الأربعاء 26 يونيو 2024

انتشارها مُستمر حتى نهاية أغسطس.. و«البيئة»: «غير سامة .. بتلسع بس» غزوة القناديل!

8-7-2017 | 14:00

تقرير: محمد السويدى

محمد رسلان - محمد أمان

«فزع، وهلع، وإلغاء رحلات الصيف، وإجراءات حكومية عاجلة، وتطمينات بعد الخوف»، تفاصيل أعقبت ما أطلق عليه غزو «قناديل البحر» للسواحل المصرية خاصة الساحل الشمالي، بشكل سبب إزعاجا لآلاف المصطافين.. فالقناديل التى غزت شواطئ الإسكندرية والساحل الشمالي جعلت المصطافين ينهون رحلاتهم الصيفية فور وصولهم للشواطئ، والبعض الآخر ألغى رحلاته قبل بدئها، بينما فشلت وزارة البيئة ومحافظة الإسكندرية في الحد من أعداد قناديل البحر المتزايدة، والتى تحولت إلى ظاهرة وتجاوزت أحجامها وأوزانها في بعض الأحيان عدة كيلو جرامات.

ورغم تطمينات وزارة البيئة للمصطافين بأنه لا داع للذعر وأن التعامل مع لسعة القنديل يكون بحامض مخفف من خل وليمون فضلاً عن توفير وحدات للإسعاف على الشواطئ؛ إلا أن عددا كبيرا من المصطافين لم تفزعهم التقنينات هجروا الشواطئ نهائياً بعدما أصيب صغارهم بلسعات من القناديل.

من جهته، قام قطاع الحماية الطبيعية والتنوع البيولوجي بوزارة البيئة فور ظهور قناديل مختلفة الشكل والأحجام بساحل البحر المتوسط، بتشكيل مجموعة عمل علمية متخصصة في مجال علوم البحار لبحث ودراسة هذه الظاهرة وأسبابها وكيفية التعامل معها.. وتبين لها أن قنديل البحر المتسبب في هذه الظاهرة موجود منذ عقود في إقليم البحر المتوسط وتم رصده في موسم الشتاء في لبنان وإسرائيل وقبرص.

بيان وزارة البيئة للجمهور حدد أسباب ظهور قناديل البحر بكثافات كبيرة في الساحل الشمالي والإسكندرية والمتمثلة في وفرة الغذاء المناسب للقناديل خلال تلك الفترات، وتجمعها للتكاثر خلال فصلى الربيع والصيف، فضلاً عن زيادة نسبة الملوثات العضوية في المياه، والتغيرات المناخية التي تعتبر ذات تأثير مباشر لارتفاع درجات حرارة المياه.. وبالتالي وجود بيئة ملائمة لتواجده لفترات أطول.

من الأسباب التي حددتها «البيئة» أيضاً الانخفاض المُتزايد للمفترسات الطبيعية للقناديل مثل السلاحف البحرية وبعض الأسماك مثل سمكة الشمس، وعلى رأسها المفترس الأساسي لقناديل البحر وهى السلاحف البحرية التي تعرضت في السنوات الأخيرة لإبادة كبيرة في البحر المتوسط.

ولم يتجاهل بيان «البيئة» التأكيد على سبب ازدياد تلوث الشواطئ والمياه البحرية بالمخلفات البلاستيكية، مما أدى إلى خداع السلاحف بالأكياس البلاستيكية الشفافة المليئة بالمياه، وابتلاعها ظناً منها أنها قناديل بحر، مما يؤدى إلى انسداد أنبوبها الهضمي وموتها.

و«قنديل البحر».. كما يؤكد الخبراء حيوان بحرى من الرخويات يتبع فصيلة اللافقاريات اللاسعة، ويتميز بقوامه الهلامى، وله مجسات حسية وأطراف طويلة تسمى لوامس، ولا يملك جهازًا هضميًا فمعظم جسمه مكون من الماء وجيلاتين.. ويعتبر «قنديل البحر» من أقدم الحيوانات الموجودة على الأرض، ويتحرك فى البحر عن طريق انقباض جسمه ثم فرده بحيث يندفع بسرعة وسط الماء، وتساعده تيارات الماء على الانتقال من مكان إلى آخر، ولقنديل البحر أنواع عديدة منتشرة على مستوى العالم.

من جانبه، قال الدكتور مصطفى فودة مستشار وزير البيئة للتنوع البيولوجي، وخبير الكائنات البحرية الدولي، إن «قناديل البحر» ليست وليدة العام الحالي في مصر، ففى مثل هذا الوقت من كل عام ينشط تواجدها بالشواطئ المصرية؛ لكن الضجة الإعلامية لما جرى في الساحل الشمالي هى التي أحدثت ذعراً للمصطافين، ليس في شواطئ البحر المتوسط والإسكندرية فحسب، وإنما أيضا في شواطئ البحر الأحمر، رغم خلو الأخيرة من أية قناديل خلال موسم الصيف الحالي.

«فودة» أكد إنتشار قناديل البحر في بلدان كثيرة وفي مقدمتها استراليا والنرويج والسويد، ولا تستطيع أى دولة في العالم بما فيها الدول العظمى منع تسرب قناديل البحر لسواحلها، ومن ثم فوزارة البيئة ليست مسئولة عن مهاجمة قناديل البحر للمصطافين، فهى كائنات طبيعية تبحث عن طعامها ولها موسم للتكاثر في أشهر الصيف، ومن الطبيعي أن تزداد أعدادها خلال شهري يوليو وأغسطس، وسيستمر تواجدهم بمعدلات متباينة حتى نهاية أغسطس حتى يعلم المصطافون من الآن.

فودة طالب المصطافين بعدم الخوف والهلع من القناديل المنتشرة في شواطئ الإسكندرية والساحل الشمالي لأنها من النوع غير السام، مشيراً إلى أنه يتعامل معها منذ عام ١٩٧٢، أى قرابة ٤٥ سنة، وقد تبين له بالممارسة العملية أنها «تلسع» فقط، وتلك نعمة من الخالق على المصطافين في مصر، فبعض الدول تئن من انتشار قناديل البحر السامة والمميتة أحيانا في سواحلها وهو ما يحول موسم الصيف إلى كابوس.. بالتالي لا داعى لحالة الذعر التى أصابت المصطافين وغير المصطافين، ومؤكدا على سهولة التعامل مع لسعة القنديل بحامض مخفف من خل وليمون.

ظاهرة قناديل البحر استغلها البعض لتشويه مشروع قناة السويس الجديدة وتسببه في تفاقم الكارثة .

لكن «فودة» نفى كل الادعاءات، حول تسبب قناة السويس الجديدة في تزايد أعداد قناديل البحرمشيرا إلى أن هذه الادعاءات ليس لها أساس علمى وهى بغرض سياسي بحت، والبحث العلمي إذا تم صبغته بالسياسة لم يعد علماً ولا يعتد به، فقناديل البحر منتشرة في كل البحار والمحيطات من ملايين السنين وقد تسربت إلى سواحل البحر المتوسط وشواطئها في مطلع السبعينيات.

«فودة» أكد أيضاً أن ظهور قناديل بحر زرقاء اللون والاعتقاد أنها شديدة الخطورة كما أشيع عنها ليس صحيحاً، فهى من الأنواع غير السامة ولا تشكل خطراً على حياة الإنسان.

ويشار إلى أن «قنديل البحر» يتغذى بشكل عام على بيض ويرقات الأسماك، كما أنه يتغذى على الهائمات الأخرى من العوالق البحرية الحيوانية، وعادة يتواجد خلال فترات الصيف نظرًا لوفرة الغذاء.. كما أنه يعتبر غذاء لبعض الكائنات الأخرى مثل السلاحف البحرية وبعض الأنواع القليلة من الأسماك.

«المصور» زارت عددا من الشواطئ في الساحل الشمالي والإسكندرية ومطروح وبورسعيد، وأكد الدكتور شريف فتوح، الأستاذ بمعهد علوم البحار، خلو شواطئ مارينا من المصطافين خوفاً من القناديل ، حيث أصبحت الشواطئ ملاذا لقناديل البحر، لافتاً إلى أنه كان نادراً ظهور القناديل على الساحل الغربى، وكانت تظهر دائماً ناحية الشرق فى بورسعيد والعريش، موضحاً أن  ظهورها فى الإسكندرية نتيجة الصيد الجائر للسلاحف البحرية والتلوث.

بينما أكدت الدكتورة منال صبرة، أستاذ الميكروبيولوجى بمعهد علوم البحار أن قناديل البحر تُهدد موسم الصيف.. لكن مطروح خالية تماماً، وقال مصدر مسئول بشواطئ الإسكندرية إن ظاهرة «قنديل البحر» تحدث سنوياً فى مثل هذا التوقيت من العام، مشيراً إلى أن الشواطئ الداخلية بالإسكندرية من العجمى غرباً وحتى شاطئ أبو قير شرقا لم تتخط معدلات ظهور قناديل البحر بها المعدلات المعتادة سنوياً فى مثل هذا التوقيت، وإن هناك نقطة إسعاف بكل شاطئ تقوم بعمل الإسعافات الأولية للدغات «قنديل البحر».

من جانبه، قال اللواء أحمد حجازى، رئيس إدارة السياحة والمصايف بالإسكندرية، إن «قناديل البحر» لم تؤثر على معدلات توافد المصطافين إلى الإسكندرية، حيث استقبلت المحافظة ٣ ملايين وافد منذ بداية إجازة عيد الفطر وحتى الآن، ونسبة إشغال الشواطئ بلغت ٧٠٪، فى حين بلغت نسبة إشغال الفنادق ١٠٠٪.

في ذات السياق، شهدت شواطئ بورسعيد حالة من الغضب من قبل المصطافين، حيث أفسدت القناديل فرحتهم ومنعتهم من الاستمتاع بمياه البحر وأجبرتهم على الجلوس بعيدًا عن الشاطئ.. كما أدى انتشار قناديل البحر بكميات هائلة إلى ذعر وهلع المصطافين خاصة الأطفال وصغار السن، الذين اشتكوا من هجوم قناديل البحر على الشواطئ، مؤكدين تعرض عدد كبير منهم للسعات القناديل. في حين تبارى عدد من المصطافين الشباب في صيد «القناديل» كنوع من تخفيف صدمتهم من أعدادها الكبيرة.