آسيا بنت مزاحم بن عبيد الديان بن الوليد، كان أبوها حاكماً لإحدى الممالك التي كانت تحت الحكم المصري، وذلك خلال عصر الدولة الفرعونية الحديثة، وقد تزوّجها فرعون رغم أنّها امرأةٌ عقيمٌ؛ إذ كان من عادات الملوك أن يُصاهروا بعضهم البعض، وذكر بعض المؤرخّين أنّ آسيا كانت من بني إسرائيل من سبط موسى، وقال السهيلي إنّها كانت عمّة موسى.
كانت أسيا زوجة فرعون الطاغي، وكان فرعون كافر مشرك بالله وأدعى أنه الإله، وأن لا أله غيره، وكانت آسيا زوجة فرعون سبباً في نجاة نبيّ الله موسى -عليه السلام-، فقال الله -تعالى-: «وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ»، وذلك بعد أن أحضرنه الجواري إلى آسيا في صندوقٍ، فوقعت محبّته في قلبها، وأخبرت بأمره زوجها الذي همّ بقتله، فظلّت آسيا تكلّمه بعدم قتله، إلى أن عَدَل عن ذلك، وقد وردت العديد من الروايات المتعلّقة بوصول التابوت الذي كان فيه موسى -عليه السلام- إلى بيت فرعون.
قصة إيمان أسيا
كانت آسيا بنت مزاحم تعيش في قصر فرعون حياة الرفاهية والنعيم، وقد أراد من الناس أن يقدّسوه، وقال بأنّه ربّ الناس الأعلى، ونصب نفسه إلهاً على الناس، ومن القصص المذكورة في ظلمه وعنَته في ذلك الأمر إلقاؤه للماشطة التي كانت ترعى ابنته هي وأولادها في النار؛ بسبب عدم اعترافها بألوهية فرعون، وتحدّته قائلةً: "ربّي وربّك الله"، وبعد ذلك آمنت آسيا بالله وحده، وكذّبت بما يدعو إليه زوجها على الرغم من الضغوطات الكثيرة التي لاقتها في سبيل تصديق دعوة زوجها، فأراد فرعون الانتقام منها، فقيّد يديها وقدميها، وجعل صخرةً على ظهرها تحت أشعّة الشمس، وأخذ بجَلدِها، إلّا أنّها بَقِيت صابرةً محتسبةً أجرها عند الله، قال الله -تعالى- على لسانها: «رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ»، ثمّ أطلعها الله -سبحانه- على مكانها في الجنة، وبشّرها بها، فضَحِكت، ثمّ قُبِضت رُوحها.