بقلم : نبيلة حافظ
الأرقام وحدها تتحدث وتعلن عن حجم القضية التي تهدد الأمن القومي المصري، الأرقام وحدها تؤكد أن كل ما تقوم به الدولة من مشروعات قومية لن تظهر نتائجها أو تؤتي ثمارها أو تعود بالنفع على الناس طالما ظل الحال على ما هو عليه الآن وظلت المشكلة قائمة دون حل جذري لها، الأرقام تبرهن على أن الدولة تعمل في اتجاه والناس المتسببون بالمشكلة في اتجاه آخر، هم لا يشعرون بها ولا بحجم خطورتها رغم كل محاولات الدولة المتواضعة من أجل حلها.
عن المشكلة السكانية أتحدث وعند آخر إحصائيات التعداد السكاني الذي أجراه الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء نتوقف بالبحث والتحليل، ذلك التعداد الذي حمل لنا أرقاما هي غاية في الخطورة وهو بمثابة التهديد الأخطر للأمن المصري، فعندما يعلن الجهاز أننا نزيد في العام الواحد أكثر من مليوني نسمة فهذه كارثة بكل المقاييس، كارثة لأن معنى هذا أننا في حاجة إلى طعام وشراب وعلاج وسكن وتعليم وعمل لمليوني مواطن جديد على أرض مصر، حتى لو استبعدنا نسبة الوفيات التي تحدث كل عام والتي هي نسبة قليلة بفضل تطور النظم الطبية واستحداث علاجات لمعظم الأمراض سوف تظل هناك فجوة كبير بين نسبة الوفيات والمواليد والتي يصعب على أي دولة أن تستوعبها وتوفر لها المتطلبات الأساسية بالحياة.
لابد وأن نكون على يقين أن الانفجار السكاني لو حدث سوف يأتي على الأخضر واليابس بمصر، ولن يفرق بين الغني والفقير أو بين الجاهل والمتعلم، أو بين من لديه طفلان وبين من برقبته ثمانية من الأبناء، الكل سيضار والخطر سيطوق أعناق الجميع, وإن لم نلتفت لذلك سوف ننجرف في القريب العاجل إلى مستنقع لا يعلم نهايته إلا الله.
والسؤال الآن كيف يكون الخلاص؟ وعلى يد من؟ وما هو دور كل واحد منا للنجاة من هذه التهلكة؟
الإجابة بسيطة للغاية لأننا على يقين تام أن معظم المتعلمين يحددون إنجابهم ومعظمهم يكتفون باثنين فقط من الأبناء، لكي يوفروا لهما الحياة الكريمة ويضمنوا لهما التعليم والمأكل والملبس والسكن، هذا لو استطاعوا أن يوفروا لهما هذه الأساسيات وسط الغلاء الفاحش الذي نعيشه الآن، إذن من هو المتسبب في هذا الانفجار السكني الذي نعاني منه منذ عقود ماضية؟
المتسبب الأول هو الإنسان الجاهل أعمى البصر والبصيرة الذي لم ينعم الله عليه بالعلم ولم يفقهه في أمور الدنيا والدين، الذي لم يدرك حجم المخاطر التي تهدد أمن وسلامة أسرته الكبيرة والتي لا يستطيع أن يوفر لها حتى لقمة العيش، آخذا من التواكل على الله سندا له بالحياة ناسيا أن الله لم يأمرنا بذلك بل طالبنا بأن نأخذ بالأسباب وألا نلقى بأنفسنا إلى التهلكة.. وهل بعد إنجاب أطفال بدون حساب وتركهم بالشوارع لكلاب السكك تنهش أجسادهم تهلكة؟
أعتقد أنه قد آن الأوان أن تقتحم الدولة تلك المشكلة بكل جرأة وشجاعة وأن تبحث عن حلول غير تقليدية فلن تجدي الحملات الإعلامية وحدها دون إيجاد سلسلة من الإجراءات التي يدرسها أهل الخبرة والتي من شأنها أن تضع حدا فاصلا لهذه المشكلة، إنني على يقين بأن الحلول والاقترحات كثيرة والتي من الممكن أن تأتي بنتائج جيدة المهم هو الدراسة المتأنية والتطبيق الجيد الذي يثمر على أرض الواقع!