعلى سبيل الإحصاء العددى سترى أن أكثر من ثمانين بالمائة من مشاهد الفيلم تتحدث وتكرس لمغزاه الذى تحدثت عنه وأقل من عشرين بالمائة من مشاهد الفيلم تتحدث عن بطولات صلاح الدين".

وختم قائلاً " ولكى أكون قد قلت ما أعرفه عن كواليس الفيلم، نقلاً عن الأستاذ يوسف شاهين، أن كل مؤسسات حكم عبدالناصر قد ساهمت ودعمت صناعته لإدراكها قيمته وليس لأنه فيلم يغازل طموح الرئيس فى وقتها، بل إن تغيير اسم الفيلم من «صلاح الدين» إلى «الناصر صلاح الدين» كان اقتراحاً من أحد صانعى الفيلم، وهو السيد يوسف السباعى، ووافق عليه المخرج شاهين والمنتجة آسيا، ولا يمكن لمن يعلم هذه المعلومة أن يختصر بها العمل كله ويفسر كل الأشياء تبعا لها ويستسهل الطعن فى فيلم عظيم مثل هذا وينسب صناعته لتوجيهات النظام السياسى إبان عصر الزعيم جمال عبدالناصر".

عمل إبداعى

والدكتور محمد عفيفي، أستاذ التاريخ الحديث بكلية الآداب جامعة القاهرة، والأمين العام السابق للمجلس الأعلي للثقافة، يرى أن الفيلم أو الرواية التاريخية فى النهاية عمل إبداعي، يوجد به هامش كبير للابداع، وبالتالي لا يمكن الحكم عليه من قبل المؤرخين، موضحا أن المشكلة الرئيسية تكمن فى عدم وجود ثقافة تاريخية واسعة لدى الجمهور المتلقي وبالتالي يصدق ما جاء فى الفيلم أو الرواية التاريخية وكأنه الواقع.

وأضاف عفيفي أن الغرب يتعامل مع تلك المسألة بمنظور إيجابي يحفز على معرفة التاريخ والبحث فيه، لافتاً إلى أن الأفلام والمسلسلات التاريخية فى الخارج تدفع الجمهور المتلقي للقراءة والبحث وخلق حالة جدلية جديرة بالنقاش، وهنا يجب التأكيد على أن الفيلم التاريخي لايمكن الحكم عليه ككل وهل يضم أخطاء أم لا؟ لأنه في واقع الأمر ليس كتاباً تاريخياً، متسائلاً: هل خرج مؤلف الفيلم أو المخرج ليقولا إن هذا هو التاريخ؟ بالطبع لا، أما التصريحات الأخيرة التي خرجت من الدكتور يوسف زيدان بحق القائد صلاح الدين الأيوبي فهى مجرد «شو إعلامي» فقط لا غير.

ويستطرد: الفيلم التاريخي فى كثير من الأحيان يكون تأريخاً لعصره الذي يظهر فيه، بمعني أن فيلم الناصر صلاح الدين يتحدث ويحمل إسقاطاً على الرئيس المصري حينها جمال عبد الناصر أكثر من تناوله لشخصية القائد صلاح الدين، لاسيما وأن الفيلم ظهر بالتزامن مع ظهور القومية العربية التي استدعت بطلاً مثل صلاح الدين، وكأنه عبد الناصر، خاصة وأنه فى أحد مشاهد الفيلم خرج أحمد مظهر ليقول إلى الأمام ياعرب، بينما صلاح الدين فى الأساس هو كردي، فكان حالة من استدعاء التاريخ والإيديولوجيا الموجودة وقتها وهي القومية العربية".

وقائع خاطئة

وأوضح الدكتور أيمن فؤاد، أستاذ التاريخ الإسلامي، ورئيس الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، أن هناك بعض الوقائع التاريخية الخاطئة والتي ظهرت في فيلم الناصر صلاح الدين وكانت مدخلاً للهجوم عليه من قبل الدكتور يوسف زيدان، حيث لم يلتق صلاح الدين ملك الصليبيين، ولم يكن ضمن صفوف الجيش الذى حارب الصليبيين مسيحي وهي شخصية عيسي العوام، لافتاً إلى أن صلاح الدين جاء إلي مصر في سن صغيرة والتف حوله المصريون وجيء به وزيراً بعد طلب الفاطميين الاستعانة بقوى أخرى لمواجهة الضعف الذي ضربهم آنذاك، فجاء صلاح الدين مع جيش نور الدين وأسد الدين شيركوه، عم صلاح الدين، وبعد وفاته، تم اختياره خليفة له في الوزارة دون أدنى ترتيب منه أو تدبير.

مضيفاً لا شك أن "صلاح الدين الأيوبى قام بإصلاحات كبيرة، منها تنظيم الجبهة الداخلية، ونقل مقر الحكم إلي قلعة الجبل بالقاهرة، وبناء مدارس الفسطاط، وألغي الخطبة للفاطميين، وأقام الخطبة للعباسيين ليضع نهاية للحكم الفاطمى في مصر، وأعاد الأزهر ليدرس المذهب السني بعدما كان يدرس المذهب الشيعى، كما أنه أسس لدولة كبيرة من سوريا إلى ديار بني بكر إلى اليمن».

ونفي الدكتور فؤاد ما ذكره زيدان بشأن حرق مكتبة القصر الكبير، بل إنها نهبت من قبل بعض الفاطميين وأعوانهم، لافتاً إلى أن صلاح الدين عرض تلك المكتبة للبيع، بعد أن قال له العلماء والمتخصصون، إن هذه الكتب تسهم فى اتساع الفجوة بين المسلمين بسبب احتوائها على كتب ترسخ للفكر الشيعى، فاشترى القاضى الفاضل 100 ألف مجلد، واشترى العماد الاصفهانى 100 مجلد، وأرسلها إلى الشام، واستغرق بيع تلك المكتبة عشر سنوات، وما قيل عن إحراقها كلام غير دقيق على الإطلاق، فيما تولي صلاح الدين الوزارة في عهد الفاطميين، حيث يعتبر آخر وزير للفاطميين وتنسب له معارك كبيرة حاسمة، منها المعركة الشهيرة على الصليبيين واسترداد بيت المقدس. ورغم أن صلاح الدين من أصول كردية، فإنه استطاع توحيد الصفوف، وتوحيد الدعوة الإسلامية، وعودة المذهب السنى إلى الأزهر الذى تم نقل الخطبة منه إلى جامع الحاكم بأمر الله طوال 100 سنة، ما أدى إلى تهدم الجامع الأزهر قبل ترميمه مرة أخرى.

"شو إعلامي"

فيما يعتبر الدكتور جمال شقرة أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة عين شمس: إن الهجوم الذى تبناه يوسف زيدان ليس له ما يبرره لأنه غير متخصص،فالتاريخ قد يحمل عدة أوجه وبالتالى من الممكن أن نجد أكثر من تفسير لعدة وقائع تاريخية، فهناك فارق بين الاختلاف فى تفسير الوقائع التاريخية وبين تشويهها أو تطويعها لغرض فى نفس زيدان الذى شن هجوماً كبيراً على شخصية القائد العربى صلاح الدين الأيوبى، لافتاً إلى أن زيدان هاجم التراث العربى والإسلامى، وكذلك التاريخ المصرى والرموز القومية التى لعبت دوراً مهماً فى تاريخنا.

ويرى شقرة أن تصريحات زيدان لم يكن هدفها سوى البحث عن الشهرة والشو الإعلامي، مشيراً إلى ضرورة محاربة الأفكار التي يروج لها زيدان بالفكر فكيف لكاتب مهما كان أن يستخدم تعبيرات ومصطلحات غير علمية فى وصف شخصيات تاريخية لها ثقلها فقد تحدث زيدان عن سلبيات أو مساوئ قد تكون موجودة ولكنه أغفل فى نفس الوقت إصلاحاته وإنجازاته، ومعاركه.

منظور شخصى

"التاريخ هو مصدر للسينما والدراما وليس العكس" هكذا استهل الناقد الفني طارق الشناوي، حديثه حول فكرة الجدل الدائر بشأن فيلم الناصر صلاح الدين، والأعمال التاريخية بشكل عام.

وقال الشناوي إنه يجب أن تظل هناك مساحة بين الواقع والخيال، ولكن بحدود، فلا يكون خيالاً مطلقاً، ولكن بمنطق.

واستطرد الشناوي حديثه قائلاً: "بعد ثورة يوليو 1952 انتجت السينما المصرية فيلماً بعنوان «الله معنا» وكان أول رئيس بعد الثورة هو محمد نجيب وقام بتجسيد دوره الفنان زكي طليمات، وبعد تصوير الفيلم وعند العرض، قام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بمنع العرض حتي تم حذف دور الفنان زكي طليمات الذي يجسد محمد نجيب وهي رواية ذكرها إحسان عبد القدوس مؤلف الفيلم بنفسه".

وفسر الشناوي حالة الجدل التي صاحبت كل الأعمال التاريخية التي قدمتها الدراما والسينما ومنها عبد الناصر، والسادات ، والملك فاروق، وأسمهان والسندريلا، وأم كلثوم وغيرها بأن الجمهور المتلقي يتعامل معها بتوجهات لا شعورية فترى الشخصية العامة بصورة ومظهر لا يمكن معها قبول النقد حتي ولو كان حقيقياً.

لمسة خاصة

ومن جانبها قالت الناقدة ماجدة موريس إن المخرج يوسف شاهين والأديب عبد الرحمن الشرقاوى، كل واحد منهما كان لديه من الخبرات والتجارب التى لا تسمح له بتزييف وقائع تاريخية، ربما جاءت إضافة بعض التفاصيل فى العمل من أجل استكمال صورة لرجل له قيمة كبيرة فى هذا الزمن، مضيفة أن التزييف فى الوقائع التاريخية لا يحدث إلا فى حالة الكتابة عن تاريخ دولة أخرى فى وقت المعارك والحروب.

وأوضحت موريس أن المؤلف من حقه أن يضع لمسته الفنية فى العمل التاريخى، مشيرة إلى أنه لابد أن نفرق بين العمل الدرامى والعمل الوثائقى، حيث إن الأخير يجب أن يتضمن كافة الوقائع التاريخية كما هى دون حذف أو إضافة فيها، على خلاف العمل الدرامى الذى يعبر عن وجهة نظر المؤلف، وغالبًا ما يكون الهدف من العمل التاريخى هو إبراز شخصية أو وقائع بعينها أو صراع، ولكن يجب أن يلتزم الكاتب بالخطوط العريضة للوقائع التاريخية.

مؤيد ومعارض

فيما قالت الناقدة حنان شومان إن العمل التاريخى إذا كان وثائقيًا فالمؤلف يكون ملزمًا بعرض القصة كما وردت فى الكتب دون حذف أو إضافة، مع إمكانية طرح الفكرة بوجهة نظر الكاتب، فمن باب أولى يحق للمؤلف أن يقوم بحذف أو إضافة بعض التفاصيل فى شخصية بطل العمل الذى يقدمه مع الالتزام بالخطوط العريضة للوقائع التاريخية فى هذا العمل.

وأَضافت شومان قائلة:"الزعيم الراحل جمال عبد الناصر له بالطبع مؤيدون ومعارضون، فمن الممكن أن يقوم كاتب بتقديم عمل عن أهم إنجازات عبد الناصر، فيما يقوم كاتب آخر بتقديم عمل يسرد خلاله سلبيات الزعيم الراحل، ولكن يجب أن يلتزم المؤيد والمعارض بالخطوط العريضة والوقائع الحقيقية بأن الرئيس جمال عبد الناصر هو الرئيس الثانى عقب فترة محمد نجيب على سبيال المثال".

أهداف سياسية

أعتقد أن فيلم صلاح الدين الأيوبى عندما قدمه المخرج يوسف شاهين، كان فى ذهنه إسقاط على الزعيم الراحل جمال عبد الناصر والتحدث عن رموز أغلبنا مؤمن بها وعلى رأس هؤلاء الأبطال صلاح الدين الأيوبى، وقد حاول يوسف شاهين أن يقوم بتقريب جوهر شخصية صلاح الدين، ولكن هل كان شاهين أمينًا فى تقديم حقائق عن صلاح الدين أم لا؟ تترك الإجابة عن هذا التساؤل للمؤرخين دون غيرهم"... هكذا بدأت الناقدة خيرية البشلاوي حديثها عن فيلم الناصر صلاح الدين، والرؤية التي قدمها صناعه.

وردًا على تصريحات الكاتب يوسف زيدان الأخيرة، تساءلت البشلاوي لماذا يرغب زيدان فى هدم رموز قومية.

واختتمت حديثها قائلة: المنتج أو المؤلف الذى يسعى لتقديم عمل تاريخى، لابد أن يكون وراء ذلك هدف سياسي، حيث إن العمل التاريخى يعد مكلفًا جدًا ويحتاج لوقت طويل فى تنفيذه، ولذلك دائمًا يكون الهدف من تقديم عمل تاريخى إحياء أو تشكيك أو إبراز شخصية أو فترة بعينها، مشيرة إلى أن الدراما هى الحقل الموازى للحقل العسكرى، حيث إنه لا توجد حاليًا معارك عسكرية مفتوحة، إلا أن هناك إرهاباً ممولاً فمن الممكن أن يتم استغلال الدراما التليفزيونية ويتم تمويل بعض صناعها فى غير الصالح للمجتمع.

    الاكثر قراءة