عندما خلق الله -سبحانه وتعالى- الإنسان، جعل فيه فطرة حب الناس جميعًا، وجعل له مشاعر تبنى على ما يعترضه من أحداث تمر به خلال تعامله مع الناس، فيحب، ويكره، ويحِقد ويظن، ولكن على المؤمن الذي يتقي الله –سبحانه وتعالى- أن يصد أي شعور داخله لا يرضي الله، وفي هذا السياق ستعرض بوابة «دار الهلال» طرق إزالة الحقد من القلب، وهي كالآتي:
طرق إزالة الحقد من القلب
ذكر العلماء عدداً من الأمور التي ينبغي على الإنسان القيام بها؛ حتى يستطيع إزالة الحقد وآثاره من قلبه إن وجِد، وحتى يستطيع طرده من قلبه إذا حاول التسلُّل إليه، ومن أهمّ تلك الأمور ما يأتي:
- المواظبة على الدُّعاء؛ لقول الله سبحانه وتعالى: (وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ).
- صيام الأيّام النّوافل والسُّنَن من كلّ شهر، مثل: صوم الأيّام البِيض، والاثنين والخميس؛ وذلك لِما رواه ابن عبّاس -رضي الله عنهما- قال: قال رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم: (صومُ شهرِ الصَّبرِ وثلاثةِ أيَّامٍ من كلِّ شهرٍ يُذهِبْنَ وَحرَ الصَّدرِ)، ويُقصَد بلفظة الوحر الواردة في الحديث: الحِقد، والغيظ.
- إفشاء السلّام؛ فإنّ لإفشاء السّلام علاقةً بانتشار الحُبّ بين النّاس وإزالة الحِقد والبغضاء من قلوبهم، لقوله صلّى الله عليه وسلّم: (والذي نفْسي بِيدِهِ، لا تؤْمِنوا حتى تَحابُّوا، ألا أُنبِئُكُم بأمرٍ إذا فعَلتُموه تَحابَبْتُم؟ أفْشوا السّلامَ بَينَكُم).
- التّواضُع، فلين الجانب والتّواضع يجعلان العلاقة بين المسلمين قائمةً على الاحترام والمحبّة، فينتفي بينهم الحِقد والتّباغُض.
- الصَّفح والعِتاب؛ فالعتاب الذي يكون قائماً على إظهار ما أخطأ به المرء والصّفح يوضّحان أسباب الخطأ أو الاعتذار عنه، وبالتالي منع تشكُّل الأحقاد القلبيّة.
- الهديّة، فإنّ للهديّة أثراً في نفي الحِقد؛ حيث تدلُّ على المحبّة والتّآلُف بين المُهدِي والمُهدَى إليه، وقد قال النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- في الصّحيح: (تهادَوْا تحابُّوا).
- تذكُّر فضل الحِلم، وأجره، وقيمة الحليم في المجتمع المُسلِم خصوصاً، وأثر ذلك في سلامة القلب، وقد قال الله -سبحانه وتعالى- على لسان إبراهيم -عليه السّلام- داعياً أن يؤتيه الله قلباً سليماً خالياً من الحِقد والبغض: (وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ*يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ*إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)، وعن عبد الله بن عمرٍو بن العاص -رضي الله عنهما- قال: قيل لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أيُّ الناس أفضل؟ قال: (كلُّ مخموم القلبِ، صَدوقِ اللِّسانِ)، قالوا: صَدوق اللّسان نعرفه، فما مَخموم القلب؟ قال: (هو التقيّ النقيّ، لا إثم فيه، ولا بغيَ، ولا غلَّ، ولا حسد).
- قراءة سِيَر الحلماء؛ للاتّعاظ بها والاعتبار من أثر الحِلم عندهم ونتائجه العظيمة، وكان من بين هؤلاء الحُلَماء الأحنف بن قيس، وقد رُوِي من قصص حِلمه الكثيرة الدالّة على طِيب أصله وحُسْن تعامُله مع من يُسيءُ له، أنَّ رجلًا ذات مرَّة علِم بعظيم صبره فجعل لأحدِ الرّجال ألف درهم على أن يُثير غضبه حتّى يُسيء إليه، فوقف الرّجل في وجهه وبدأ يسبُّه ويشتمه ويُهينه وبالَغ في ذلك، وكان الأحنف كلّما زاد الرّجل في الشّتم كلما أعرض عنه وكأنّه لا يسمعه، فلمّا رآه على تلك الحالة لا يُكلّمه ولا يردُّ إساءته، أقْبَل يعضُّ أصابعه ويقول: واسَوْءَتاه! والله ما منعه من جوابي إلا أنّني هُنت عليه.
- ذِكر الموت في كلّ حال؛ فإنّ ذِكر الموت يُرقِّق القلب ويجعله يُقبل على الآخرة ويدبر عن الدُّنيا، ممّا يُزيل منه الحِقد والحَنَق والغيظ على الآخرين، وقد رُوِي عن الحسن أنّه قال: (قيل للرّبيع بن خثيم: يا أبا عبدالله، لو جالستَنا، فقال: لو فارق ذِكْرُ الموت قلبي ساعةً فسد عليّ).
- الصَّدقة؛ فالصّدقة تجلو النّفس وتُزكِّيها، وتجعلها مُقبلةً على الخير، مُدبرةً عن الشرّ، ويُظهِر ذلك قوله تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا).