كتبت : ايمان الدربى - أمانى ربيع
تفجرت حركة التحرر فى مصر منذ حقبة الخمسينيات فالتقطت المرأة المصرية الخيط لتنطلق وتحفر تاريخا مليئا بالكفاح والنجاح على كافة الأصعدة العلمية والعملية والسياسية، وبين المجالات التى نجحت فيها المرأة الصحافة والإعلام خاصة بعد إدراك القائمات على الحركات النسائية دورهما فى التوعية والتثقيف، ومع ذلك النجاح استشعرن احتياج المرأة إلى صحافة متخصصة تخاطبها وتلبى احتياجاتها وتدعمها سياسيا واجتماعيا، فظهرت رائدات فى هذا المجال ساهمن فى خلق الوعى لدى المرأة ودافعن عن قضاياها.
كما يحدثنا عن هذا عدد من تلامذة الأستاذة أمينة السعيد.
رغم كثرة المجلات النسائية فى النصف الأول من القرن العشرين إلا أنه ومنذ بداية عقد الخمسينيات تراجع عدد المجلات النسائية بشكل ملحوظ، وفى الفترة من عام 1939 - 1959 لم يصدر سوى أربع صحف إلى جانب مجلتين كانت تصدران من قبل، نجد فى هذا الإطار مجلتى «المصرية » و «الفتاة » اللتين ركزتا على القضايا الاجتماعية والسياسية وتحرر المرأة، بينما استهدفت مجلة «فتاة الغد » تثقيف المرأة وتعليمها، وإعدادها لتكون زوجة صالحة تدير منزلها وتربى أطفالها، بينما صدرت مجلة «بنت النيل » كلسان حال لاتحاد بنات النيل، عن هذا تقول الكاتبة الصحفية ناهد المنشاوى: شاهدت أمينة هانم وهى ترافق السيدة جيهان السادات كمستشارة صحفية للرئيس خلال مؤتمر عالمى للمرأة فى كوبنهاجن عام 1980 ، وقتها وقفت أمينة هانم ترد بجرأة على كل الأسئلة التى طرحت على السيدة جيهان السادات حول اتفاقية كامب ديفيد، وقفت أتفحصها، وشردت معها فهى من أوائل المدفعات عن الفتيات فى الجامعة المصرية، وأول من تقلدت منصب رئيس مجلس إدارة مؤسسة دار الهلال، وكانت ضمن 25 سيدة أثرن فى تاريخ مصر منهن الوزيرة حكمت أبوزيد وصفية زغلول ومفيدة عبد الرحمن والمناضلة هدى شعراوى التى رافقتها السيدة أمينة فى نهضة الحركة النسائية وكانت رفيقتها فى الاتحاد النسائى المصرى.
وتابعت: أكملت الأستاذة أمينة تعليمها بالجامعة تنفيذا لوصية والدها الذى خالف عادات وتقاليد المجتمع الصعيدى الرافض لتعليم الفتيات، ورغم تعرضها للانتقاد إلا أن ذلك لم ينل من عزيمتها أو يجعلها تعدل عن هدفها فكانت داعمة لبنات جيلها حتى أن أبى - رحمه الله - كان يريد أن يسمينى باسمها أو سهير على اسم د. سهير القلماوى تيمنا بنساء مختلفات رائدات فى قيادة الحركة النسائية.
مقالات
وعن الدور النقابى والسياسى الذى قامت به الأستاذة قالت المنشاوى: تعد أمينة هانم أول سيدة تمارس العمل النقابى لتصبح أول وكيل نقابة الصحفيين وتواجه حربا مع الإخوان والمتطرفين، وقامت بعمل حملة كبيرة عام 1997 عن مد الأصول الإسلامية وإلقاء المتطرفين كل اللوم على المرأة واتهامها بأنها أساس مشكلات المجتمع.
وتابعت: أما عن مقالاتها فقد سجل التاريخ مقالة شهيرة لها عن المرأة المصرية وافتقارها للشجاعة الكافية لمواصلة النضال، وغيرها من الكتابات التى حاربت فيها ثقافة أن المنزل المكان المناسب للمرأة، وختان الإناث والزواج المبكر حتى أن أصحاب الأفكار المتطرفة هددوها بالقتل إن لم تتراجع عن كتاباتها، لكنها واصلت النضال حتى الموت ولم تتراجع لحظة عن مناصرة المرأة المصرية ومساندتها، وبعد ثورة يوليو 1952 صدرت مجلة «حواء الجديدة » عن دار الهلال وأسندت رئاسة تحريرها إلى أمينة السعيد، ولقبت فيما بعد «عميدة صحافة المرأة .»
شعلة الثائرات
وتقول الكاتبة الصحفية سكينة فؤاد: حملت نساء جيل التنوير شعلة الثائرات فى ثورة 1919 ، وكن خير نموذج لاستكمال مسيرة كفاح المرأة لنيل حقوقها، وكانت هناك أسماء لامعة مثل سهير القلماوى وأمينة السعيد ودرية شفيق وكلهن لم يكن صحفيات فحسب بل كن صاحبات منبر للوعى والتنوير والارتقاء بالمجتمع، حيث كافحن بإصرار من أجل الدور الذى يجب أن يلعبنه فى مسيرة التنمية، فكانت الصحفية تنادى بحرية المرأة وحقها فى المشاركة السياسية وإثارة قضايا الوطن المختلفة، وكان هذا الجيل بمثابة مربى لأجيال جديدة من الصحفيات مثل حسن شاه وإنجى رشدى ومها عبدالفتاح وسعاد حلمى وخيرية خيرى وغيرهن من الصحفيات، ورغم التطور الذى شهده المجتمع فى فترات لاحقة إلا أن حقوق المرأة تعرضت لانتكاسة قوية ليس للمرأة الصحفية فحسب بل للمرأة بشكل عام بعد انتشار أفكار التيار الأصولى المتشدد الذى استخدم الدين مطية ليعبث بالعقل المصرى ويفسد نظرة المجتمع للمرأة، وعدنا فى هذا العصر إلى النظر للمرأة باعتبارها كيان ناقص مكانه البيت ودورها الزواج والإنجاب فقط. وأضافت: رغم ما تعرضت وما زالت تتعرض له المرأة من هجمات تستهدف سلب حقوقها إلا أنها لم تنهزم بل استمرت فى الكفاح من أجل رسالتها الإنسانية، فنجدها شريكا أساسيا فى مواجهة أزمات البلاد، لذا أعتبر ثورة 30 يونيو بمثابة صرخة وطنية مصرية أعادت للشعب عامة والمرأة بوجه خاص حقها المهدر، وتم تحويل مبادئ هذه الثورة إلى واقع ترجم فى دستور 2014 ، وبالنظر إلى أحوال المرأة فى الثلاثة أعوام الأخيرة سنرى تطورا كبيرا من حيث نسبة تمثيل النائبات فى البرلمان والمحليات، حيث عينت أول امرأة كمحافظة كما تولت أربع حقائب وزارية، بالإضافة إلى جيل من الصحفيات الواعدات يحملن المسئولية بجدارة وكفاءة ومهنية.
المجلات النسائية
وعن دور المرأة فى الصحافة أثناء الخمسينيات والستينيات تقول الكاتبة الصحفية منى رجب، أول مديرة تحرير لجريدة الأهرام: كانت تلك الحقبة فترة للمد الثورى عاشت معها مصر حراكا كبيرا على كافة المستويات سياسيا واجتماعيا، وكان للمرأة نصيب منها حيث انتهزت الرائدات الفرصة ليكملن كفاح نصف قرن مثل أمينة السعيد وسعاد زهير ولطيفة الزيات، وقد التقيت رائدة الصحافة النسائية أمينة هانم السعيد خلال حضورى لجلسات جمعية «الكاتبات المصريات » حيث كانت المرة الأولى التى ألتقى فيها بواحدة من هؤلاء الرائدات عن قرب. وتستطرد: إذا نظرنا الآن إلى وضع المرأة كصحفية سنجد أن الأمر مؤسف للغاية فهى بعيدة عن مجلس النقابة والمناصب الكبرى فى الصحف القومية، فى حين كان لها تواجد فى الماضى داخل المؤسسات القومية حيث كانت أمينة السعيد أول رئيسة لمجلس إدارة، كما كانت لطيفة الزيات ككاتبة ومناضلة من أجل حقوق النساء تحتل مكانة مرموقة، ونفس الأمر بالنسبة لدرية شفيق التى أضربت عن الطعام على سلالم نقابة الصحفيين من أجل الحصول على حق المرأة فى عضوية البرلمان، إلا أن المجتمع ما زال يحتكم إلى منطق رجل وامرأة وليس الكفاءات، لكن مع إعلان الرئيس عبد الفتاح السيسى 2017 عاما للمرأة أصبح لدى المرأة بصيص أمل للتمتع بكامل حقوقها فى ظل قيادة سياسية رشيدة، هو ما ترجم فى صورة تمثيل 90 نائبة فى البرلمان. وتضيف: كانت الأستاذة أمينة كاتبة محترمة وصحفية محنكة ورائدة فى مجال تحرير المرأة، وأذكر أننى ذهبت وصديقاتى لمؤسسة دار الهلال لمقابلتها وطلب دعمها فى قضية لإحدى الزميلات وبالفعل كان لها موقف مشرف.
***
رائدات الصحافة
- سعاد منسي، أول امرأة مصرية تنشئ وكالة أنباء فى الخمسينيات وهى «وكالة الصحافة العربية »، وعندما تشكلت لجنة لوضع الدستور المصرى الجديد عام 1954 واحتجت درية شفيق على عدم تمثيل المرأة فى اللجنة وأضربت عن الطعام كان لسعاد منسى دور كبير فى مساندتها.
- نوال مدكور كانت من المعاصرين لانطلاق جريدة الجمهورية فنجحت فى الفوز بعضوية مجلس نقابة الصحفيين عام 1968 .
- فاطمة سعيد انتخبت لعضوية مجلس نقابة الصحفيين من 73 وحتى 1981 .
- ضم مجلس نقابة الصحفيين »1979 -١٩٧٥« ثلاثة صحفيات هن بهيرة مختار وفاطمة سعيد وأمينة شفيق.
- انتخبت الكاتبة الصحفية فريدة النقاش فى حقبة الستينيات ضمن لجنة العشرين بالمؤسسة العامة للنشر والتوزيع، عملت فى عدة مؤسسات صحفية مثل وكالة أنباء الشرق الأوسط وجريدتى الجمهورية والأخبار المصريتان، وتولت رئاسة تحرير مجلة أدب ونقد وجريدة الأهالى.