بدأت الدولة المصرية استعداداتها لاستقبال قمة المناخ 2022 المرتقب عقدها في شرم الشيخ، بعد تسلم مصر الرئاسة لاستضافة الدورة "COP27" المقررة العام المقبل، حيث تعهدت ببذل قصاري الجهد لضمان نجاح المؤتمر، وأكد خبراء أن هذه الخطوة هي تأكيد لريادة مصر ومكانتها الإقليمية والدولية حيث ستعرض رؤية وأفكارا لكيفية مواجهة الدول النامية لتداعيات التغيرات المناخية.
وخلال اجتماع مجلس الوزراء اليوم، أكد الدكتور مصطفي مدبولي رئيس مجلس الوزراء أن تنظيم مؤتمر "COP 27" يكرس ريادة مصر للتعبير عن جهود ورؤية الدول النامية في قضايا تغير المناخ، كما يعد فرصة لإظهار قدرة مصر على تنظيم الفعاليات والمؤتمرات والأحداث العالمية، وكذا تسويق مصر كمقصد سياحي عالمي.
وأشار رئيس الوزراء إلى أنه سيتم تشكيل لجنة عليا برئاسته، وبعضوية الوزراء والمسئولين المعنيين لتنظيم المؤتمر، وسيتم عقد الاجتماع الأول للجنة قريباً، لمناقشة خطوات الاستعداد لتنظيم هذه الفعالية العالمية المهمة.
ريادتها على المستوى العربي والأفريقي
وعن أهمية تلك القمة، قال الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، إن تكلفة التلوث البيئي يتحملها الجميع دون تفرقة فكل دول العالم تتحمل أعباء التلوث ومواجهة التغيرات المناخية، فهذه الأزمة لا تؤثر فقط على الدول النامية فقط أو الدول الكبرى والصناعية فقط بل تهدد الجميع وهذا ما يجعل دول العالم في حاجة للتعاون والتشارك لمواجهة تلك الظاهرة.
وأوضح في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن استضافة مصر لقمة المناخ 2022 في شرم الشيخ هو إنجاز يحسب للدولة المصرية لأنه دليل على الاستقرار السياسي والأمني والاستقرار في مواجهة جائحة كورونا والإجراءات الاحترازية المتخذة، وكيف استعادت مصر ريادتها على المستوى العربي والأفريقي، وهو أمر مرتبط أيضا بالجهود التي بذلتها الدولة في الفترة الماضية على مستوى المشروعات في الطاقة الجديدة والمتجددة.
وأشار إلى أن هذا الجهد يشمل المبادرات التي أطلقت خلال السنوات الماضية مثل مبادرة إحلال وتجديد السيارات التي كان الغرض الرئيسي منها هو التحول من البنزين إلى الغاز الطبيعي لتقليل حجم التلوث والانبعاثات الكربونية، مضيفا أن السندات الخضراء هي أبرز الخطوات في هذا المجال، حيث تعد مصر من أكبر الدول في المنطقة التي بدأت إطلاق هذه السندات.
وأكد الإدريسي أن الغرض الرئيسي من هذه السندات هي تمويل مشروعات ذات علاقة بالطاقة الجديدة والمتجددة، مشيرا إلى أن مصر بدأت في التوسع في عمل مشروعات عديدة على مستوى الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، فلدينا مشروع محطة بنبان في أسوان والذي يعد من أكبر مشروعات الطاقة الشمسية في المنطقة، وكذلك هناك مشروعات عديدة في طاقة الرياح.
ولفت إلى أن هذه المشروعات تؤكد أن مصر تخطو خطوات جادة في مواجهة هذه الظاهرة، إلا أن مصر والعديد من الدول النامية تؤكد ضرورة التعاون من جانب الدول الصناعية والمتقدمة في هذا الملف، مضيفا أن هذا التعاون يتمثل في التمويل المعالج لتداعيات التغيرات المناخية، حيث كان مستهدف توفير 100 مليار دولار لمساعدة الدول النامية لمواجهة هذه الظاهرة.
وأكد أن مواجهة التغيرات المناخية يتطلب أيضا التمويل من جانب المؤسسات مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، مشيرا إلى أنه مطلوب أيضا نقل التكنولوجيا بشكل يساعد الدول النامية على الاعتماد على الطاقة الجديدة والمتجددة والطاقة النظيفة، لأن التكنولوجيا الخاصة بهذا النوع من الطاقة غير متوفرة في الاقتصادات الناشئة والتنمية.
وتابع: "كيف يمكن للدول النامية أن تواجه التغيرات المناخية بدون التمويل أو التكنولوجيا المتقدمة لذلك، لأن استمرار هذه الظاهرة يهدد العالم أجمع فهناك مدنا معرضة للغرق بالكامل".
رؤية مصرية لمواجهة تداعيات التغيرات المناخية
ومن جانبه، قال الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن استضافة مصر لقمة المناخ المقبلة 2022 في شرم الشيخ تكتسب أهمية كبرى لأن هذه القمة تحمل أهمية خاصة حيث يجتمع فيها عدد ضخم من رؤساء وقادة الدول لأن قضية التغيرات المناخية خطيرة وتؤثر على العالم أجمع، وتحتاج إلى تكاتف الجهود الدولية لمواجهة هذا الخطر الذي يهدد البشرية وكوكب الأرض كله.
وأوضح بدر الدين، في تصريح لبوابة "دار الهلال"، أن هناك الكثير من التغيرات المناخية التي حدثت في العقود الماضية حيث حدث تآكلا في طبقة الأوزون وتزايد الاحتباس الحراري والتلوث البيئي وندرة مصادر المياه، والصراعات والمنافسات حول المياه، مؤكدا أن استضافة مصر هذه القمة على هذا المستوى يعكس الاعتراف بأهمية ودور مصر دوليا.
وأكّد أن القمة يشارك كل أعضاء الأمم المتحدة تقريبا وعدد ضخم من الرؤساء وقادة الدول ما يجعلها فرصة لتبادل الآراء ووجهات النظر والبناء على ما سبق من القمم، وكذلك تحديد المعوقات وكيفية تذليلها، مضيفًا أن مصر يمكنها أن تمثل كتلة الدول الأفريقية وتتحدث باسمها وباسم الدول النامية الأكثر تضررا من التغيرات المناخية وتطرح أفكارا لكيفية مساعدة تلك الدول في مواجهة التغيرات المناخية.
وأشار إلى أنه يمكن طرح فكرة تخصيص جزء من إجمالي الدخل القومي للدول الصناعية الكبرى لمساعدة الدول النامية والفقيرة في مواجهة تداعيات التغيرات المناخية حتى إن كانت بنسبة 0.5% أو أقل لكن بشرط أن تكون بها ثبات واستمرارية، مضيفا أن الدول الصناعية المتقدمة هي الأكثر مسئولية عن التغيرات المناخية بسبب نشاطها الصناعي الذي أدى للتلوث البيئي وبالتالي فهي عليها مسئولية معنوية وأخلاقية لمواجهة هذا الخطر الذي يهدد الجميع، لذلك يجب تضامن دول العالم أجمع.