أعلن المدير الإقليمي لشرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية الدكتور أحمد المنظري، أن هناك خطة لإجراء حملات للتطعيم الفموي"عن طريق الفم" ضد الكوليرا في كل من لبنان وسوريا خلال الأسابيع القادمة، في حين نفذت باكستان مؤخرًا حملات قبل الفيضانات الأخيرة وبعدها إلا أنه قال أنه بالرغم من أن اللقاحات أداة بالغة الأهمية، فهي ليست التدخل الأساسي لمكافحة الكوليرا.
وأضاف المنظري أن الارتفاع المفاجئ في فاشيات الكوليرا في إقليم شرق المتوسط وحول العالم أدى إلى نقص حاد في لقاحات الكوليرا. ونتيجة لذلك، علَّق فريقُ التنسيق الدولي المعني بتوفير اللقاحات، الذي يدير المخزون العالمي من لقاحات الكوليرا، العملَ مؤقتًا بالنظام المعياري للتطعيم بجرعتين في حملات مواجهة فاشيات الكوليرا، واعتمد بدلاً منه نهجَ الجرعة الواحدة منوها إلى أن استخدام استراتيجية الجرعة الواحدة سيسمح بتطعيم عددٍ أكبرَ من الناس وتوفير الحماية لهم على المدى القريب.
وشدد المنظري خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده المكتب الإقليمي لشرق المتوسط اليوم /الأربعاء/ على أن السبيل الأساسي للوقاية من الكوليرا هو توفير المياه المأمونة وخدمات الصرف الصحي، لأنه لا يُعقل أن تحدث فاشيات الكوليرا في إقليم شرق المتوسط في القرن الحادي والعشرين، ومن غير المقبول أن يموت الناس بسببها، وينبغي أن تتوفر المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي المناسبة للجميع، لأنها حق أساسي لكل إنسان.
وقال المنظري إن معظم البلدان المتضررة من تفشي الكوليرا في الإقليم من الدول التي تعاني من ضعف البنية الأساسية للمياه والصرف الصحي، مع عدم وجود استثمارات ذات قيمة في تلك البنية الأساسية في السنوات الأخيرة، مرجعا انتشار الكوليرا إلى ندرةُ المياه، وهي أيضًا نتيجة للجفاف.
وأوضح أنه يجب أن تركز هذه الجهود على زيادة توفير المياه النظيفة ومرافق الصرف الصحي المناسبة، وتعزيز عادات النظافة الشخصية السليمة، والتوعية المكثفة، والاستعانة بالمجتمعات المحلية، وتعزيز الترصد من خلال الإنذار المبكر لاكتشاف الحالات بسرعة ومواجهة الوضع بفعالية.
وأضاف أن الظروف التي يمر بها الإقليم، ومنها عدة طوارئ إنسانية وصحية معقدة وصراعات مستمرة منذ وقت طويل وضعف البنية الأساسية للمياه والصرف الصحي وتدهور الأوضاع الاقتصادية، يمكن أن تساهم في انتشار الكوليرا بشكل سريع كما أن تغير المناخ الذي يتضح في الظروف المناخية الشديدة، مثل الفيضانات والجفاف والأعاصير، التي ضربت عدة بلدان وحالات الجفاف التي يزداد انتشارها في جميع أنحاء الإقليم تحد من توفر المياه النظيفة وتهيئ بيئة مثالية لانتشار الكوليرا.
ووصف علاج الكوليرا بأنه سهل عن طريق تعويض السوائل عن طريق الفم، مؤكدا أن معظم المرضى لا يحتاجون إلى دخول المستشفى، ولا يحتاج إلى المضادات الحيوية إلا الحالات الشديدة، وهناك حاجة ماسة إلى جهود عاجلة تشترك فيها جميع الجهات المعنية، مع التنسيق الجيد فيما بينها، للسيطرة سريعًا على الفاشيات والوقاية من زيادة انتشار الحالات والوفيات داخل البلدان المتضررة وفي البلدان المجاورة،وهناك أيضًا التدبير العلاجي السريري العالي الجودة للمرضى، الذي لا غنى عنه للحد من الوفيات؛ فالكوليرا مرض يمكن الوقاية منه وعلاجه تمامًا.
وفي إطار تعاون منظمة الصحة العالمية لمكافحة الكوليرا، أشار إلى أنه في لبنان، تم دعم وزارة الصحة العامة لتوفير 600 ألف جرعة من لقاحات الكوليرا للفئات الأكثر عرضة للخطر، ومنهم العاملون في الخطوط الأمامية والسجناء واللاجئون والمجتمعات المستضيفة لهم. كما قدمت المنظمة الكواشف المختبرية ومجموعات العلاج واختبارات التشخيص السريعة إلى مختبرين مرجعيين وثلاثة سجون و12 مستشفًى مخصصًا لعلاج الكوليرا، وأرسلت فريقًا من كوادر التمريض والأطباء لتلبية الاحتياجات المفاجئة في المستشفيات في المناطق الأكثر تضررًا.
وأضاف أنه في سوريا، تتعاون المنظمة مع وزارة الصحة لتنفيذ نهج متعدد القطاعات لمكافحة الفاشية يتضمن تعزيز قدرات الترصد والاختبار، وتدريب العاملين في مجال الرعاية الصحية، وزيادة الوعي بين السكان، ومواصلة رصد جودة المياه في المناطق الأكثر عرضة للخطر. وقدمت المنظمة مستلزمات ومجموعات الكوليرا لعلاج أكثر من ألفي حالة خطيرة و190 ألف حالة خفيفة، ووزَّعت أكثر من 5 ملايين من أقراص الكلور في المناطق الأكثر عرضة للخطر. وقد ساعدت المنظمة وزارة الصحة لتقديم طلب للحصول على 2 مليون جرعة من لقاح الكوليرا لتوزيعها على جميع السكان الذين تزيد أعمارهم على عام واحد في المناطق ذات الأولوية في 4 محافظات (الحسكة، ودير الزور، والرقة، وحلب) باستثناء منطقة جبل سمعان في حلب.
وأشار إلى انه في باكستان، انتهت المنظمة من حملة تطعيم ضد الكوليرا استمرت خمسة أيام في إقليم خيبر بختونخوا، بالتعاون الوثيق مع السلطات الصحية. وقدمت الدعم التقني لتحديد الأماكن التي يشتد بها تفشي المرض، والتخطيط على المستوى المحلي، والتدريب، والرصد، والتحليل، وإعداد التقارير، كما نشرت خبراء في مجال الترصد والتمنيع ومتخصصين في حالات الطوارئ على المستوى الوطني ومستوى المقاطعات لتحليل الوضع ومواجهته فورًا.
وأوضح أنه في الصومال، وبدعم من منظمة الصحة العالمية، تلقى 888,092 شخصًا، ابتداء من عمر سنة واحدة، الجرعة الثانية من لقاح الكوليرا الفموي في مقابل 897,086 شخصًا تلقوا الجرعة الأولى، وبلغت التغطية الإجمالية للتطعيم 888,092 (99% مقارنة بالجولة الأولى)، كما تقدم المنظمة الدعم إلى الفرق الصحية الموجودة في الولايات لإجراء اختبارات جودة المياه وتحليلها في كيسمايو بولاية جوبالاند ضمن جهود مكافحة الإسهال المائي الحاد/ الكوليرا.
وأشار إلى أنه في العراق، زار فريق من المنظمة مؤخرًا مختبرات جودة المياه ومحطات المعالجة التابعة لوزارة الإعمار والإسكان والبلديات والأشغال العامة في بغداد وجمع البيانات لتقييم الوضع الوبائي للكوليرا في العراق.
وفي اليمن، ذكر أن المنظمة ما زالت تدعم السلطات الصحية في إنشاء 28 مركزًا لعمليات الطوارئ، وذلك في إطار جهود المواجهة الطويلة الأمد منذ انتشار الكوليرا في جميع أنحاء البلاد في عام 2017. كما دعمت المنظمة دمج زوايا تعويض السوائل عن طريق الفم ومراكز علاج الإسهال في المرافق الصحية القائمة، مع تدريب 1344 عاملاً صحيًا على التدبير العلاجي للحالات، وضمان دعم الحوافز للعاملين الصحيين عن مراكز علاج الإسهال وزوايا تعويض السوائل عن طريق الفم.
وفي أفغانستان، أضاف أن المنظمة تتعاون مع وزارة الصحة لمواجهة حالات الإسهال المائي الحاد، مع التحقق من توفر الإرشادات التقنية السليمة وتطبيق الترصد وأعمال تقصي الفاشية وتحديد الحالات وجمع العينات وإرسالها في 34 مقاطعة، كما وزعت المنظمة مجموعات مختبرية ومجموعات علاجية أخرى، تتضمن اختبارات التشخيص السريع، على جميع المناطق المتضررة بالفاشية حتى 15أكتوبر 2022.