السبت 20 ابريل 2024

العاصمة الإدارية وتطبيقات التنمية العمرانية المستدامة

العاصمة الإدارية الجديدة

أخبار13-1-2023 | 13:56

د. إيمان زهران

أطلقت الدولة استراتيجيتها التنموية "رؤية مصر 2030" في مارس 2015، كمظلة تؤم جميع استراتيجيات التنمية في مصر، وتسترشد بها أهداف التنمية المستدامة العالمية خاصة بقضايا التنمية العمرانية ورفاه فقراء الحضر، إذ تمثل الهدف الرئيس ضمن "محور التنمية العمرانية" فى رؤية مصر 2030 فى: "إدارة تنمية مكانية أكثر اتزاناً تلبي طموحات المصريين وترتقى بجودة حياتهم"، لتتنوع مؤشراته وبرامجه في إطار عنصر التنمية العمرانية، ومنها ما يتعلق على سبيل المثال بـ: "تشجيع التوطين السكانى في مناطق التنمية الجديدة"، و"القضاء على المستوطنات والمناطق غير الآمنة". ووفقا لتلك المؤشرات والبرامج انطلقت "التجربة المصرية" نحو إنشاء المجتمعات الجديد لتُعيد ترسيم مشهد "التنمية العمرانية" وفقا للمستهدف فى 2030. 
انطلاقا من ذلك، تأتى التجربة المصرية فى تدشين "العاصمة الإدارية"، كأحد أهم المشروعات التنموية ذات المسارات المتشابكة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وتنمويا، لتأتى المدينة الإدارية والاقتصادية الجديدة، لتكون عاصمة حديثة تتفق مع صياغات المستقبل، وهو ما يتضح بالنظر إلى النقاط التالية:  
أولويات تنموية:  
تتنوع الأهداف التى تدفع صانعى القرار إلى اللجوء لإنشاء المجتمعات الجديدة، وإسقاطا على التجربة المصرية، نستطيع إيجاز تلك الأولويات وفقا لما انتهت إليه سياسات المجتمعات العمرانية الجديدة بإنشاء "العاصمة الإدارية"، حيث:
- أولويات عمرانية:  يمكن تفنيدها إلى: 
- أولا، التخفيف من الضغوط "الخدمية" على المدن الكبرى القائمة بغرض توفير فرص لتلك المدن الادارية والاقتصادية الجديدة لإعادة تخطيطها وبنائها وفقا للمقاييس والمعايير العالمية والتكنولوجية الصحيحة.
-  وثانيا، الحد من الهجرة الداخلية إلى المدن الكبرى عن طريق توفير السكن وفرص العمل المناسبة فى المجتمعات الجديدة وتقويض التداعيات السلبية للهجرة الداخلية على النواحى الاجتماعية والاقتصادية والخدمية والأمنية. بينما 
- ثالثا، فتتمثل فى إعادة توزيع السكان بما يتلاءم مع احتياجات الدولة العمرانية والاقتصادية وفقا للمستهدف من رؤية مصر 2030.  

- أولويات اقتصادية:  أهمها ما يتركز فى: 
- أولا، خلق قواعد اقتصادية جديدة تهدف إلى تحقيق توازن اقتصادى على كافة المستويات الحيوية داخليا وخارجيا، 
- وثانيا، تشجيع الاستثمارات المحلية وجذب رؤوس الأموال الخارجية.
- ثالثا، فتتمثل فى تحقيق تنمية اقتصادية للموارد والامكانات والموارد المتاحة وغير المستغلة. - رابعا، تشجيع النمط الاقتصادى القائم على فكرة المدن التكنولوجية إداريا، والمدن الاقتصادية، .. وغيرها.   

- أولويات تنموية: أهمها ما يتمثل فى:
-  أولا، تشجع التنمية الإقليمية عن طريق اجتذاب القطاع الخاص إلى توظيف استثماراته فى المناطق والتجمعات الجديدة مثل العاصمة الإدارية لخلق نقاط تنموية جديدة بخلاف التقليدية. و  - ثانيا، الارتقاء بالنواحى الاجتماعية وذلك بتوفير ظروف معيشية وفرص عمل أفضل للسكان وهى أولوية تسعى لها جميع المجتمعات الجديدة. 
- وثالثا، توفير الخدمات الاجتماعية والخدمات العامة التى تلبى كافة احتياجات السكان من الناحية الكمية والنوعية، وبما يتفق وطبيعة السكان، ورفع مستوى البنية التحتية كأحد الدعائم الأساسية للتنمية بالتجمعات الجديدة بوجه عام. الحفاظ على شبكات البنية الأساسية القائمة من التدهور عن طريق الاستعمال فى حدود الطاقة الاستيعابية المحددة لها وذلك فى أعقاب الانتقال التدريجى للعاصمة الإدارية.    

- أولويات سياسية:  تلك النقطة بدورها تتعلق بهيكلة تجمعات ذات وظائف محددة تخدم الأهداف السياسية للدولة، مثل الاستراتيجية التنموية المصرية "رؤية مصر 2030".
العاصمة الإدارية:
ثمة عدد من المحددات دفعت بضرورة النظر لإنجاز مخطط العاصمة الإدارية، فوفقا لتقديرات خبراء الوكالة اليابانية للتعاون الدولي والمعروفة "جايكا" عام 2010، فالقاهرة كانت بحلول عام 2030 ستصبح مدينة مغلقة أو على شفا الانفجار السكانى والعمرانى على رقعة محددة جغرافيا. فالقاهرة تعد واحدة من أكثر المدن كثافة سكانية حول العالم دون إغفال تنامى ظاهرة "الهجرة الداخلية" إلى العاصمة ، وانعكاساتها المتباينة على هيكل وسلامة البنية التحتية للعاصمة. 
ومن ثم، فقد جاءت الدعوة لتأسيس مدينة إدارية اقتصادية جديدة، تكون عاصمة حديثة تتفق مع الحاضر والمستقبل، وتقع ضمن إقليم القاهرة الكبرى، بما يساهم في تمدد الحيز العمرانى، وتفريغ العاصمة الحالية من التكدس والازدحام، بالإضافة إلى خلق منطقة جديدة جاذبة للاستثمارات الوطنية والأجنبية المباشرة إقليميا ودوليا. فضلًا عن خلق امتدادات طبيعية للمدن التى أصبحت تختنق بالسكان نتيجة النمو السكانى المتزايد دون التخطيط لأى توسعات عمرانية جديدة، الأمر الذى خلق مستوطنات عشوائية، وتعديات على الأراضي الزراعية نتيجة البناء العشوائى، وهو ما سوف يسهم في القضاء على أزمة المرور التي تشهدها القاهرة.
الجدير بالذكر أن فكرة إنشاء "عاصمة إدارية وإقتصادية" للدولة المصرية، تعود إلى عهد الرئيس الراحل "أنور السادات"، حيث خطط لإنشاء عاصمة إدارية تستوعب الزيادة السكانية لحل مشكلة الازدحام بالعاصمة، وكانت مدينة السادات هى نواة لعاصمة إدارية جديدة بعهد الرئيس الراحل السادات، تستهدف الانتقال الجزئى لأبناء الدلتا خارج حزام الكثافة السكانية، ونشر الصناعات التي تخلق فرص عمل للشباب، وجذب رؤوس الأموال المصرية والأجنبية، وخلق تجمع صناعي كبير. 
تأسيسا على ذلك ، يأتى إنشاء "العاصمة الإدارية" لتكون بمثابة مركز لعدد من المسارات الرائدة فى مجال الأعمال والثقافة والسياسية والاقتصاد بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، عبر بيئة اقتصادية حديثة تدعمها الأنشطة المتنوعة وبنية تحتية متطورة تستند إلى أحدث نظم الرقمنة العالمية فضلا عن الإستثمار الناجع برأس المال البشرى لتحقيق خطط التنمية المستدامة المصرية.