السبت 18 مايو 2024

في ذكرى وفاة الأبنودي.. «فاطمة وعطيات ونعيمة» نساء في حياة الخال

عبد الرحمن الأبنودي

ثقافة21-4-2022 | 15:56

عبدالله مسعد

تحل اليوم الخميس 21 أبريل، ذكرى وفاة الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي، والذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم من عام 2015، بعد صراع مع المرض، عن عمر يناهز الـ 77 عامًا.

حيث ولد في الحادي عشر من شهر أبريل عام 1938، بقرية أبنود بمحافظة قنا، ووالده محمود الأبنودي كان يعمل مأذونًا شرعيًا، وتعلم عبدالرحمن الأبنودي في مدارس قنا الابتدائية والإعدادية وكذلك المدرسة الثانوية التي أنشئت عام 1927، نظرًا لعدم وجود مدارس في قريته آنذاك، ورغم تقديمه لكلية الآداب في جامعة القاهرة إلا أنه لم يكمل تعليمه، وقدم استقالته من عمله ككاتب في محكمة قنا الابتدائية بعد رفضه الذهاب لحضور جلسة في محكمة دشنا الجزئية، حيث إنه لم تستهوه الوظيفة وقدم استقالته التي كتبها في 16 صفحة ومعظمها بالشعر، واستقل القطار رقم 163 من بلدته قنا للرحيل للقاهرة في ستينيات القرن الماضي، ليصبح بعد ذلك الإبداع الشعري هو حياته.

قدر للشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي أن يحيا وسط كم كبير من النساء يتأثر بهم ويؤثر فيهن يتحدث عنهم دوما ويختلق الفرص لذلك، كما يكتب فيهم القصائد فعاش الأبنودي وسط جدته وأمه وعمته وزوجته وابنتاه، كلهن أثرن فيه بطريقة تختلف عن الأخرى، المرأة في حياة الراحل عبدالرحمن الأبنودي حالة خاصة جدًا.

نعيمة
ربما لا يعرف الكثيرون تفاصيل تلك القصة، فعمرها الزمنى كان قصيرًا، لكنها قصة حقيقية يعرفها أبناء جيله جيدًا من الشعراء والملحنين، هي أول زواج للأبنودى ذلك الفتى الأسمر القادم من الصعيد.

"نعيمة"، كانت تعمل مخرجة في مسرح العرائس، وتعرف عليها الأبنودى وتزوج منها، وكانت تسكن في إحدى حوارى بولاق الدكرور حيث مكث معها الأبنودى، غير أن تلك الزيجة لم تستمر طويلا وانفصلا وبعدها تزوج منها صديقه وبلدياته الشاعر عبد الرحيم منصور، تلك الزيجة التي كانت سببًا في خصام دام لوقت طويل بين الشاعرين.


عطيات الأبنودي

هي الزوجة الثانية في حياته، ارتبطت به كثيرًا للدرجة التي جعلتها تغير اسمها الحقيقى لتستمد اسمه، كانت عطيات الأبنودى مرتبطة بيحيى الطاهر عبد الله غير أنهما اختلفا وانفصلا، وقتها سمعت عطيات عن شاعر صعيدي تمت مصادرة ديوان شعري له يحمل اسم "الأرض والعيال"، ولما تعرفت عليه كانت المفاجأة أنه صديق يحيى الطاهر عبد الله، توطدت العلاقة بينهما وطلبها الأبنودي للزواج لكنه اشترط موافقة صديقه على الزواج الذي جاءها كما تقول في منزلها بالسيدة زينب ليعلن لها عن موافقته على الزيجة التي استمرت 12 عامًا لكنها لم تثمر عن أبناء، ما جعلهما يتبنيان ابنة صديقهما يحيى الطاهر عبد الله "أسماء".

نهال كمال


لم يتوقع الخال يومًا أن تصبح "المذيعة القاهرية" زوجة له، فقال عنها في الكثير من حواراته إنها بمثابة الصدي، بل كان يعتبرها ابنته إلى أن حدث ما لم يكن يتوقعه وهو الزواج منها، كان الأبنودى يطلق عليها اسم "جوهرة القاهرة" ذات اللحم الأخضر.


العلاقة بين نهال والخال كانت مبنية على التفاهم المشترك، وهذا ما خلق نوعًا كبيرًا من الاستقرار في حياتهما، مما ساعد الأبنودى في إنتاج العديد من الدواوين الشعرية المهمة.


نهال كمال كانت الأنثى الأكثر حظًا في حياة الأبنودى، فقد عاشت معه أطول مدة زمنية نتج عنها آية ونور.


فاطمة قنديل


هى الأم التى كان الخال شديد الارتباط بها والتى كان لها الأثر الأكبر فى حب الأبنودى لكتابة الشعر فكانت وفقا لحوار معه كانت تغنى ليل نهار، موضحا أنه فى قريتها بنود كان لكل مناسبة عنوة وموالية وموروث شعبى مسلته من حياتهم اليومية وكانت أمه دائمة الغناء بالمواويل لذلك أحب الأبنودى الشعر، وقال عنها الخال: "عاشت وماتت وهى لا تعرف العام الذى ولدت فيه ولا العام الذى ودعت فيه الحياة ولا أى عام آخر"، كما قال عنها: "ما سمعته من أمى شحننى بتجربة خرافية كانت دائما لصيقة بالغناء، ذلك أنه فى أبنود بعامّة يشكل علاقة فريدة مع الحياة، كالحر والبرد والظل والشمس والليل والنهار والجوع والشبع، لا يوجد فعل لا يصاحبه غناء فى تلك القرية وفى بيتنا الفقير بالذات". وكتب الابنودى قصيدة فى أمه قال فيها.

وأمى.. والليل مليل

طعم الزاد القليل

بترفرف.. قبل ترحل

جناح بريشات حزانى

وسددت ديونها

وشرت كفن الدفانة

تقف للموت يوماتى:

«ما جاش ابن الجبانة»

أشد ف توبها يمى

تنهر كإنى عيل

القلب اللى تحجر

قوَّال.. بطَّل يموِّل

لا الحزن عاد يبكِّى

العمة يامنة

عمته التى ربطته بها علاقة قوية جداً ويبدو انها علمته العديد من دروس الحياة، لدرجة أنه كتب لها قصيدة بعد رحيلها دون فيها كل الحوارات التى جمعت بينهما فى حياتها ووصاياها له بالزهد فى الدنيا ومواجهة الموت بشجاعة وتعبيرها عن حبها له لأنه صاحب قلب كبير وسؤلها عن زوجته وبناته، ويمكن القول انه لخص فيها لقاءته معها ووصياها له وتأثيرها عليه، وأطلق الأبنودى على القصيدة التى حرص الخال أن يكتبها بلغتها اسم "قصيدة العمة يامنة" وقال فيها
حبيبى أنت يا عبد الرحمان
والله حبيبى .. وتتحب
على قد ماسارقاك الغربة
لكن ليك قلب
مش زى ولاد الكلب
اللى نسيونا زمان
حلوة مرتك وعويْلاتك
وألاّ شبهنا..؟
سميتهم إيه؟
قالولى: آية ونور

وقد بدأ الأبنودي كتاباته الشعرية باللهجة العامية، ثم حصل على شهادة جامعية باللغة العربية من كلية الآداب في القاهرة، وشهدت القصيدة العامية مع الأبنودي مرحلة انتقالية مهمة في تاريخها.

كانت البداية الحقيقية للأبنودي، من "أبنود" مسقط رأسه، فقد كان يرسل القصائد إلى الشاعر صلاح جاهين، محرر باب "شاعر يعجبني" في مجلة "صباح الخير"، وفي نوفمبر عام 1961 نشر له جاهين قصيدة "الطريق والأصحاب" مسبوقة بمقدمة تقول: "عبدالرحمن الأبنودي يغلب على أشعاره طابع الفجيعة، وربما كان هذا هو الذي جعلني أخمن أنه مازال في عشرينياته الأولى، تلك السن التي نقف فيها أمام الحياة ببشاعتها، مصعوقين عاجزين عن تبريرها، فلا نملك إلا أن نتخبط ونرتعش وننتفض كالطائر الذبيح، لكني واثق بأن شاعرنا لن يلبث أن يرى من خلال طبقات الظلام المتكاثفة بصيصاً من النور" .

كان أول الدواوين الشعرية التى ألفها الأبنودي هو ديوان "الأرض والعيال"، الذي صدرت طبعته الأولى عام  1964 ، وفي عام  ،1967صدر ديوانه الثاني "الزحمة"، وتبعه ديوانا "عماليات" عام  1968و"جوابات حراجى القط" في العام التالي، بالإضافة إلى: "الفصول" عام 1970 ، و"أنا والناس" عام  1973 ، وديوان "بعد التحية والسلام" و"صمت الجرس" عام 1975 ، و"المشروع الممنوع" عام  197 وغيرها.

وفي فترة الثمانينيات، حقق الأبنودي أشهر إنجازاته عندما تمكن من إصدار السيرة الهلالية في خمسة أجزاء، والتي جميع فيها أشعار شعراء الصعيد وقصصهم عن بني هلال، فمهمة جمع السيرة الهلالية صعبة إن لم تكن مستحيلة، ومحاولات جمعها على مر التاريخ من رواتها الثقات أمثال سيد الضوى وجابر أبو حسين، استعصت على الكثيرين، بالرغم من المحاولات الجادة التى خاض فيها الكثيرون.

الاكثر قراءة