رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

قدوتنا عطــــاء دائــــم


16-3-2025 | 01:00

.

طباعة
بقلم: محمد يونس

من أحاديث الرسول الله صلى الله عليه وسلم فى هذا الجانب العظيم قوله: «أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم أخلاقاً»، وقوله أيضاً فى الحديث الشريف «إن من أحبكم إلى وأقربكم منى مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً»، وعندما سئل عن البر فقال صلوات ربى وسلامه عليه «حسن الخلق»، وسئل صلى الله عليه وسلم أى الأعمال أفضل فقال« حسن الخلق» - صدق سيدنا رسول الله صلی الله عليه وسلم».

ولأنه المثل الأعلى فى حسن الخلق صلوات ربى وسلامه عليه، وجب علينا أن نتدارس ونذكر ما ورد فى سيرته من محاسن أخلاقه، فالجميع ذكوراً وإناثًا، صغاراً وشباباً، رجالاً وكهولاً، فى مسيس الحاجة إلى دراسة هذا الجانب العظيم من شخصيته صلى الله عليه وسلم، دفعاً للتحلى بها والتجمل بجوهرها، واكتساب معانيها السامية، ولنقف على كمالات ذاته وروحه صلى الله عليه وسلم، فلذلك السبيل تأثير بالغ على من أراد إصلاح نفسه، والتحول إلى الأفضل فى حياته ليعيش هانئاً مستقراً، فهذه الأخلاق النبوية تكمل النفس وتفضل، فيقوى الإيمان، وتعزم النفس على الطاعة والمتابعة والتعظيم، والمحبة والتوقير لشخص سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو القائد والأسوة والقدوة الحسنة التى يتحقق الفلاح والفوز، باتباعه والتخلق بأخلاقه وسجاياه - صلى الله عليه وسلم-.

 

وأول ما نبدأ به من أخلاقه صلوات ربى وسلامه عليه «كرم النبى» فهو النموذج الأول الذى سنبدأ به.

 

إن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مضرب المثل فى هذا الخلق، وكان لا يرد سائلاً قط وهو واجد ما يعطيه، ولقد بلغ صلى الله عليه وسلم مرتبة الكمال الإنسانى فى حبه للعطاء، فلقد كان يعطى عطاء من لا يخش الفاقة والفقر، ثقة منه بعظيم فضل الله، وإيماناً راسخاً لا شك فيه بأن الله هو الرزاق ذو الفضل العظيم ويتضح ذلك جلياً فى قوله صلى الله عليه وسلم «لو كان لى مثل أحد ذهبا ما يسرنى أن لا يمر على ثلاث، وعندى منه شيء إلا شيء أرصده لدين».

 

فلقد كانت سعادته عظيمة حينما كان يبذل كل ما عنده من مال.. ولقد أثر هذا الخلق فى العديد من أصحابه بعد أن رأوا من جنابه صلى الله عليه وسلم أجمل صورة للعطاء وأكملها.

 

سئل بن عباس رضی الله عنهما عن جود النبى وكرمه فقال: كان رسول الله أجود الناس، وكان أجود ما يكون فى شهر رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، فكان أجود بالخير من الريح المرسلة»، فعطاؤه صلى الله عليه وسلم لا ينقطع بل دائم، والأمثلة على جوده وكرمه كثيرة نتخير منها ما يلى:

 

وجاءه رجل فسأله فقال له: «ما عندى شىء، ولكن اتبع علىَّ، فإذا جاءنا شيء قضيناه» أى أذهب واشترى ما تحتاج وقل للبائع سيسدد لك رسول الله الثمن.

 

وجاءه أحد الصحابة ويدعى معوذ بن عفراء بملء كفيه رطباً وقثاء هدية منه لرسول الله، فما كان من رسول الله إلا أن ملء كفه حلياً وذهباً.

 

وحملت إليه تسعون ألف درهم فوضعت على حصير، ثم قام إليها يقسمها فما رد سائلاً حتى فرغ منها.

 

وأعطى العباس رضى الله عنه ذهباً لم يستطع حمله مرة واحدة.

 

وكان صفوان بن أمية قد طلب من رسول الله مهلة شهرين حتى يسلم.. فزاد رسول الله له فى المدة إلى أربعة أشهر، واستعار منه النبى عدة المحارب، وأعطاه مائة من الإبل كما أعطى زعماء مكة، ثم وجده مازال واقعاً ينظر إلى أحد شعاب حنين، وقد أثار انتباهه شعب وقد ملئ إبلاً وشياها، وبدت عليه علامات الانبهار لهذه الكميات الكبيرة، فقال له الحبيب المصطفى: أبا وهب.. أيعجبك هذا الشعب؟ فقال صفوان: نعم، فقال له رسول الله هو لك وما فيه، قال صفوان: لى؟! قال له نعم.. يقول الصحابة فأشرق وجه صفوان وقال: إن الملوك لا تطيب نفوسها بمثل هذا.. ما طابت نفس أحد قط بمثل هذا إلا نبى.. أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.. فأسلم صفوان وصدق إسلامه.

 

وكان هذا العطاء من فيء رسول الله أى من نصيبه الذى أصابه يوم حنين صلوات ربى وسلامه عليه.

 

فهذه أمثلة من جوده وكرمه صلى الله عليه وسلم، ونلحظ دهشة صفوان بن أمية بعد هذا العطاء الكبير الذى لا تطيب به نفوس الملوك، فلن يصل أحد وحتى وإن كان على درجة من الثراء أن يهب لأحد مثل هذا القدر من العطاء، فالنفس جبلت على الشح فعطاؤها يكون بقدر، أما صاحب الخلق الأعلى والمقام الأسنى فلقد تطهرت نفسه من الشح والبخل، فعطاؤه بغير حساب لا مجال فيه لاكتناز شيء أو تجنيب جزء، لا والله فهو الفاضل المفضول، وعندما أراد أحد الصحابة أن يتبرع بالجزء الأكبر من ماله فى سبيل الله، راجعه النبى صلى الله عليه وسلم فى ذلك وحدد له مقدار الثلث فقط ليتبرع به حتى لا يجور على أهله وذويه وأولاده، ولا يقال إن الإسلام ورسوله يجرد أتباعه من أموالهم.

 

«فلأن تترك أولادك أغنياء خير من أن تتركهم فقراء يتكففون الناس»، هذا هو القول الفصل الذى رد به النبى على الصحابى الجليل، الذى تأسى برسول الله فى خلق الكرم، وعلم أن فى الاتباع مرضاة الله ورسوله، فهل لنا أن نتسابق فى هذا المضمار، ونحذو حذو رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم؟!.