قدّم الكاتب الصحفي علي مقلد ، كتابه «دماء على كرسي الخلافة» كحد أبرز الإصدارات في جناح جريدة الجمهورية ودار التحرير بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 54.
ووضعت الدار صورا للمؤلف وكتابه في مكان بارز أمام الجمهور نظرًا لأهمية الكتاب وموضوعه الذي يناقش قضية مهمة في التاريخ الإسلامي، لا تزال تلقي بظلالها على حياتنا المعاصرة وهي قضية الخلافة الإسلامية.
والكتاب يرصد صراع المسلمين الأوائل على السلطة، ومدى تأثير التاريخ القديم على الحاضر والمستقبل، حيث يعمد البعض إلى اجتزاء وقائع تاريخية من سياقها ومحاولة فرضها قسرا على واقع مختلف وزمن مغاير ، ويوضح مقلد أن كرسي «الخلافة» يمثل جوهر الصراع بين الفرق والجماعات الإسلامية ، ليس في الوقت الراهن فقط بل حدث ذلك طيلة نحو ثلاثة عشر قرنًا من الزمان، فمنذ مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان في يوم الجمعة الموافق 18 من ذي الحجة سنة 35 هـ، وحتى إطلاق مصطفى كمال أتاتورك رصاصة النهاية على الخلافة العثمانية في السابع والعشرين من شهر رجب لسنة 1342 هـ ، سُفكت دماء كثيرة، وقُطّعت رقاب، ورملت نساء، وانتهكت الحرمات والأعراض وخربت مساجد وبيوت ومدن كانت آمنة مطمئنة ، ولم تسلم حتى الكعبة قدس الأقداس عن عموم المسلمين من الأذى، كل هذا ليجلس أحد أمراء الحرب على عرش السلطة ويضع على رأسه تاج الخلافة، ويوضح مقلد أن الفترة التي تلت مقتل الإمام علي وحتى سقوط الخلافة العثمانية لم تكن الأمة الإسلامية تحت خليفة واحد إلا في فترات قليلة جدا ، بل كان دائما هناك أكثر من خليفة طامع في الحكم وبينه وبين آخرين صراعات طاحنة ودامية ، ثم تحولت الخلافة إلى شكل صوري وانقسمت إلى دويلات متناحرة وبدأت تتلاشى رويدا رويدا حتى جاءت نهايتها.
والكتاب يتضمن قراءة تاريخية في المعارك التي اندلعت منذ مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان وحتى ولاية الخليفة المأمون السلطة بعد مقتل أخيه الأمين ، يؤكد المؤلف من بداية الكتاب حتى خاتمته ، أن انتشار الإرهاب في العالم الإسلامي سببه الأساسي هو محاولة هذه الجماعات في القفز على السلطة، فلا يوجد لدى أي جماعة من جماعات الإسلام السياسي قضية محورية ، سوى الوصول إلى السلطة تحت مزاعم إعادة الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة ، مشددا على أن "الخلافة" قضية سياسية فرعية لكنها للأسف نقلت عند بعض المذاهب الفقهية إلى قضية إيمانية داخلة في أصول العقائد ، واستغل الإرهابيون ذلك لكي يلبسوا الأمر على المسلمين ، ويصلوا إلى غايتهم الخبيثة.
ويوضح المؤلف أن أية حرب حالية أو مستقبلية على الجماعات الإسلامية المتطرفة، في أية بقعة من الأرض لن تجدي نفعًا كبيرًا في حال نجاحها، ما لم يتم تفكيك البنية الفكرية المؤسسة لتنظيمات الإرهاب المتأسلم ، فالملاحقات الأمنية مجرد مسكنات لأعراض مرض مستوطن في جسد التاريخ الإسلامي، ينشط هذا المرض اللعين كلما وجد بيئة خصبة وظروف مواتية.
ويلفت مقلد، النظر إلى أن الكتاب قراءة محايدة في أمهات الكتب الإسلامية ونقل أمين لما جاء فيها حول معارك المسلمين الأوائل على السلطة، ومشددًا على أن ذلك ليس من قبيل نبش الماضي بقدر ما هو توضيح للناس أن الصراع على الخلافة كان صراعا سياسيا وليس دينيا وغالبية «خلفاء المسلمين» الذين جاءوا بعد الخلافة الراشدة - إلا القليل - ما هم إلا أمراء حرب كان هدفهم الأساسي السلطة ، ويأمل المؤلف أن تكون محاولته بداية لتفكيك أفكار أخرى، يتخذها الإرهابيون ، وجماعات الإسلام السياسي تكأة لتجنيد الأنصار، وخلق بيئات حاضنة للعنف والتطرف لافتا إلى أن إلغاء نظام الخلافة لم يؤثر في الدين نفسه ، فالمسلمون في مشارق الأرض ومغاربها يقيمون دينهم بلا نقص ، فالشهادتين تملآن السماء والأرض ، والصلاة قائمة ، والزكاة مدفوعة، والصيام باق، والحج عامر.