رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

عتبات الأولياء عبد الله «المحض» الجامع بين نسب الحسن والحسين


28-3-2025 | 10:37

.

طباعة
تقرير: سناء الطاهر

مقام معلوم لم ينل ما يستحقه من الشهرة.. ضريح الإمام عبدالله المحض فى شارع الشيخ ريحان، فرغم مكانة صاحب المقام العظيمة، ونسبه الشريف، يظل مجهولًا للكثيرين، مقارنةً بمقامات أخرى لآل البيت فى مصر.

 

فى شارع الشيخ ريحان بحى عابدين، مسجد صغير يحمل اسمه «الإمام عبدالله المحض»، أحد مساجد آل البيت التى تضم مقامًا بداخلها، لكن المسجد والمقام لا يحظيان بالشهرة التى تليق بشخصية صاحبه التاريخية، التى جمعت بين الحسن والحسين فى نسبه. فهو عبدالله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب، وأمه فاطمة بنت الحسين بن على بن أبى طالب، وكان يشبه جده الرسول صلى الله عليه وسلم فى الشخصية والإيمان والمظهر.

حتى وإن لم ينل مقام الإمام عبدالله المحض الشهرة الكافية، إلا أن زوار الإمام الأوفياء يدركون قيمته، ويتوافدون عليه طلبًا للبركة وقراءة الفاتحة، فى مشهد روحى يعكس ارتباط المصريين العميق ليس بالإمام عبدالله المحض ولكن بكل آل البيت.

«ببركة الإمام».. هكذا يردد جميع الجيران فى المنطقة المحيطة بالمسجد والضريح، فيتبارك الأهالى بوجود المقام بينهم، «يا بركة آل البيت»، ويحرصون على تكريمه. استقبال الزائرين يأتى بروح من المحبة، كعادة كل مساجد وأضرحة آل البيت. فالزائر يتم إكرامه سواء من خدام المسجد أو من الأهالى المجاورين لهفبجانب الرائحة الطيبة التى تملأ أرجاء المقام والمسجد، فإن البخور يعكس الروحانية المصاحبة لمقامات آل البيت.

زوار دول شرق آسيا، وتحديدًا من إندونيسيا وماليزيا، يرون فى زيارة أضرحة آل البيت بشكل عام وفى ضريح الإمام عبدالله وسيلة لنيل البركة.

وتبدأ طقوس الزيارة بدخول المسجد، بعدها مباشرة على اليمين يتم التوجه إلى المقام لقراءة الفاتحة والدعاء، بعدها يتوجه الزوار للصلاة فى المسجد.

د. صلاح عاشور، أستاذ التاريخ الإسلامى، فى جامعة الأزهر يعرفنا بشخصية الإمام عبدالله المحض، قائلًا: «هو أحد أبرز شخصيات آل البيت فى العصر الأموى»، قبل أن يضيف اسمه الكامل عبدالله بن الحسن بن المثنى بن الحسن بن على بن أبى طالب.

وأضاف: «وُلِد الإمام عبدالله المحض فى ٧٠ هـ، وتوفى ١٤٥ هـ، وأمه السيدة فاطمة بنت الحسين بن على، مما جعله أول من جمع بين نسب الحسن والحسين رضى الله عنهما، فلقب بـ«المحض» أى «الخالص»، الخالص العبودية لله، ونسبه نبويًا صرفًا محضًا لجمعه بين نسب الإمام حسن والإمام الحسين، كما لُقب بـ«البحر» لكثرة علمه وفضله. وأوضح أن «الإمام عبدالله المحض هو ابن سيدنا الإمام الحسن المثنى بن سيدنا الحسن السبط، وأمه هى السيدة فاطمة النبوية بنت مولانا ولى النعم والصفح والجود والكرم سيدنا الإمام الحسين رضى الله عنه، ويُعد الإمام عبدالله المحض الجد الجامع لجميع الأشراف الأدارسة، وجد الأقطاب والأولياء، فمن ينتهى نسبه لسيدنا عبدالله المحض يصل نسبه إلى سيدنا الحسين لأنه جده لأمه».

وسرد «عاشور» حياة الإمام «المحض»، ويقول: «كان أحد المرشحين للخلافة من قبل الهاشميين، ورغم أنه ساند هو والعلويون الدعوة العباسية ظنًا منهم أنها ستمنحهم الحكم، لكنهم فوجئوا بسيطرة العباسيين الكاملة، الذين لم يترددوا فى ملاحقة آل البيت. فكان الإمام عبدالله المحض من بين من تعرضوا للسجن حتى وفاته.

وبحسب «عاشور": ترك الإمام عبدالله المحض أثرًا كبيرًا من خلال أبنائه، والذين كان أشهرهم محمد الملقب بـ«النفس الزكية»، وابنه الآخر إدريس، الذى نجح فى الهرب ونجا من ملاحقة العباسيين، وأسس دولة الأدارسة فى المغرب.

الإمام المحض لم يُقتل فى مصر، إلا أن بعض الروايات تشير إلى أن رأسه الشريف نُقل إلى القاهرة، ودُفن فى مقامه الملحق بمسجد يحمل نفس اسمه بشارع الشيخ ريحان. هكذا يقول أستاذ التاريخ الإسلامى، وهى عادة متكررة مع أكثر من شخصية من آل البيت.

ويؤكد أن الإمام عبدالله المحض ليس الوحيد الذى تم نقل جزء منه إلى مصر، بل هناك مقامات أخرى لأفراد من ذريته، كمسجد التبر فى المطرية، فيُقال إن رأس ابنه إبراهيم الجواد مدفون هناك، ومقام فاطمة النبوية فى العباسية، هى وابنتها.

يبقى مسجد الإمام عبدالله المحض شاهدًا على امتداد النفوذ الروحى لآل البيت فى مصر، كما يرى «عاشور»، ورغم أنه لا يحظى بشهرة مماثلة لمساجد الإمام الحسين أو السيدة زينب، فإن ارتباط المصريين بآل البيت يظل جزءًا من وجدانهم الدينى والتاريخى، ويستمر هذا المقام كأحد المعالم التى تحمل بين جدرانها عبق الماضى وروحانيته.