الثلاثاء 18 يونيو 2024

في غياب الأب.. هل يحق للأم أن تسترد ما صرفته على أولادها؟ «الإفتاء» ترد

غياب الأب

دين ودنيا29-10-2021 | 21:14

محمود بطيخ

فى بعض الأحيان، يغيب الزوج عن منزلة فترات طويلة، تستوجب مراعاة الأم لصغارها، من مأكل ومشرب وملبس، والإنفاق عليهم في مختلف المجالات، إلى حين عودة زوجها.

وتوجهت زوجة بسؤال إلى دار الإفتاء المصرية، موضحة أنها موظفة وحالتها المالية ميسورة، ولها أولاد صغار من زوج ميسور الحال، تركها وأولادها وسافر، مؤكدة أنه لم يخلف لهم ما ينفقون به على أنفسهم، متسائلة إذا ما كان تلزمها نفقة أولاد، وهل يحق لها الرجوع عليه بما أنفقته أم لا؟.

وأجابت دار الإفتاء المصرية، في فتوى تحمل رقم "16334" بأنه اختلف الفقهاء في إلزام الأم بالإنفاق على صغارها في حالة غياب الأب أو إعساره، مشيرًا إلى أن فقهاء الحنفية ذهبوا إلى أن القاضي يجبرها على الإنفاق عليهم إذا كانت موسرة؛ لأنها أقرب إلى الصغير وأولى، وإلا استدانت ثم يصير ذلك دينًا في ذمة الزوج.

واستشهدت فتوى  دار الإفتاء بقول العلامة ابن نجيم في "البحر الرائق شرح كنز الدقائق" "وفي "الخانية": رجلٌ غابَ ولم يترك لأولاده الصغار نفقة ولأمهم مالٌ؛ تُجبَر الأم على الإنفاق، ثم ترجع بذلك على الزوج".


وتابعت الفتوى: يرى فقهاء الشافعية أنَّ الأم إذا عجزت عن الوصول للقاضي، كان لها أن تنفق على ولدها من مالها، بقصد الرجوع عليه أو على أبيه، وتشهد على ذلك، فإن أشهدت رجعت وإن لم تشهد ففي رجوعها عليه وجهان: الأَوْلَى منهما: أنه يمتنع عليها ذلك؛ موضحًا أن العلامة شيخ الإسلام زكريا الأنصاري قال في "أسنى المطالب" "(ولو أنفقت) الأم (على طفلها.. من مالها لترجع) عليه أو على أبيه إن لزمته نفقته (رجعت إن أشهدت بذلك) عند عجزها عن القاضي، (وإلا فوجهان) قال الزركشي وغيره: قضية ما رجحوه في المساقاة المنع وقال الأذرعي: ينبغي أن يفصل بين أن تتمكن من الإشهاد أو لا].

وأما الرأي الثالث فهو لفقهاء الحنابلة أن الأم ترجع على الزوج بما تنفقه عليها وعلى أولادها في غيبته سواء حكم القاضي في ذلك أو لا؛ حيث قال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع عن متن الإقناع" "(وإن غاب) الزوج (مدةً ولم ينفق فعليه نفقة ما مضى سواء تركها) أي النفقة (لعذرٍ أو غيره، فرضها حاكمٌ أو لم يفرضها)".

وأشار إلى أن المادة 18 مكررًا ثانيًا من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929م المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985م، نصت  على أنه: "إذا لم يكن للصغير مالٌ فنفقته على أبيه".

إلا أن المادة لم تبيّن مَن تجب عليه النفقة إذا كان الأب معسرًا أو عاجزًا عن الكسب أو غير موجود، مما يوجب النفقة على الأم الموسرة؛ عملًا بالراجح من المذهب الحنفي، لكنها تكون دينًا على الأب؛ قال المستشار عزمي البكري في "موسوعة الفقه والقضاء" (3/ 8، ط. دار محمود للنشر، بتصرف): [وعليه: يتعين الرجوع في هذا الصدد للرأي الراجح في المذهب الحنفي عملًا بالمادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، والمنصوص عليه في المذهب الحنفي.. تكلف الأم بالإنفاق إن كان لها مالٌ، ويكون ما تنفقه دينًا على الأب ترجع به عليه.

واختتم دار الإقفتاء الفتوى بأنه يجب عليها ما دمت موسرةً أن تنفق من مالها الخاص على نفسها وعلى أولادها الصغار فيما يحتاجونه؛ من: طعام، وملبس، ومسكن، وعلاج، وتعليم، وغير ذلك، بحسب العرف لأمثالهم على مثل الزوج، ويصير ذلك دينًا في ذمَّة الزوج ترجع به عليه.