اللغة العربية هي إحدى اللغات السامية، وأكثرها تحدثًا، يتحدث بها نحو 467 مليون نسمة، وتعتبر واحدة من ضمن اللغات الأكثر تحدثًا بها في العالم، وهي اللغة والوسيلة الوحيدة التي سجل بها العرب علومهم ودونوا بها آدابهم وكتبوا تاريخهم، فمنذ أكثر من أربعة عشر قرنًا وهي تحمل القرآن الكريم وما فيه من معان وأفكار وقيم. تدرجت الأمم المتحدة ومنظمة اليونسكو في الاهتمام باللغة العربية منذ عام 1954، وبلغت ذروتها بعد حرب أكتوبر المجيدة عام 1973، وأصبحت العربية إحدى اللغات الست المعترف بها في أروقة الأمم المتحدة.
ولا شك أن هناك العديد من التحديات التي تواجه اللغة العربية في مختلف المجالات، في التعليم، ووسائل الإعلام والاتصال، والبحث والتأليف...، وغيرها. وتشترك معظم الدول العربية في مواجهة هذه التحديات. وإن كان التعريب وسيلة للتغلب على بعض المشكلات التي تواجه اللغة العربية سواء في التعليم، أو في المصطلح العلمي والحقل الأكاديمي عامة، أو في لغة العصر السائدة، فإن المعوقات التي تعترض محاولات التعريب في أغلب الدول العربية متشابهة إلى حد بعيد، ومنها عدم التنسيق والتطبيق الواضح للتعريب، وتجاوز وسائل الإعلام المرئية والمسموعة في استخدام الكلمات المعربة في الوقت الذي تدعو فيه سياسة الإعلام إلى وجوب المحافظة على سلامة اللغة العربية في وسائل الإعلام المختلفة.
من أجل الحفاظ على اللغة العربية والنهوض بها، هناك الكثير من الاجتهادات التي تبذل على عدة أصعدة منها التعريب، حيث يؤمن المتخصصون والمهتمون بأن العلوم لا تزدهر إلا في وعاء من لغتها الأم. وأدركت الدول العربية أهمية التعريب في التعليم، فبدأت منذ استقلالها بتعريب الإدارة والتعليم العام، كما أن الغاية من إنشاء المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) وبحسب المادة الأولى من دستورها، هي "التمكين للوحدة الفكرية بين أجزاء الوطن العربي عن طريق التربية والثقافة والعلوم، ورفع المستوى الثقافي في هذا الوطن حتى يقوم بواجبه في متابعة الحضارة العالمية والمشاركة الإيجابية فيها".
وأكدت دساتير الدول العربية في بنودها الأولى أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للدولة، مما يعكس مدى تمسك العرب بهويتهم التي توحدهم وتشكل شخصية أمتهم. ومن البديهي أن ننظر إلى اللغة على انها جزء من الهوية الثقافية وطريق للتفوق والتميز على اعتبار انها المنجز الحضارى لوجودنا، لذلك أعلنت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) منذ فترة عن اعتزامها القيام بجهد واسع في مجال الترجمة والتعريب، كما قامت بوضع الخطط والاستراتيجيات التي تساعد على الحفاظ على اللغة العربية مثل الخطة الشاملة للثقافة العربية، واستراتيجيات تطوير التربية العربية، وتطوير العلوم والتكنولوجيا، والتوثيق والمعلومات، وتطوير التعليم العالي، والتقانة الحيوية، ومحو الأمية، ونشر الثقافة العلمية والتكنولوجية، والتنوع البيولوجي، والتعليم عن بعد، وتطوير التعليم في الوطن العربي الذي تم مناقشته بشكل موسع بمشاركة جامعة الدول العربية.
لذلك فقد عملت الأجهزة التي تتبع المنظمة مثل: معهد البحوث والدراسات العربية ومعهد المخطوطات العربية في القاهرة، ومعهد الخرطوم الدولي للغة العربية، والمركز العربي للتعريب والترجمة والتأليف والنشر بدمشق، ومكتب تنسيق التعريب بالرباط؛ من أجل النهوض باللغة العربية، وتضطلع إدارات الترجمة في وزارات الإعلام والثقافة والتعليم بالدول العربية بمسئولية ترجمة الأعمال الحديثة والمعاصرة التي تساعد على ربط المثقف العربي بالثقافات العالمية. هذا الحرص على إعادة اللغة العربية إلى سابق عهدها؛ لا يعني إهمال تعلم اللغات الأخرى وإتقانها، كرافد من روافد العلم المعاصر. لكن مهما تكن درجة إتقان اللغات الأخرى؛ لن تكون بديلاً عن اللغة الأم التي تعكس أصالة الإنسان.