الخميس 30 يناير 2025

فى عالم السياسة والعمل .. المرأة محاربة و صانعة قرار

  • 14-8-2017 | 15:00

طباعة

كتبت : مروة لطفى - منار السيد

لم تستسلم يوماً لأى من الهجمات الشرسة التى حاولت تقليص دورها فى الدفاع عن وطنها لكونها أنثى، بل ثارت و حاربت لنيل حقها فى الانتخاب والترشح لعضوية المجالس المحلية والنيابية، حتى أصبحت وزيرة ومستشار أمن قومى ومحافظة لتسجل اسمها بحروف من ذهب فى عالم السياسة.. إنها المرأة المصرية التى لم يكن نجاحها السياسى وليد العصر إنما نتاج كفاح امتد لأكثر من قرن، وفى ذكرى رحيل رائدة الصحافة النسائية أمينة السعيد نستعرض نضال بنات جيلها، ونستمع منهن إلى نضالهن فى سبيل المشاركة فى الحياة السياسية.

فى عام 1947 طالب الاتحاد النسائى المصرى بضرورة تعديل قانون الانتخاب بإشراك النساء مع الرجال فى حق التصويت، وأن يكون للمرأة حق فى عضوية المجالس المحلية والنيابية، وخرجت النساء فى مظاهرات خلال المؤتمر النسائى الذى عقد عام 1951 . وفى أعقاب ثورة 23 يوليو 1952 تمكنت المرأة من الحصول على حقها فى الانتخاب بعد الاعتصام النسائى الشهير الذى قادته درية شفيق فى مارس 1953 ، والذى مثل ضغطا كبيرا على السلطة أجبرها على الخضوع لمطالبهن وتقديم تعهد موقع من قبل رئيس الجمهورية آنذاك محمد نجيب بكفالة حق الترشح والانتخاب للمرأة المصرية.

وفى عام 1957 جنت المرأة ثمار دستور 1956 والذى يعد أول الدساتير المصرية التى كفلت للمرأة مباشرة حقوقها السياسية من خلال ما نصت عليه المادة 61 والتى شرع على إثرها قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم 73 والذى أقر «على كل مصرى ومصرية بلغ من العمر ثمانى عشرة سنة أن يباشر بنفسه حقوقه السياسية .»

أول برلمانية مصرية

دخلت المرأة معركة الحياة البرلمانية لأول مرة عام 1957 حينما أعطى الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حق الانتخاب والترشح لها بموجب دستور 1956 حيث تقدمت 8 سيدات للترشح، وفى الرابع عشر من يوليو عام 1957 سجل البرلمان المصرى دخول أول امرأتين إلى قاعته وهما راوية عطية وأمينة شكرى.

فدائيات على خط النار

لم يقتصر دور المرأة على مباشرة حقوقها السياسية فحسب بل حاربت الاحتلال، حيث شاركت فى المقاومة الشعبية بمدن القناة أثناء العدوان الثلاثى عام 1956 ، فكانت راوية عطية أول امرأة ترتدى البدلة العسكرية وتناضل كتفا إلى كتف مع الرجال لمقاومة العدوان ببورسعيد، كما سافرت عدة نساء إلى مدن قناة السويس للمشاركة فى المقاومة الشعبية والإسعافات الأولية مثل حكمت أبو زيد، إنجى أفلاطون، وسيزا نبراوي، كما تعد زينب الكفراوى إحدى أشهر المتطوعات فى حرب 1956 ، حيث ساعدت فدائيى الإسماعيلية ولم يكن عمرها قد تجاوز ال 20 عاما، وتولت مهمة جمع الأسلحة من المنازل وإيصالها إلى الفدائيين فى مواقعهم المختلفة داخل المحافظة، كما قدمت السيدة أمينة محمد الغريب منزلها ليكون مركزا لقيادة المقاومة ببورسعيد ومخبأ لجهاز اللاسلكى الرئيسى الذى يتم التواصل من خلاله مع القيادات فى القاهرة، كل ذلك أثناء الاحتلال البريطانى للمدينة وقيامه بتفتيش كل منزل بصفة يومية، إلى جانب 30 ألف فتاة تواجدن فى الصفوف الخلفية لمساعدة الجرحى والمصابين.

قانون العمل الموحد

ومن محاربة العدوان إلى ميدان العمل العام ونضال المرأة السياسى المستمر فما أن صدر قانون العمل الموحد رقم 91 لسنة 1959 الذى ساوى بين المرأة والرجل فى كافة قطاعات العمل، وخصص فصلا كاملا عن رعاية المرأة العاملة حتى اقتحمت المرأة كافة مجالات العمل العام وسجلت أول ثلاث محاميات بجدول المحامين وهن مفيدة عبد الرحمن، وعطيات الخربوطلي، وعطيات الشافعي، كما عين عدد من النساء بهيئة الطاقة الذرية ليشكلن 25 % من عدد العاملين بها عام 1957 .

أول وزيرة

تعد د. حكمت أبو زيد أول سيدة تتقلد منصب وزيرة فى مصر عندما اختارها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وزيرة للشئون الاجتماعية فى 25 سبتمبر 1962 وأطلق عليها «قلب الثورة الرحيم »، حيث وضعت أول خطة لتنمية الأسرة، كما وضعت قانون تنظيم الجمعيات الأهلية.

أول سفيرة

وتوالت نجاحات المرأة السياسية لتدخل السلك الدبلوماسى فيما بعد وتصبح عائشة راتب أول سفيرة تمثل مصر فى الخارج وذلك بعد حياة حافلة بالنضال انحازت خلالها للفقراء حين تولت وزارة التأمينات والشئون الاجتماعية، فضلاً عن مطالباتها بحق المرأة لتولى القضاء، كما رفعت دعوى قضائية للمطالبة بحق المرأة فى التعيين بالقضاء وكان عمرها وقتئذ 21 عاما.

نضال المعاصرات

إذا كانت الأحداث التاريخية كشفت عن نضال المرأة السياسى خلال فترتى الخمسينيات و الستينيات، فإلى أى مدى أثرت تلك الحقبة الزمنية على النساء اللاتى مارسن العمل السياسى آنذاك، وهل أمتد هذا التأثير إلى بنات أمينة السعيد حتى اليوم؟

البداية مع د. شفيقة ناصر، صاحبة أولى المقاعد النسائية بمجلس الشورى والتى تزامن عملها السياسى مع لقائها بأمينة السعيد فتقول: بدأ اهتمامى بالعمل العام وقضايا الوطن مع التحاقى بكلية طب قصر العينى عام 1952 والذى تزامن مع ثورة يوليو، وقد شهدت الحياة الجامعية وقتئذ صخبا سياسيا لم يفرق بين طالب وطالبة من خلال الاتحادات الطلابية والتى حرصت على الانضمام إليها لتكون البداية فى عملى العام، وأثناء إحدى اجتماعاتنا بملاعب الجامعة حلقت الطائرات فوق رؤوسنا لنفاجأ بالعدوان الثلاثى على مصر عام 1956 ، وقتها وجدت نفسى كغيرى من الطالبات ندافع بكل ما أوتينا من قوة عن الوطن، حيث ذهبت البعض للانضمام للمقاومة الشعبية بمدن القناة، بينما تدربت مع أخريات على القناصة وفنون القتال فضلا عن انضمامى للهلال الأحمر لإسعاف المصابين والتبرع بالدم، وقد تزامن ذلك مع نشأة منظمة الشباب الاشتراكى التى كانت تؤمن أن الشباب هم درع الوطن والتى كانت تجوب الكليات المختلفة لإلقاء محاضرات على الطلبة مع اختلاف ما يقدمونه وفقا للكلية التى يتحدثون فيها حتى يتم الاستفادة من الشباب كل فى تخصصه، وقد لمس القائمون على هذه المنظمة اهتمامى بالعمل العام، لذا تم اختيارى ضمنمجموعة من الطلبة الذين سافروا للقاء القيادة السورية إبان الوحدة بينها ومصر.

وتابعت: خلال تلك المهمة التقيت الكاتبة أمينة السعيد حيث كان لمجلة «حواء » دور مهم فى إبراز الطالبات الناشطات فى مجال العمل العام على صفحاتها لأجد صورتى منشورة على صفحات إحدى أعدادها، ولا زلت أذكر تعاليم أمينة السعيد عند لقائى بها فى المؤتمرات المختلفة وتشجيعها لنضال المرأة السياسى والذى كان له عظيم الأثر فى نفوس كافة النساء، حتى أننى عندما سافرت لاستكمال دراستى العليا بإنجلترا أبت السياسة أن تتركنى وحال سبيلي، فمع نكسة 1967 زار سفارة مصر بالمملكة المتحدة وفد من منظمة الاتحاد الاشتراكى لإلقاء محاضرات تساعدنا كطلاب مغتربين على توضيح موقف مصر السياسى للعالم الخارجى وهو ما قمت به طوال سنوات دراستى بإنجلترا.

وأكدت د. شفيقة على اهتمام الدولة بتثقيف الشباب اعترافا منها بأنهم عماد الوطن قائلة: كل ما وصلت إليه من نجاحات وغيرى من بنات جيلى يرجع لاهتمام الدولة بتثقيف الشباب السياسى خلال الخمسينيات وهو أيضاً ما تحرص عليه القيادة السياسية الحالية.

المناخ الثورى

أما أمينة النقاش، نائب رئيس حزب التجمع فتقول: قام المناخ الاشتراكى الثورى خلال الخمسينيات بدور مهم فى نضال النساء السياسى، حيث تمكنت المرأة من الحصول على مطالبها فى حق الانتخاب والترشح عام 1956 ، ما شجعها على استخدام حقوقها السياسية، كما فتح لها أبواب الحقبة الوزارية المختلفة والالتحاق بالسلك الدبلوماسى وغيره فيما بعد، كما كان للاشتراكية وما ترتب عليها من مفاهيم كالعدالة الاجتماعية دور فى تشكيل فكرى السياسى، لذا كنت أول المنضمين لحزب التجمع عند فتح الباب للعمل الحزبي.

وتشير النائبة مارجريت عازر، عضو البرلمان إلى أهمية مرحلتى الخمسينيات والستينيات ورائدات العمل العام فى هذه الحقبة أمثال راوية عطية وأمينة السعيد وسكينة

فؤاد وغيرهن فى تشكيل أفكارها وكثير من بنات جيلها، وقالت: ما حصلت عليه المرأة من حقوق سياسية حالية ليس وليد اليوم بل نتاج كفاح هؤلاء الرائدات لتحصل المرأة على 90 مقعدا ببرلمان 2015 ، وتتقلد ٤ حقائب وزارية، وتعيين مستشارة للرئيس للأمن القومى ومحافظة، هذا إلى جانب تخصيص الرئيس عبد الفتاح السيسى 2017 عاما للمرأة، وهو ما لم يكن يحدث لولا وجود قيادة سياسية تدعم المرأة وتحترمها، لذا أرى أن البرلمان المقبل سيشهد مزيدا من المقاعد النسائية.

    الاكثر قراءة