الجمعة 17 مايو 2024

المترجم إسحاق بندري: أتمنى إعادة إحياء مشروع «القراءة للجميع» (حوار)

إسحاق بندري

ثقافة20-11-2021 | 19:12

بيمن خليل

- رغم كل الجهود الثمينة في مجال الترجمة إلا أننا مازلنا مقصرين

- نتائج البحث باللغة الإنجليزية أكثر ثراءً عن العربية

- ما أكتبه أعتبره رحلة في عقل الكاتب وثنايا النص

إسحاق بندري، كاتب مصري، يسعى دائمًا لتكثيف دراسته الأدبية، والنهج على أسس أكاديمية علمية، استطاع في فترة بسيطة أن يجذب انتباه النقاد من جميع الوطن العربي لكتاباته، برغم ضئالة أعماله الأدبية المنشورة على أنه له العديد والعديد من المقالات النقدية المهمة في الأدب والثقافة، فكانت أولى أعمال الأديب المنشوة رواية " جميلة الجميلات" والتي صدرت في العام الماضي.

 وكانت آخر أعماله الأدبية ترجمة مسرحية الأديب الأيرلندي، "أوسكار وايلد"، والتي تحمل اسم "زوج مثالي"، وصدرت في معرض القاهرة الدولي للكتاب الماضي من هذا العام، وسيسهم "بندري" في العديد من الأعمال المترجمة مستقبلًا إيمانًا منه بقيمة الترجمة والسير على أسسها السليمة.

وأجرت "دار الهلال" حوارًا معه حول التحديات المقبلة وآخر أعماله.

وإلى نص الحوار:

** في رأيك كمترجم.. إلى أي مدى تُشكِّل إجادة اللغات الأجنبية فارقًا للكاتب؟

الفارق كبير بالطبع؛ أن تقرأ العمل في لغته الأصلية هو أمر مختلف جدًا عن قراءة ترجمته مهما كانت ممتازة، من ناحية أخرى فكم المواد المتوفرة لدينا في اللغة العربية رغم كل الجهود الثمينة في مجال الترجمة، إلا أننا ما زلنا مقصرين.

على سبيل المثال، لو أنك تعد بحثًا عن الحرب العالمية الأولى أو الثانية، تأمل الفارق في المحتوى بين الويكيبيديا العربية ونظيرتها الإنجليزية كمًا وكيفًا.. عندما أطالع عملًا أدبيًا بالإنجليزية وأبدأ في البحث عن الكتابات النقدية المكتوبة عنه باللغة العربية فالنتائج تكون محدودة للغاية وأحيانًا لا تتوفر، بعكس نتائج البحث بالإنجليزية، فالنتائج توفر عددًا وافرًا من الكتابات والدراسات النقدية الجادة التي تفيدك جدًا في توسيع إدراكك عن العمل وكاتبه.. تصور مثلًا أن شبكة الإنترنت أتاحت لنا الوصول فورًا لكل دوائر المعارف والقواميس بنقرة واحدة، حجم الخسارة سيكون كبيرًا جدًا للكاتب في حالة عدم إجادته للغة واحدة على الأقل بجوار لغته الأم.

وعندما أترجم عملًا أدبيًا فالأمر يتجاوز الترجمة إلى بحث عن تفاصيل كثيرة متعلقة بالعمل، عن الأماكن والشخصيات والأحداث الواردة فيه، لكي أضعها في الحواشي والهوامش للقارئ، أحيانًا يكون الأمر سهلًا وأجد ما أبحث عنه فورًا، وأحيانًا يكون الأمر صعبًا ويستغرق وقتًا للوصول إلى معلومة معينة، تخيل كيف كان حال المترجمين في الماضي، كيف لهم أن ينجزوا هذه المهمة؟ كان لابد لهم من الرجوع إلى مكتبة عامة عامرة بدوائر المعارف والموسوعات مع احتمال عدم العثور على المعلومة المطلوبة، كان الأمر شاقًا.. في كل الأحوال إجادة لغة أجنبية أمر مهم وضروري لأنه مؤكد سينعكس على قدر معرفتك وإلمامك بما لا يتوفر في لغتك الأم.

** في مقالاتك تركز على عرض ومراجعة الكتب.. لماذا؟ وكيف تعد مقالًا لمراجعة كتاب ما؟ 

أحببت هذا الأمر منذ البداية.. كنت أقرأ ما يكتبه نقاد كبار مثل الأستاذ رجاء النقاش والأستاذ على الراعي في مقالاتهم من عرض نقدي للكتب، كانت مجرد هذه القراءة عن الكتب ممتعة ومفيدة في حد ذاتها وهذا ما شجعني أن أهتم بالكتابة عن الكتب.

طبعًا الأمر مختلف عن الكتابة النقدية الأكاديمية، والتي ربما لا تروق للكثيرين.. ولكن كتابة مقال لمراجعة عن كتاب هي عمل إبداعي موازي، تقدم فيه رؤيتك وتحليلك للعمل، بقدر ما تستوعب العمل وتتفهم ما ينسجه الكاتب من أفكار وسط السطور بقدر ما يلهمك لكتابة مقال متميز عنه، لأن الكاتب أثار في ذهنك أسئلة، وذكرك بما كتبه آخرون، ودفعك للبحث عن أمور وردت في متن النص، الأمر مجهد ولكنه يستحق.. والمهم أن تُعَرِّف من حولك بأعمال تستحق المطالعة وسط كل هذه الزخم من النشر، إعداد المقال يستغرق بعض الوقت، فهناك قراءة أولى للعمل ثم هناك قراءة ثانية متمهلة، أكتب خلالها ملاحظاتي وتلخيصي واستفساراتي.

لا أكتب نقدًا بالمعني الحرفي للكلمة، ولكن ما أكتبه أعتبره رحلة في عقل الكاتب وثنايا النص، بدون تنظير أو ادعاء، لأنك مع الوقت تتخطى فكرة الانبهار الطفولي أو الميل للتسفيه وهذه فخاخ يسقط فيها الكثيرون وربما لا يخرج منها البعض.. في كل الأحوال أعتبره واجبًا في التعريف بما يستحق الاحتفاء به من وجهة نظري على الأقل، والأمر لا يقتصر على الكتب الصادرة الحديثة فقط، أكتب عما يعجبني دون التقيد بهذه المسألة. 

 

 

** ما هي أمنياتك الثقافية؟

ما أتمناه فعلًا هو إعادة إحياء مشروع القراءة للجميع وتوفير منافذ لمطبوعات الهيئة المصرية العامة للكتاب والهيئة العامة لقصور الثقافة في كل المحافظات.. أتمنى أن تكون هناك مشاريع قومية كبرى للترجمة لأن رغم كل الجهود المشكورة فما زلنا مقصرين وغير مواكبين، فلو كانت الكثير من الكلاسيكيات لم تُتَرجم حتى الآن فتصور حجم ما يفوتنا من ترجمة الأعمال الحديثة في مختلف فروع المعرفة.

 

ماذا تقرأ هذه الأيام؟

أقرأ حاليًا رواية "سفر الموت" للأديب الكبير الأستاذ شطبي ميخائيل، في الحقيقة هذه الرواية والتي تعتمد على تقنية تيار الوعي هي عمل أدبي ساحر، ولكنها تحتاج إلى قارئ متمكن حتى ينفذ إلى عمقها وتشظياتها الزمنية المُرَكَّبة.. طالعتْ أيضًا ديوان "أنا بيروت" الصادر حديثًا للشاعرة اللبنانية الأستاذة ميشلين مبارك، وأسعدني جدًا في الفترة الماضية أن أطالع بعض المسودات لأعمال لم تُنْشَر بعد، هذه الثقة غالية جدًا من الأصدقاء عندما يطلبون رأيي قبل نشر أعمالهم.