أكد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية أهمية الوثيقة باعتبارها الذاكرة الحية للأجيال العربية المقبلة، مشيرا إلى أن الأرشيف يحتل مكانةً مهمة في حياة الأمم والشعوب العربية لأنه جزءٌ من الموروث الثقافي العربي، وأحد مقومات الهوية الوطنية للدول والمرجع الرسمي والموثوق لتاريخها وحضاراتها باعتباره المستودع الرئيسي للبحث في التاريخ.
جاء ذلك في كلمة لأبو الغيط ألقتها اليوم نيابة عنه السفيرة هيفاء أبو غزالة الأمين العام المساعد للجامعة العربية، رئيس قطاع الشئون الاجتماعية، في الجلسة الافتتاحية ليوم الوثيقة العربية الذي تنظمه الجامعة العربية تحت رعاية الأمين العام للجامعة، بالتنسيق مع الفرع الإقليمي العربي للمجلس الدولي للأرشيف (عربيكا).
وقال إن الأرشيف الذي يُعرف بأنه مجموع الوثائق والمخطوطات والبرديات والصور، يحتل مكانةً مهمة في حياة الأمم والشعوب العربية فهو جزءٌ من الموروث الثقافي العربي، وأحد مقومات الهوية الوطنية للدول والمرجع الرسمي والموثوق لتاريخها وحضاراتها باعتباره المستودع الرئيسي للبحث في التاريخ.
وأضاف إن احتفالنا بيوم الوثيقة العربية هذا العام يأتي تحت عنوان "الأرشيفات العربية: جسر للتواصل بين الشعوب" ليؤكد على الدور المحوري للأرشيف في بناء جسور التواصل والتعاون بين الشعوب على مر العصور.
وقال إن هناك العديد من الشواهد الجلية على ذلك، فقد مثَّل حجر رشيد الذي احتفلت مصر والعالم الشهر الماضي بمرور 200 عام على فك رموزه بلغاته الثلاث، نقطةَ تحولٍ تاريخية أدت الى نشأة علم المصريات وفتحت الباب على مصراعيه أمام شعوب العالم لدراسته والتعرف على أسرار الحضارة المصرية القديمة.
ووجه التهنئة إلى وزارة الثقافة المصرية وكل المؤسسات المعنية في جمهورية مصر العربية على النجاح الباهر الذي حظيت به كافة الاحتفالات والمعارض الوثائقية والثقافية والأثرية التي تم تنظيمها في هذه المناسبة التاريخية المهمة.
وأشار إلى أن المعاهدة الثقافية التي كانت أول وثيقة جماعية يبرمها العرب عَقِب انشاء جامعتِهم، تعتبر، من أهم الوثائق العربية التي أسهمت آلياتها في توثيق الصلات الثقافية وبناء الجسور بين الدول العربية في مختلف مجالات الترجمة والتعليم وتبادل الطلاب وإنشاء المتاحف ومراكز الثقافة واحياء التراث الفكري، إضافة الى الحفاظ على تراث الأمة العربية ونشره وتيسيره للطالبين بمختلف الوسائل.
وشدد على أن الوثائق الفلسطينية التي يزخر بها الأرشيف الوطني وتؤكد هوية القدس والمسجد الأقصى المبارك وتدحض المزاعم الإسرائيلية، هي أبلغُ شاهدٍ على أهمية الأرشيف الوثائقي في اثبات الحقوق التاريخية للشعوب والأجيال المقبلة وتجسد جسراً للتواصل فيما بينها.
وأشاد بالدور المهم الذي يقوم به الأرشيف الوطني الفلسطيني والمسئولية الوطنية الجسيمة التي تقع على عاتقه للحفاظ على الوثيقة التاريخية الفلسطينية التي تمثل جزءاً من الكيان القومي للشعب الفلسطيني وتاريخه اليومي على أرضه وتراثه، مؤكدا أن الحفاظ على الهوية الفلسطينية ووثائقها هو تعزيزٌ للحفاظ على الهوية العربية من محاولات تشويهها وطمس ملامحها وتزوير الحقائق التاريخية.
وقال إن الأرشيف يعتبر جزءاً لا يتجزأ من ذاكرة الأمة العربية والمحافظة عليه واجبٌ مقدس ومسئولية قومية تقع على عاتق الدول العربية، خاصة في ضوء التحديات الجسام التي تواجه منطقتنا العربية.
وأضاف أنه ايماناً من جامعة الدول العربية بأن العمل الجماعي من المقومات الأساسية لبقاء الشعوب واستمرارها، وبضرورة تضافر الجهود للاستمرار في حماية ذاكرة الشعوب والتراث الإنساني المهدد جراء عمليات التدمير والنهب والسرقة التي تمارسها التنظيمات الإرهابية المتطرفة، قامت الجامعة بتقديم الدعم السياسي والمعنوي اللازم لهذه القضية المهمة حيث أقر مجلس الجامعة الوزاري في عام 2016 الاستراتيجية العربية الموحدة لاستعادة الأرشيفات العربية المنهوبة والمسلوبة لدى الدول الأجنبية والاستعمارية.
وفى هذا السياق، ناشد الفرع الإقليمي العربي للمجلس الدولي للأرشيف والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم أعضاء اللجنة المعنية بتنفيذ هذه الاستراتيجية لبذل المزيد من الجهود لاستعادة الأرشيفات المنهوبة والمسلوبة والمُرحلة -أصولها أو مصوراتها- وتوفير الحماية اللازمة لهذه الأرشيفات من التدهور والاهمال والاندثار والتهريب، ووضع الأطر القانونية لمنع سوء التصرف بها، والاستفادة من التجارب العربية الناجحة في هذا المضمار، والتعريف بهذه القضية المهمة على المستويين الإقليمي والدولي.
وأعرب عن سعادته لأن احتفال اليوم يشهد تكريم المؤسسات والشخصيات العربية التي حققت انجازات واسهامات ملموسة في مجال الحفاظ على الوثيقة العربية وعلى تراثنا الوثائقي العربي، منوها بجهود رائدٍ من رواد علم الوثائق في الوطن العربي، القاضي الجليل الدكتور على أحمد أبو الرجال رئيس المركز الوطني للوثائق بالجمهورية اليمنية والذى وافته المنية منذ أشهرٍ قليلة، وقال "تتشرف جامعة الدول العربية بتكريمه في هذا الاحتفال على جهوده العلمية الثرية واسهاماته البارزة فى جمع وحفظ الوثائق اليمنية، فاستحق عن جدارة بأن يُلقب بذاكرة اليمن الوثائقية".
وأشار إلى أن الاحتفال يشهد التوقيع على مذكرتي تفاهم بين الأمانة العامة لجامعة الدول العربية وكل من الجامعة الأردنية، ومركز عمَّان للخليج والدراسات الاستراتيجية بالمملكة الأردنية الهاشمية.
ووجه التهنئة إلى الفرع الإقليمي العربي للمجلس الدولي للأرشيف بمناسبة انتخاب السيد الدكتور فيصل بن عبد العزيز التميمي رئيساً له، آملين في استمرار الفرع الإقليمي بالتعاون مع جامعة الدول العربية في بذل الجهود اللازمة للحفاظ على التراث الأرشيفي للمنطقة العربية وصيانته، وحماية الأصول العربية التاريخية. كما أشاد بالجهود المبذولة والمُقدرة لإنجاز هذا الاحتفال، وبالمعرض الوثائقي الذي جسد ببراعة عنوان الاحتفال، وأشكر دور الأرشيف الوطنية العربية على تزويدنا بهذه الوثائق المهمة.
كما توجه بالتهنئة إلى السفير رياض العكبرى المندوب الدائم للجمهورية اليمنية على إنجاز المجموعة الوثائقية بعنوان: " اليمن وجامعة الدول العربية: ثمانية عقود ثرية من العمل العربي المشترك"؛ وذلك في اطار السلسلة الوثائقية لمشروع توثيق ذاكرة جامعة الدول العربية، كما شكر الدكتور إسماعيل عبد الغفار رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري على دعمه المُقدر لإصدار هذه المجموعة الوثائقية المهمة.
ومن جانبها، أكدت وزيرة الثقافة الدكتورة نيفين الكيلاني في كلمة ألقاها نيابة عنها الدكتور هشام عزمي الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة على ما تلعبه الأرشيفات من دور مهم في حفظ التاريخ والتراث العربي.
ولفتت إلى أن مؤسسات الأرشيف هي مؤسسات الذاكرة العربية والمستودع والحافظ الرئيسي للتراث والتاريخ، مشيرة إلى تعرضها في بعض الدول العربية لخطر داهم.
وقالت "لقد شهدت الدول العربية مؤخراً هجمة شرسة على الوثائق من بعض الجماعات المتطرفة دون وازع من ضمير أو دين".
ودعت إلى التنبه لما تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي من تزوير تراث القدس وتاريخها، داعية إلى حشد جهود كل المخلصين للتصدي لهذه الممارسات للحفاظ على الوثائق الفلسطينية ومنع تزويرها في فلسطين والقدس المحتلة وهي الممارسات التي تصل في بعض الأحيان إلى إتلافها، مؤكدة ضرورة جمع كافة الوثائق الفلسطينية والتعريف بها ونشرها إلكترونياً.
وأكدت أهمية الوثيقة في حماية الحقوق العربية وحفظها، مشيرة إلى أنه يتوافر لدى البلدان العربية عدداً كبيراً من الأرشيفات التي تحتوي على عدد ضخم من الوثائق وكذلك المنظمات العربية المتخصصة، معربة عن ثقة في الجهود الرامية للحفاظ على هذه الوثائق.
وأضافت أنه في كل الدول العربية هناك نفائس في الأرشيفات المتخصصة، مثل مؤسسات الإذاعة والتليفزيون والمؤسسات الصحفية، وهي أرشيفات إضافة لضرورة الحفاظ عليها باعتبارها جزءاً من التراث فإن الاستفادة منها تحقق عائداً مالياً ضخماً.
وأكدت على أهمية التوعية بأهمية الوثيقة باعتبارها المصدر الرئيس لكتابة التاريخ، مشيرة إلى أن الثورة الرقمية الهائلة تؤكد الحاجة لتوسيع جهود النهوض بالبنية الأساسية المعلوماتية.
وشددت على أهمية تطوير وتعزيز الجهود العربية لاستخدام الإنترنت والبرمجيات وإنتاج محتوى عربي يجعل من الدول العربية شريكاً فعالاً في المحتوي على الإنترنت وهو ما يسهم في صنع ثقافة عربية حديثة.
ومن جانبه، أكد الدكتور فيصل التميمي رئيس الفرع الإقليمي العربي للمجلس العالمي للأرشيف على الدور الهام والمحوري الذي تتطلع به الأرشيفات في حفظ ذاكرة الأمم والشعوب، وضرورة إعادة النظر في التشريعات المنظمة للعمل الأرشيفي في الدول العربية، وتطوير قدرات العاملين في مجال الأرشيف بالدول العربية.
وأشار إلى أن العمل العربي المشترك، بين الدول العربية في مجال الأرشيف، يحتل أهمية كبرى فيما يتعلق باستعادة الأرشيفات المنهوبة لدى الدول الأجنبية والاستعمارية.
وقال إن الفرع الإقليمي العربي للمجلس الدولي للأرشيف يعمل بالتنسيق مع الجامعة العربية على إقامة ندوة في القاهرة في مارس القادم باستضافة من دار الكتب حول استعادة الأرشيفات العربية، من خلال جهود الباحثين العرب في هذا المجال.
وأعلن عن إنطلاق الموقع الإلكتروني للفرع الإقليمي العربي للمجلس العالمي للأرشيف، وكذلك إعادة إصدار المجلة العلمية للفرع، لتكون منفذاً للنشر العلمي في الدول العربية في مجال الأرشفة.
ومن جانبه، أكد محمد ولد أعمر المدير العام للمنظمة العربية للتنمية والثقافة والعلوم في كلمة ألقاها نيابة عنه مراد الريفي مدير معهد المخطوطات العربية أهمية استعادة الأرشيفات العربية المنهوبة، مشددا على أهمية إتاحة الوثائق للباحثين باعتبار أن الأرشيف رصيداً ثقافياً لكل بلد.