الأربعاء 12 يونيو 2024

محدش هيسمعها كدا .. بماذا تنبأ عبدالحليم لأغنيات العصر الجديد

عبدالحليم حافظ

فن22-6-2022 | 01:52

أشرف سلام

أبدى الفنان عبدالحليم حافظ وجهات نظر في أمور مختلفة، ومنها رؤيته لمستقبل الأغنية، التي كانت تمتد إلى أكثر من ربع ساعة في ستينيات القرن الماضي، وأيقن أنها سوف تشهد تطورًا متسارعًا سوف يغيّر من شكلها.

وكان يرى أن روح الأغنية سوف يشهد تطورًا هائلًا ليس في مصر والعالم العربي فحسب، بل في جميع أنحاء العالم، ولفت إلى أن هناك تطور عجيب سيغيّر الاتجاه الفني في الأغنية وينبغي على صُنّاعها الاستعداد لذلك، لأن مدة الأغنية سوف تصبح دقائق معدودات لا تتعدى الخمس دقائق، وأكّد أن المطرب الذي سيغني لمدة نصف ساعة أو ربع ساعة أو حتى عشر دقائق، لن يسمعه أحد.

وقال العندليب، في مقال نادر له، إن الأغنية ليست وحدها التي ستتطوّر بسرعة الصاروخ، بل الدنيا كلها، وسوف ترتفع قيمة الوقت عند الناس، وحينما تكتمل الصورة الاشتراكية للمجتمع العربي ويتحوّل إلى مجتمع إنتاجي يعمل بكامل طاقته، وعندما يتبلوّر المجتمع في صورة مكتملة ناضجة، سوف يتّسم بطابع العمل المستمر لمضاعفة إنتاجه وتعظيم دخله وتحقيق أكبر قدر من الرفاهية والرخاء، فالرجل الذي يشتغل اليوم حتى الثانية بعد الظهر، ثم يتمتّع بالوقت الباقي من اليوم حسب هواه، لن يجد هذا الفراغ في المستقبل وسيدرك العالم قيمة الوقت الحقيقية ويجرب أن يملأ هذا الفراغ الكبير حتى آخر دقيقة منه.

ويضيف عبدالحليم: "سيعمل الرجل في الصباح وبعد الظهر، وستعمل المرأة كذلك في الصباح وبعد الظهر، وهذه الكتل من البشر التي أراها تسير في الشوارع، سوف تراها في المستقبل تركض، سوف تسابق الوقت، وهذه المطاعم التي تراها منتشرة في أكثر الشوارع ستختفي لتحل محلها الكافتريا التي تُقدّم الطعام الخفيف "الساندويتش"، ويأكل الناس طعامهم في أقل من عشر دقائق كي يعود إلى عمله وكفاحه وسياقه".

واستطرد: "الأغنية التي ستكون مدتها نصف ساعة أو ربع ساعة ستموت، لأن الإنسان لن يجد هذا الوقت لسماعها، اللهم إلَا إذا كانت لصوت معجزة خارق فوق الطبيعة كصوت أم كلثوم مثلًا، وقياسًا على هذا التطوّر الزمني السريع للأغنية في بلادنا وبلاد العالم أجمع، سوف تصبح المدة الزمنية للأغنية أقل من خمس دقائق، وإذا عدنا قليلًا إلى الوراء لرأينا أن أغاني أيام زمان كانت طويلة جدًا، لأنها كانت تردد في القصور، حيث الأمراء وأصحاب الجاه والعاطلين بالوراثة، وطابع هذه الطبقة من البشر هو الفراغ، الذي اتسم به طابع الأغنية أيضًا، وكان المطرب يغني أغنية واحدة حتى مطلع الفجر.. من أول المساء حتى منتصف الليل يردد يا ليل يا عين، ومن منتصف الليل حتى الفجر يردد البقية الباقية من الموال أو الأغنية التي لا تتجاوز الخمسة أبيات من الشعر، إذا فالأغنية كانت تُصنع لهذه الطبقة فقط، لذلك اتسمت أغانينا بهذا الطابع الروتيني الممل، والأغنية لم تكن تنتشر بين جماهير الشعب لأنها كانت صعبة جدًا ولها أداء خاص، ولا تخرج من القصور، حتى جاء سيد درويش بمدرسته الفنية الجديدة بسهولة أدائها وقصر مدتها الزمنية، وبدأت الجماهير تردد هذه الأغاني وراءه".

وختم قائلًا: "الأغنية في السنين القليلة المقبلة سوف تحددها أذواق الجماهير من حيث اللحن والغناء والتأليف، ومدتها لن تزيد عن الخمس دقائق، وسوف تتحلى بالمعاني التي تدور حول نفسها وستسيطر عليها البسمات المتفائلة والآمال الحلوة".

وبعد سنوات من توقعات ورؤية العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ تطورت الأغنية بالفعل وأصبح وقتها لا يتعدى الخمس دقائق، كما أن الذوق العام للجمهور سيطر على الكلمات واللحن.