رئيس مجلس الإدارة

عمــــر أحمــد سامى

رئيس التحرير

عبد اللطيف حامد

سياحة اليخوت.. بوابة ذهبية لـ «عالم المليونيرات»


10-5-2025 | 16:34

.

طباعة
تقرير: أحمد جمعة

على ضفاف البحرين الأحمر والمتوسط، ووسط أجواء مصر الساحرة حيث تتعانق أمواج الشواطئ مع أشعة الشمس المميزة، تتفتح آفاق جديدة لصناعة سياحية من طراز خاص، تُعرف باسم “سياحة اليخوت”، أو كما يُطلق عليها خبراء السياحة “عالم المليونيرات”، فهى ليست مجرد رحلات بحرية فاخرة، بل نمط استثمارى واعد يعزز مكانة مصر كوجهة ساحلية عالمية.

 
 

يُنظر إلى سياحة اليخوت باعتبارها واحدة من أكثر الأنماط جذبًا للنخبة والطبقات فائقة الثراء، ممن يملكون الوقت والمال للبحث عن تجارب فريدة، وشواطئ لا تُنسى، ومراين مزودة بأحدث الخدمات، لتأتى مصر بموقعها الجغرافى الاستراتيجى وبسواحلها التى تمتد لآلاف الكيلومترات، كمسرح مثالى لهذا النوع من السياحة الراقية، مدعومة ببنية تحتية تتطور بوتيرة متسارعة وتوجيهات سياسية تدفع بكل قوة نحو تذليل العقبات أمام هذا القطاع الحيوى، لتأتى منصة «سياحة اليخوت المحلية» التى جرى تدشينها الشهر الماضى لتمثل خطوة كبيرة نحو تعزيز السياحة البحرية فى مصر وتعظيم اليخوت المحلية، بالتكامل مع النافذة الرقمية الواحدة لليخوت الأجنبية التى أطلقتها وزارة النقل فى سبتمبر 2022.

من مرسى العلمين الجديدة إلى مارينا بورتو السخنة، ومن الغردقة إلى الجونة وشرم الشيخ، تتوزع المراين المصرية الحديثة، جاهزة لاستقبال اليخوت الفاخرة التى تجوب البحار وتبحث عن محطات آمنة، خدمات لوجستية راقية، وتجارب استثنائية، والأهم من ذلك، أن مصر باتت الآن تملك منظومة موحدة لتراخيص اليخوت من خلال «شباك واحد» إلكترونى، يقلص الزمن، ويُضاعف فرص وصول اليخوت وحصولها على التراخيص اللازمة فى «30 دقيقة فقط».

وتتولى وزارة النقل ممثلة فى قطاع النقل البحرى إدارة منصة سياحة اليخوت المحلية، تهدف بالأساس إلى تسهيل عملية الخدمات المخصصة لليخوت السياحية فى المراين المختلفة، كما تُمكّن مالكى اليخوت والمستثمرين فى قطاع السياحة البحرية من تقديم خدماتهم بشكل أكثر تنظيماً وشفافية، بالإضافة الى مساهمة المنصة فى تحفيز القطاع البحرى المحلى وفتح فرص جديدة للاستثمار فى مجال اليخوت السياحية، فضلاً عن تحسين التفاعل بين مقدمى خدمات (الدعم اللوجستى، والصيانة، والأنشطة البحرية المختلفة) ومرتادى المراين، كما ستساهم فى تعزيز الحوكمة وتنظيم الإجراءات المتعلقة بتسجيل اليخوت، وضمان الامتثال لمعايير السلامة البيئية والبحرية فى المراين السياحية المختلفة.

منصة اليخوت المحلية تتكامل مع نافذة الرقمية الواحدة لليخوت الأجنبية التى سبق وأطلقتها وزارة النقل لتقديم أعلى مستويات من الخدمات الرقمية فى مجال سياحة اليخوت، وتبسيط الإجراءات الخاصة بها، خاصة أن هذه النافذة عبارة عن موقع إلكترونى يستطيع من خلالها مالك اليخت أو من ينوب عنه بالقيام بإدخال بيانات اليخت والركاب ورفع المستندات والوثائق المطلوبة وميعاد الوصول والميناء المطلوب الرسو فيه وبرنامج الرحلة بالكامل، مثلما يتم فى الدول الرائدة فى هذا المجال.

وتقوم النافذة الرقمية بإرسالها آلياً إلى الجهات المعنية لمراجعة البيانات والمستندات والمقابلات المطلوبة وإرسال موافقاتها إلى موقع النافذة الرسمى بقطاع النقل البحرى، لإصدار موافقة واحدة على برنامج الزيارة وذلك خلال 30 دقيقة تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، وكذلك إصدار فاتورة واحدة لليخت الأجنبى يتم تحصيلها إلكترونياً من خلال النافذة بالدولار الأمريكى، فى حين كان إنهاء الإجراءات الخاصة باليخوت السياحية الأجنبية يتطلب سابقاً فترة تتراوح بين أسبوعين إلى شهر كامل.

ووفقًا للتقديرات الحكومية، تمثل سياحة اليخوت فرصة اقتصادية واعدة للدول المطلة على البحر المتوسط، إذ تستحوذ المنطقة وحدها على نحو 50 فى المائة من إجمالى سياحة اليخوت عالميًّا، والتى يبلغ عددها أكثر من 30 ألف يخت سنويًّا، وتقدّر عوائدها بما يفوق 12 مليار يورو، دون احتساب ما ينفقه السائحون على البر، ومن ثمّ تسعى مصر بقوة إلى تعزيز مكانتها فى هذا السوق الفاخر، مستفيدة من موقعها الجغرافى وسواحلها الممتدة على البحرين الأحمر والمتوسط، وتوافر المراين السياحية الحديثة.

وبالأرقام، تتميّز سياحة اليخوت بقدرتها العالية على جذب شريحة مرتفعة الإنفاق؛ حيث يرتفع معدل إنفاق السائح عبر اليخوت بنسبة 94 فى المائة مقارنة بالسائح العادى، بما يعزز من تدفقات العملة الأجنبية ويضاعف إيرادات القطاع السياحى، كما تُعد هذه السياحة محفزًا قويًّا لسوق العمل، إذ يوفر كل يخت نحو 4.4 فرصة عمل مباشرة، ونحو 100 فرصة غير مباشرة فى قطاعات الخدمات والسياحة.

الخبير السياحى الدكتور حسام هزاع أكد أن سياحة اليخوت تُعد واحدة من أكثر أنواع السياحة رُقياً ورفاهية، وتُعرف عالميًا بأنها «سياحة المالتى مليونيرات والمليارديرات»، وتُعد من أبرز أنماط السياحة الفاخرة التى تستهدف نخبة السائحين حول العالم.

«هزاع» أوضح أن منطقة البحر المتوسط تضم ما يزيد على 30 ألف يخت فاخر، وتمتلك مصر كافة المقومات التى تؤهلها لتكون وجهة رئيسية لهذا النوع من السياحة، بما فى ذلك شواطئ ممتدة ومارينات حديثة ومتكاملة على سواحلها. مضيفا أن لدينا بنية تحتية واعدة فى هذا المجال، فمثلًا مارينا بورتو السخنة تستوعب 500 يخت، ومارينا الغردقة تحتضن 188 يختًا، بالإضافة إلى العديد من المراين الأخرى المنتشرة على طول السواحل، بما فى ذلك مرسى العلمين الجديدة.

وأشار الخبير السياحى إلى أن توجيهات الرئيس السيسى المتكررة كان لها دور حاسم فى دعم وتسهيل إجراءات سياحة اليخوت، حيث تم إطلاق منصة إلكترونية موحدة لتسهيل إصدار التراخيص من خلال «شباك واحد»، ليحصل أصحاب اليخوت على التصاريح اللازمة خلال أقل من ساعة، بعد أن كانت هذه الإجراءات تستغرق فى الماضى شهرًا أو أكثر، مما كان يشكل عائقًا أمام كثير من السائحين والمالكين، لكن الآن يستطيع الزائر أن يدخل من أى مارينا داخل مصر ويخرج من أخرى بكل سهولة ومرونة، وهذا تطور كبير فى منظومة العمل السياحى.

وأكد «هزاع» أن اليخوت الفاخرة التى تزور مصر غالبًا ما تكون مجهزة بأحدث وسائل الرفاهية والتكنولوجيا، وتضم طواقم عمل مدربة، كما أن الدولة نجحت فى جذب استثمارات من كبرى الشركات العالمية لإنشاء مراكز صيانة وموانئ متكاملة ومناطق لوجستية، بالإضافة إلى تقديم إعفاءات ضريبية مشجعة، وهو ما يعكس الإرادة السياسية الواضحة لتحويل مصر إلى مركز إقليمى لسياحة اليخوت فى المنطقة.

وعن الجدوى الاقتصادية، أوضح أن متوسط إنفاق السائح فى سياحة اليخوت يصل إلى خمسة أضعاف السائح العادى، ما يجعل هذا النوع من السياحة أحد أهم الأدوات لزيادة عوائد قطاع السياحة ودعم الاقتصاد الوطنى، خاصة أنه يوفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة للمصريين فى مجالات متعددة مثل الصيانة، الإمداد، الخدمات اللوجستية، والضيافة الفندقية.

أخبار الساعة