الخميس 27 يونيو 2024

البوابات الإلكترونية تفجر خلافاً بين أجهزة الأمن الإسرائيلية

27-7-2017 | 17:46

تقرير – دعاء رفعت

تشهد إسرائيل عددا من الاجتماعات للمجلس الوزارى المصغر (الكابينيت) منذ الجمعة الماضية للبحث عن سبل للحد من التوترات فى القدس والضفة الغربية فى أعقاب اشتعال الموقف بسبب رفض الفلسطينيين للبوابات الإلكترونية والإجراءات التعسفية التى أقرتها الحكومة الإسرائيلية لدخول المسجد الأقصى, تناولت الاجتماعات حادثة «حلميش» فى الضفة والذى أسفر عن مقتل ثلاثة إسرائيليين وحادث مجمع السفارة الإسرائيلية فى عمان، والذى أسفر عن مقتل مواطنيين أردنيين وإصابة حارس الأمن الإسرائيلي, وطبقا لآخر التقارير الإسرائيلية فهناك اقتراحات جادة باستبدال تلك البوابات بكاميرات ذات تقنية عالية وحواجز فى شكل «مسارات» على أن يتم فحص العابرين بأجهزة كشف يدوية.

بعد حادث المسجد الأقصى الذى قتل على إثره جنديان إسرائيليان فى هجوم قام به ثلاثة شباب من عرب إسرائيل الجمعة الموافق ١٤ من الشهر الجارى، قامت الحكومة الإسرائيلية بإغلاق أبواب المسجد الأقصى ليوم واحد للمرة الأولى منذ ٥٠ عاما، ومن ثم أعادت فتحه بعد وضع بوابات إلكترونية ليعبر من خلالها المصلون. على إثر ذلك توالت الدعوات من قادة اليسار الإسرائيلى بإزالة البوابات لتهدئة الأمر؛ حيث دعا «عومر بارليف» الرئيس السابق لوحدة الكوماندوز التابعة للجيش الإسرائيلى المجلس الوزارى الإسرائيلى المصغر «الكابينيت» إلى تهدئة الموقف المشتعل حول المسجد الأقصى وطالب باتخاذ قرار بإزالة البوابات الإلكترونية التى تسببت إلى الآن فى مقتل خمسة فلسطينيين وإصابة المئات منهم.

كما أعرب ممثلو الجيش الإسرائيلى وجهاز الأمن العام «الشاباك» وجهاز الأمن الداخلى «الشين بيت» عن دعمهم لإزالة البوابات الإلكترونية التى أقرها المجلس الوزارى المصغر بناء على توجيهات الشرطة الإسرائيلية ووزير الأمن الداخلى «جلعاد أرادن»؛ حيث أصدر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلى بيانا بأن الحكومة سمحت للشرطة الإسرائيلية باتخاذ أى قرار لضمان حرية الوصول إلى الأماكن المقدسة مع الحفاظ على الأمن والنظام العام»، مما أثار انتقادات العديد من قيادات المعارضة الإسرائيلية، فأكد «آفى جاباي» رئيس حزب العمل أنه: «يجب على مجلس الوزراء اتخاذ قرارات وعدم نقل المسئولية إلى جهاز الشرطة»، كما انتقدت «زهافا جلئون» رئيسة حزب «ميرتس» رئيس الحكومة الإسرائيلية «بنيامين نتنياهو» والبوابات الإلكترونية قائلة: «إن الفائدة الأمنية من البوابات الإلكترونية لا تستحق خطر تركها هناك، لكن «نتنياهو» يضع الاعتبارات السياسية قبل الاعتبارات الأمنية».

من جانبه قال «غادى آيزنكوت» إنه بعد التطورات الأخيرة فى القدس تستعد إسرائيل لمواجهة فترة قادمة لا تتسم بطابع الهدوء، وأضاف قائلا: «تشير نهاية الأسبوع الماضى إلى التهديدات التى تتعرض لها إسرائيل»، موضحا أن الجيش الإسرائيلي أمام أحداث لم يشهدها من قبل، كما أجرى وزير الدفاع الإسرائيلى «أفيجدور ليبرمان» تقييما للوضع مع كبار المسئولين فى الجيش والشاباك فى أعقاب حادثة “حلميش”، مشيرا إلى أن هذه الأحداث تمثل عوامل مشجعة لتنفيذ عمليات مشابهة قريبا، ولكنه أكد أن قرار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبو مازن بوقف التنسيق الأمنى مع السلطات الفلسطينية لا يقلق إسرائيل.

فى المقابل، هناك من تصدر المشهد بدعوة «نتنياهو» إلى استكمال محاولة فرض السيطرة وتغيير الوضع بالمسجد الأقصى حيث دعا وزير الزراعة «اورى ارييل» من حزب «البيت اليهودي» المتطرف بمنح اليهود حق الصلاة وأداء الشعائر اليهودية والتى منعتها إسرائيل منذ عام ١٩٦٧، كما اعتبرت «شولى رفائيلي» عضو الكنيست قرار «الكابينيت» بمثابة إثبات لسيطرة إسرائيل على المسجد الأقصى مدعية: «إن السبب وراء تجمع اليهود فى إسرائيل وليس أوغندا هو المسجد الأقصى»، مشيرة إلى أنه يجب على «نتنياهو» إعطاء اليهود مزيدا من حرية العبادة.

التحليلات الإسرائيلية للموقف فى القدس، تباينت بين كاتب وآخر فكثير من الكتاب انتقد قرار وضع البوابات الإلكترونية امام الحرم القدسى واعتبره مجرد مغازلة لليمين الإسرائيلى ليست مأمونة العواقب، ففى مقالة له كتب «أليكس فيشمان» الصحفى الإسرائيلى فى صحيفة «يديعوت آحرونوت»، «أنه حتى ولو توصل الجانب الإسرائيلى إلى حل لإنهاء الأزمة فى القدس فهذا سيأخذ وقتا طويلا وسيكون ثمنه الموت»، مشيرا إلى أن تزايد الهجمات الفلسطينية لا تحبط عملية البحث عن حلول وأيضاً قد تثير غضب القطاع اليهودى المتشدد والذى يمثل عبئاً آخر على استقرار الأمن الإسرائيلي.

وكتب أيضا «ناحوم برنياع» الصحفى الإسرائيلى فى صحيفة «يديعوت أحرونوت» أنه «كان يمكن تفادى هذا العنف كله، ولكن اقتراح البوابات الإلكترونية على أبواب المسجد الأقصى ومشهد طوابير المصلين خلفها أشعل حماس وزراء الحكومة الإسرائيلية؛ فظنوا بأنه سيرفع بهم عند النخبة اليمينية المتشددة»، مشيرا إلى أن الحكومة لم تكلف نفسها عناء التنسيق مع رؤساء الأوقاف، كما حمل «برنياع» مسئولية هذه الأحداث إلى «يورام هليفي» قائد لواء مدينة القدس المحتلة ووصف قراره المشترك مع «آرادن» ورونى الشيخ» القائد العام للشرطة الإسرائيلية بأنه قرار غير مسئول.

أضاف «برنياع» :«أن الموقف الأغرب كان موقف «نتنياهو» الذى سبق واختبر الأمر فى الاضطرابات التى اندلعت فى أعقاب فتح نفق المبكى عام ١٩٩٦، حيث قتل ١٧ جنديا من الجيش الإسرائيلى وقرابة ١٠٠ فلسطيني، فهو يعرف كم هو هذا الأمر قابل للانفجار، ولكن «نتنياهو» الذى كان خارج البلاد رفض كافة محاولات الإقناع التى طالبته بإزالة البوابات الإلكترونية التى أخطأ فى وضعها»، وأشار إلى أن «نتنياهو» قرر ألا يقدم هدية سياسية إلى «نفتالى بينيت» وزير التعليم الإسرائيلى المنافس له فى كسب أصوات الجمهور اليميني، فإن رئيس الوزراء ترك القرار للشرطة، وتساءل برنياع :هل هو خائف إلى هذه الدرجة حقا؟!

وأكد «برنياع» فى نهاية مقاله أن الخوف من الجمهور اليمينى الذى استهزأ بتحذيرات الجيش الإسرائيلى والشاباك، فتح المجال لانتفاضة ثالثة ثمنها أرواح المجندين والمواطنين الإسرائيليين فحتى فى حال إزالة البوابات الإلكترونية الآن، فعلى وزراء «نتنياهو» الصلاة من أجل تهدئة الوضع.