تحل اليوم 13 مارس ذكرى ميلاد الكاتب والمفكر المصري الراحل سيد القمني، ويعد القمني أحد أهم الباحثين في التاريخ الإسلامي، أفكاره أثارت الجدل، بما اتسمت به من جرأة وشجاعة في تصديه للأفكار التي تؤمن بها بعض تيارات الإسلام السياسي المتطرف، والذي رحل عن عالمنا في فبراير الماضي.
ولد سيد القمني في 13 مارس من عام 1947م، بمدينة الواسطي في محافظة بني سويف، وبدأ اهتمامه بالفلسفة في المرحلة الثانوية، حيث حصل على شهادة الفلسفة من جامعة عين شمس عام 1969، وعمل مدرسًا للفلسفة في المرحلة الثانوية بقنا في صعيد مصر، وسافر إلى الكويت للعمل، ثم استكمل مشواره العلمي للدراسات العليا في الجامعة اليسوعية في بيروت.
تناولت معظم أعمال القمني الأكاديمية مرحلة حساسة في التاريخ الإسلامي، أخذها من وجهة نظر ماركسية كما اعتبره البعض، والبعض الآخر اعتبر أفكاره جريئة ومجنونة في محاولته التصدي لفكر جماعات الإسلامي السياسي، ولكن كان الحال على لسان القمني في إحدى لقاءاته التلفزيونية أنه يعتبر نفسه يتبع فكر "المعتزلة" وهي فرقة كلامية ظهرت في أواخر العصر الأموي، غلبت عليها النزعة العقلية في تأسيس عقائدهم.
بدأ القمني مشواره في التاريخ الإسلامي يعود إلى حرب 1967م، بعد محاولات جمال عبد الناصر تحقيق حلمه العروبي في بناء دولة حديثة ولكنه تهاوى، ليفكر القمني في أن يكون جنديًّا من نوع آخر، ويضع يده على جذور وجوهر المشكلة ليجدها عل حد قوله متأصلة في الإطار الفكري الإسلامي وليس في الإطار الفكري العروبي.. ومنا بدأت رحلته البحثية والفكرية.
كان أول كتاب يقدمه القمني باسم "رب الثورة" والذي كتب في إهداءه " إلى إيزيس.. ابنتي.. الأمل الذي أرجوه" حيث نشرت الطبعة الأولى عام 1988م عن دار فكر، وكان الكتاب في الأصل رسالة دكتوراه، ولكنه قام بتشذيبها من المادة الأكاديمية حتى تكون بسيطة وسهلة تصلح للمثقف العادي.
وتتابعت مؤلفاته بعد ذلك وقدم "الحزب الهاشمي وتأسيس الدولة الإسلامية"، و"الفاشيون"، و"الوطن"، و"قصة الخلق"، و"حروب الدولة الإسلامية"، "الجماعات الإسلامية رؤية من الداخل"، "النبي إبراهيم والتاريخ المجهول"، "قصة الخلق أهل الدين والديمقراطية"، و"النسخ في القرآن"، "الإسلاميات"، "صحوتنا لا بارك الله فيها"، "الأسطورة والتراث"، "النسخ في الوحي الحجاب وقمة الـ 17"، و"آخر أيام الفراعنة"، وكتاب "شكرا بن لادن"، وغيرها...
حصل القمني على جائزة الدولة المصرية التقديرية في العلوم الاجتماعية لعام 2009، الأمر الذي أثار غضب بعض التيارات الإسلامية، فأقام وقتها الداعية الإسلامي يوسف البدري، دعوة قضائية ضد وزير الثقافة آنذاك، فاروق حسني، وشيخ الأزهر الشريف، معتبرًا أن الجائزة إهدار للمال العالم، وأنها منحت لشخصية تسيء للذات الإلهية والدين الإسلامي.
رحل الدكتور سيد القمني الكاتب والمفكر الكبير بعد رحلة فكرية وثقافية شاقة في 6 فبراير عام 2022 عن عمرٍ يناهز 74 عامًا.