تولى القيادة السياسية المصرية أهمية خاصة لدول القارة الإفريقية خاصة دول حوض النيل، لكن هناك علاقات خاصة وشراكة أبدية تجمع مصر بالسودان وجنوب السودان، وتعاونًا متميزًا يربط بين القاهرة والخرطوم وجوبا، مع شراكة مستمرة لمواجهة مخططات الشر الطامعة فى إضعاف دول وشعوب النيل، وفى ظل الأحداث المتلاحقة، يتحدث السفير عصام كرار سفير السودان بجمهورية جنوب السودان فى حوار خاص لـ «المصور»، موضحًا طبيعة العلاقات المصرية السودانية والجنوب سودانية، كما يتناول الدور المصرى فى دعم فلسطين والسودان وجنوب السودان، ويكشف كيف تعاملت جوبا والخرطوم مع حادث اللاجئين الأخير، وما طبيعة الدور المصرى فى إعمار السودان والمشروعات المشتركة بين الدول الثلاث، تفاصيل أخرى فى الحوار التالي..
كيف ترى مبادرة الشعب السودانى الشعبية لشكر مصر حكومة وشعبًا فى موكب رد الجميل تحت شعار (شكرًا مصر ـ شكرًا السيسي)؟
الشعب السودانى شعب أصيل ويعرف معنى رد الجميل لمن يقف معه فى أصعب اللحظات، مصر أول من وقف مع السودان فى هذه الحرب من خلال إرسال المساعدات الإنسانية والقوافل الطبية وفتح المعابر والمطارات لاستقبال السودانيين والأسر الذين لجأوا إلى مصر بعد الحرب، بالإضافة لعلاج كل مصابى الحرب فى المستشفيات المصرية وقبول الكثير من الطلبة السودانيين فى الجامعات المصرية وفتح المدارس السودانية فى مصر وفقًا لمتطلبات وزارة التعليم المصرية، وكل ذلك بتوجيهات ورعاية من الرئيس عبدالفتاح السيسى للسودان، الجميع كان يتحدث عن العلاقات السودانية المصرية أنها أزلية وتاريخية ويربط بينهما النيل الخالد والآن تجسدت معانى هذه العلاقة بأسمى معانيها، لذلك خرجت جموع الشعب السودانى فى مسيرات شكر وتقدير لدور مصر والرئيس السيسى لوقفتهم مع إخوتهم السودانيين.
مصر والسودان.. كيف صمدت هذه العلاقات الأخوية رغم محاولات الشقاق بين الشعبين؟
هناك عدة أسباب تجعل محاولات الشقاق بين الشعبين المصرى والسودانى تفشل، أبرزها العلاقات التاريخية بين مصر والسودان والتى تعود لعصور قديمة جدًا، فالشعبان يتشاركان ثقافيًا وتاريخيًا، والتفاعل الثقافى بين الشعبين قوى جدًا بسبب تشاركهما للغة والدين، هذا بخلاف التعاون الاقتصادى بين مصر والسودان، حيث ينفذان مشاريع مشتركة فى مجالات مختلفة، ومصر والسودان يشاركان دعم بعضهما البعض فى المحافل الدولية، وذلك وفق القيم المشتركة بين الشعبين مثل العدالة والحرية والمساواة، كذلك التفاعل الاجتماعى من خلال الزيارات والتبادل الثقافى، يساهم فى ذلك تعزيز التفاعل الثقافى والاجتماعى استكمالاً لتفاعل القيادات السياسية والدينية للشعبين، وبالتزامن مع الدور الإيجابى للمنظمات المجتمعية.
كيف لبت مصر نداء السودان خلال الحرب الدائرة؟
مصر قامت بدور مهم فى دعم السودان خلال فترة الحرب الدائرة فى السودان، حيث قامت مصر بدعم السودان سياسيًا من خلال المشاركة فى الجهود الدولية لوقف الحرب مع دعم جهود الوساطة بين الأطراف المتنازعة فى السودان، كما قامت بتوفير المساعدات الإنسانية للسودان، بما فى ذلك الطعام والدواء والمأوى وقدمت «القاهرة» المساعدات الطبية للسودان، وإرسال الأطباء والممرضات، هذا بخلاف تقديم القروض والمساعدات الاقتصادية وزيادة حجم التجارة والاستثمار، كما وفرت مصر الدعم الأمنى للسودان، بتقديم المساعدات الأمنية والتدريب العسكرى مع تعزيز التعاون الأمنى، بما فى ذلك مكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن الحدودى، كما قدمت مصر المساعدات الإعلامية والتدريب الإعلامى وتبادل البرامج الإعلامية والمواد الإخبارية.
ماذا عن دور مصر فى إعادة إعمار السودان بعد الحرب؟ وماذا عن مؤتمر إعادة الأعمار؟
لمصر دور مهم فى إعادة إعمار السودان بعد الحرب، ومصر قامت بدعم جهود إعادة الإعمار فى السودان من خلال عدة طرق، تشمل توفير الدعم المالى لإعادة الإعمار فى السودان، بما فى ذلك تقديم القروض والمساعدات المالية، مع توفير الدعم الفنى، بما فى ذلك تقديم الخبرات الفنية والتدريب، وتوفير الدعم البشرى اللازم لإعادة إعمار السودان، بما فى ذلك إرسال الأشخاص ذوى الخبرة والكفاءة، كما قامت مصر بتنظيم مؤتمر إعادة الأعمار فى السودان، الذى ضم ممثلين من الدول والمنظمات الدولية، والمؤتمر جمع التبرعات والتعهدات لدعم جهود إعادة الأعمار فى السودان، وشهد المؤتمر إعلان مصر عن توفير مساعدات مالية وفنية لإعادة الإعمار فى السودان.
كيف تدعم مصر جمهورية جنوب السودان؟
مصر تدعم جمهورية جنوب السودان من خلال عدة طرق، تشمل الدعم السياسى بدءًا من اعتراف مصر بجمهورية جنوب السودان كدولة مستقلة، وانتهاءً بدعم جهود السلام والاستقرار فى جنوب السودان، عبر المشاركة فى الجهود الدولية لتعزيز السلام والاستقرار فى جنوب السودان، هذا بخلاف الدعم الاقتصادى، حيث تقدم مصر مساعدات اقتصادية لجمهورية جنوب السودان، وتشارك فى مشاريع التنمية الاقتصادية، بالإضافة إلى تقديم مساعدات إنسانية للاجئين والفارين من الحرب، كما تشارك القاهرة فى الجهود الإنسانية لتعزيز الصحة والتعليم، وتقدم المساعدات الطبية والغذائية اللازمة، مع تقديم المساعدات الفنية فى مجالات مختلفة والمشاركة فى مشاريع التنمية فى جنوب السودان.
ما أبرز علامات التعاون المشترك بين السودان وجنوب السودان؟
هناك عدة علامات على التعاون المشترك بين السودان وجنوب السودان، أبرزها اتفاقية التعاون الاقتصادى، وإنشاء منطقة تجارة حرة بين البلدين، وتعزيز التعاون فى مجالات النفط والغاز والزراعة، واتفاقية التعاون الأمنى وإنشاء لجنة مشتركة للأمن بين البلدين، وتعزيز التعاون فى مجالات مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، واتفاقية التعاون السياسى وإنشاء لجنة مشتركة للشؤون السياسية بين البلدين، وتعزيز التعاون فى مجالات الدبلوماسية والشؤون الدولية، هذا بالإضافة إلى اتفاقية التعاون الثقافى وإنشاء لجنة مشتركة للشؤون الثقافية بين البلدين، وتعزيز التعاون فى مجالات الفنون والتراث.. أيضًا لدينا اتفاقية التعاون الإنسانى وإنشاء لجنة مشتركة للشؤون الإنسانية بين البلدين، وهناك مشروعات مشتركة تجمع جوبا والخرطوم، مثل مشروع إنشاء خط أنابيب نفط بين السودان وجنوب السودان، ومشروع إنشاء سد مائى مشترك بين البلدين، ومشروع تعزيز التعاون فى مجالات الزراعة والثروة الحيوانية.
التواصل والتداخل القبلى بين السودان وجنوب السودان.. هل نقطة قوة وترابط أم وسيلة لإحداث شقاق؟ ولماذا؟
التواصل والتداخل القبلى بين السودان وجنوب السودان يمكن أن يكون نقطة قوة وترابط بين البلدين، ولكن يمكن أن يكون أيضًا وسيلة لإحداث الشقاق إذا لم يتم إدارته بشكل صحيح، فهو نقطة قوة بسبب أن التماسك القبلى يمكن أن يساهم فى تعزيز العلاقات وتبادل الثقافات، مما يمكن أن يساعد فى تعزيز التفاهم والاحترام المتبادل بين البلدين، ويمكن أن يساهم فى تعزيز التعاون الاقتصادى، وقد يكون هو نفسه نقطة ضعف ووسيلة لإحداث الشقاق عبر الصراعات القبلية، والمنافسة على الموارد بين القبائل ويمكن أن يؤدى التواصل والتداخل القبلى إلى تدخل فى الشؤون الداخلية لبلد آخر، مما قد يؤدى إلى توتر بين البلدين.
نيكولاس هايسوم الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة يرى ضرورة عدم تمديد الفترة الانتقالية فى جنوب السودان.. لماذا قامت حكومة جنوب السودان بتمديد الفترة الانتقالية لسنتين اعتبارًا من فبراير 2025؟
حكومة جنوب السودان قامت بتمديد الفترة الانتقالية لسنتين اعتبارًا من فبراير 2025، بسبب الظروف الصعبة التى تعانى منها البلاد، بما فى ذلك الوضع الاقتصادى والسياسى والإنسانى الصعب، هذا القرار جاء رغم تحذيرات الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، نيكولاس هايسوم، من أن تمديد الفترة الانتقالية قد يؤدى إلى مزيد من عدم الاستقرار فى البلاد، وتمديد الفترة الانتقالية سيسمح لإكمال التعداد السكانى وتسجيل الأحزاب السياسية، مما سيساهم فى تعزيز الاستقرار والديمقراطية فى البلاد.
الجيش السودانى هل اقترب من فرض سيطرته على الأرض فى السودان وطرد الميليشيا المتمردة؟
هذه الخطوة تهدف إلى (إعادة السيطرة على المناطق التى تسيطر عليها الميليشيا المتمردة، تعزيز الأمن والاستقرار فى البلاد، حماية المدنيين من الهجمات والانتهاكات، وتعزيز الثقة بين السكان المحليين والحكومة) ومع ذلك، يبقى أن يتم رصد الوضع فى السودان بشكل وثيق لضمان أن يتم التعامل مع الوضع بشكل عادل ومحايد، وتعزيز حقوق الإنسان والقانون الدولى الإنسانى، وعلينا تذكر أن الجيش السودانى يعتمد على عدة استراتيجيات لتحقيق هذه الغاية، بما فى ذلك (العمليات العسكرية المستهدفة، تعزيز التعاون مع القوات الأمنية الأخرى، دعم السكان المحليين وتعزيز الثقة معهم، تعزيز التعاون الدولى لتعزيز الاستقرار والأمن فى المنطقة.
التوتر والصراعات فى الدول الإفريقية فى مصلحة مَن؟ وكيف يمكن التغلب عليها؟
التوتر والصراعات فى الدول الإفريقية يمكن أن يكونا فى مصلحة عدة أطراف، كالدول الاستعمارية السابقة ويمكن أن تستفيد هذه الدول من التوتر والصراعات فى إفريقيا لتعزيز نفوذها الاقتصادى والسياسى فى المنطقة، والشركات متعددة الجنسيات يمكن أن تستفيد من خلال استغلال الموارد الطبيعية والقوى البشرية فى المنطقة، أيضًا الجماعات الإرهابية لتعزيز نفوذها وتوسيع دائرة نفوذها فى المنطقة، ويمكن التغلب على التوتر والصراعات فى الدول الإفريقية عبر تعزيز التعاون الإقليمى والدولى وتعزيز الحكم الرشيد والديمقراطية وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية والحوار والتفاوض مع تعزيز دور المنظمات الإقليمية والدولية، وهذا يتطلب جهودًا مشتركة من جميع الأطراف المعنية، بما فى ذلك الحكومات والمنظمات الإقليمية والدولية والمجتمع المدنى.
هل تحتاج القارة الإفريقية لنوعية جديدة من الدبلوماسية؟
نعم، تحتاج القارة الإفريقية إلى نوعية جديدة من الدبلوماسية تتماشى مع التحديات الجديدة التى تواجهها القارة، هذه الدبلوماسية يجب أن تكون مبنية على التعاون الإقليمى والدولى، بدلًا من الاعتماد على الدول الفردية، وأن تبنى على الحوار والتفاوض، وليس القوة والتهديد، وعلى تعزيز القدرات الوطنية والإقليمية، بدلًا من الاعتماد على الدول الخارجية، مع التركيز على التنمية المستدامة، بدلًا من النمو الاقتصادى فقط، بالإضافة لتعزيز دور المرأة والشباب، بدلًا من القيادات التقليدية، هذه الدبلوماسية الجديدة يمكن أن تساهم فى تعزيز الاستقرار والأمن فى إفريقيا، وتعزيز التنمية المستدامة، وتعزيز دور إفريقيا فى الشؤون الدولية.
هناك محاولات وتدخلات خارجية لإحداث وقيعة بين السودان وجنوب السودان؟ ما هى أبرز شواهدها؟
التدخلات تأتى من دول أو منظمات أو جماعات لها مصالح فى المنطقة، بعض الشواهد على هذه التدخلات تشمل دعم بعض الدول للجماعات المتمردة فى السودان وجنوب السودان، والتأثير على الإعلام لتشويه صورة أحد البلدين أو كليهما، مما يمكن أن يؤدى إلى زيادة التوترات والكراهية بين الشعبين، أيضًا دعم بعض المنظمات الدولية لجماعات معينة فى السودان وجنوب السودان، مما يمكن أن يؤدى إلى زيادة توترات بين البلدين، والتدخلات الأجنبية تأتى من دول أو منظمات أو جماعات لها مصالح فى المنطقة مثل النفط والثروات الطبيعية الأخرى، أو دول لها مصالح استراتيجية فى المنطقة، مثل تعزيز نفوذها فى إفريقيا. والجماعات التى لها مصالح سياسية أو دينية فى المنطقة.