السبت 18 مايو 2024

من آن لآخر

مقالات10-4-2022 | 22:05

رحلة البحث عن أسباب الفشل الأسرى أو بمعنى آخر الانفصال أو الطلاق.. تحتاج إلى موضوعية ونظرة أكثر شمولية تبدأ من الصغر مروراً بالمجتمع والأسر وكيفية بناء الشخصية «زوج وزوجة» تجد نفسك تخرج بنتائج وأسباب جديدة أكثر عمقاً فمعظم الدراسات تتناول العرض وتترك الأصل.. مشكلة الانفصال أو الطلاق أو الفشل الزوجى لا يتحملها طرف ولكنها محصلة لاخطاء الجميع بدأت قبل الزواج ربما بسنوات طويلة نستطيع أن نخفض هذه النسب.. بإحداث حالة من التصالح مع النفس سواء لوالدى الزوجة ووالدى الزوج أى «الحماوات».. يخفض حالة التوتر.. ومؤشر التطلع الذى خلقته الدراما ومجتمع يعانى من الانفصام والازدواجية لنرسخ الرضا والقناعة فالمتعة ليست فى الثراء وحده.. ولكن السعادة فى الرضا وفن الحياة
 
الخلطة السحرية لحياة أسرية بعيداً عن شبح الانفصال والفشل
فتشوا عن الأمراض الشخصية والتربوية.. الأسباب بدأت من الصغر
 
 
زواج ناجح جداً
 
عدم نجاح تجربة الزواج لدى البعض وصولاً إلى الطلاق تحتاج دراسة وبحثاً وتحصيلا خاصة أن ما يتم استعراضه من أسباب يمثل فقط العرض وليس المرض الحقيقي.. فشل أى زواج هو محصلة تنشئة خاطئة وعوامل محيطة.. ونتاج تربية لا تساعد على تحمل الصعاب أو مواجهة الظروف الصعبة أو القدرة على اتخاذ القرار.. وتحمل المسئولية.


بداية دعونا نتفق انه ليس صحيحاً ان الزوجة تقدم على حياة جديدة بعد الانفصال أو الطلاق أو الزعم والإدعاء بإقامة الأفراح والليالى الملاح أو أنها ولدت من جديد.. وفى قمة السعادة كل ذلك مجرد كذب على النفس.. فشل الزوجة وطلاقها.. صدمة قاسية على النفس.. ربما انتقاص من قدرها طبقاً للصورة والمأخذ الاجتماعى الموروث.. ربما يخشى الكثير منها بعد ذلك فى مساعى الارتباط.. هذا ليس نمطاً ثابتاً بكل المقاييس ولكنه أمر متوارث وصورة تقليدية.. فى النهاية طلاق الزوجة ليس أمراً جيداً أو مكسباً ولكنه كارثة نفسية واجتماعية ويعبر عن خلل فى منظومة الاختيار والمفاهيم والطباع والسلوكيات والقيم الاجتماعية والنفسية.


وحتى أكون منصفاً فالرجل شريك أساسى وفاعل رئيسى فى الوصول إلى الطلاق.. فربما نحن أمام أزواج ليسوا جديرين بمسئولية الزواج وفتح بيت وتحمل مسئولية زواج وأطفال ولم يتربوا بالشكل الصحيح ربما لأسباب التدليل والافراط فى الاهتمام بهم وربما بسبب تربية مريضة معقدة رسخت النفسنة والبخل وإثارة المشاكل وعدم القدرة على صياغة علاقات اجتماعية.


هناك أزواج ليس لديهم القدرة على تحمل المسئولية.. لا يقومون بواجبهم فى الانفاق على أسرهم الزوجة والأبناء يبالغ فى الاهتمام بنفسه وذاته والخروج إلى الفسح والمقاهى ولقاءات الأصدقاء.. وله أولويات غريبة للانفاق يأتى فى أخرها الأسرة فى حين ان هناك نوعية أخرى من الأزواج المحترمين وهم الأغلبية ممن يفضلون أسرهم وأولادهم على أنفسهم فلا يشترى أى شيء لنفسه قبل أن يلبى احتياجات أسرته وأطفاله.


عدم القدرة على اتخاذ القرار والفصل بين مكانة الأم وطبيعة العلاقة مع الزوجة والحياة الأسرية هو ظاهرة منتشرة تظهر أثارها فى الانفاق الساخر والمبالغ فيه من الزوج لكل آراء الأم وطلباتها وربما فى عدم تقبلها للزوجة.. أو ربما العكس فى الانصياع لرغبات الزوجة وكثرة تدليلها على حساب الأم والاستجابة لنفسنة الزوجة وعدم اعتبارها لوالدة زوجها مثل أمها.. لكن كل من النموذجين سيئ والأفضل أن يكون الزوج رجلاً قوياً بمعنى الكلمة قادرا على تحمل المسئولية وإدارة البيت.. يفرق بين مكانة الأم.. ودور الزوجة يستطيع أن يحتفظ بعلاقته الإنسانية والواجبة والمقدسة مع أمه دون الإضرار بعلاقته مع زوجته.. بمعنى رجل صاحب قرار ذكى شخصية لا يفرط فى حق ومكانة أمه أو يسيء لعلاقته مع زوجته وأسرته ويا حبذا إذا اعتبرت أم الزوج زوجته انها ابنتها وأم الزوجة تعتبر زوج ابنتها مثل ابنها.


الغريب ان أسباب الخلافات والمشاكل الأسرية لا تتوقف على استهتار الزوج وعدم تحمله المسئولية وتكاسله وطباعه أو أنه ابن (أمه) ولكن أيضا «الحماوات» يمثلن أسباباً قوية وافتقادهن للحكمة والنصيحة الأمينة وراء حدوث الخلافات والطلاق.. فقد يختلف الزوجان.. تذهب الزوجة إلى أمها تخبرها ان زوجها عمل فيها وعمل.. هنا «الحماة» لا تهدئ الأمر أو تحاول إعادة الأمور لطبيعتها سعياً للحفاظ على العلاقة الزوجية والأسرية لكنها وأمام الزوجة تكيل الوعيد والتهديد والأيام السوداء التى تنتظر الزوج وهو أمر يؤدى إلى اتساع هوة الخلافات ويزيد عمقها ويؤدى إلى التعنت والانتقام أحيانا وألاحظ ان هناك حوادث قتل «للحماوات» كثيرة خاصة والدة الزوجة بسبب إصرار زوج الابنة على الانتقام منها لعدم مرونتها أو يعتبرها الزوج السبب الرئيسى فى الخلافات وهو ما يؤدى إلى قرار الزوج بالانتقام منها.
الحماة على الناحية الأخرى أقصد والدة الزوج هناك بعض من النوعيات لا تكف عن تحريض ابنها على زوجته.. والتدخل فى شئونهما.. وعدم السماح بالخصوصية بل وأحياناً هناك حالات من التطرف فى سلوك والدة الزوج فى الغيرة من الزوجة على ابنها.. لكن فى المقابل هناك «حماوات».. يعتبرن الزوجة مثل الابنة.. تسعد بها لسعادة ابنها وتحاول بشتى الطرق إصلاح ذات البين والتوفيق بينهما.. بل ومعاتبة الابن على الإساءة للزوجة.


أعتقد أن الدراما فى بعض الفترات والإعلانات وبرامج الطبخ والحياة الموجودة على الشاشات والانساق الاجتماعية والحياتية كما تصورها الدراما والسينما خلقت حالة من التطلعات لدى الزوجات.. فلا يستطيع الأزواج تلبية هذه التطلعات والأحلام.. وحياة الأثرياء.. أو السقوط فى الخيال والرومانسية وعدم التفرقة بين حياة الجامعة والشباب والحياة الزوجية وأن لكل مرحلة متطلبات وواجبات ومطلوب بعض من التضحيات والتنازلات حتى تمضى الحياة بنجاح.


الأمر الخطير الذى يؤدى إلى الطلاق وفشل الحياة الزوجية.. هو عدم قدرة الزوجة على التحمل والصمود والسعى لاحتواء الزوج.. وامتلاك «الدبلوماسية الزوجية» سواء من الزوج أو الزوجة و«الحماوات».


فالزوجة تستجيب لأفكار وخيالات الكتاب وصانعى الدراما.. وأنصار وداعمى المرأة والأفكار التحررية التى تصطدم بالواقع مثل «المساواة» وهى صحيحة ولا أنكرها ولكن يفضل التفاهم والترابط والتقارب الفكري.. فهناك إصرار من بعض الزوجات على أن يقوم الرجل بأعمال المنزل والتشارك فى ذلك.. ربما يتقبله البعض.. لأن أفكار ومفاهيم البعض لا يمكنها قبول ذلك.. فمثلاً هذه جريمة لدى «الصعايدة» إزاى وكيف بمعنى ان النسق الفكرى والبيئى مهم جداً.


الأمر المهم أيضا هو قدرة الزوجة على التحمل والصبر.. كذلك مطلوب أن تتزوج الفتاة عن قناعة واختيار واقتناع وليس لمجرد النجاة من العنوسة.. أيضا القدرة على فهم شخصية الزوج والاهتمام به بالطبع.. والاهتمام بنفسها كأنثي.. والاهتمام بالمنزل وعدم الجمود الفكرى والعاطفي.. وكأن الحياة تمضى بوتيرة واحدة ويصاب الاثنان بالخرس الزوجى ان لم يكن الانفصال أو الانتحار.


فذلكة أنصار وجمعيات المرأة وحقوق المرأة واعداء المرأة وحبايب المرأة هى سبب البلاوى والأفكار التى تؤدى إلى التشرذم والفتنة الأفضل أن نربى الأبناء على الصلابة والإرادة والقدرة على تحمل المسئولية والقدرة على اتخاذ القرار.. والقدرة على تحمل مسئولية أسرة والقدرة على التفرقة بين طبيعة علاقة الأم وعلاقة الزوجة.. القدرة على امتلاك الشخصية والخصوصية وليس «ابن أمه» أو «دلوعة ابنها».


تربية الأسر على عدم تدخل «الحماوات» فى شئون الزوجين التوفيق والتشجيع على التحمل وربما أطلب تقبل الإساءات البسيطة التى لا تشكل كارثة وسيبادر الزوج بالاعتذار عنها حتى لا تتسبب فى إحداث شروخات ومشاكل وانفصال.


كذب النساء.. ولو جاهرن وتظاهرن بالفرح بعد الطلاق والانفصال انها صدمة وهزة وزلزال نفسي.. وتراجع فى قوة المرأة.. فالزواج الأول والحب الأول هو الأساس مع وجود الاستثناء بطبيعة الحال.


تناول ظاهرة الطلاق والانفصال يحتاج نظرة ومعالجة أكثر شمولاً تبدأ من بناء الإنسان «الزوج أو الزوجة» من الصغر.. بناء صحيحاً.. القدرة على إدارة النفس والاعتماد على الذات وامتلاك القرار دون ان تخسر طرفا أو تسيء لعلاقة معينة.. والسؤال هل تستطيع أن تقوم ببناء شخصية وفق معايير خاصة وإيجابية دون أى تأثير «سلبي» من الثقافات الحديثة والإعلام الجديد والسوشيال ميديا وجمود الأفكار والغزو الثقافي؟


هل تستطيع أن ترسخ الرضا والقناعة فى ظل دراما القصور.. وبرامج الرفاهية وإعلانات المنتجعات ونمط الحياة الذى لا يمثل كل المصريين لكنه يمثل شريحة أو فئة مجتمعية واحدة كل ذلك من أسباب الخلافات والشروخات الأسرية والزوجية.. هل تستطيع ان نحقق المعادلة بين القناعة والرضا والتعرض إلى مستويات أنماط اجتماعية عامة فى الميديا والإعلام.


الطلاق والانفصال قضية تبدأ من الصغر من البيت والأسرة إلى المدرسة.. إلى المجتمع.. إلى بناء الشباب صحياً وبدنياً والاهتمام بالصحة العامة.. فنحن أمام طرفين أو شريكين لابد ان يلبى كل منهما ويشبع احتياجات الآخر والحقيقة ان هذا الأمر يسبب مشكلة رئيسية يحدث بسببها الطلاق فى ظل الانفتاح الكبير.


التدقيق فى الاختيار.. والتمسك بالاختيار.. من المواقف التى تكشف ملامح شخصية الزوج أو الزوجة إلى تحاليل الصحة والاطمئنان على حالة الزوجين لسلامتهما وسلامة الأبناء.. جميعها تمثل أسساً فى نجاح الحياة الأسرية والعلاقات الزوجية.


نجاح الزواج مسألة مترابطة ومتعانقة ومتصلة ببعضها البعض تبدأ من الصغر.. تلعب فيها الأسرتان دوراً مهماً.. طريقة التربية للشريكين مهمة جدا.. قدرتهما على تجاوز السحب المؤقتة.. والصعوبات والتفاهم فى منتهى الأهمية.. أيضاً المحيط الاجتماعى والدينى والثقافى والدرامى والتعليمى والصحى جميعها أمور مهمة للغاية.. السلامة النفسية والرضا والقناعة والتصالح مع النفس وحب الاخرين جميعها أمور مهمة لنجاح أى زواج.. للأسف لدينا أجيال مقبلة على الزواج لا تستطيع اتخاذ قرار.. العناد والتعنت وفرد العضلات وكأننا فى حلبة مصارعة وليس «حياة زوجية».


«مسألة الكرامة» وعدم التوافق جميعها أدت إلى السقوط فى مستنقع الفشل.. علموا أولادكم كيف يتحملون المسئولية.. وكيف يتعاونون فى التضحية من أجل أسرهم.. اتركوا الدلع والافراط فى التدليل وركزوا على بناء الشخصية فهى أمور مطلوبة جداً لنجاح أى عمل أو شراكة.

تحيا مصر

الاكثر قراءة