الأربعاء 15 مايو 2024

نجوم مصرية في الأدب والفن والحياة

غلاف كتاب نجوم مصرية

ثقافة12-7-2022 | 22:59

دار الهلال

صدر مؤخرا كتاب "نجوم مصرية في الأدب والفن والحياة" للكاتب والمؤرخ أبو الحسن الجمال عن دار المعارف.. ويقدم من خلاله فصولاً تنوعت بين التاريخ والأدب والفكر والفن ورموز العسكرية المصرية، وهذا استكمالاً لكتب له في هذا المجال – مجال التراجم والسير-، وقدم أعمالاً مثل: "مآذن من بشر- أعلام معاصرون"، و"على شاطيء المجد"، و"أعلام مصريون مصريون"، و"بليغ حمدي- عبقري النغم"، و"سلطان والكروان أسرار وحكايات"، و"أهلنا في محافظة البحر الأحمر- تاريخ وأسرار"، و"طاهر الطناحي فارس الصحافة وعاشق في بحر الأدب"، وغيرها.

تحدث الجمال عن الصحفي والأديب طاهر الطناحي إبن دار الهلال، ورائد الصحافة الأدبية، وذلك بعد خمسين عاماً ونيف من الرحيل، وقد كان للمؤلف السبق في الاحتفاء بهذا الرجل، في حين صمتت كل الصحف والمجلات ، وقد ساهم الطناحي في الارتقاء بإصدارات دار الهلال، وكان أصحابها يعهدون إليه بتحرير الأعداد الممتازة من مجلة "المصور"، ومجلة "الهلال"؛ التي كان مسئولاً عنها من الألف إلى الياء رغم أنه لم يتول رئاسة تحريرها ذات يوم، كما عُهد إليه برئاسة تحرير سلسلتي "كتاب الهلال"، و"روايات الهلال".. فقدم أعمق الأعداد التي مازالت تحتل الأولوية في هذه السلاسل العريقة، كما كان الطناحي كاتباً سياسياً ومؤرخاً وقاصاً وشاعراً .. ثم عرج المؤلف بعد ذلك للحديث عن محمود حسن زناتي أحد الثالثة (طه حسين وأحمد حسن الزيات) الذين تعلموا في الأزهر الشريف، ثم تمردوا على مناهجه بغية الإصلاح، وقد اصطدموا بشيوخه مما نتج عنه طردهم من الأزهرالشريف، فولى طه حسين والزيات شطرهما إلى الجامعة الأهلية التي أنشئت سنة 1908، ليحصل طه والزيات على الليسانس، ثم حصل طه حسين على أول رسالة دكتوراه في هذه الجامعة الوليدة عن أدب أبي العلاء المعري، أما محمود زناتي فقد عاد إلى الأزهر وتخرج فيه، ثم عمل في دار الكتب المصرية خبيراً للمخطوطات، ثم تطوقه سحب النسيان في حياته وبعد مماته إلا من مقالات لزميليه الزيات وطه حسين؛ كتباها يوم رحيله في مجلة "الرسالة"، وفي جريدة الأهرام، وقد رددنا له الاعتبار في هذا الفصل الذي  ضمه هذا الكتاب. 

ثم أخذنا المؤلف بعد للحديث عن الدكتور أحمد محمد الحوفي،أحد أعلام رواد الدراسات الأدبية في كلية دار العلوم بالقاهرة، وقد قدم أعمالاً رائدة في الأدب الجاهلي، ثم شارك في الإسلاميات فكتب كتباً رائدة..ثم خصص المؤلف فصلاً للحديث عن عالم المخطوطات والفهرسة فؤاد سيد؛ ذلك العصامي الذي بدأ من الصفر، وكافح ونحت في الصخر حتى صار الخبير الأول للمخطوطات في مصر والعالم العربي، وهو الذي بدأ عاملاً (ساعياً) ثم وقع في عشق المخطوطات فقرر أن يعرف أسرارها ويسبر أغوارها، وكان داره بمثابة مقراً للأمم المتحدة، يؤمها أعلام التحقيق في الشرق والغرب من العرب والمسلمين والمستشرقين، وقد ترك آثاراً دلّت على تفرده في هذا المجال.. كما تحدث عن الدكتور جابر عصفور الذي رحل مؤخراً، تاركاً خلفه تاريخاً حافلاً بالمنجزات في الفكر والنقد والأعمال الإدارية؛ حيث تولى بعض المناصب التي تميز فيها قدر تميزه في منجزه الفكري.

ثم خصص فصلا للحديث عن الدكتور محمود صالح منسي الذي كان أحد مدرسة التاريخ الحديث والمعاصر، ليس في جامعة الأزهر الذي عين فيها بعد أن حصل على الدكتوراه، ولكن في جامعات مصر والعالم والعربي، وآثاره تشهد على ذلك... ثم تحدث عن الدكتور محمد كمال شبانة؛ ذلك العصامي الذي تخرج في دار العلوم، ثم عمل مدرساً بالمغرب، وهناك ذرع كل الأماكن التي دارت عليها كل حوادث التاريخ في العصور الوسطى،. ثم خصص المؤلف فصلاً للحديث عن الدكتور السيد الجميلي الذي تميز في تخصصه الرفيع طبيباً وأستاذاً للجراحة العامة قدر تميزه في الأدب والفكر وتحقيق التراث، وترك مؤلفات في كل هذه التخصصات أربت على الثلاثمائة كتاب وهو جهد جبار على كل حال، وقد ارتبط بأعلام عصره يكتب عنهم الفصول التاريخية الرائعة التي دوّن فيها ذكرياته معهم.

ولم ينس المؤلف في خضم هذه الرحلة تناول  خلال بعض رموز العسكرية المصرية، مصنع الرجال وعرين الأبطال في كل العصور، فبدأ حديثه عن الفريق يوسف عفيفي محمد؛ قائد الفرقة 19 مشاه في حرب أكتوبر المجيدة، والذي لم يتم تسليط الضوء وسلط على من هو دونه مكانة ورتبة وانجازاً.. ولولا كتابته لسيرته في كتابه "أبطال الفرقة 19 مشاه" وكتابه الآخر عن إنجازاته في البحر الأحمر لضاع ذكره وانزوى تاريخه الناصع، كما لم ينس مقاتلاً مثله، شاركه النصر في إحدى وحدات الفرقة 19 مشاه، هو اللواء أركان الحرب محمد الفاتح كريم، فقد كان شارك في حروب مصر التي خاضتها مع إسرائيل، باستثناء الجولة الأولى وهي حرب فلسطين، وكان له دور مشرف في حرب أكتوبر المجيدة واستطاع أن يحّرر جبل المر، ثم تحدث أيضاً عن المشير محمد حسين طنطاوي؛ أحد رجال القوات المسلحة العظام الذي تولى المسئولية ساعة العسرة وأنقذ مصر مما كان يحاك ضدها من مكائد، مثلما خدمها في الحرب منذ أن تخرج في الكلية الحربية عام 1956 وحضر كل الحروب التي خاضتها مصر ومنها حرب أكتوبر 1973، بطلاً لمعركة المزرعة الصينية؛ أحد المعارك الفاصلة في حرب أكتوبر المجيدة، ثم استكمل رحلته حتى تولى القيادة العامة للقوات المسلحة، وزيراً للدفاع والإنتاج الحربي لمدة عقدين متخمة بالعطاء والإنجازات..ثم ختم هذا الجزء بفصل عن اللواء عبد المنعم سعيد أحد رجال مصر المخلصين وقد شارك أيضاً في كل الحروب التي خاضتها مصر منذ منتصف الخمسينيات عندما تخرج في الكلية الحربية وشارك في حرب أكتوبر عام 1973 وكان يعمل في هيئة العمليات برتبة عقيد، وكان قريبا من إدارة  صنع القرار، ثم انتهى به المطاف رئيساً لهيئة العمليات للقوات المسلحة، ثم واصل المسيرة بعد خروجه من القوات المسلحة حيث عمل محافظاً للسويس والبحر الأحمر وجنوب سيناء ومرسى مطروح.

أما عن نجوم صاحبة الجلالة ضمير مصر النابض، فتحدث المؤلف عن الكاتب الصحفي والمؤرخ جمال بدوي؛ الذي بدأ حياته في دار أخبار اليوم، وقد اختاره الأستاذ مصطفى أمين للعمل معه - وهو ما يزال طالباً في قسم الصحافة بجامعة القاهرة- بأخبار اليوم، فقدم تحقيقات و(خبطات) صحفية كانت حديث الناس يومئذ، كما لم ينس المؤلف الحديث عن صحفي  من نفس المدرسة؛ هو الكاتب الصحفي سليمان قناوي؛ وهو من جيل الوسط الذهبي في مؤسسة أخبار كما أنه يمثل مدرسة يحتذى، وعلى يديه تخرج العديد من الصحفيين الذين صاروا نجوماً.

ثم تناول المؤلف - بعد ذلك- سيرة الإذاعي العبقري صبري سلامة صاحب الصوت المميز ومقدم البرامج الأدبية والاجتماعية، ومن أشهرها برنامجه "ع الماشي"، و"قطوف الأدب من كلام العرب"، كما ألف الأعمال الدرامية التاريخية الناجحة.. ثم تحدث عن الناقد والمؤرخ الفني عبدالله أحمد عبدالله الشهير بـ"ميكى ماوس"، الذي كان يكتب في أكثر من عشرين مجلة وجريدة ساخرة في آن واحد، وأرشيفه حافل بالأعمال الجليلة، وقد ترك لنا عشرات الكتب التي أرخت لحياتنا الفنية المعاصرة، وقد كان شاهداً عياناً عليها..ثم تحدث عن الشاعر الكبير جميل محمود عبد الرحمن أحد أصوات الجنوب الثري وقد تعدت شهرته إلى خارج الصعيد حيث الأضواء في القاهرة ثم تعداها إلى الدول العربية.

ثم عرج المؤلف للحديث عن موسيقار من الزمن الجميل، محمد سلطان، صاحب النغمات الجميلة المعبقة بروائح الطرب الأصيل، وتحدث عن مشواره مع كروان الشرق فايزة أحمد والتي ارتبط بها فنياً وعائلياً، وقدما معا أحلى الألحان. ثم تناول مشوار الشاعر والصحفي الكبير محمد حمزة الذي كتب المئات من الأغنيات لكبار مطربي العصر وكون ثنائيات مع كبار الملحنيين من أمثال: ابن النيل بليغ حمدي، والموسيقار محمد سلطان وهاني شنودة وجمال سلامة.

وفي أثناء هذه الرحلة التقى المؤلف بالصحفي الرحالة حسين قدري الذي أمضى في بلاط صاحبة الجلالة حوالي 61 عاماً، عمل في العديد من المجلات والصحف، منها: "التحرير، والتعاون، والإذاعة والتليفزيون، كما عمل في صحف عربية وصحف عديدة كانت تصدر في مدينة لندن، وقد زار دول العالم وقام برحلات صاحبتها المغامرة والإثارة، ودونها في كتب طبعت كثيراً، كما أجرى عشرات الحوارات مع كبار رجال العصر في الفكر والأدب والفن، وطبعها في عدة كتب آخرها كتاب "حوارات حسين قدري".

ولم ينس أبو الحسن الجمال المرأة المصرية التي تمثل نصف المجتمع، فكان لقائه معها عبر ثلاثة نماذج تميزت في مجال التاريخ والأدب، فخصص فصلاً عن المؤرخة الجليلة الدكتورة زينب عصمت راشد التي أثرت الحياة العلمية بالمؤلفات في تاريخ أوربا الحديث، ولم تنس بلدها مصر فخصتها ببعض المؤلفات، كما كانت أول عميدة بجامعة الأزهر الشريف، حيث تولت عمادة كلية البنات الإسلامية فترة طويلة وعلى يديها تخرج العديد من المؤرخين، كما التقى الإذاعية والأديبة كريمة زكي مبارك من خلال حوار طويل أجراه المؤلف معها عن حياتها ورحلتها في جمع تراث أبيها الذي رحل فجأة إثر تعرضه لحادث يوم 22 يناير سنة 1952.

واختتم المؤلف هذا القسم وهذا الكتاب بالحديث عن الدكتورة سحر السيد عبد العزيز سالم أحد أغصان المدرسة التاريخية بجامعة الإسكندرية والتي بدأت مع تأسيس الجامعة في صيف عام 1942، واستمرت تؤدي دورها وتخرج فيها كبار المؤرخين الذين عملوا في الجامعات المصرية والعربية، واشتهرت هذه المدرسة بعطائها في تاريخ الأندلس فعندما نذكر الأندلس يتبادر إلى الأذهان جامعة الإسكندرية، وقد أعطت الدكتورة سحر في هذا المجال وأثمرت رحلتها عن المؤلفات والأبحاث الرائدة التي شهد لها القاصي والداني.

بقي أن نشير إلى أن للمؤلف أبو الحسن الجمال مقال بديع في عدد مجلة الهلال التذكاري لهذا الشهر، والذي صدر بمناسبة مرور 70 عاما على قيام ثورة يوليو، ونشر المقال تحت عنوان "اللواء جمال حماد كاتب بيان ثورة ٢٣يوليو ١٩٥٢".

 

Dr.Radwa
Egypt Air