الثلاثاء 4 يونيو 2024

قصة الإخوان «صانعة الدماء»

30-8-2017 | 17:09

بقلم – ثروت الخرباوي

للإخوان قصة ولكل قصة نهاية وفى كل نهاية عبرة، ومن أراد أن يعتبر فليقرأ هذه القصة، تبدأ سطورها من ذلك الصبى الذى ولد فى بدايات القرن العشرين، ولسبب ما أسماه أبوه «حسن البنا»، أما الأب فهو أحمد عبدالرحمن الساعاتي، القادم من بلاد المغرب، ورغم أن عددا كبيرا من الكُتَّاب والمؤرخين كتبوا عن حسن البنا وحياته، إلا أن جزءًا كبيرا من هذه الحياة الدرامية لا يزال مخفيا عن الناس.

لا أظن أننى أستطيع فى مقال واحد أن أتناول كل جوانب شخصية هذا الرجل الذى أثار ولا يزال يثير أكبر فتنة فى العصر الحديث، ومن صناعة الفتنة إلى صناعة الدماء كانت المهنة الرئيسية لمرشد الإخوان الأول، يقول حسن البنا فى مذكراته إن أباه ولد فى قرية شمشيرة، وهى إحدى قرى مديرية كفر الشيخ، ولكنى أنصحك ألا تصدق حسن البنا، ولا تصدق أى إنسان فاشى برجماتى عميل وهو يحكى لك تاريخه، فبالقطع سيجعل من نفسه ملاكا، وسيجعل خصومه أبالسة، ومن السهل أن يختلق حسن البنا الأكاذيب عن نفسه فى زمن لم تكن هناك أوراق أو سجلات، حتى أن الأب «أحمد الساعاتي» استخرج لنفسه عندما كبر وقبل زواجه من «أم حسن» بدل فاقد لشهادة الميلاد وضع هو بياناتها وقال فيها إنه ولد عام ١٨٨٤ فى قرية شمشيرة مديرية كفر الشيخ، ولكن الشيخ أحمد السكرى الوكيل الأول لجماعة الإخوان قال فى مقال كتبه عام ١٩٤٧ إن جد حسن البنا «مجهول الاسم» قدم من المغرب إلى محافظة الغربية ومعه ابنه أحمد، الذى كان على مشارف الشباب، حيث بدأ هو وابنه أحمد فى العمل فى تصليح الساعات، لذلك أطلقوا عليه لقب الساعاتي، ثم حدث أن تشكك أهل شمشيرة فى نسب تلك الأسرة المجهولة، وسبب هبوطها إلى قرية شمشيرة، فقاموا بطردهم من بلدهم، فكان أن حط الشاب أحمد والد حسن رحاله فى المحمودية من أعمال مديرية البحيرة، وفيها تزوج أحمد من شابة فقيرة من أسرة رقيقة الحال، وحملت الزوجة ثم أنجبت ابنها الأول «حسن البنا».

المهم أن الصغير حسن كبر وأصبح يافعا ودخل فى مدارج الشباب ثم إذا به ينشء جماعة الإخوان! ونمر على الأحداث سريعا فأنا أكتب مقالا لا كتابا، وتعيش جماعة الإخوان منذ بدايتها فى صراع من أجل الحكم، هدفها الأساسى ليس كما يتراءى للغافل هو أن يحكموا مصر، ولكن هدفهم هو أن يصادروا مصر لمصلحة تنظيمهم فتصبح مصر إمارة تابعة لدولة الإخوان! ومن أجل ذلك أنشأوا فى داخلهم عام ١٩٣٩ تنظيما مسلحا ارتكب العشرات من عمليات الإرهاب والقتل والتفجير والاغتيال، كان هدف التنظيم هو الاستيلاء على مصرـ وليس الاستيلاء على حكمهاـ فاغتالوا المستشار الخازندار، واثنين من رؤساء وزراء مصر هما أحمد ماهر والنقراشي، وفجروا السينمات، ومحلات منطقة نصف البلد، وأقسام الشرطة، ومحكمة مصر، وحارة اليهود، وشركات وبنوك، فعلوا كل ذلك ثم قالوا وهم يكتبون التاريخ أنهم أنشأوا تنظيمهم السرى المسلح هذا من أجل مقاومة الاحتلال الإنجليزي، أو من أجل الجهاد فى فلسطين، وهى تجارة تاجروا بها، علمهم إياها حسن البنا «راسبوتين العصر الحديث»، ومن غرائب خططهم، التى بدأها مؤسسهم أنهم كانوا يبدأون فى بداية كل عهد جديد بالجلوس فى أحضان الحاكم، ثم إذا بهم يتنمرون عليه ويحاربونه عندما لا يستجيب لبغيتهم، حدث هذا فى عصر الملكية، شربوا الانخاب مع الملك ثم حاربوه، قالوا إنه أمير المؤمنين، ثم قالوا إنه إمام الفاسدين، إلى أن انتهى العصر الملكي، ثم مع بداية العصر الناصرى بدأوا شهر عسل مع الضباط الأحرار، وأرادوا الاستيلاء على الثورة لصالحهم ليسهل لهم الاستيلاء على مصر، فأوقفهم عبدالناصر، ثم انقلب العسل فى حلوقهم حنظلاوأصبح السجن هو مقرهم الوحيد.

وكان لا بد أن يأتى هادم اللذات ومفرق الجماعات، الموت الذى لابد وأن يصيب كل حي، ومات عبد الناصر عام ١٩٧٠ وذهب نظامه وأصبح فى ذمة التاريخ، وخرجت إلى الدنيا دولة الرئيس أنور السادات، وكما تعود الرؤساء فى بلادنا حين يبدأون فإنهم يبحثون عن الجماهير، ويبحثون عن راية لهم يرفعونها تختلف عن راية من سبقهم، فلم يكن هناك أمام السادات أفضل من جماعة الإخوان، التى كتبت على مقرها الافتراضى «تحت الطلب» فقد كان الإخوان وقت تولى السادات فى السجون، وبعد مفاوضات مع حسن الهضيبى وعمر التلمسانى تم الإفراج عن الإخوان وفقا لجدول زمني، وكان الهضيبى أول من تم الإفراج عنهم وتلاه التلمساني، وبدأت العلاقة الحميمة بينهما تأخذ مكانها فى التاريخ، كما أخذت تؤثر فى الجغرافية، فقد أطلق السادات على دولته دولة العلم والإيمان ليعطى انطباعا سلبيا بأن دولة عبد الناصر كانت دولة الجهل والكفران، وفى دولة الإيمان التى يتولاها «الرئيس المؤمن» انطلقت جحافل الإخوان المؤمنين ضحية عبد الناصر إلى الجامعات والجوامع والجمعيات، وما كان السادات ليستطيع مواجهة الناصريين بغير الاستعانة بالقوة الجماهيرية للإخوان ـ وضع تحت العبارة السابقة خطاـ فجذبت الجماعة المؤمنة عددا كبيرا من الشباب الذى كان يبحث عن شخصيته وهويته، وتحدثوا من فوق المنابر فكفَّروا عبد الناصر ودولته لأنه ولأنها اختلف واختلفت مع الإخوان وحبستهم وأعدمت بعضهم أثناء الصراع السياسى بينهما، وذهبوا إلى الجمعية الشرعية فأصبحت مثواهم حتى حين، ومن خلال مساجدها تحركوا فى كل ربوع مصر، كل ذلك كان قد تم بالاتفاق والسماح من الرئيس المؤمن أنور السادات، فهو يرغب فى هدم دولة عبد الناصر ليبنى دولته هو على أساس مختلف، وظل الود متصلا بين الإخوان والسادات، وعملوا معه تحت سياسة الضوء الأخضر، هو يسمح لهم بالعمل، وهم يصدرون مجلتهم «الدعوة»، وكفى الله المؤمنين شر الأحزاب والجمعيات المشهرة، فحين طلب منهم السادات أن ينشئوا حزبا اشترط عليهم أن يختاروا اسما آخر غير اسم «الإخوان المسلمون» وألا يدخل معه فى الحزب كل أفراد النظام الخاص وعلى رأسهم مصطفى مشهور وأحمد حسنين وغيرهما، ولكن الإخوان رفضوا الشروط، بل إن قرارهم أيضا كان مبتنيا على سند من أن تغيير اسم الإخوان هو الموت ذاته، وقال وقتها مصطفى مشهور والدكتور أحمد الملط «ما كنا لنغير ما وضعه حسن البنا» وكأن حسن البنا كان يضع قرآنا!.

وبعد زيارة السادات لإسرائيل وما تلى ذلك من توابع أهمها اتفاقية السلام تعكر الماء بين السادات والإخوان، فالإخوان تعاملوا مع السادات على أنهم أصحاب فضل عليه، فهم الذين مهدوا له الطريق وآزروه ووقفوا معه فى مواجهة رجال عبد الناصر، فظنوا أنهم بذلك أمناء سر الحكم، وزيارة السادات لإسرائيل كانت صدمة لكل المصريين والعرب، والسادات صاحب سياسة الصدمات ما كان له أن يستأذن من أحد فى أمر أضمره فى نفسه حتى ولو كانوا أولى قربى، كما أنه لم يكن يعرف ما يسمى بالحوار والنقاش والأخذ والرد، ومن تاريخ هذه الزيارة أخذت العلاقة الرومانسية الحميمة تتحول إلى عداء وترويع، فهم يناصبونه العداء ويدعمون سرا الجماعات الإسلامية الوليدة من رحمهم، التى أخذت طريق السلاح، وهو يروعهم فى خطبه، وأخذ التلاسن العلنى بين الطرفين يزداد حتى قال البعض تهكما على هذا الشقاق «وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها أن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما» ولكن جمرة الخلافات اشتعلت وتمادت، فكانت الخاتمة يوم أن أصدر السادات قرارات اعتقالات سبتمبر، التى أخذ فيها من كل قبيلة رجالا، وكان من قبيلة الإخوان العدد الأكبر من المعتقلين، وذات يوم ثارت الحركة الإسلامية المسلحة «الجهاد» المدعومة والمولودة من رحم الإخوان، بل والتى كان أعضاؤها فى بداياتهم ينتمون لهذا التنظيم الإخوانى العتيق، ولأسباب تنظيمية أصبحوا كيانا يحسبه الرائى مستقلا وهو فى الواقع الظل لجماعة الإخوان، فكان أن اغتالت السادات بين جنوده، وحين كان الجالسون فى المنصة يظنون أن اللحظات التى تمر بهم سرمدية لا نهاية لها كانت أفواه الإخوان ـ وغيرهم ـ فى السجون تكبر لله لأن من حبسهم أخذه الموت الذى يأخذ كل حي.

أظنكم لا زلتم معى وأنا أتحدث معكم عن قصة تلك الجماعة صانعة الدماء، قصتها مع الأنظمة، والآن ندخل إلى الفصل الرابع من تلك القصة الدرامية، وهذا الفصل بلا شك يبدأ من دولة مبارك بعد أن انتهى الفصل السابق عند أكبر مشهد درامى فى التاريخ وهو مقتل السادات بيد الجماعة التى أخرجها من السجون وأعاد إليها الحياة، وياللسخرية! أعاد لها الحياة فسلبت منه الحياة! وجاءت الدولة الفرعونية المباركية، وكان الرجل فى عهده الأول يسمع كلام المستشارين الحاذقين، فأطلق سراح المعتقلين واستقبلهم فى قصر الرئاسة، ثم مد يده للإخوان كى يكونوا معه، يساعدونه ويشدون من أزره، والرئيس الجديد يرغب فى اكتساب شعبية كبيرة بعد أن ظهر للناس أثناء فترة وجوده كنائب للرئيس أنه على «قد حاله» محدود القدرات ضعيف التاثير، فظن الإخوان أنه غنيمة، فوقفوا معه وساعدوه فى مواجهة تنظيمات الجهاد والجماعة الإسلامية، وكانت المواجهة بلا شك برجماتية بشكل فج، فالجماعات الجهادية المسلحة كلها مستولدة بعمليات قيصرية من رحم جماعة الإخوان، ولكى تعيش الأم كان لها أن تقف فى مواجهة الأبناء! وما كان مبارك بالحقيقة وفقا لثقافة عصره قادرا على مواجهة الإرهاب، فهو فكر فقط فى مواجهة الإرهابيين لا مواجهة الإرهاب، فظل مصنع الإرهاب ينتج أجيالا وأجيالا، ومبارك الغافل الذى استعان بالقوة الجماهيرية للإخوان تحت شعار «لايفل الحديد إلا الحديد» وضع تحت العبارة السابقة سطرا، وظلت العلاقة بينهما فى السنوات العشر الأوائل كالسمن على العسل، حتى أن الإخوان ذهبوا فى مجلس الشعب عام ١٩٨٧ مع كبيرهم البرلمانى مأمون الهضيبى ليبايعوا مبارك على ولاية ثانية، وكانت اللقاءات الإخوانية مع النظام المباركى مستمرة ولذيذة مثل طعامة القشدة على العسل، فى هذه الفترة كان الدكتور رفعت المحجوب هو بوابة الاتفاقات الإخوانية المباركية وكان هو من اتفق مع مأمون الهضيبى على أن يبايع الإخوان مبارك، وفى هذه الفترة أيضا كانت اللقاءات المتعددة بين زكريا عزمى وقيادات الإخوان فى قصر عابدين والتى كان يتم الاتفاق فيها على ما يبهج خاطر مبارك ورجاله، وكانت مكافآت الدولة المباركية للإخوان ليس لها حصر فقد سمحوا لهم «بسياسة الضوء الأخضر» الدخول للبرلمان والكتابة فى الصحف واعتلاء المنابر ودخول النقابات المهنية لأول مرة فى تاريخ الجماعة، وتركوا لهم حرية التحالف مع الوفد تارة، ومع حزبى العمل والأحرار تارة أخرى كأنها حزب سياسى لا جماعة محظورة تعمل بالمخالفة للقانون، وحدث ولا حرج عن زيارة سوزان مبارك لشركات خيرت الشاطر وحسن مالك وقيامهما بالتصوير معها، لتنشر الصحف صورها أثناء الزيارة بما يؤكد على حميمية العلاقات، والذى لم يكتبه أحد بعد هو أن مبارك كان على صلة وثيقة بالمرشد الرابع حامد أبو النصر، مرشد هذه الفترة، بل أن اختياره مرشدا كان مرضيا عنه من نظام مبارك وقياداته الأمنية، ولم تفسد العلاقة بين الإخوان ومبارك إلا بعد أن هرِم المرشد أبو النصر وأصبح عاجزا عن إدارة شئون الجماعة، فترك الحبل على الغارب لمصطفى مشهور يدير الجماعة كما يشاء ويضع فيها أفكاره، التى تلقاها من عبد الرحمن السندى صاحب التنظيم الخاص المسلح للجماعة، ومن خلال سيطرة مصطفى مشهور التى ظهرت للكافة قام مبارك عام ١٩٩٢ بشد أذن الإخوان شدا خفيفا، حينما تم حبس خيرت الشاطر وحسن مالك عدة أشهر على ذمة قضية «سلسبيل»، التى كشفت مصائب كانت الجماعة تخفيها، وفى نهاية عهد حامد أبو النصر أرسل مبارك للإخوان إنذارا شديد اللهجة حينما قامت النيابة العامة باستدعاء المرشد حامد أبو النصر لسؤاله عن بعض المنشورات، التى كان بعض شباب الإخوان يوزعونها، وانتهى الأمر على سلام إلا أن الإخوان لم يستوعبوا الرسالة فتم القبض على مجموعة كبيرة منهم عامى ١٩٩٥، ١٩٩٦، وإحالتهم للمحاكمة العسكرية، وأخذت العلاقة بين الطرفين منحى شديد الوعورة إلا أن الإخوان ظلوا يحاولون التقرب من مبارك بشتى الطرق، ولكن الرجل صنع لهم أذنا من طين وأخرى من عجين، والمدهش أنه كان يستعملهم فى الوقت الذى يريده وبالطريقة التى يريدها.

ولأن الإخوان إذا شبعوا اطمأنوا، وإذا جاعوا أنّوا فقد عاشوا مع مبارك فى فترة المرشد مصطفى مشهور بين الجوع والشبع، الاطمئنان والأنين، يكتب المرشد مصطفى مشهور مقالة فى جريدة الشعب عام ٢٠٠٠ يحيى فيها «موقف مبارك الوطني» من ضرب محطة الكهرباء بلبنان، فيرسل له مبارك زكريا عزمى مبعوثا ليطلب منه دخول الإخوان الانتخابات البرلمانية، وأنه سيسمح لهم بنجاح عدد معقول فيها، على أن ينسوا قضية النقابات المهنية، التى كان متهما فيها المرشد المسجون حاليا محمد بديع، ويأتى ملك الموت ومفرق الجماعات فيقبض روح المرشد مصطفى مشهور، ويأتى المرشد مأمون الهضيبى، الذى لم يلبث فى الإرشادية كثيرا ويأتى من بعده المرشد مهدى عاكف، الذى تم الاتفاق معه على صفقة عام ٢٠٠٥ وهى الصفقة، التى أسفرت عن صدور بيان من الجماعة تدعو فيه الجماهير إلى عدم مقاطعة انتخابات الرئاسة حتى يكون المسلم إيجابيا، وكان أن دخل الإخوان بعد ذلك إلى عضوية البرلمان فرادى وجماعات.

وفى عهد المرشد بديع ظل هو الآخر على سياسة الغزل العفيف لمبارك حتى قبيل الثورة، فكلنا يذكر يوم أن قال المرشد «مبارك أبو المصريين ونحن من أبنائه ونتمنى أن نجلس معه» ولكن ذهبت دولة مبارك بغضبة الخامس والعشرين من يناير فظن الإخوان أن مصر غنيمة يجب اغتنامها لمصلحة التنظيم الدولي، ونعرف كلنا ما الذى حدث وكيف استغلت تلك الجماعة صانعة الدماء حالة الفوضى التى أعقبت الخامس والعشرين من يناير، وانهيار المؤسسات، وغياب الشرطة، فوصلت إلى البرلمان فى ظل حالة غياب للوعى بين كبار أعيان النخبة المصرية الذين كانوا فى حالة غيبوبة، ثم غياب الوعى الجمعى عند الجماهير، التى ضللتها شعارات مزيفة، وبعد وصول الإخوان للبرلمان كان من السهل أن يصلوا لموقع الرئاسة، ورغم أنهم وصلوا له باستخدام كل إمكانياتهم فى التزوير والتدجيل والتضليل، إلا أنه لم يكن أمام «قيادات الجيش المصري» إلا الموافقة على نتيجة الانتخابات «المزورة» ليجنبوا الدولة حربا أهلية كانت تلك الجماعة ستشنها على شعب مصر كله فتصنع أكبر نهر للدماء فى تاريخنا كله، أليست هى صانعة الدماء؟! وأظننا شاركنا جميعنا فى الثورة على الإخوان، شاركنا وشارك الشعب كله عندما عرف عن يقين أن يد الإخوان، التى امتدت لمصر كانت عبارة عن «مخلب الذئب» ولا زلنا إلى الآن بعد أن انتصرنا عليهم نواجه شرهم، يسفكون دماءنا كل يوم، ويقتلون أبناءنا فى كل حين، ولكن أسوأ ما رأيته فى حياتى أن عددا من الغافلين خضعوا لدعايات الإخوان فتعاطفوا معهم وهم لا يعلمون أن مخلب هذا الذئب سيمتد إلى رقبة هذا المتعاطف ذات يوم ليريق دمه ويسلب منه الحياة، وما دفعنى أن أكتب هذا المقال عن «صانعة الدماء» إلا لكى أكشف للغافلين المتعاطفين ما خفى عنهم من شر تلك الجماعة، ولعل كلماتى تصل ولو لواحد فقط فتعيد الوعى إليه.

ولأن المقولة الشهيرة «الدول تبقى والأنظمة تفنى» بدت لى ناقصة، فإننى أستكملها كالآتى «الدول تبقى ومصر لاتفنى، ولكن الأنظمة والجماعات تفنى، وقد فنت جماعة الإخوان عندما ظنت أن الدنيا قد حيزت لها» وسبحان من قال «تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء»، ولكن الإخوان لا يؤمنون إلا بأن «المُلك» يجب أن يكون لهم دائما ويرفضون أن ينزعه الله منهم، وما نزعه منهم إلا لطغيانهم وإتجارهم بالإسلام والإسلام لا يعرفهم، وذات يوم سأكتب عن جماعة الإخوان «الجاسوس العميل الأكبر فى تاريخنا الحديث».