احتفل زعماء اليمين المتطرف الإسرائيلى بإعلان الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عن خطط إدارته لمستقبل قطاع غزة، ورغبته فى تهجير الفلسطينيين من القطاع بشكل مؤقت - أو ربما دائم، لدول الجوار أو إلى إندونيسيا كخيار مطروح على الطاولة فى حال فشلت محاولات لترحيل سكان القطاع إلى الأردن ومصر. وبالأخذ فى الاعتبار بأن رجل الأعمال ومطور العقارات الأمريكى الجالس فى البيت الأبيض لا يقوم بإعادة إعمار القطاع ليتحول إلى مدينة أكثر روعة من مدينة «موناكو» الفرنسية لأجل عيون إسرائيل فقط، يبقى السؤال الأهم هنا؛ لماذا يرغب ترامب حقًا فى تهجير أهل غزة وما هو المستقبل الذى يرسمه للقطاع؟
فى تقرير له، أشار الصحفى الإسرائيلي، رون بن يشاي، بأن اقتراح الرئيس الأمريكى دربًا من دروب الخيال، حتى لو وعد بمليارات الدولارات من المساعدات التى سيتم تسليمها، فإن الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسي، لن يوافق على استقبال الفلسطينيين فى بلاده، قائلًا: «كما أن سكان غزة أنفسهم يفضلون البقاء فى مخيمات اللاجئين داخل القطاع عن ترك أراضيهم».
وبالرغم من ذلك رحب أعضاء اليمين المتطرف فى إسرائيل بدعوة ترامب، ففى تعليقه، هنأ وزير الأمن القومى الإسرائيلى المستقيل وزعيم حزب القوة اليهودية إيتمار بن غفير، الرئيس الأمريكى على اقتراحه وطالب رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، بتشجيع الهجرة الطوعية للفلسطينيين من غزة.
وفيما رفضت القاهرة وعمان تلك الاقتراحات التى تُفضى بتصفية القضية وسرقة الأراضى من أصحابها، وفى تقرير نشرته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل9 عام 2021، كشفت أن إدارة ترامب الأولى كانت على وشك التوسط فى صفقة تطبيع بين إسرائيل وإندونيسيا - التى تبعد عن غزة بنحو 9 آلاف كيلو متر، والتى يأمل ترامب، أن تصبح ملجأ لسكان غزة والتى وصفها بأنها ستكون أجمل من «موناكو الفرنسية» خلال حملته الانتخابية، مشيرًا إلى أن «غزة لديها أجمل موقع بالشرق الأوسط وأفضل مياه وأنها ستكون ملاذًا للأثرياء فى البحر المتوسط»، وهو ما يكشف رؤية رجل الأعمال ترامب، لمستقبل غزة وليس الرئيس الأمريكي.
وفى الواقع، ما اقترحه ترامب الآن، كان قد تم الإعلان عنه فى فبراير الماضي، من قبل صهره اليهودى والموظف السابق فى البيت الأبيض جاريد كوشنر، بأن يتم إفراغ غزة من المدنيين لإطلاق العنان لإمكانات غزة وممتلكاتها على الواجهة البحرية.
وفقًا لما نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، يرغب «ترامب»، فى تحويل غزة إلى نسخة شرق أوسطية من سنغافورة، لما تملكه من موقع جغرافى ووجهات بحرية متميزة.
ووفقًا للصحيفة العبرية، من غير الواضح ما إذا كان ترامب أو فريقه قد عرضوا خططهم على إسرائيل أو دول مثل قطر أو الإمارات العربية المتحدة أو المملكة العربية السعودية، والتى من المتوقع أن تمول إعادة إعمار القطاع، إلا أنه فى أعقاب تصريحات الرئيس الأمريكى خلال لقاء استمر لمدة 20 دقيقة على متن الطائرة الرئاسية، قوبل بالرفض الشديد من قبل البرلمان العربى - الهيئة التشريعية لجامعة الدول العربية، والذى أعرب فى بيان رسمى عن رفضه القاطع لأية دعوات لتهجير الشعب الفلسطينى من قطاع غزة، مؤكدًا أن التهجير القسرى جريمة بموجب القانون الدولى الإنساني.
كما تراوحت التصريحات بين مؤيد ومعارض داخل الأوساط الأمريكية حول مقترح ترامب، فقبل أسبوع من تنصيب ترامب فى 20 يناير، قال مسؤول لم يتم الكشف عن هويته فى فريق ترامب إن هناك خطة لنقل سكان غزة إلى إندونيسيا، وهى أكبر دولة إسلامية فى العالم، لكنها تقع على مسافة كبيرة من القطاع وثقافتها مختلفة تمامًا أيضًا. ووفقًا لما نشرته الصحف العبرية، عزا مسؤولون آخرون الفكرة إلى قلة خبرة الإدارة الجديدة. وفيما يبدو ترامب جاد فى تبنى فكرة نقل بعض سكان غزة لإعادة بناء القطاع، أعرب السناتور ليندسى جراهام، حليف ترامب، فى برنامج «حالة الاتحاد» على شبكة سى إن إن، عما يعنيه ترامب بتصريحه حول الفلسطينيين، قائلًا إن «فكرة أن جميع الفلسطينيين سيغادرون ويذهبون إلى مكان آخر، لا أرى أن هذا عملى للغاية».