رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

ما بين الماضي والحاضر والمستقبل.. قوة مصر تهزم كل التحديات


24-4-2025 | 16:53

اللواء طيار دكتور هشام الحلبى مستشار الاكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية

طباعة
بقلم اللواء طيار دكتور: هشام الحلبى

سيناء دائما ما كانت هى البوابة الشرقية التى يأتى منها العديد من التهديدات المباشرة للدولة المصرية على مر التاريخ، وفى التاريخ الحديث شهدنا احتلال إسرائيل لسيناء فى أعقاب حرب 1967 ، ليتبعها مراحل الاستنزاف وحرب أكتوبر 1973 وتحقيق النصر؛ لننتقل بعده إلى معركة سياسية دبلوماسية قضائية لا تقل أهمية عن المعركة العسكرية، انتهت فى الأخير باستعادة كامل التراب الوطنى فى سيناء، والمراحل الثلاث التى مرت بها سيناء «الحرب، المفاوضات، والتحكيم» جميعها مراحل على درجة عالية من النجاح، ويتم تدريسها إلى يومنا هذا فى أكبر الأكاديميات العسكرية العالمية.

وتمر السنوات وتندلع ثورة 30 يونيو، ويتولى فى أعقابها المستشار عدلى منصور رئاسة مصر، ثم ينتخب الرئيس عبد الفتاح السيسى؛لتتبنى الدولة المصرية رؤية استراتيجية لحماية سيناء من خلال مسارين مهمين، أولهما «امتلاك قوات مسلحة قوية قادرة على الردع والحسم إذا فشل الردع»، وقد وصلت القوات المسلحة المصرية إلى مستويات تصنيفية عالمية، وأبلغ دليل على ذلك هو النجاح الباهر فى مجال مكافحة الإرهاب الذى انتشر فى الجسد المصرى عقب عام2011 ، حيث تمكن الجيش المصرى من القضاء التام على الإرهاب وتجفيف منابعه من خلال حرب غير تقليدية فشل فى النجاح فيها عدد كبير من الدول ومنها دول عظمى، إلا أن القوات المسلحة المصرية بالتعاون مع الشرطة المدنية والمدنيين تمكنت من مواجهة هذا الإرهاب الغاشم.

 

أما المسار الثانى، فيتمثل فى التنمية الشاملة للدولة ولاسيما سيناء التى تمتلك حظا كبيرا جدا من تلك التنمية المستدامة التى تظهر بشكل قوى فى رؤية مصر 2030 ، فعلى سبيل المثال وليس الحصر يتمثل فى أنفاق العبور أسفل قناة السويس نموذجا متكاملا لكافة عناصر التنمية المستدامة؛ حيث تسهل عمليات انتقال الأفراد والاستثمارات والسلع إلى سيناء، فضلا عن زيادة نسبة التواجد السكانى داخل سيناء، وكذلك تنمية محور قناة السويس الذى بدأ بازدواجية مجرى القناة الذى ساهم فى توفير العديد من فرص العمل لأهالى سيناء، الأمر الذى يعزز أيضا مسارات التنمية المستدامة، فضلا عن الارتقاء بكافة الكيانات السياحية والثقافية داخل سيناء منها مشروع التجلى الأعظم الذى يمتلك ميزة تجعله فريدًا من نوعه باعتباره المكان الذى لا يوجد مثله على الكرة الأرضية، وما يحمله من قدسية كبيرة مما يعزز السياحة بكافة أشكالها وعلى رأسها السياحة الدينية.

 

وهناك وجه آخر للتنمية لا يقل أهمية عن الشق الاقتصادى، وهو البعد الاجتماعى للتنمية، لأنه يلمس بصورة مباشرة مصلحة المواطن، وينعكس عليها انعكاسا إيجابيا وخاصة التنمية فى بُعدها التعليمى، فرأينا عددا كبيرا من المدارس والجامعات يتم إنشاؤه داخل سيناء، مما يعزز فرص التعليم الجيد لأهالى سيناء، خاصة وأن الثقافة المتوارثة بين أهالى سيناء خاصة فيما يتعلق بتعليم الفتيات تتبنى مبدأ ضرورة عدم ابتعاد الفتاة عن الأسرة أو الانتقال لمحافظة أخرى للالتحاق بإحدى الجامعات، لكن بوجود جامعات داخل سيناء يزيد من فرص التحاق شباب سيناء ولاسيما الفتيات بالتعليم الجامعى، وبجانب التعليم يتصدر البُعد الصحى مشهد الأثر الاجتماعى للتنمية فى سيناء؛ حيث تم تدشين عدد كبير من المستشفيات داخل سيناء، بما يعزز فرص تقديم الخدمات الطبية اللائقة لأهلنا بسيناء، فضلا عن الاهتمام بالتجمعات السكنية البدوية الكاملة المرافق من محطات مياه وكهرباء وخطوط للصرف وشبكات الاتصالات والإنترنت وباقى سبل المعيشة.

 

وفى مجمل الأمر سواء التأمين بالقوات المسلحة أو التنمية على كافة أبعادها، فإن تلك المسارات تسعى زيادة التعداد السكانى فى سيناء بتشجيع انتقال المصريين من محافظات الوادى والدلتا إلى سيناء، الأمر الذى يعمل على تعزيز الأمن القومى المصرى وحماية سيناء.

 

وعندما نستعيد التحديات التى مرت بها سيناء من حرب 1967 وصولا إلى الحرب الأخيرة على الإرهاب، نستشف دروسا هامة أبرزها قبول التضحية بالنفس فى سبيل تحقيق الأهداف الاستراتيجية للحرب، فرأينا فى أكتوبر 1973 مقاتلين ضحوا بأرواحهم فى سبيل استعادة سيناء من الاحتلال الإسرائيلى آنذاك، ورغم مرور السنوات وتعاقب الأجيال إلا أن صفات التضحية والفداء توارثتها الأجيال جيلا بعد الجيل؛ لنرى فى العقد الأخير نماذج فى التضحية بالروح والدم فى سبيل استعادة السيطرة على سيناء والقضاء على الجماعات الإرهابية، وإذا أمعنا النظر نجد أيضا أن العامل المشترك فى كل التحديات هو أن قادة القوات المسلحة كانوا يتقدمون الصفوف خلال المعارك، ففى نصر أكتوبر1973 استشهد عدد كبير من القادة منهم اللواء أحمد حمدى من سلاح المهندسين الذى أطلق اسمه على نفق العبور من قناة السويس تخيلدا لتضحيته، وخلال الحرب على الإرهاب لا يمكننا أن ننسى العقيد أحمد المنسى ليس هذا فحسب، فالتضحية موروث أساسى فى جينات المصريين وليس العسكريين منهم فقط، بل وجدنا الأم المصرية يسقط ابنها شهيدا لتقدم أخاه ليسلك نفس المسار بالانضمام لمصنع الرجال وعرين الأبطال الكلية الحربية لإيمان الأسرة المصرية بأن الاستشهاد فى سبيل الدفاع عن الوطن شرف لا يعلوه شرف، فالمصرىلايترك أرضه مهما اشتدت الصعاب والتحديات، فعبر العصور لم نرَ مصريا واحدا يترك بلاده ويقبل على نفسه أن يطلق عليه لقب لاجئ، وهذا الأمر سمة مصرية أصيلة، ويجب على الشباب من الجيل الحالى والمقبل أن يعوا جيدا أنه مهما اشتدت التحديات أو التهديدات، فلا سبيل أمام المصرى سوى الذور عن أرضه أو التضحية فى سبيلها، فهم ليسوا أقل من آبائهم وأجدادهم .

ومنذ فجر التاريخ وحتى الآن تعتبر سيناء مطمع الطامعين، فسيناء مكان براق تجلى فيه رب العباد، وله قدسيته الخاصة، وذُكر فى القرآن، كما تعددت مزايا سيناء الاقتصادية بإطلالتها على البحر المتوسط وخليجى السويس والعقبة ومرور قناة السويس عبر أرضها، كما أنه أهم مجرى ملاحى بالعالم يمر من خلاله حجم كبير من التجارة العالمية، وهذا ما يفسر المحاولات المتكررة من أعداء مصر عبر التاريخ فى محاولة السيطرة على هذا الموقع الاستراتيجى والهام .

وفى ذكرى تحرير سيناء لا يسعنى سوى أن أوجه رسالة للشباب المصرى بأهمية التسلح بالوعى خاصة فى ظل التحديات والظروف الإقليمية والدولية المحيطة بنا، فهناك قطاع كبير من الشباب المصرى لم يحضر حرب أكتوبر 1973أو أحداث 2011وما تبعها من آثار سلبية، وبالتالى لا بد لهم أن يقرأوا التاريخ جيدا ويستوعبوا الدروس المستفادة من تلك التحديات التى كانت تشكل وقتها مسألة وجود ونقاطا فارقة فى التاريخ المصرى.

أخبار الساعة