الجمعة 17 مايو 2024

الشاعرة هبة عبدالوهاب : هناك حاجة ماسة لمراجعة مشكلات مبدعى الأقاليم

10-8-2017 | 14:50

قالت الشاعرة هبة عبد الوهاب الحائزة على جائزة نازك الملائكة التابعة لوزارة الثقافة العراقية عام  2012 إن المنتج الأدبي في المرحلة الراهنة غزير ومتنوّع جدا ومتداول وفي مستوى الجميع، كما أنه يناسب واقعه بشكل واضح، ويعلن عن ماهية صاحبه ومجتمعه وفيما يلى نص الحوار:

 

فى البداية حدثيني عن التجربة الأدبية الخاصة بك والمراحل المختلفة التى مررت بها ؟

 

في البدء كانت الغنائية العامية هى المسيطرة على قلمي وكان ذلك في مرحلة التعليم الثانوي، تميّزت به كثيرا، حتى أنني كنت أشعر بقيمة ما أكتب في عيون أساتذة الشعر في نوادي الأدب وقصور الثقافة، حصلت على مركز أول على جامعات مصر في القصيدة العامية المصرية عام ١٩٩٨، وانقطعت عن التواصل مع المشهد الثقافي والأدبي في مصر ما يقرب من عشرة أعوام تقريبا، واندمجت في الحياة العملية والاجتماعية، حتى عدت له عام ٢٠٠٩ تقريبا ولكني عدت منحازة للقصيدة الفصحى، كتبتها في كل صورها، فكانت القصيدة الخليلية والقصيدة التفعيلة.

وانتبهت لاهتمام المشهد الثقافي بكتابتي، فتقدمت لجائزة نازك الملائكة التابعة لوزارة الثقافة العراقية، فحصلت عليها عام ٢٠١٢ وجوائز النشر الإقليمي ومسابقات النشر في مؤسسات النشر مثل "قطري ، والعصرية" للنشر، حتى وجدت نفسي منغمسة قَدَرا في العالم الثقافي

أسست ملتقى عروس النيل الأدبي الذي لاقىٰ ذيوعا كبيرا في الوسط الأدبي، وانضم له العديد من الشعراء، صدرت لي عدة مجموعات منها رائحة الصّمت/للصمت مذاق آخر/سكرات امرأة حيّة...

حتى حصلت على جائزة ناجي نعمان في عمان عام ٢٠١٤، وأخيرا مثلت مصر في مهرجان الشِّعر الشعبي في الشارقة عام ٢٠١٧، وصدر لي ديوان/ صادفت ذاكرتي معه..

بفضل الله حصلت على منحة تفرّغ من وزارة الثقافة عام ٢٠١٧ لأجد نفسي مغموسة جزئيا وكليا وسط المشهد الأدبي بكل عذاباته.

لايمكن أن أتجاهل أني التفتُّ لكتابة النص النثري منذ حوالي خمسة أعوام حتى أني أستعد لإصدار مجموعة نثرية قريبا.

 

ما هى المشكلات التى تواجه الشعراء فى مصر ؟

أما عن المشكلات التي تواجه الشعراء في مصر، فهي كثيرة ولا يمكن حصرها، لكنها تبدو جليَّة في مشهد يعرف "بالشللية " أي أن الأضواء تُسلَّط على صاحب الشلّة ويتم إبراز دوره ووجوده مهما بلغت هشاشة منتجه الثقافي، بالإضافة إلى تحوّل الكثير من جماهير الشِّعر إلى شعراء، لمجرد الانتشار، مع تجاهل قواعد وأدوات كتابة الشِّعر، ولا أنسى الإشارة إليّ كثرة ما يعرف "بالصالونات الأدبية " الفقيرة جدا لجميع أنواع الأدب بالإضافة " لدور النشر " التي باتت بلا رقابة وقد فتحت منافذ كثيرة للجميع دون تنقيح ولا ولاية، وهذا أصبح سلاحا ذو حدين يفسد المشهد الثقافي ويحط من شأن المبدع الحقيقي، كما أوجد ذلك منافذًا لغير المنتمين حيث مكّنهم مِن التواجد على الساحة الأدبية وصناعة مشهد أدبي حقيقي موازٍ، وكان هذا أحد أوجهه الإيجابية.

 

كيف ترى مبادرة القوافل الثقافية التي أطلقتها وزارة الثقافة؟

عن القوافل الأدبية يمكننا القول إنها فكرة إيجابية تمت بشكل غاية في السلبية والادعاء، وباتت عقول النشء الموهوب في أيادٍ غير مؤهلة لنشر الوعى الحقيقي بسبب سوء الإدارة والتنفيذ، وعدم الوعي بأهمية دور هذه القوافل الأدبية.

 

كيف نعيد الجمهور للالتفاف حول الأنشطة الأدبية مرة أخرى؟

الجمهور بالفعل يبحث عن عالم الفن والثقافة والأدب، ويلهث خلف أي مساحات أدبية يتم طرحها على الساحة، وما نأسف له هو عدم تربية الذائقة الأدبية لسنوات طويلة، وتعمّد إفسادها، أو تهميش هذا الدور وتجاهل عالم الثقافة لحساب الصفقات الفنية والذي أدّى إلى تراجع الذوق العام جدا، وبدأ الجميع يلحظ انتشار الأقل جودة على حساب الجيد بل وأكثر من ذلك تهميش المبدع الحقيقي عمدا، طالما لا ينتمي المبدع للنظام المسيطر، وهذا يدعو للأسف الشديد، ويزيد العبء على المبدع المسالم، إذ عليه أن يقدم إبداعه في أبسط صورة تناسب الجمهور كي يستطيع المنافسة، مع مراعاة تجنب مصايد المشاهد السياسية ذات الأجواء المضطربة، وذلك حتى لا يقع فريسة شهية لكل هذا اللغط، وينجو بنفسه من التصنيف وهذا ما يصعب غالبا.

 

من وجهة نظرك كيف ترى الاهتمام من قبل وزارة الثقافة بالمواهب الإبداعية فى الإقاليم ؟

وزارة الثقافة منفصلة كليا وجزئيا عن الأقاليم، ولولا ظاهرة مواقع التواصل التي أجبرت أبناء العاصمة على الشدو بأسماء مبدعي الأقاليم لما التفتت الوزارة في العاصمة إليهم، وبات الأمر مقصورا على كل مبدع استطاع أن يهاجر إليها محاربا عن حقه باستخدم كل الأسلحة الشرعية وغير الشرعية للوصول إليّ منفذ ثقافي رسمي حتى يتم الاعتراف به.

 

ما هو الحل فى إعادة مصر لريادة المجال الأدبى العربي مرة أخري؟

الحل يأتي أولا بتطهير المؤسسة الثقافية وفك قيودها واعتبار جميع فروع الثقافة بكل أنحاء مصر في نفس أهمية المؤسسة التي في قلب العاصمة وعدم تهميش مبدعي الأقاليم، والتخلّص من روتين الإدارات الثقافية، وعمل بروتوكولات تعاون واضحة ذات خطة مستقرة لخدمة ورعاية جميع المثقفين في أي مؤسسة أخرى.

كما لا يجب تجاهل ضرورة فرض الرقابة الثقافية على جميع الصالونات والملتقيات التي تحولت إلى صالونات اجتماعية رغم شهرتها كمنفذ مُصَدِّر وراع للأدب والثقافة.

أخير يجب عمل أنشطة تخدم المواهب الشابة، والاهتمام برعايتها حتى تأخذ بيدها إلى أول الطريق السليم، ولا مانع من عمل مسابقات دورية ولقاءات وندوات تحت رعايتها واحتضان جميع المواهب، بدلا من هجرتهم إلى صالونات أدبية غير معروف مصادر تمويلها ولا الأهداف الحقيقية من إنشائها.

 

ما هو تقيمك للمنتج الأدبى في المرحلة الراهنة؟

المنتج الأدبي في المرحلة الراهنة غزير ومتنوّع جدا ومتداول وفي مستوى الجميع، كما أنه يناسب واقعه بشكل واضح، ويعلن عن ماهية صاحبه ومجتمعه.

 

كيف تلعب الثقافة دورا في المرحلة الحالية لمواجهة الإرهاب؟

يعتبر الفن والثقافة أحد أهم السُبل للتخلّص من إشكالية الفكر الراديكالي والبعد عن التطرّف بكل جوانبه، لذا وجب على مصر الاهتمام ببيوت الثقافة وتنمية ورعاية المواهب، حتى تنهض بالفكر الوسطي المعتدل.

 

كيف ترى الحركة النقدية فى مصر وتأثيرها ؟

عرفنا النقد فنًّا موازيا للإبداع، والمبدع الحقيقي يبحث عن الناقد المبدع بمنتهى النشاط حتى يجد مرآة حقيقية تفسّر له وجهات مختلفة لإبداعه وتعكس عمق هذا الإبداع في مناحي قد تكون غائبة عنه شخصيا، وقد ظهرت العديد من النظريات والمدارس النقدية التي تبدو في صالح المبدع والمنتج الإبداعي عموما. أزعم أنها أثرت الحركة الأدبية العالمية والعربية، والمصرية بوجه خاص.

كما لاحظت وجود نهم شديد لدى المبدعين الشباب للإطلاع على ما سبق من منتج إبداعي، وقراءة الدراسات النقدية حوله، أملا في الوقوف على حدود تجارب الآخرين ليس من منظور إبداعي فقط وإنما من منظور نقدي مغاير، مما أدى إلى ميلاد تجارب إبداعية قوية تستطيع المنافسة والإعلان عن نفسها رغم كل هذا التجاوز المسيطر على المشهد الثقافي في مصر.

 

ما هو الفارق بين المنتج الأدبى المصري والعربي؟

المنتج الأدبي المصري به من الثراء والتنوع ما لا يمكن إنكاره، وهذا دون انحياز، كما أن المسرح الثقافي العربي أصبح يشهد حركة من حركات النشاط الملحوظ، مما أدى إلى رغبة كل مبدع في التعبير عن نفسه في أبهى منتج إبداعي حتى يستطيع المنافسة، والوقوف وسط الصف الثقافي المبدع المتميز.