الجمعة 17 مايو 2024

33 عاما على رحيل صاحب الحنجرة الذهبية الشيخ عبد الباسط عبد الصمد

الشيخ عبد الباسط عبد الصمد

تحقيقات30-11-2021 | 11:58

أماني محمد

33 عاما مرت على رحيل الصوت الملائكي، الشيخ عبد الباسط عبد الصمد أحد أعلام تلاوة القرآن الكريم في مصر والعالم العربي والإسلامي، والذي حمل لقب "الحنجرة الذهبية" و"صوت مكة"، ولمس بصوته القلوب باعثا فيها السكينة والهدوء، وهو رغم رحيله مازال حاضرا وسط الملايين  يزال يحرص الكثيرين على الاستماع للقرآن بصوته.

ترك الشيخ عبد الباسط عبد الصمد للإذاعة المصرية ثروة من التسجيلات تذاع حتى اليوم على أثير موجات إذاعة القرآن الكريم، إلى جانب المصحفين المرتل والمجود ومصاحف مرتلة لبلدان عربية وإسلامية، وجاب الشيخ عبد الباسط بلاد العالم سفيرًا لكتاب الله، وكان أول نقيب لقراء مصر سنة 1984، وتربع بها على عرش تلاوة القرآن الكريم لما يقرب من نصف قرن من الزمان نال خلالها قدرا من الحب والتكريم لم ينله أحد قبله من القراء.

 

أبرز معلومات عن الشيخ عبد الباسط عبد الصمد

ولد القارئ الشيخ عبد الباسط عبد الصمد في أول يناير من 1927 م بقرية المراعزة التابعة لمركز أرمنت بمحافظة قنا، لأسرة تجيد قراءة القرآن الكريم وأحكامه وتجويده، فقد كان والده الشيخ محمد عبد الصمد، أحد المجودين المجيدين للقرآن حفظًا وتجويدًا، وكذلك شقيقيه الأكبر منه سنا.

بدأ عبد الباسط عبد الصمد حفظ القرآن الكريم في سن صغير في السادسة من عمره، ولاحظ عليه شيخه إجادته لقرءاة القرآن بدقة في التحكم في مخارج الألفاظ والوقف والابتداء وعذوبة في الصوت.

"كانت سنّي عشر سنوات أتممت خلالها حفظ القرآن الذي كان يتدفق على لساني كالنهر الجاري وكان والدي موظفًا بوزارة المواصلات، وكان جدي من العلماء فطلبت منهما أن أتعلم القراءات فأشارا عليَّ أن أذهب إلى مدينة طنطا بالوجه البحري لأتلقى علوم القرآن والقراءات على يد الشيخ (محمد سليم)"، هكذا يقول الشيخ عبد الباسط في مذكراته عن تلك المرحلة.

وتابع: "لكن المسافة بين أرمنت إحدى مدن جنوب مصر وبين طنطا إحدى مدن الوجه البحري كانت بعيدة جداً، ولكن الأمر كان متعلقاً بصياغة مستقبلي ورسم معالمه مما جعلني أستعد للسفر، وقبل التوجه إلى طنطا بيومٍ واحدٍ علمنا بوصول الشيخ محمد سليم إلى (أرمنت) ليستقر بها مدرسًا للقراءات بالمعهد الديني بأرمنت واستقبله أهل أرمنت أحسن استقبال واحتفلوا به؛ لأنهم يعلمون قدراته وإمكاناته لأنه من أهل العلم والقرآن".

"وكأن القدر قد سَاقَ إلينا هذا الرجل في الوقت المناسب، وأقام له أهل البلاد جمعية للمحافظة على القرآن الكريم (بأصفون المطاعنة) فكان يحفظ القرآن ويعلم علومه والقراءات، فذهبت إليهِ وراجعت عليه القرآن كله، ثم حفظت الشاطبية التي هي المتن الخاص بعلم القراءات السبع" يضيف الشيخ عبد الباسط عبد الصمد.

 

مسيرة عبد الباسط عبد الصمد

في عام 1951، تقدم الشيخ عبد الباسط إلى الإذاعة كقارئ بها، بعد طلب من شيخه، ورغم رغبته في ألا يقوم بتلك الخطوة حينها لارتباطهِ بمسقط رأسه وأهله، لكنه قرر القبول، بعد أن حصل شيخه على تسجيل لتلاوته في إحدى المناسبات، وانبهر الجميع بأدائه وصوته القوي، واعتمد في ذات العام ليكون قارئا في الإذاعة.

بعد التحاقه بالإذاعة عام 1952م، ازدادت شهرة عبد الباسط عبد الصمد وانتقل إلى القاهرة مع أسرته، فذاع صيته ودخل كل بيت مصر عبر أثير الإذاعة، وخاصة كل يوم سبت على موجات البرنامج العام من الثامنة وحتى الثامنة والنصف مساءً، بدأ الشيخ عبد الباسط رحلته الإذاعية ثم انهالت عليه الدعوات من شتى بقاع الدنيا في شهر رمضان وغيرهِ.

صوت مكة

كانت أول زيارة للشيخ عبد الباسط خارج مصر بعد التحاقهِ بالإذاعة عام 1952 حيث زار خلالها السعودية لأداء فريضة الحج ومعهُ والده، وحينها طلب منه السعوديون أن يسجل عدة تسجيلات للمملكة لتذاع عبر موجات الإذاعة، فلم يتردد الشيخ عبد الباسط وقام بتسجيل عدة تلاوات للمملكة العربية السعودية أشهرها التي سجلت بالحرم المكي وحرم المسجد النبوي الشريف، (لقب بعدها بصوت مكة).

ولم تكن هذه المرة الأخيرة التي زار فيها السعودية وإنما تعددت الزيارات ما بين دعوات رسمية وبعثات وزيارات لحج بيت الله الحرام، كما زار  الهند لإحياء احتفال ديني كبير أقامهُ أحد الأغنياء المسلمين هناك، ووجد منهم ترحابا وإجلالا له.

جاب العالم شرقاً وغرباً شمالاً وجنوباً وصولاً إلى المسلمين في أي مكان من أرض الله الواسعة، ومن أشهر المساجد التي قرأ بها القرآن هي المسجد الحرام بمكة والمسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة والمسجد الأقصى في القدس وكذلك المسجد الإبراهيمي في الخليل ب فلسطين والمسجد الأموي في دمشق وأشهر المساجد بآسيا وأفريقيا والولايات المتحدة وفرنسا ولندن والهند والعراق ومعظم دول العالم.

 

أوسمة وتكريم

في عام 1956، كرمته سوريا بمنحه وسام الاستحقاق ووسام الأرز من لبنان والوسام الذهبي من ماليزيا ووسام من السنغال وآخر من المغرب وآخر الأوسمة التي حصل عليها كان قبل رحيله من الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك في الاحتفال بليلة القدر عام 1987، ومن أبرز تلك الأوسمة:

وسام من رئيس وزراء سوريا عام 1959.

وسام من رئيس حكومة ماليزيا عام 1965.

وسام الاستحقاق من الرئيس السنغالي عام 1975.

وسام الأرز من الجمهورية اللبنانية.

وسام تكريمي من الجمهورية العراقية.

الوسام الذهبي من باكستان عام 1980.

وسام العلماء من الرئيس الباكستاني ضياء الحق عام 1984.

وسام الإذاعة المصرية في عيدها الخمسين

وسام الاستحقاق من الرئيس السابق محمد حسني مبارك أثناء الاحتفال بيوم الدعاة في عام 1987.

وكانت وفاته في مثل هذا اليوم عام 1988 إثر إصابته بمضاعفات مرض السكر والتهاب كبدي، وكانت جنازته وطنية ورسمية على المستويين المحلي والعالمي، حضرها سفراء دول العالم نيابة عن شعوبهم وملوك ورؤساء تقديرا لدوره في الدعوة وقراءة القرآن الكريم لنحو نصف قرن من الزمان.