الأحد 12 مايو 2024

السياق الفكري الإصلاحي.. وقدرة الدولة «11»

مقالات2-11-2022 | 22:25

السياق الفكري الإصلاحي.. وقدرة الدولة «11»

عبد الرازق توفيق

تحديات وأسباب كثيرة أدت إلى الأزمة العميقة التي عانت منها مصر خلال الـ ٥٠ عاماً الماضية.. فلم تقتصر على عدم القبول الشعبي للإجراءات الحاسمة والرؤي الإصلاحية والحلول الجذرية.. أو حتي غياب المساندة السياسية والفكرية والثقافية.. أو خشية صانع القرار من محاذير الاستقرار الهش للدولة بسبب ظروف الفقر والعوز التي عاشها أغلب المصريين.. ولكن هناك أسباباً أخري أبرزها عدم قدرة الدولة على بناء السياق الفكري الإصلاحي.. في ظل غياب الرؤية الشاملة عند صانع القرار - في ذلك الوقت - للإصلاح والتنمية وليس مجرد تعديل بعض أسعار السلع الأساسية.. وأيضاً عدم جاهزية وقدرة مؤسسات الدولة التي تستطيع تنفيذ هذا السياق الفكري للإصلاح حتي وان ثبتت سلامته.. لكن الأمر عند تجربة الرئيس عبدالفتاح السيسي في الإصلاح والبناء والتنمية جاء مختلفاً واستثنائياً.. فقد امتلك زمام الرؤية الشاملة والسياق الفكري للإصلاح الشامل وعمل على إصلاح المؤسسات ورفع قدراتها وكفاءتها.. لتستطيع مواكبة هذا السياق ووفر لتمرير المسار الإصلاحي حالة القبول الشعبي بما لديه من رصيد شعبي وافر.. مرتكزاً على الثقة والاطمئنان والمواقف المضيئة.. لذلك انطلقت أعظم تجارب الإصلاح والبناء في كل المجالات والقطاعات وفي كافة ربوع البلاد.

 أخطر ما واجه الإصلاح.. هو غياب رؤية الإصلاح.. والقدرة على بناء سياق فكري له.. وعدم قدرة مؤسسات الدولة على التنفيذ حتي وإن تأكدت من سلامته..

 وأعظم ما تميزت به تجربة الإصلاح والبناء في عهد السيسي هو امتلاك الرؤية للإصلاح والبناء بشكل شامل.. محدد الآليات والأهداف لكل المجالات والقطاعات.

 

السياق الفكري الإصلاحي.. وقدرة الدولة «11»

لم تكن الأزمة العميقة التي عانت منها مصر على مدار 50 عاماً بسبب عدم القبول الشعبي ورد فعل الجماهير غير المؤيد وغير الواعي بأهمية وحتمية الإجراءات الحاسمة والحلول الجذرية والرؤي الإصلاحية أو ما ترسخ في العقل الجمعي لصناع القرار وتقديرات الأجهزة الأمنية من كون الإقدام على مثل هذه القرارات يمس استقرار الدولة الهش أو غياب الأطر السياسية والفكرية والثقافية والإعلامية والدينية المساندة لهذه الإجراءات.. أو حالة الفقر والعوز التي عاشها المصريون على مدار سنوات طويلة.. فحسب ولكن كانت هناك عوامل أخري أدت إلى تجميد وتأخر الاتجاه إلى تنفيذ الرؤي الإصلاحية وتغيير الواقع إلى الأفضل.. هذه الأسباب الإضافية تمثلت في البندين التاسع والحادي عشر وذكرهما الرئيس عبدالفتاح السيسي في افتتاح المؤتمر الاقتصادي وهما أكثر ارتباطاً بمسئولية صانع القرار والحكومة بتأخر الإصلاح سواء غياب الوعي والفهم لدي النخبة المسئولة -خلال تلك الفترة - لتشخيص ما تعيشه البلاد.. وعدم الإدراك بمتطلبات العبور للفجوة التي تعاني منها مصر.

أيضاً فإن المعاناة والأزمة العميقة التي عانت منها مصر جاءت بسبب أن الدولة لم تستطع بناء سياق فكري إصلاحي للوضع أو الأزمة العميقة.. ولم تكن مؤسساتها قادرة على تنفيذ الإصلاح حتي لو تم طرحه والتأكد من سلامته.. والحقيقة أن صناع القرار على مدار 50 عاماً لم تكن لديهم الرؤية الحاضرة للإصلاح من خلال مشروع بناء حقيقي يخرج البلاد من النفق المظلم للأزمة وفي اعتقادي ان الإصلاح نفسه في الخمسة عقود الماضية اقتصر على مجرد زيادة بعض أسعار السلع الأساسية.. لكنه في ذات الوقت افتقد للرؤية والتصور الشامل للإصلاح والتغيير للأفضل وحل الأزمة العميقة.. أيضاً عدم قدرة الدولة على بناء سياق فكري إصلاحي للوضع بالشكل الشامل الذي من شأنه أن ينهي عقود التركيز على مجرد إرضاء المواطن وترسخ الاعتقاد بأن الرضا الشعبي يتمثل فيما يتحصل عليه المواطن على حساب بناء الدولة.. لكن كان جل اهتمام صانع القرار في ذلك الوقت - بعدما تحول قرار الإصلاح إلى كابوس يخشاه - الاكتفاء بتلبية المطالب الشعبية من غذاء ومسكن وانفاق موارد الدولة على نمط استهلاكي وبالتالي لم تكن هناك فوائض تنفق على عملية الإصلاح وبناء الدولة.

غياب السياق الفكري الإصلاحي للأزمة العميقة تجسد في غياب الرؤية أو مشروع البناء الشامل والمتكامل والحقيقي للبلاد وعدم النجاح في إقناع الشعب بتفاصيل ومكونات ومضمون الإصلاح وأهدافه وعوائده.. لكن المشكلة الحقيقية ليست فقط في غياب المساندة السياسية والفكرية والثقافية والإعلامية والدينية للمشروع الإصلاحي ولكن المشروع الإصلاحي المتكامل لم يكن حاضراً ولم تمسك القيادة أو صانع القرار بتلابيبه وتفاصيله ولم يكن هناك مشروع حقيقي يتم الاحتشاد حوله.

الأزمة الحقيقية أيضاً كما فسرها الرئيس السيسي وشرحها في البند الحادي عشر ليست فقط في عدم قدرة الدولة على بناء سياق فكري إصلاحي للأزمة العميقة ولكن أيضاً في عدم قدرة مؤسسات الدولة نفسها على تنفيذ السياق الفكري الإصلاحي إن وجد وتم طرحه والتأكد من سلامته وصوابه.. إذن نحن أمام أمرين الأول يتعلق بعدم قدرة الدولة على بناء سياق فكري إصلاحي بمعني غياب الرؤية الإصلاحية والمشروع المتكامل للبناء وأيضاً عدم جاهزية وقدرة مؤسسات الدولة على تنفيذ الإصلاح في حال وجوده.

الحقيقة أن أعظم ما يجسد عظمة المشروع الإصلاحي المتكامل للبناء والتنمية الذي تبناه الرئيس السيسي.. هو وضوح الرؤية والفكرة وتكامل المشروع الحقيقي للإصلاح والبناء والتنمية والتقدم والذي اعتمد بالفعل على وضوح التشخيص للأزمة العميقة التي تعاني منها الدولة وأسباب الأزمة وآليات الإصلاح في مشروع بناء حقيقي ومتكامل يرتكز على القبول الشعبي والالتفاف الوطني حوله حتي وان كان مراً في بدايته ويستلزم العمل المستمر والصبر والقدرة على التحمل والتضحية.

قلت في مقال سابق إن الرئيس عبدالفتاح السيسي كان واضحاً منذ بداية توليه أمانة المسئولية الوطنية في قيادة مصر لم يخف شيئاً عن شعبه.. بل حرص على مصارحة الشعب بالأوضاع والأزمات والتحديات التي تواجه مصر.. ولم يجمل الواقع أو يدغدغ المشاعر والعواطف.. ولم يقل إن كل شيء جميل.. ولم يبع الوهم للمصريين كان محدداً في طرح الآلام والمعاناة التي تعاني منها مصر.. ووصف ملامح الطريق للخروج من الأزمة العميقة المزمنة التي عانت منها مصر على مدار 50 عاماً وأكد انه بالتفاف وعمل وصبر المصريين فإن في نهاية النفق ضوء نور كبير.

وضوح السياق الفكري للإصلاح لدي الرئيس السيسي من خلال رؤية شاملة ومتكاملة للبناء والتنمية والإصلاح.. ومتطلبات وآليات نستطيع من خلالها القول إن مشروع بناء مصر الحديثة كان بين يدي الرئيس السيسي قبل وصوله إلى قيادة مصر لذلك بدأ منذ الوهلة الأولي بخطوات وعمل محدد لكنه بطبيعة الحال كان يدرك أن أمامه تحديات كثيرة أبرزها كالتالي:

أولاً: كثرة الأزمات والتحديات وتشابكها وتداخلها وتراكمها على مدار عقود شملت تقريباً جميع المجالات والقطاعات وان هناك أوضاعاً تمثل خطورة على حاضر ومستقبل الوطن.. ومعاناة شعبية شديدة الوطأة.

ثانياً: أن هذا العمل الإصلاحي ومتطلبات البناء يحتاج موارد وميزانيات ضخمة وفي ظل محدودية القدرات والموارد خاصة بعد أوضاع كارثية خلفتها أحداث يناير 2011 حتي ثورة 30 يونيو العظيمة في 2013 وهذه الفترة فقدت فيها مصر 477 مليار دولار.. واستنزفت مواردها وزادت الأعباء على ميزانيتها.. وهو ما كان يشكل عائقاً مهماً أمام أي نوايا للإصلاح.. ويتطلب أفكاراً خلاقة ومن خارج الصندوق لتدبير موارد وقدرات للإنفاق على الإصلاح والبناء والتنمية ومشروع بناء وتقدم الدولة وإنهاء عقود الأزمة العميقة.

ثالثاً: كيفية إقناع الشعب بأهمية الإصلاح واتخاذ الإجراءات والحلول الجذرية في ظل ما ترسخ خلال الـ50 عاماً الماضية من مخاوف ومحاذير وعدم الاقتراب من الإجراءات الحاسمة والحلول الجذرية خوفاً من رد فعل الشعب وتطبيق مبدأ يتعلق باختزال الرضا الشعبي فيما يتحصل عليه المواطنون بمعني أن تضع في جيوبهم فقط.. على حساب أي مشروع للبناء وهو ما أدي إلى تراكم الأزمات والمعاناة والمشاكل وتراجع الأوضاع وانهيار الخدمات وتداخل وتشابك الأزمات.

رابعاً: أن أي قرار إصلاحي أو مشروع لبناء الدولة يتطلب وعياً وفهماً شعبياً لأهمية وحتمية الإصلاح.. وهو ما استوجب وجود الدعم السياسي والفكري والثقافي والإعلامي والمجتمعي والديني لقبول وتقبل فكرة الإصلاح.

إذا وضعت هذه التحديات المترسخة على مدار 50 عاماً أمام صانع قرار فإنه بطبيعة الحال سوف يفكر ألف مرة قبل الإقدام على تمرير مسار الإصلاح والبناء حتي وإن كان السياق الفكري الإصلاحي للوضع موجوداً.. وحتي لو كانت مؤسسات الدولة قادرة على تنفيذه لكن ولأن الرئيس السيسي قائد استثنائي نجح في أن يمتلك كل مقومات تمرير مسار الإصلاح والبناء من خلال وضوح الرؤية.. وامتلاك الرصيد الشعبي غير المحدود وساهم شخصياً في صناعة الوعي والالتفاف حول مشروع الإصلاح لذلك قرر المضي بشرف وإخلاص ووطنية وحرص على مصلحة البلاد والعباد في مسار الإصلاح في نوفمبر 2016 ونجح بما يفوق كل التوقعات.

أي مشروع للبناء والإصلاح يحتاج إلى سياق فكري واضح.. وأيضاً إلى مؤسسات دولة قادرة على تنفيذه وهو ما أدي إلى تبني الرئيس السيسي لمشروع إصلاح الجهاز الإداري وفق إجراءات عصرية تحدثنا عنها في مقال سابق، من هنا فإن وضوح السياق الفكري الإصلاحي للأزمة العميقة، وخلق القدرة المؤسسية على تنفيذه يعد من أهم ركائز النجاح لرؤية ومشروع الرئيس السيسي الإصلاحي وبناء الدولة الحديثة وتحقيق نجاحات وإنجازات غير مسبوقة، وهو الأمر الذي جعل التجربة المصرية في البناء محل احترام العالم، وأيضا أثارت جنون أعداء مصر الذين يريدونها دائما تعاني من الأزمات وتفتقد لأي رؤي حقيقية للبناء، لكن نجح الرئيس السيسي في إيجاد الرؤية المتكاملة والواقعية للإصلاح لبناء القوة والقدرة الشاملة والمؤثرة للدولة، خاصة أن رؤية الرئيس شملت البناء والإصلاح في كل المجالات والقطاعات في توقيت واحد ومتزامن وفي مختلف ربوع البلاد.. حديث الرئيس في البند الحادي عشر تناول مجموعة من التحديات التي واجهت مسيرة البناء، وتم التغلب عليها بأفكار خلاقة كالآتي:

واجهت الدولة المصرية تحدياً كبيراً للمضي في مسار الإصلاح والبناء، وهو قلة ومحدودية الحوار والقدرات للاتفاق على البناء والتنمية خاصة في ظل كثرة المطلوب من بناء وقلة المتاح إلا أن الأفكار الخلاقة لتعظيم وتنمية موارد الدولة كانت هي البطل في تجاوز وعبور هذا التحدي فعلي سبيل المثال، كيف تبني الدولة 40 مدينة جديدة بأعلى المعايير والمواصفات العالمية وهي من المدن الذكية مثل العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين ولم تنفق عليها مليماً واحداً من ميزانية الدولة المحدودة في الأصل، وتضيف رصيداً هائلاً لأصول تقدر بـ10 تريليونات جنيه وتحل مشاكل مزمنة ومعقدة سواء في زيادة سكانية متصاعدة، أو فتح آفاق جديدة للعمل والاستثمارات، وخلق مجتمعات عمرانية جديدة وتخفيف الضغط عن المدن والعواصم القديمة مع تطويرها في نفس توقيت بناء المدن الجديدة.

لأول مرة نجح الرئيس السيسي في إيجاد التوازن بين احتياجات المواطنين، ومتطلبات بناء الدولة وبما لا يحدث خللاً في نفس الوقت الذي عجز فيه الرؤساء السابقون على حل هذه المعادلة الصعبة فقد دأبوا على الإفراط في إرضاء المواطنين على حساب بناء الدولة وهو ما أدي إلى تراكم وتعقد وتشابك الأزمات وترسيخ الأزمة العميقة التي عانت منها مصر وأيضا ترسيخ مبدأ وفكرة أن الرضا الشعبي يتمثل فيما يتحصل عليه المواطن، وكأنه من المفروض أن تضع الدولة الناتج المحلي في جيوب المواطنين دون النظر إلى الحاجة إلى بناء الدولة وتطوير قدراتها ومواردها.

الرئيس السيسي نجح في تطوير وزيادة مصادر موارد ودخل الدولة، سواء من خلال تطوير قناة السويس، واستغلال موقعها الفريد، وإنشاء المنطقة الاقتصادية للقناة، واكتشاف وإنتاج الغاز من شرق المتوسط حقل ظهر بأسرع ما يمكن ليوفر موارد إضافية لمصر ويوفر أيضا ميزانيات ضخمة كانت تنفقها الدولة على استيراد الغاز، وأيضا النهوض بالزراعة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الكثير من المحاصيل الزراعية بفضل التوسع الزراعي والتصدير بما يتوقع أن يتضاعف حجم وقيمة الصادرات الزراعية، بالإضافة إلى استغلال أمثل للثروات التعدينية في مصر مثل الرمال السوداء والرخام والجرانيت الذي كان يباع فقط كمواد خام بأزهد الأسعار، ثم إنهاء منظومة الروتين والبيروقراطية والفساد التي كانت تقف عائقاً أمام جذب الاستثمارات ثم إنشاء بنية تحتية عصرية وتطوير الموانئ المصرية لتمثل قيمة مضافة للدخل المصري.

الحقيقة إن الرئيس السيسي تحلي بالرؤية الثاقبة والشاملة والإرادة الصلبة، ونجح في إنهاء تحد خطير هو ملف العشوائيات والمناطق الخطرة والتي ورثتها من الماضي على مدار 50 عاماً، وأنفق عليها عشرات المليارات، وأسس 250 ألف وحدة سكنية كاملة التجهيز بالمفروشات والأثاث والأجهزة الكهربائية مجاناً لسكان المناطق العشوائية للانتقال إلى مناطق حضارية راقية تشكل نموذجاً فريداً لبناء الإنسان المصري.

الرئيس السيسي لا يدخر جهداً في تحسين الظروف الحياتية والمعيشية للمصريين، وإذا أتيحت الفرصة وتوفرت الميزانيات فإنه قادر على تخليص المصريين من الظواهر السلبية، أو على سبيل المثال بناء مليون وحدة سكنية بديلة للبناء غير المخطط، لكن تلك هي قدرات مصر وإمكانياتها والتي تتطور كثيراً ولكنها في حاجة إلى المزيد لتلبية احتياجات بناء الوطن أكثر وأكثر ومطالب المصريين.

التعليم أيضا شكل تحدياً عميقاً أمام رؤية البناء والإصلاح التي يقودها الرئيس السيسي، والحقيقة أن مستوي جودة التعليم ينعكس على العديد من المجالات المهمة مثل الجهاز الإداري للدولة، وسوق العمل، وخلق حلول جديدة ومبتكرة وخلاقة لتجاوز العديد من التحديات لكن الأزمة العنيفة التي تواجه مصر والتي تتمثل في الزيادة والنمو السكاني المنفلت يشكل ضغطاً على توفير أعلي معايير الجودة في التعليم وحل مشاكل كثافة الفصول التي وصلت إلى 120 تلميذاً في الفصل الواحد، وجودة التعليم تحتاج لانفاق 10 آلاف دولار سنوياً على التلميذ الواحد، وذلك يتطلب سنوياً 250 مليار دولار فعدد التلاميذ في مصر يصل إلى 25 مليون تلميذ والسؤال من أين لدولة عانت على مدار 50 عاماً من أزمة عميقة أن تنفق على التعليم في بند واحد وهو التلميذ 250 مليار دولار وبناء 60 ألف فصل دراسي سنوياً بميزانية 60 مليار جنيه هذا غير ميزانية مرتبات المعلمين والأطقم الإدارية المعاونة وتكاليف تشغيل المدارس.

> الدولة المصرية في عهد الرئيس السيسي كان ومازال لديها السياق الفكري الإصلاحي وقطعت شوطاً كبيراً فيه، وتعمل على النهوض بقدرات مؤسساتها وجهازها الإداري من أجل أن يواكب رؤية البناء والإصلاح التي يقودها الرئيس السيسي بوعي وحكمة ورؤية متكاملة، بمعني أن لدينا قائداً يدرك ماذا يفعل، ويمسك بمهارة بتلابيب هذه الرؤية، ويقود مصر إلى البناء والتقدم مع الأخذ في الاعتبار أن تداعيات أزمتين عالميتين في حجم جائحة كورونا، وتداعيات الحرب الروسية ــ الأوكرانية وما خلفته من أزمة اقتصادية عنيفة أهدر 3 سنوات مهمة وكان له على الموارد المصرية تأثير كبير.

 

ويكتب من الجزائر

«رسائل مصرية».. في القمة العربية

جاءت كلمة الرئيس عبدالفتاح السيسي أمس في القمة العربية الـ31 التي انعقدت في الجزائر لتجسد الثوابت المصرية الراسخة تجاه أمتها العربية.. ولتضع خارطة طريق لمجابهة التحديات والتهديدات الإقليمية والدولية وأيضاً آليات مجابهة تداعيات الأزمات الاقتصادية العالمية.. سواء في قضيتي الطاقة والغذاء.. أو الاستقطاب الدولي الذي بات مؤثراً على العرب سياسياً وأمنياً واقتصادياً وانهم قادرون بما لديهم من قواسم مشتركة ثقافياً وتاريخياً وتوجهات سياسية وقدرات.. وموارد هائلة لمجابهة هذه التحديات من خلال التأكيد على أهمية تأسيس منظومة تكامل لإدارة الموارد والقدرات العربية بشكل جماعي بما يتيح مجابهة التحديات في هذا الإطار وأيضاً تحدث الرئيس السيسي في كلمته عن آليات التعامل مع الأزمات العربية وكيفية وضع حلول لها شريطة توحيد الصف العربي.. وتفعيل إرادة الأمة واستدعاء الماضي الملهم.. من مواقف تاريخية تكاتفت فيها الإرادة العربية وترسخت خلالها الوحدة العربية فحققت انتصاراً مازال محفوراً في العقل الجمعي العربي.. ويشكل مرتكزاً مهماً لمجابهة تحديات الحاضر والمستقبل.

يقيناً كلمة الرئيس السيسي في القمة العربية وضعت أمام الجميع إطاراً محدداً ودقيقاً لكيفية مجابهة الأمة للتحديات الإقليمية والدولية ووضع الحلول للأزمات التي تواجه بعض دولها.. وأتوقف عند بعض الرسائل الكثيرة المهمة في كلمة الرئيس السيسي.

أولاً: إن الأمن القومي العربي كل لا يتجزأ وهو مثل الجسد الواحد.. إن ما قد يؤلم الأشقاء في المغرب العربي يمتد إلى مصر والمشرق العربي ودول الخليج وان عدم الاستقرار في دول المشرق أو فلسطين تمتد آثاره إلى دول المغرب العربي فالأخطار التي تواجه دول الأمة واحدة.

ثانياً: حدد الرئيس السيسي المخاطر التي تواجه الأمة العربية في:

تهديد مفهوم الدولة الوطنية.

تدخل قوي إقليمية ودولية في شئون المنطقة من خلال تغذية النزاعات وصولاً إلى الامتداد العسكري المباشر على بعض الدول العربية وهو ما أدي إلى إطالة أمد الأزمات دون حل في توقيت تتفاقم فيه التحديات الاقتصادية والتنموية والبيئية عالمياً وإقليمياً ويزيد فيه الاستقطاب الدولي والذي أصبح عنصراً ضاغطاً سياسياً واقتصادياً بما يؤثر على جميع دول العرب.

ثالثا: الشعوب العربية لديها تساؤلات مهمة في ظل استشعارها للتحديات والأخطار على حاضر ومستقبل الأمة وهي تساؤلات مشروعة حول الأسباب التي تعوق تحقيق التكامل العربي في مختلف المجالات والأسباب التي أدت إلى عدم لحاق الأمة رغم الموارد والإمكانات الهائلة بركب التقدم.. بل أصبح يتساءل عن غياب الرؤية والتصور والإجراءات المطلوب اتخاذها.. لوقف نزيف الدم العربي وردع التدخلات الأجنبية والحد من إهدار الثروات العربية في غير مقاصدها الصحيحة وبلورة مستويات نهائية للصراعات.

إن حجم التحديات والضغوط الراهنة الذي يفوق قدرة أي دولة على التصدي لها يفرض تبني مقاربة مشتركة وشاملة بهدف تعزيز القدرات العربية الجماعية لمواجهة مختلف الأزمات استناداً إلى أسس واضحة تقوم على تكريس مفهوم الوطن العربي الجامع.. والدولة الوطنية ودعم دور مؤسساتها الدستورية من ناحية بما يسهم في حفظ السلام الاجتماعي وترسيخ ركائز الحكم الرشيد والمواطنة وحقوق الإنسان ونبذ الطائفية والتعصب والقضاء على التنظيمات والميليشيات الإرهابية المسلحة وقطع الطريق أمام أية محاولات لدعمهم أو منحهم غطاءً سياسياً أو توظيفهم من قبل بعض القوي الإقليمية والدولية لإنشاء مناطق نفوذ لها في العالم العربي.

الحقيقة أن الرئيس السيسي شخص الواقع الذي تعيشه بعض الدول العربية ووضع الحلول للتحديات الموجودة وهي أسباب رئيسية للأزمات والمعاناة التي تعيشها هذه الدول.

رابعاً: ضمان قوة وحدة الصف العربي هي الخطوة الأساسية لتأسيس علاقات جوار إقليمي مستقيمة.. ترتكز على مبادئ غير قابلة للمساومة وملزمة للجميع.. وهي احترام استقلال وسيادة وعروبة دول العرب وتحقيق المنفعة المتبادلة وحسن الجوار وعدم التدخل في الشئون العربية.

خامساً: مصر تتطلع دائماً ولديها الرغبة الصادقة في تحقيق شراكة حقيقية بين الدول العربية ترتكز على تاريخ مشترك والتطلع نحو مستقبل أكثر ازدهاراً يتشكل من خلال اضطلاع كل دولة بمسئولياتها على النطاق الوطني في سياق أوسع من العمل الجماعي على تعزيز قدراتنا العربية سياسياً واقتصادياً وأمنيا.

تكامل القدرات المتباينة ينشئ منظومة صلبة قادرة على مواجهة التحديات المشتركة والأزمات الدولية المستجدة بما فيها أزمتا الغذاء والطاقة.. وتوفير الحماية لدول العرب جميعاً من الاستقطاب الدولي المتصاعد في الفترة الأخيرة والذي له تداعيات سلبية على كيفية التناول الدولي لأزمات المنطقة العربية مثلما حدث في الماضي خلال حقبة تاريخية عاني فيها العالم جميعا.

سادساً: إن الطريق إلى اللحاق بركب التقدم والتنمية يتطلب العمل على تسوية مختلف الأزمات العربية وعلي رأسها القضية الفلسطينية واسترجاع حقوق الشعب الفلسطيني من خلال العمل الجماعي لتسوية القضية واستعادة الحقوق المشروعة والتي ترتكز على إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 4 يونيو 1967 عاصمتها القدس الشرقية.

سابعاً: نحتاج للعمل العربي الجماعي لإنهاء وتسوية الأزمات العربية حتي الجديدة منها مثل ليبيا وسوريا واليمن والعراق والسودان وإلا سيظل أمن وسلم هذه الشعوب الشقيقة مهدداً ويمثل ثغرات في المنظومة العربية ومراكز لعدم الاستقرار.

ثامناً: الدعم العربي للجهود المصرية في تسوية الأزمة الليبية أمر مهم من أجل التوصل بأسرع وقت إلى تسوية سياسية بقيادة وطنية ليبية خالصة دون إملاءات خارجية وصولاً إلى إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن واحترام مؤسسات الدولة وصلاحياتها بمقتضي الاتفاقات المبرمة وخروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب في مدي زمني محدد وإعادة توحيد مؤسسات الدولة الليبية وحل الميليشيات بما يحول دون تجدد المواجهات العسكرية ويعيد للبلاد وحدتها وسيادتها واستقرارها.

تاسعاً: التأكيد على أن الأمن المائي العربي هو مكون مهم ورئيسي للأمن القومي العربي بالمفهوم الشامل.. ويؤثر على عدد من الدول العربية وينذر بعواقب وخيمة إذا تم تجاهلها لذلك التأكيد على أهمية الاستمرار في حث إثيوبيا على التحلي بالإرادة السياسية وحسن النوايا اللازمين للتوصل لاتفاق قانوني ملزم بشأن سد النهضة الإثيوبي.

عاشراً: أصبحت قضية التغير المناخي تمثل تحدياً كبيراً وأصبح واقعاً مفروضاً على العالم.

حادي عشر: تسوية الأزمات العربية والتعاطي مع التحديات الدولية تنطلق من وحدة الأهداف والمصير وتفعيل الأدوات والإمكانيات والتعاون في قضايا الأمن الجماعي فالعرب ليسوا أقل من كيانات أخري سبقتهم للوحدة والتكامل بعد أن عانت من التناحر والحروب ولكن العرب لديهم فرص تاريخية في ظل المشتركات في الثقافة والأديان والتاريخ والوجهة السياسية وهو ما يشكل قاعدة نجاح لتحقق التكامل والوحدة العربية لكن من المهم توحيد الرؤي وتجاوز الاختلافات ووجهات النظر.

ثاني عشر: رسالة الرئيس السيسي للشعوب العربية جاءت مبشرة ومتفائلة وواثقة في قدرات الأمة وامتلاكها للمقومات اللازمة لمستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً تلك هي رسائل مصرية ثابتة وشريفة ترسخ توحيد الصف العربي.. وتحقق التكامل في شتي المجالات.. والعمل على تسوية الأزمات والتصدي معاً وجميعاً للتحديات الإقليمية والدولية.. والتصدي للتدخلات الإقليمية والدولية في الشئون العربية.. والتعدي على سيادة بعض الدول إنها خارطة عمل لتحقيق الوحدة والتلاحم والتكاتف والتكافل العربي.

 تحيا مصر

Dr.Radwa
Egypt Air