«لا رابح فى المعركة الحالية.. الخسارة ستكون من نصيب الطرفين المتصارعين.. وفاتورة الخسارة سيدفعها الجميع دون استثناء».. السيناريو الوحيد الذى اتفق عليه خبراء الاقتصاد فى تحليلاتهم لمجريات الحرب الاقتصادية العالمية، والتى أشعل شرارتها الأولى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بإصداره ما بات يُعرف بـ«التعريفات الجمركية»، والتى كانت على قائمة كثير من الدول، غير أن «ترامب» سارع بتأجيل تنفيذ القرارات «تعليقها 90 يومًا» على إثر الخسائر التى تكبدتها اقتصادات العالم، ولم يكن الاقتصاد الأمريكى بعيدًا عن «مربع الخسائر».
«الصين الهدف».. المتابع الجيد لمسيرة «ترامب» فى البيت الأبيض منذ ولايته الأولى، ومع بدء الثانية، يدرك أنه فى تعامله مع «بكين» يكيل بمكيالين، الأول سياسى، والذى يحافظ فيه على العلاقات الجيدة و«جسور التفاهم»، والمكيال الثانى «اقتصادى»، وهنا تكمن الخطورة، فـ«ترامب» يرى أن الصين حققت مكاسب هائلة من وراء عملها فى الولايات المتحدة، وأنه حان الوقت لـ«تسديد الفواتير القديمة» وفتح صفحة جديدة تكون الغلبة فيها لـ«واشنطن».
فى المقابل، لم تنجر «بكين» إلى مستنقع «التصريحات العنترية» الذى يتقن «ترامب» التحرك فيه، بل على العكس تمامًا، كانت «الدبلوماسية القوية» السمة الغالبة فى تصريحات كل القيادات الصينية التى خرجت لتتحدث عن «عالم ما بعد التعريفات الجمركية»، وفى الوقت ذاته، لم تقف عاجزة عن اتخاذ خطوات جادة لـ«الرد القوى» مستخدمة نفس سلاح «ترامب» بإعلانها فرض تعريفات جمركية على المنتجات الأمريكية، ليس هذا فحسب، لكنها أوعزت إلى مواطنيها بإرجاء أى خطط متعلقة بالسفر إلى الولايات المتحدة، كما أنها لا تزال تمسك بين يديها بـ«الورقة الأهم» والمتمثلة فى «احتياطى الدولار»، لا سيما أن «بكين» من أكبر حائزى «الورقة الخضراء» فى العالم، وهى ورقة يدرك «ترامب» أنها كافية لـ«قلب الطاولة» على جميع مخططاته وتهديد اقتصاد بلاده، غير أن «بكين» لم تتركها من يدها حتى وقتنا الحالى.
هذا فيما يخص «بكين وواشنطن»، لكن ماذا عن بقية اقتصاديات العالم؟.. سؤال لم يكن الخبراء فى حاجة لفسحة من الوقت للتنقيب عن إجابته، فالشواهد كافية تشير إلى أن «الجميع سيدفع الثمن»، وأنه لا أحد سيكون بعيدًا عن خانة «التسديد»، ولعل الخطوات التى بدأت تتخذها بعض الدول فى اتجاه التقليل من آثار «تعريفات ترامب» أو البحث عن قنوات تواصل مع واشنطن لـ«التفاوض والاتفاق» تؤكد هذا الأمر، وهو ما يعنى أن الأيام المقبلة ستأتى حاملة معها كثيرًا من المفاجآت طالما تمسك «ترامب» برفع راية «التعريفات الجمركية» فى وجه العالم ولم يتراجع عن «التطبيق».
