الإثنين 13 مايو 2024

رسائل ذهبية من مهرجان القلعة

مقالات28-8-2022 | 20:51

«الجمهور عاوز كده».. مقولة سقطت أمام الفن الراقى والغناء الأصيل، نجاح مهرجان الغناء والموسيقى فى القلعة وهذا الحضور الجماهيرى الغفير من مختلف الأعمار قاعدة يجب ان تنطلق منها وزارة الثقافة، وتبنى عليها رؤية متكاملة لتحقيق العدالة الثقافية والغنائية والموسيقية.. وترسيخ الفن الراقى والغناء الأصيل وموسيقى ترقى بالوجدان فى كافة ربوع البلاد.

جاء النجاح الكبير لمهرجان قلعة صلاح الدين للموسيقى والغناء وما شهده من إقبال غير عادى من الجمهور من مختلف الأعمار رسالة مهمة ان كل ما يروج (ان الناس عاوزه كده) هو أكذوبة وباطل، فالجمهور لم يجد الغناء الجيد الأصيل والراقى حتى تحكم عليه وتعرف ميوله وذوقه.

هذا الإقبال الجماهيرى الكبير الذى شهده مهرجان القلعة للموسيقى والغناء يضعنا جميعاً أمام تساؤلات عريضة.. أبرزها هل فهمنا الرسالة جيداً؟، هل أدركنا لماذا انتشرت أغانى المهرجانات والاسفاف والتدنى وأغانى «التوك توك» والميكروباصات والأصوات النشاز.. الحقيقة ان السبب وراء ذلك هو التقصير وغياب الرؤية الفنية والثقافية على مدار عقود.. لم نكلف أنفسنا بتبنى مشروعات غنائية تعيدنا لزمن الغناء الجميل، واستحضار رموز الطرب، لم نكلف أنفسنا مطاردة «الهلس» والاسفاف والتدنى بالغناء الأصيل، تركنا الساحة لتجار الغناء.. وصناع الذوق المتدنى والتلوث السمعى.

إقبال الجماهير على الغناء الأصيل، والحرص على حضور وسماع رموز الطرب أمثال على الحجار ومدحت صالح ونوال الزغبى وهانى شاكر ونادية مصطفى ونجوى كرم.. ومواهب دار الأوبرا المصرية، والفرق الموسيقية، وضعنا فى موقف محرج يتعلق بتكاسلنا وتهاوننا أمام المواجهة الحقيقية للغناء الهابط والتوزيع الجغرافى العادل للغناء الأصيل والموسيقى العذبة فى كل ربوع البلاد ومن هنا تركنا الساحل الشمالى لمطربى «الشورت» و«الهوت شورت» والصراخ وكأننا فى حلقات «الزار»، افسحنا لهم المجال وتركنا الساحة خالية من الفن الذى يتشوق اليه الناس، فلماذا لم نستغل حفلات الساحل أو المناطق الساحلية فى تقديم الطرب والغناء الأصيل الذى ينطلق من حناجر ذهبية موهوبة ومحترمة، وموسيقى تشكل وتهز الوجدان.

«الجمهور عاوز كده».. مقولة غير صحيحة خرجت من التجار والمقاولين والجزارين مع كامل احترامى لهذه المهن الذين دخلوا مجال الفن بطريق الخطأ واعتبروه «بيزنس»، وفرصة لتحقيق المزيد من الملايين من خلال هبوط وتدن وأجساد عارية وألفاظ نابية وترد وابتذال، الجمهور لا يريد إلا الرقى والأصالة والذوق الرفيع.
الفن الأصيل، والطرب والنغم الراقى لا يأتى صدفة.. وأحسنت الدولة صنعاً بالاهتمام باكتشاف وتبنى ورعاية المواهب فى كل المجالات وعلى رأسها الفن والغناء والموسيقى، وأحسنت مؤسسات الدولة من خلال تعاونها وحرصها على اكتشاف المواهب ورعايتها، وهذا توجه سوف يحقق ثماره وينعكس على الحالة الفنية والغنائية والرياضية من خلال تقديم مواهب ترسخ للجمال والرقى والابداع.

لا أريد أن يكون مهرجان القلعة للغناء والموسيقى قاصراً على القاهرة فحسب ولكن لابد ان تكون هناك أنشطة وحفلات غنائية وموسيقية، واكتشاف للمواهب والمبدعين فى كافة ربوع البلاد والمحافظات المصرية، فهذا الإقبال الجماهيرى الكبير على مهرجان القلعة يمنحنا الأمل والثقة فى أن الناس ترغب فى الرقى والأصالة وقد ملت من الأغانى الهابطة.

فى خلال الـ3 سنوات الماضية، نجحت الدولة المصرية فى إنتاج راق للأعمال الدرامية وشهدت إقبالاً غير عادى وربما غير مسبوق من المشاهدات والمتابعة من قبل المصريين والعرب، وهو ما يؤكد أيضاً بطلان مقولة (الجمهور عاوز كده).. فالمشاهد لا يريد دراما البلطجة والادمان والمخدرات وتشويه المجتمع والاساءة للوطن، أو العرى والابتذال والاسفاف ناهيك عن تأثيرات مثل هذه الأعمال على الشخصية المصرية، والقاموس اللغوى لأبنائنا وأطفالنا بالإضافة إلى ترسيخ الانتهازية والأنانية لذلك تأكدنا بما لا يدع مجالاً للشك أن «الجمهور عاوز فن محترم» يخاطب العقل والوجدان والمشاعر والرقى وليس فناً وغناءً استهلاكياً تجارياً بحتاً معدوم القيمة ومنزوع الدسم الثقافى والوجدانى.

هل يمكن أن تستفيد وزارة الثقافة من دروس مهرجان القلعة؟، وهل تتوقف أمامه؟، هل تخرج من نجاح المهرجان وهذا الإقبال الجماهيرى الكبير بدروس ورسائل تعينها فى بناء وصياغة استراتيجية ورؤية فنية عالية المستوى والجودة تستهدف كل المصريين ومختلف الأجيال والفئات العمرية؟، فالحضور الكثيف لفعاليات مهرجان القلعة ضم كل الأعمار خاصة الشباب، هل نستفيد من نتائج مهرجان القلعة للغناء والموسيقى فى التحليق خارج السرب والتقليدية.. والذهاب بعيداً إلى الساحل والمدن الشاطئية استغلالاً لمواسم الصيف الحاشدة بالمواطنين من الأسر والشباب الذين يتجهون إلى حفلات تجارية لا تحظى بمعايير الفن والطرب الأصيل.. يمكننا أن نفعل ذلك بسهولة إذا فكرت وزارة الثقافة من منظور ترسيخ الفن والطرب والغناء الأصيل واستعادة الروح واستغلال الفرصة لتقديم مواهب جديدة فى هذه الحفلات إلى جانب عمالقة الغناء والموسيقى وأيضاً تحقيق مردود اقتصادى مهم من خلال تذاكر بأسعار معقولة وفى المتناول تساعد فى دعم برامج اكتشاف ودعم ورعاية الموهوبين وأصحاب الحناجر والأنامل الذهبية.

هل تكون رسالة الإقبال الجماهيرى الكبير على الحفلات الغنائية والموسيقية لمهرجان القلعة هذا العام كافية لتجعل وزارة الثقافة تتوسع فى تنظيم المهرجانات والحفلات فى كافة المحافظات المصرية فى الصعيد وبحرى والدلتا ومطروح وسيناء وأسوان والأقصر، فالمصريون فى اشتياق وعطش حقيقى لغذاء الروح من الفن والطرب الأصيل، والموسيقى الراقية.

هل تفكر وزارة الثقافة فى إطار الحفاظ على الهوية المصرية باستعادة الفلكلور والفن الشعبى ودعم فرق الفنون الشعبية لتقدم حفلاتها وروائعها للجمهور خلال الحفلات الغنائية فى جميع المحافظات.. وتذكير الأجيال الحالية بالموروث الحضارى والثقافى المصرى فى كل محافظة بما يتسق مع طبيعتها؟ أعتقد ان الفرصة سانحة أن نتجاوز مرحلة الأقوال والتصريحات.. لنفعل آليات الحفاظ على الهوية المصرية وغرس مفردات هذه الهوية ومن أهم وأبرز هذه المفردات هو الفن الشعبى والموال والغناء الشعبى، وفرق الفنون الشعبية لاستحضار صورة مصر فى الماضى وربطها بالحاضر، لأن الهوية جزء من بناء الوعى فى ظل محاولات التغريب والغزو الثقافى الممنهج الذى يستهدف الشخصية والعقل المصرى.

لم يعد أمامنا شماعات نعلق عليها تقصيرنا عندما نقول إن «الجمهور عاوز كده».. فهذا أصبح الآن أكذوبة، فى الدراما تأكدنا ان الجماهير تريد الفن الراقى، وفى الغناء والموسيقى نحن فى حاجة إلى الطرب الأصيل والمواهب حتى وان كانت بروح العصر، المهم ان يكون لدينا غناء محترم لا يدعو للاسفاف أو الابتذال.
وزيرة الثقافة الجديدة لديها فرصة تاريخية للانطلاق وفق أهداف محددة تعيد قوة مصر الثقافية والفنية والغنائية، وتعيد زهوة المسرح، وتبعث الحياة فى قصور الثقافة وتشيع البهجة والسعادة والغناء والطرب الأصيل فى كافة ربوع البلاد.

أتصور أن تمسك الدكتورة نيفين الكيلانى بالقلم، وتضع مجموعة من المحاور والأهداف الفنية والثقافية تكون قابلة للتطبيق على أرض الواقع، عليها أيضا ان تفكر كيف تعيد الانضباط والجودة إلى الحالة الفنية والغنائية والموسيقى من خلال الدفع بمواكب المواهب والحناجر والأنامل الذهبية وتعيد الحياة لمنشآت وزارة الثقافة من جديد وأتصور أيضاً أن الدكتورة نيفين يجب ان تفكر فى كيفية استعادة الروح لأهمية القراءة وبناء أجيال تحرص على القراءة.. لخلق وبناء وعى وقدرة على الفهم الصحيح.

اقترح على الدكتورة «نيفين الكيلانى» حشد كل الطاقات الفنية والثقافية بوزارة الثقافة حول مشروع وطنى متكامل، وإحياء التراث الغنائى والموسيقى المصرى، وتقديمه على مسارح وزارة الثقافة من الممكن ان تكون مجموعات من الليالى، ليلة أم كلثوم، أو محمد عبدالوهاب، أو عبدالحليم حافظ أو فريد الأطرش، إلى أخر أسماء العمالقة وكذلك الفرق الموسيقية لأداء المعزوفات الخالدة بالإضافة إلى عمل أفلام تسجيلية عن ميراث الوزارة الثقافى والغنائى والموسيقى وعرضه على الشاشات بالتعاون مع المؤسسات الإعلامية.

مطلوب إرساء قواعد العدالة الغنائية والموسيقية والثقافية بحيث لا تقتصر على مدينة أو محافظة واحدة ولكن صياغة رؤية لتشمل كل ربوع البلاد، وأن يكون لكل محافظة نصيب من الإبداعات والفنون والموسيقى المصرية، لكن فى كل الأحوال لدى الوزيرة الفنانة فرصة ذهبية ليكون لها بصمة قوية وفاعلة فى المشهد الثقافى والغنائى والموسيقى المصرى.
 
الكتاب المدرسى
 
لا يجب أن يفهم حديثى أنه رافض للتطور أو داع للتجمد والثبات ليس هذا هدفى على الاطلاق فبقاء الكتاب المدرسى الورقى هو أمر مهم للغاية فى ظل التطور التكنولوجى والرقمى غير المحدود، فالحديث عن الحرص على تقليل وخفض معدلات الكتب المدرسية بالتدريج أمر يحتاج إلى مراجعة سواء بحجة تقليل النفقات أو مواكبة التطور ولكننى مع الاحتفاظ بطبع الكتب المدرسية الورقية، وأيضاً مواكبة العصر ووجود المناهج الإلكترونية، أو على المنصات التعليمية والسؤال ما هى ضمانات وجود المناهج أو الكتب التعليمية على المنصات فقط، هل تناسب كل الفئات والطبقات والفئات الأكثر احتياجاً؟، هل يمكن الاعتماد على المناهج الإلكترونية كوثيقة تشير بعد عقود ان مصر كانت تدرس هذه المناهج المتقدمة والمتطورة، وهل تناسب جميع التلاميذ والطلاب وأولياء الأمور الذين يسعون لمشاركة أبنائهم فى تحصيل دروسهم؟، وهل تضمن أى تعديل أو حذف أو وجود دخلاء أو اختلاط الأمور فى المناهج الإلكترونية على المنصات؟.

الكتاب الورقى التعليمى لا يسيئ على الاطلاق لعملية التطوير، وهو إجراء مهم مع الاحتفاظ بالأخذ بكل سبل التطوير والتقدم التكنولوجى جنباً إلى جنب مع الكتاب الورقى رغم الحديث عن ارتفاع التكلفة وأسعار الورق والترشيد.

فى اعتقادى أن طباعة الكتب الورقية أمر مهم ويجب أن تسند إلى مطابع الدولة والمؤسسات الصحفية القومية وبالتالى فإن التكلفة لن تذهب هدراً هى نوع من الدعم غير المباشر للمؤسسات القومية التى تؤدى رسالة وطنية غاية فى الأهمية، وهى بناء الوعى الحقيقى والتنوير والتصدى للتحديات والمخاطر التى تواجه البلاد، والحفاظ على العقل المصرى.

الكتاب المدرسى وجوده فى يد الطالب كمرجع يستند إليه حتى فى الاطلاع على المنصات والمناهج الإلكترونية أمر مهم ولا غنى عنه، سواء للطالب أو الذاكرة الوطنية.

استمعت أمس الأول لحديث الدكتور رضا حجازى، وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، وأدركت أن هناك بعض الإجراءات المهمة لتقويم عملية التطوير فى اعتقادى أن العودة لنظام البوكليت فى امتحانات الثانوية العامة أفضل من «البابل شيت» فالاعتماد فقط على مبدأ أو نظام الاختيار المتعدد ربما لا يناسب الكثير من الطلاب لكن الجمع بين الاختيار المتعدد والأسئلة المقالية، بل والتوسع فى الأسئلة المقالية ربما يكون الأفضل.

أيضاً فى اعتقادى أنه يجب إعادة النظر فى قضية «التابلت» وأراه من الأمور الشكلية التى تلتهم ميزانية هائلة، وإذا كان لمجرد الاطلاع أو الاختبارات، فإنه يجب أن يقدم كل طالب أو تلميذ الإيميل الخاص به أو لولى الأمر.. حتى يطلع فى بيته وأمام أسرته وبإشرافها أو خلال «المذاكرة» أو الإجابة عن الامتحان الموجود على الإيميل وبالتالى يرسل الإجابات على الإيميل المعتمد الذى يحمل اسمه توفيراً للنفقات الباهظة، ويجب أن نتوسع فى حصص الحاسب الآلى بالمدارس ونضمن مواكبة التلميذ أو الطالب للتطور ويحصل على دورات مدرسية فى هذا الأمر تمكنه من مواكبة العصر.. ونوفر ميزانية «التابلت» فى الاهتمام بالمدارس والمعلم وتحسين وتجويد العملية التعليمية وربما اسأل هنا التلاميذ والطلاب الذين حصلوا على «تابلت»، أين هو الآن أقصد «التابلت»؟ علينا ان نفكر فى المحتوى والمضمون والجوهر لا الشكليات.

الأفاعى خرجت من جحورها

إذا كانت مصر على مدار تاريخها تواجه مؤامرات ومخططات بهدف اضعافها وتقسيمها وإسقاطها إلا ان آلة المؤامرات تنشط بقوة هذه الأيام، خاصة أن محاولات الحصار الاقتصادى والإرهاب، والأكاذيب والشائعات والتشويه والتشكيك لتزييف الوعى، والهدم، لم تفلح على مدار السنوات الماضية، ناهيك عن فرض ان تعيش مصر وسط «طوق نار» تحاصرها أزمات الدول المجاورة فى كل اتجاه.. لكن فى هذه الأيام تصاعدت وتيرة المؤامرات، وخرجت الأفاعى من جحورها بعد أن حركها بعض الأسياد لتطلق فحيح الأذى وتطلق العنان للأكاذيب والرؤى المسمومة توهماً بأنهم سوف ينجحون فى استغلال وتوظيف أزمة عالمية لاشاعة التشكيك والتشويه والأكاذيب لخفض روح المصريين والنيل من إراداتهم وهز الثقة فى إنجازاتهم ونجاحاتهم.

لذلك تخرج علينا الأفاعى السمان التى تعانى من تخمة المال الحرام لتضرب بلا رحمة وتناست ان المصريين اعتادوا على ترويض الأفاعى وقطع رقابها، فقد خرج علينا المرتزقة والطابور الخامس بأكاذيب وادعاءات وما أن اكتشف أمرهم وجرى تعريتهم، حاولوا المراوغة وتجميل «أحاديث الإفك» بكلام لا يقال عنه سوى أنه تغيير لجلد الأفعى.. لكنهم سقطوا مرة أخرى وفضحتهم كلماتهم، وكشفوا عن سوء النوايا والعمالة.

ما بين باحث (معتوه) توهم انه يتحدث باسم المصريين، وحصل عن كذب على تفويضهم ليطل علينا برأس الشيطان، يقول مطالباً بعودة ومشاركة الإخوان المجرمين، وممارسة العمل الدعوى، لا أدرى هل هذا جهل مطبق أم ارتزاق رخيص؟ فإذا جارينا هذا المعتوه.. إلى ماذا سيدعو الإخوان الذين مارسوا كل أنواع العنف والإرهاب والتطرف والتشدد وأشد أنواع العمالة والخيانة والمتاجرة بالدين فهل بعد الخيانة ذنب؟ وكيف يتحدث هذا الجاهل أفلا يدرى أن الحماقة أعيت من يداويها، الارتزاق مرض خطير، أهم أعراضه العمالة والخيانة وبيع الشرف، والوطن بالنسبة لهؤلاء سلعة تباع وتشترى، فالنعيق الذى يتعالى الآن مفهوم ومفضوح أمره، و«الخلايا النائمة» تظهر الآن بعد أن توارت بعد ثورة 30 يونيه 2013 تحاول أن تقفز وتبث سمومها من جديد لكنها لا تملك إرادتها.. فقط صدرت لها أوامر وتعليمات من يغدقون عليهم المال الغزير.. لذلك هم مجرد (جيف) يلعنهم الناس فى الجحور والقبور.

Dr.Radwa
Egypt Air