ارتدى مسجد سالم البيلى أبى غنام بمدينة بيلا، هو أقدم وأكبر مساجد محافظة كفر الشيخ، حلة جديدة. وافتتح اللواء دكتور علاء عبد المعطى، محافظ كفر الشيخ، مع بداية شهر رمضان، تجديدات المسجد، بحضور القيادات التنفيذية والأمنية والبرلمانية والشعبية فى المحافظة، وكذا القيادات الدينية يتقدمهم وكيل أوقاف كفر الشيخ.
وشملت أعمال الترميم المسجد والضريح والمئذنة، ودورات المياه، والساحة الخارجية للمسجد، بتكلفة زادت على 13 مليون جنيه.
ويعود تاريخ المسجد الأثرى إلى أكثر من سبعمائة عام من الآن، إذ بنى على ضريح العارف بالله سيدى سالم البيلى أبى غنام قبة مرتفعة، ووضعت مقصورة نحاسية حول الضريح يعلوها هذان البيتان «مقصورة قد أشرقت أنوارها – فيها أبو غنام غوث الملتجى»، «أبدى لسان الحال فى تاريخها – مقصورة البيلى عماد المرتجى»، وبُنِى مسجد أثرى قديم بجوار الضريح، وشهد ترميمات وتوسعات متتالية، كان آخرها بالتزامن مع بناء مسجد الرفاعى فى حى الخليفة جنوب قلعة الجبل، بإذن من خوشيار هانم أم الخديو، ثم كان القرار التاريخى بضم المسجد لمساجد آل البيت.
المسجد يقع على مساحة 2000 متر تقريبا، ويضم مصلى كبيرا للرجال فى صحن المسجد، وآخر للنساء، ويضم عددا من الأعمدة الجرانيتية الأثرية، ودكة المبلغ الأثرية، والمئذنة الأثرية، ودكة تلاوة القرآن الكريم، التى طالما قرأ نقيب القراء الأسبق الشيخ أبو العينين شعيشع (ابن بيلا)، القرآن الكريم وهو جالس فوقها، حيث حفظ «شعيشع» القرآن فى مسجد سالم البيلى أبى غنام.
استغرقت أعمال تجديد المسجد ثلاث سنوات، تم خلالها رفع مرافق المسجد، وبنيته التحتية، وحقن التربة ضد المياه الجوفية، وإعادة بلاط الأرضيات، وتجديد الحمامات بصورة عصرية حضارية، وبناء سور خارجى للمسجد يحفظ حرمه من العدوان عليه، خاصة أن الساحة الخارجية للمسجد كانت تبلغ 28 فدانًا.
وأهم ما تم إنجازه فى أعمال الترميم أنه جرى استبقاء جدران المسجد السميكة على حالها، إذ يبلغ سمك الجدار متر تقريبا، وبداخله نوافذ طولية محفورة فيه، كما تم استبقاء أبواب ونوافذ المسجد الأثرية بعد إعادة طلائها، مع طلاء ودهان المسجد والمئذنة باللون الأبيض الجميل، ليصبح المسجد درة تتلألأ كأهم وأقدم مسجد أثرى فى كفر الشيخ، وليس بيلا وحدها.
الشيخ إبراهيم عبد القادر، إمام وخطيب مسجد سالم البيلى أبى غنام، قال: دخل المسجد أعمال الترميم عام 2022، وظل مغلقا حتى 27 فبراير الماضى بعد انتهاء أعمال الترميم، وحضر محافظ كفر الشيخ، ووكيل أوقاف المحافظة، والقيادات التنفيذية والدينية، وكان افتتاحًا مشرفًا يليق بالمسجد وتاريخه، ونجح الترميم فى القضاء على المياه الجوفية، وكذلك الرطوبة فى الجدران، وكانت الحمامات متهالكة، فعاد كل شيء لأصله، وأفضل مما كان.
وبحسب «عبد القادر» تشمل ساحة المسجد الداخلية الأساسية أكثر من 775 مترا مربعا، ومصلى النساء تبلغ مساحته 200 متر تقريبا، بخلاف الساحة الأمامية والساحة الخلفية.. وأضاف أن المسجد هو أقدم وأكبر مساجد بيلا على الإطلاق، والشكر موصول للرئيس عبد الفتاح السيسى على اهتمامه الكبير بتطوير مساجد آل البيت.
محمد عوض، خادم ضريح المسجد، قال كلنا ارتبطنا بالمسجد منذ كنا صغارًا، وكان جدى القارئ أبو العينين شعيشع مرتبطا به، ويقرأ فيه باستمرار، وحفظنا القرآن فى رحابه.. ونتوجه بالشكر لمحافظ كفر الشيخ لأنه أصر على افتتاح المسجد قبل شهر رمضان كى يتسنى لنا صلاة التراويح فيه، وإقامة الشعائر، لأن كل سكان بيلا وما جاورها يحبون الصلاة فى المسجد، خاصة فى أيام الجمع والأعياد والمواسم، لما فيه من روحانيات عالية.
أما الشيخ محمد البيلى، نقيب أشراف كفر الشيخ، ووكيل المشيخة العامة للطرق الصوفية، فأكد نحن فى فرح غامر بافتتاح المسجد، فقد من الله تعالى علينا بذلك اليوم المشهود، ونتوجه بالشكر للرئيس السيسى على رعايته الخاصة، واهتمامه الشخصى بتطوير مساجد ومقامات آل البيت فى مصر، وحقا نحن نعيش العصر الذهبى لاستعادة مجد مساجد وأضرحة آل البيت.
الشيخ خالد الشرقاوى، وكيل مشيخة الطرق الصوفية فى بيلا، أوضح أن أول صلاة جمعة فى المسجد شهدت زحاما غير عادي، لدرجة أنه لم يكن هناك موضع لقدم، من رجال ونساء وأطفال، الكل فرح بالافتتاح، الذى تواكب مع أول نسمات شهر رمضان، حيث نشتاق لصلاة التراويح فيه، كما نشأنا على ذلك جيلا من بعد جيل.
فى سياق ذلك، قال الشيخ إسماعيل أبو العطا البيلى، إن هذه بشارة طيبة أن يجرى الافتتاح مع أول أيام شهر رمضان، ومع آخر جمعة من شعبان، والحمد لله عاد المسجد لرونقه الحضارى، وأصبح درة ناصعة فى جبين منطقة شرق الدلتا كلها، وليس كفر الشيخ وحدها، باعتباره أقدم وأكبر مسجد أثرى فى المنطقة.
وصاحب الضريح ومؤسس المسجد سيدى سالم البيلى أبو غنام، فهو الشريف الحسينى سالم بن أحمد بن على بن محمد، وينتهى نسبه إلى الإمام الحسين، وله شجرة باسمه فى سجلات نقابة الأشراف.
ولد فى واسط جنوب العراق سنة 534 هجرية، وتوفى والده فى الحج ودفن فى مقبرة المعلا فى مكة، فكفله جده لأمه سيدى عثمان الرفاعى، وكملت تربيته على يد شيخ الأقطاب سيدى أحمد الرفاعى فحفظ القرآن، وتفقه فى الدين، ثم حج إلى بيت الله الحرام، وزار بيت المقدس فى القدس الشريف، وجدد عهد الطريقة الرفاعية على خاله أحمد الرفاعى، وأمره بالتوجه إلى مصر.
وتبعه جماعة من الصوفية والفقراء، وسمى (فاتح طريق الشام) لحدوث كرامات كثيرة على يديه أثناء الرحلة، وفى مصر أكرمه السلطان الأيوبى، وزارته الأمراء، وأمر السلطان ببناء تكية له ولأتباعه فى (غيط العدة بباب الخلق)، وأوقف عليه أطيانا، ثم زار ابن عمه محمد أبو الفتح الواسطى فى الإسكندرية، وهو جد الدسوقى لأمه، ومسجده ومقامه حاليا بجوار مسجد أبى العباس المرسى، ثم عاد إلى البحيرة، وكان اسمها (إقليم أتروجه)، فتزوج فاطمة بنت سيدى على العراقى الأتروجى، ومكث أربعين يوما، ثم جاءه الإذن الإلهى بالانتقال إلى بيلا، أرض الهراس، فانتقل إليها، ونشر الدين على مذهب الإمام الشافعى، كما نشر الطريقة الرفاعية، وأنجب ثلاثة عشر ولدا، وابنة واحدة، وأسس مسجد العامر، وانتقل إلى جوار ربه سنة 622 هجرية، ودفن بمسجده، ودفن معه أكبر أولاده (غنام ومحمود)، وانتشرت ذريته فى مصر والسودان واليمن والحجاز، ومن نسله أولياء كثر لهم مزارات فى بلاد عديدة، كما خرجت منه عائلات شتى مثل (البيلى، وأبو العطا، وأبو مناع، وأبو ماضى، وأبو شوشة، والطويل، وحجازى، والعربى، والحطيبى، وبسيونى، وشعيب، وشرف الدين، وحسام الدين.. إلخ)، وذكر الجبرتى فى تاريخه بعض أحفاده ممن كانوا من علماء الأزهر الشريف، كما ذكرهم على باشا مبارك فى (الخطط التوفيقية) ويضم (كتاب النفحات الربانية) أوراد وأحزاب سيدى سالم البيلى أبى غنام، وصلواته على رسول الله، ورضى الله عن سادتنا آل البيت أجمعين.

