الجمعة 24 يناير 2025

ثقافة

«سمنود/ سبنيتس».. آخر العواصم الوطنية في مصر القديمة

  • 13-1-2023 | 15:01

سمنود

طباعة
  • د. مفيدة الوشاحى

سمنود بفتح السين أو كسرها هى من أهم المواقع المصرية القديمة التي اتخذت كمدن مثل عصر الدولة القديمة وحتي العصر الحديث، تقع علي مجرى النيل في موقع متوسط بين القاهرة ودمياط وهي إحدى المدن المهمة في محافظة الغربية، علي الفرع السبنيتسي القديم (الفرع السمنودى Sebennytos، هي ذات موقع تجارى وملاحى متميز للملاحة في النيل حيث إنها محاطة بالترع الملاحية من أهمها اثنتان الأولى من الجنوب وهى بالقرب من سمنود والأخرى تجرر نحو الغرب لتلتقى بترعة سليج المهمة، كما اهتم الفرنسيون بها وجعلوها مركز القيادة الحربية للحملة الفرنسية وأصبحت عاصمة للولايات الغربية.

تعد سمنود / سبنيتس أهم وأخر العواصم المصرية القديمة للملوك الوطنيين الذين حاولوا جاهدين في الحفاظ علي مصر وإعادة مجدها القديم علي يد القائد العسكرى للجيش نقطانبو الأول / نخت نب اف / خبر كا رع، لقد كانت سمنود مسقط رأسه، بعد فترات ضعف إضراب ساد في عصر الملك نايت عا ورد الثانى، استمرت العاصمة منذ عام 380 ق.م حتي 343 ق.م نهاية حكم أخر الأسرات الوطنية التى حافظوا علي مصر وسيادتها حتي دخول الفرس مرة ثانية مصر عام 341 ق.م ومن بعدهم الإسكندر الأكبر عام 332 ق.م.

لقد كانت هذه العاصمة هي مسقط رأس المؤرخ المصرى العظيم مانيتون الذى كتب التاريخ المصرى القديم وقسمه إلى عدد 30 أسرة فرعونية مصرية قديمة في عهد الملك بطليموس الثانى، حيث ذكر أن أصل ملوك الأسرة الثلاثين من سمنود الذين جعلوها عاصمة لهم بعد كفاح لتطهير البلاد من الفرس واليهود.

أسماء سمنود في مصر القديمة:

ظهرت سمنود كمدينة وعاصمة للإقليم الثاني عشر من أقاليم مصر السفلى / الدلتا ( ثب نتر) Ṯb nṯr بمعنى العجل المقدس أو العجل والمقدسة (البقرة) منذ عصر الملك سنفرو بدهشور لأول مرة فى النصوص المصرية القديمة ثم فى نقوش بتاح حتب الثانى فى سقارة وكذلك الملك ني اوسر رع، ثم على المقصورة البيضاء للملك سنوسرت الأول بالكرنك وأيضا نقـوش الملك سيتي الأول في أبيدوس، وقد ذكرت أساساً سمنود في نص لوحة بيعنخى مع كل برحبت pr-ḥbt وسما بحدت sm3 bḥdt ، عرفت كذلك في عصر الأسرة 26 في لوحة الستراب فى عصر الأسرة 27 وفى آثار ملوك الأسرة 30 بسمنود، وأيضا فى نقوش معبدي إدفو ودندرة فى العصر اليوناني الرومانى، وكتبت بالآشورية Zabunti والإغريقية ςϯηϔϓϒcϐεΣ وبالعربية سمنود.

 

آثار سمنود:

تضم العاصمة القديمة سمنود منطقة المعابد ومنطقة الجبانات التى تسمي الآن سيدي عقيل عثر بها على العديد من الأحجار والتوابيت لكبار الموظفين والكهنة، كما عثر على العديد من النقوش والتماثيل ، وتعد آثارسمنود منذ عصر الأسرة السادسة والعشرين من الآثار المهمة في مصر القديمة لكن أهم هذه الأثار:

معبد الإله انحو رشو inḥrt-šw إله الحرب في المنطقة، الذى أطلق عليه معبد الذراع العظيم، وهو من أهم آثار سمنود حيث تظهر بقاياه الآن من الأحجار الجرانيتية عبارة عن أعتاب وقطع من كورنيش وقطع من بقايا أعمدة وتماثيل لأسود مازالت موجودة خلف المستشفى المركزى الآن، بمدينة سمنود الحالية وتحمل اسم نخت نب اف والإسكندر الرابع وفيليب إرهيدايوس وبطليموس الثانى التي تدل على أهمية المعبد الذى كرس لهذا الإله وهو المثل الأعلى لملوك الأسرة الثلاثين المحاربين وزوجته الإلهة محيت mḥyt كما ظهر في المعبد كل من الإلهة تفنوت tfnt والإلهة جد جددت ḏd ḏd.t ابنة رع حيث ظهرن بشكل رأس انثى الأسد وكذلك الإلهة نفتيس nbt-ḥt والإلهة منخيت mnḫt.

يضم معبد انحو رشو العديد من النقوش والتماثيل:

جذع تمثال من الجرانيت الأسود عثر عليه في سمنود للملك نخت نب اف فى حالة سير فاقد الرأس والساقين وكتب اسمه علي الحزام وعلي بقايا عمود الظهر من الخلف والآن بمتحف اللوفر/ فرنسا.

تمثال الأسد للملك نخت نب اف بمتحف الفاتيكان من معبد انحو رشو بسمنود ويعتبر تحفة فنية والإبداع فيه أن الذيل علي القاعدة ولا يرتفع إلى الجسم، عثر عليه في ايزوم روما ثم نقل إلى متحف الفاتيكان وربما من سمنود.

تمثال كوم ابشا لشخص يدعى نخت نب اف مقدماً تمثال انحو رشو بداخل ناووس.

نقوش الملك جد حر تيتوس قطعتان من الجرانيت مما يدل على أن العاصمة مستمرة حتي فى عهد الملك جد حر من الأسرة الثلاثين بمتحف ميونخ الآن.

ذكر الأثرى أحمد كمال أن نافيل Naville عثر علي مقصورة فى سمنود عليها أسماء بطليموس الثانى والإسكندرى الثانى وام روكسانا واسم الملك نخت حر حب وارجع هذه المقصورة إلى عصر الاسرة 29 الملك هكر بينما يرى لبيب حبشى أن مقصورة معبد سمنود ترجع إلى عصر الملك نخت حر حب ويتسم أسلوب النقش المتميز بالدقة فى عصر الأسرة الثلاثين وخاصة عصره.

      قطعة من الجرانيت الوردى تحمل أسماء لمقاطعات مصر السفلى مقلداً فى ذلك عصور الازدهار في عصر الدولة القديمة، ورموز آلهة النيل والخيرات تقدم رموزها وقرابينها ، يعلوها الخرطوش الملكي في وسطه صينية التقدمة، تشير النصوص الرأسية إلى تقديــــم القرابين إلى انحو رشو ابن رع سيد سبنيتس tb-ntr بمتحف المتروبوليتان Metropolitan 22.182.4.B

كذلك قطع للملك نخت حر حب من سمنود الأولى في متحف بـ W.A.G.22.119

وكذلك قطع أخرى بنفس الشكل بمتحف ميونيخ Munchen 1313.

عثر بالمعبد علي قطعة تحمل نقش الاسم الحورى وخراطيش الإسكندر الثانى وتمثل بقايا المنظر الملك مقدماً ربما شكل أبو الهول أمام بقايا الجزء العلوى من شكل الإله انحو رشو.

من أجمل وأهم آثار سمنود هو ناووس الملك نخت حر حب ذو قطعة هندسية من سمنود بالمتحف المصري CG. 70012   ومكرس للإله انحو شو ، علي جانبى الناووس الألقاب الخمسة  للملك وبالتالي سيكون مكانه الحقيقى المعبد والقمة الهرمية غير كاملة خاصة الجزء الخلفى منها.

بقايا ناووس أخر للملك نخت حر حب من سمنود بالمتحف المصرى CG.70015 من الديوريت بالمتحف المصرى والملك يقدم إناء الـ nw (النبيذ) أمام الإله انحورشو جالساً يرتدى باروكة شعر قصيرة يتقدمها حية الكوبرا ويعلوها أربع ريشات ومن خلفه ظهرت الإلهة محيت برأس انثى الأسد ومن خلفها الإله انحو رشو جالساً ممسكاً بصولجان الـ w3s ويبدو من القطعة أن هناك منظرا مشابها يتجه إلى اليسار بينما أعلى الناووس بقايا شكل هرمى أعلاه قرص الشمس المجنح تتدلى منه حيتي الكوبرا.

يحتفل بعيد الإله انحو رشو فى عاصمة مصر فى الشهر الرابع من شمو وتظهر فيه الحية المقدسة التى تحمل اسم nb-ss ، وكان يتم تقديس زهرة اللوتس الزرقاء وشجرة الاكاسيا.

هكذا استمرت سمنود كعاصمة لمصر في الأسرة الثلاثين حتي نهاية العصر الفرعونى بعد دخول الفرس مصر مرة أخرى فى عصر الملك نخت حر حب واستمرت أهميتها كمدينة مهمة في العصر اليونانى الرومانى. 

.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة