الجمعة 26 ابريل 2024

إلى عرفات الله

مقالات7-8-2022 | 17:57

دعا الخديوي عباس حلمي الثاني، الشاعر أحمد شوقي عام 1910، ليصطحبه في رحلة الحج وأن يركب معه في قافلة الخيول.. لكنه تهرب منه في صحراء العباسية ولم يكمل رحلته فقد كان يخشى ركوب الإبل وهذا ما كتبه حسين ابنه في كتابه "أبي شوقي" وكتب إلى عرفات الله يا بن محمد... هي القصيدة التي غنتها أم كلثوم فقد كتبها معتذرًا في ثلاث وستين بيتا غنت منها أم كلثوم أربع وعشرون بيتًا عام 1951، ثم اختصرت منها ثلاثة أبيات فغنتها 1954، بعد أن غيرت بعض الكلمات لتحولها من الخاص إلى العام وطبعًا ببصمات أحمد رامي ورفضت الإذاعة تسجيلها لسابقة غنائها بصوت نجاة علي، لكنها استأذنتها حيث أضافت أبيات ولحن مختلف للعبقري رياض السنباطي فغيرت إلى عرفات الله يا ابن محمد.. عليك سلام الله في عرفات... لتصبح إلى عرفات الله يا خير زائر.. وغيرت أيضًا.. دعاني إليك الصالح ابن محمد.. فكان جوابي صالح الدعوات.. ويقصد هنا بابن محمد الخديوي... ويا رب هل تغني عن العبد حجة وفي العمر ما فيه من الهفوات؟... وغنتها ثومة مرة الهفوات ومرة الغفوات.. وقد صورتها أم كلثوم وهي ترتدي الحجاب فيما يسمى فيديو كليب عام 1964، إخراج أحمد بدران وتصوير وحيد فريد... كما غنتها في فيلم رابعة العدوية.. وغيرت أرى الناس أفواجا من كل بقعة.. بدلا من أصنافًا.. وبدلًا من إذا زرت يا مولاي قبر محمد.. إلى إذا زرت بعد البيت قبر محمد... وهكذا جاءت الكلمات لتواكب أداء حجاج بيت الله المناسك المقدسة والتي مرت علينا منذ أسابيع واليوم تأتي عاشوراء لتذكرنا بمطلع عام هجري جديد... نتوق فيه إلى الرحاب الطاهرة.. ولم يكتف شوقي بهذا فقد أبدع في ولد الهدى وسلو كئوس الطلا ونهج البردة... ومن القصيدة كلمات تفيض بالوجد.. فأنت ولي العفو فاعفو بناصع.. من الصفح ما سودت من صفحات.. ومن تضحك الدنيا إليه فيغترر.. يمت كقتيل القيد بالبسمات.. وينهي قصيدته.. شعوبك في شرق البلاد وغربها.. كأصحاب كهف في عميق سبات... ويتجلى شوقي في نهج البردة للإمام البوصيري والذي رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وألقى عليه بردته فبرأ من شلله.. إذ يتبارك الصوفية ببردة البوصيري وينشدونها في حلقات الذكر ويكتبونها على جدران المساجد.. وقد كتب عن البردة مانتا شاعر وكانت نهج البردة لشوقي أشهر المعارضات فقد تعانقت صوفية أم كلثوم ذو الخلفية القرآنية وعبقرية السنباطي المحبة لآل البيت مع أعذب وأجمل ما كتب شوقي.. أبا الزهراء قد جاوزت قدري.. بيد إني لي انتسابا.. وما عرف البلاغة ذو بيان.. إذا لم يتخذك له كتابا... فقد مدح الشافعي وحسان بن ثابت وسيدنا علي في كتابه نهج البلاغة الرسول الكريم، لكنها كانت رسالات حب ولكن شوقي تناول فكر ومواقف وحياة الرسول من خلال منظور إسلامي.. وبرغم ماكتبه العقاد في عبقرية محمد ود. محمد حسين هيكل "محمد" وخالد محمد خالد "رجال حول الرسول" ومايكل هارت "الخالدون مائة وأعظمهم محمد رسول الله... وجوته وتلوتستوي وغيرهم ولكن شوقي كان محظوظًا بصوت أم كلثوم.. زانتك في الخلق العظيم شمائل يغرى بهن ويولع الكرماء.. وفي مرضه الأخير زاره شيخ الأزهر محمد الأحمدي الظواهري وبشره أن رسول الله قد زاره البارحة وأخبره أنه في انتظارك... ونعم البشرى وما هي إلا أيام وقضى شوقي نحبه وقد سمعت يومًا الشيخ الشعراوي يقول لا تقولوا شوقي أمير الشعراء.. بل قولوا رضي الله عنه... هذا والله أعلم.

Dr.Randa
Dr.Radwa