عدسة: علاء القصاص
الإهمال فى الصيانة عنوان رئيسى فى كل كارثة بالسكك الحديدية.. ولهذا كانت قبل يوم واحد من حادث قطارى الإسكندرية هى العنوان العريض للاجتماع العاصف، الذى عقده وزير النقل الدكتور هشام عرفات مع قيادات الهيئة.
الوزير يرى أن هذا الملف أهملته هيئة السكك الحديدية حتى تسبب فى أعطال كثيرة بالجرارات، كما أضعف من أسطول الهيئة، واضطرت معه الوزارة لعقد صفقات استيراد جرارات وعربات.
يتماشى هذا مع ما ذكره مصدر مسئول فى هيئة السكة الحديد، بشأن تأثير تعويم الجنيه على استيراد قطع الغيار، مشيرًا إلى أن الهيئة أعدت بالفعل خطة شرعت فى تطبيقها منذ فترة لتطوير ١٥ ورشة “تطويرًا إنشائيًا” يستغرق عامين، قبل البدء فى تطوير المعدات والأجهزة بتلك الورش.
وقال المصدر المسئول إن “الهيئة أنجزت ما يقرب من ٥٠ إلى ٨٠ بالمائة من تطوير ١٥ ورشة صيانة إنشائياً بإجمالى ٤٥٥ مليون جنيه، ومن المستهدف إنهاء هذا المخطط خلال عامين، ثم البدء فى تطوير المعدات والأجهزة”، ومن المقرر أن تشهد هذه الخطة تغييرًا بالإسراع فى تطوير الورش، بما يساهم فى الانتهاء من تطوير الجرارات والعربات.
“التعويم أثر على توافر قطع الغيار”، حسبما تحدث المصدر: “مفيش عملة صعبة لفتح اعتمادات مستمرة لاستيراد قطع غيار جديدة، والتطوير بحاجة دائمًا لتوافر هذه الأجزاء المستوردة، وبالاتفاق مع جنرال إليكتريك سنقوم بصيانة ٨١ جرارًا للمساهمة فى التطوير، ولدينا ٤٦٥ جرارًا تعمل طوال العام، وهذا العدد الضخم تُجرى له الصيانة بشكل دوري”، موضحًا أن تطوير ورش الصيانة من بين الخطط الأكثر أهمية فى الهيئة، فهى تهدف إلى “تعظيم استخدام الأسطول الحالي، فهناك جرارات عمرها أكثر من ٤٠ سنة وتحتاج بصفة مستمرة إلى صيانة وتجديد وتقوم بها ورش السكة الحديد، بخلاف أننا نقوم بصيانة وتطوير عربات الدرجتين الثانية والثالثة”.
ورشة بولاق التابعة لشركة إيرماس لصيانة القطارات يتم فيها تطوير ٢٠٠ جرار قطار بخلاف العربات، وعمل الصيانة والإصلاح لها سنويًا، ويُضاف إلى ذلك الجرارات التى تتعرض لحادث أو أعطال طارئة.. وبحسب عبدالله سلامة مدير إدارة ورش العمليات، فإن “هناك خبرات كثيرة فى الورشة تمكنهم من إنجاز تلك الأعداد سريعاً وبجودة عالية للغاية، تضاهى ما تقوم به الشركات الأجنبية فى مصر”. “لما بَطلّع جرار جديد من الصيانة بحس إنى عريس”، هكذا يصف أحمد رمضان، فنى لحام بورشة بولاق، شعوره بعد استلام “قطار الصيانة” بأكثر من ٣٠ يوما. يقف “رمضان” مع نحو ٥ من زملائه أمام قطار “بنى سويف” والذى تعرض لحادث شهير فى فبراير من العام الماضى، يقول: “كانوا بيقولوا خلاص الجرار باظ.. بس دلوقتى قدّامه أيام ويطلع على الطريق يشتغل أحسن من الأول”. عملية إحياء “قطار بنى سويف” لا تختلف عن قطار العياط الذى بجواره فى الجهة المقابلة داخل الورشة، كلاهما تعرض لخسائر فادحة جراء الحادث. خطوات واضحة يحفظونها عن ظهر قلب، يسردها عبدالرازق محمود، ملاحظ بالورشة قائلًا: “فى حوادث القطارات وعلى سبيل المثال جرار العياط، “بيكون وش الجرار بايظ”، وبالتالى يتم تقطيعه وإعادة تجميع الأجزاء من جديد فى قسم العمليات، وتركيب (الصاج) للأجزاء التى تعرضت للكسر، ثم يدخل لقسم التجديدات بإحلال الأجزاء الكهربائية والميكانيكية وإعادة صيانتها وتركيب أجزاء جديدة، وبعد الانتهاء من تلك العمليات يتم تجريبه على السكة لبيان الأعطال التى قد تحدث، وانتهاءً بدخوله قسم الدهان، ومن ثم تسليمه إلى الهيئة بكفاءة ١٠٠٪ وكأنه جرار جديد”. من داخل كابينة القيادة، كان فنى الصيانة أشرف نبيل يشد أسلاك توصيل الكهرباء، ويرى أنها أهم خطوة فى عملية الإحلال، وهى جديدة بالكامل. يُضيف: “الجرار جايلى صاج عبارة عن شاسيه حديد ويُبنى من جديد خالص، ونعمل على تجديد كهرباء جرار الحادث بخلاف الإنتاج الشهرى من عمرات وصيانة ما يقرب من ٨ جرارات شهرياً.. أعمل فى هذه الورشة منذ ١٩ عامًا، وبفضلنا تستغنى الهيئة عن تكهين الجرارات كل فترة، حيث نقدمها من جديد بكفاءة عالية للعمل مرة أخرى على الخط”.