الخميس 16 مايو 2024

رأي علمي في حكم أداء القيمة في صدقة الفطر

مقالات21-4-2022 | 22:19

صدقة الفطر من ناحية المفهوم أو المعنى صدقة تجب بالفطر من رمضان، لمن صام أو من لم يصم على الكبير والصغير والمقيم والمسافر والصحيح، والذكر والأنثى والحر والعبد.

أما بالنسبة للحكم التكليفي فذهب جمهور الفقهاء إلى أنها واجبة على كل مسلم، والأصل في ذلك ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما، قال: فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعا من تمر أو صاعا من شعير، على كل حر أو عبد، ذكر أو أنثى من المسلمين" هذا الحديث رواه الشيخان البخاري ومسلم.

وأيضا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أدوا عن كل حر وعدل وصغير وكبير نصف صاع من بر أو صاع من تمر أو شعير"، وهذا الخبر موجود في سنن الدارقطني، وإن كان ابن دقيق العيد أعل هذا الخبر بالاضطراب في إسناده ومتنه.

وجه الدلالة أن معنى فرض هنا ألزم وأوجب بدليل اقترانهما بحرف على وقوله أدوا هذا أمر يقتضي الوجوب.. واتفق الفقهاء على أن المسلمين مخاطبون بها ذكورًا كانوا أو إناثا صغارًا أو كبارًا عبيدًا أو أحرارًا، واتفقوا على أنها على الإنسان نفسه وعلى أولاده الصغار إذا لم يكن لهم مال، وأنها زكاة بدن لا زكاة مال.

وذهب الجمهور إلى أن من لزمه فطرة نفسه تلزمه فطرة من تلزمه نفقته لقرابة أو زوجية أو ملك إذا كانوا مسلمين.

هناك تفاصيل. لكن نأتي إلى المهم، اختلف الفقهاء بنوع الواجب إخراجه. فالحنفية قالوا إن الواجب أن تكون من أربع أشياء "الحنطة والشعير والتمر والزبيب". والمالكية. قالوا من خلال قبول البلد والشافعية قالوا واجب إخراج ومهاجر في العشر يعني غالب القوت، والمحل المعتبر في غالب القوت العام والحنابلة يرون أنها تجب في المنصوص.

وسبب اختلاف الفقهاء في نوع الواجب إخراجه، اختلافهم في مفهوم حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. قال إن اأرج من هذا اجزأ عنه، ومن فهم أن اختلاف المُخْرج ليس سبب الإباحة إنما سبب اعتبار قوت المخرج أو قوت غالب البلد. واتفق الفقهاء على أنها تجد الفطر من رمضان وعلى صرفها لفقراء المسلمين لخبر أغنوهم دل السؤال في ذلك اليوم.

 إذا علم هذا، فإن أداء القيمة في صدقة الفطر قد اختلف فيه الفقهاء على أقوال أشهرها القول الأول: لا يجوز ولا يجزئ أداء القيمة في صدقة الفطر، وقال بهذا المالكية والشافعية والحنابلة والظاهرية، القول الثاني يجوز ويجزئ أداء القيمة في صدقة الفطر. قال بهذا الحنفية. وقال بهذا أيضا سيدنا عمر بن عبدالعزيز والحسن البصري والثوري.

وسبب الخلاف هل الزكاة عبادة أو حق الواجب للمساكين؟ من قال أنها عبادة قال إن أخرج من غير تلك الأعيان لم يجزئ، لأنه أتى بالعبادة على غير الجهة المأمور بها فهي فاسدة. ومن قال هي حق للمساكين فلا فرق بين القيمة والعين عنده.

استدل أصحاب القول السالم المجوزون لأداء القيمة في صدقة الفطر بدليل الكتاب والسنة والأثر والمعقول، أما دليل الكتاب قول الله تعالى خذ من أموالهم صدقة. ووجه الدلالة المال هو الأصل. وبيان الرسول صلى الله عليه وسلم للمنصوص عليه إنما للتيسير ولرفع الحرج لا لتقييد الواجب وحصر المقصود فيه.

أما بالدليل من السنة، خبر "أوجب رسول الله صلى الله عليه وسلم من التمر صاعًا ومن البر نصف صاع"، هذا الخبر أيضا في سنن الدارقطني. ودل على اعتبار القيمة لأن نصف الصاع من البر يساوي صاع شعير وأيضا بخبر معاذ بن جبل رضي الله عنه لما أمره النبي صلى الله عليه وسلم عند خروجه إلى اليمن بالتيسير على الناس فكان يأخذ الثياب مكان الذرة والشعير. لأنه أهون عليهم.

وجه الدلالة إذا جاز أخذ القيمة في الزكاة. كما في خبر معاذ بن جبل رضي الله عنه في اليمن في الأعياد فجوازها في صدقة الفطر هو أولى، وهناك أدلة من الآثار على جواز إخراج صدقة الفطر قيمة. روى أبو شيبة عن عون، قال: سمعت كتاب عمر بن عبد العزيز يقرأ إلى عدي "عدي كان عامله على البصرة" يؤخذ من أهل الديوان من أعطيتهم من كل إنسان نصف درهم.

وروي عن الحسن قال: "لا بأس أن تعطى الدراهم في صدقة الفطر". وعن ابن إسحاق قال: أدركتهم وهم يؤدون في صدقة الفطر الدراهم بقيمة الطعام.

 أما من أدلة المعقول في جواز إخراج صدقة الفطر قيمة مالية، إن فقه إخراج الزكاة فيه مقصود إيصال الرزق الموعود إلى الفقير وقد حصل، فإن الواجب في الحقيقة إغناء الفقير لقوله صلى الله عليه وسلم: أغنوهم عن المسألة في اليوم، والإغناء يحصل في القيمة بل هي أتم وأوفر لأنها أقرب إلى الحاجة.

وعلى ضوء ذلك من الممكن للإنسان أن يخرج القيمة لأنها ثبتت بأدلة. ومن أراد أن يخرج أطعمة لا بأس. لكن هي المشكلة أن يأتي من يتجرأ على الشريعة ويحكم بالبطلان في من أخرج طعاما أو بالبطلان في من أخرج قيمته، فالاثنان جائزان، وان كانت القيمة في الواقع العملي المعاش هي أقرب، والأخبار المروية عن النبي صلى الله عليه وسلم ليست على سبيل الإلزام، وإلا ما أخرج أو أخذ معاذ بن جبل في زكاة الأموال البدل الثياب مكان الذرة والشعير، وحيثما كانت المصلحة فثم شرع الله وبه قال الأزهر الشريف، والأمر هنا للجواز وليس أمرا جازمًا. يقضي أداء الطعام وليس ناهيًا عن أداء القيمة. وما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن. ولا ينكر الأحكام. بتغير الأزمان. والله سبحانه وتعالى الموفق والهادي الى سواء السبيل. وقد صرحت دار الإفتاء المصرية وعلى رأسها فقير جليل. بأن القيمة الأدنى في هذا العام 15  جنيها عن الفرد.

هذا والله أعلى وأعلم.