الإثنين 20 مايو 2024

درس الهندسة وامتهن الشعر .. سر ارتباط حجاب بـ«الثلاثى» الشريعى وعكاشة والحجار

14-2-2017 | 20:07

كتب : محمد بغدادى

"تحت نفس الشمس وفوق نفس التراب كلنا بنجرى وراء نفس السراب، كلنا من أم واحدة أب واحد دم واحد بس حاسين باغتراب"، " قالوا زمان دنيا دنية وغرورة، قلنا واللى تغره يخسر مصيره.. قالوا الشيطان قادر وليه ألف صورة، قلنا ما يقدر على اللى خيره لغيره"، بعض كلمات من تترات مسلسلى "الشهد والدموع" و"المال والبنون"، من روائع الشاعر سيد حجاب الذى رحل عن عالمنا منذ أيام قليلة، والذى كان واحدًا من كبار شعراء العامية فى مصر والوطن العربى، وكتب لكثير من التترات لأشهر المسلسلات المصرية، ومن بينها "المال والبنون وأرابيسك ومن الذى لا يحب فاطمة، ليالى الحلمية"، وغيرها .

علاقة ارتباطية

وشكل الشاعر الكبير الراحل سيد حجاب ثلاثيًا رائعًا مع الموسيقار الكبير الراحل عمار الشريعى والمطرب على الحجار، حيث إنهم قد تعاونوا معًا فى العديد من الأعمال الفنية التى حققت نجاحاً كبيراً وغير مسبوق، ومن أشهر أعمالهم التى قدموها "المال والبنون، الشهد والدموع، الأيام، غوايش، كناريا وشركاه، وقال البحر، المصراوية"، إلى أن أصبحت أسماؤهم ملتصقة ببعضهم وشكلوا ثلاثيًا ناجحًا ظل أهم ثلاثى فى مجال الدراما التليفزيونية.

وعن سر ارتباط الشاعر الراحل سيد حجاب بالثنائى على الحجار والموسيقار عمار الشريعى، كان حجاب فى أحد اللقاءات التليفزيونية قال عن الشريعى " ما شوفتش غنا اتسمع مثل غنا عمار وكان هناك تعويض ربانى عن البصر"، ولم أر ملحنا يتمتع بهذا القدر من الموهبة والمزاج والحس الفنى الراقى مثل عمار الشريعى، وعن المطرب على الحجار قال :الحجار يتمتع بصوت قوى كأنه يقول " أوديكى فين يا عافية؟"، وفى اعتقادى تتر مسلسل الأيام من أروع ما غنى على الحجار.

وقال حجاب إنه عندما طلب منه المخرج يحيى العلمى كتابة أغانى مسلسل" الأيام" رشحت له الموسيقار عمار الشريعى لتلحينها، ووقتها كان الأخير فى رحلة عمل إلى لندن، وعاد مصابًا بانزلاق غضروفى منعه من الحركة، وكلما كان العلمى يسألنى عن أغانى المسلسل، كنت أطمئنه أن الشريعى قد انتهى من جزء كبير من الأغنيات، وفى نهاية الأمر قمت باعتقال الشريعى فى منزله لكى ينتهى من كافة اغنيات المسلسل وكان مستلقيًا على ظهره دون أن يتحرك.

وعن تعاونه مع الشريعى فى تجربة أغانى الأطفال قال حجاب فى احد اللقاءات :" عملت لفترة فى مجلة " سمير وميكى" للأطفال، وكنت أكتب قصصًا قصيرة لهم ، هذا ما دفعنى لبدء تجربة أغانى الأطفال بعد لقائى بـ "عمار"، حيث إننا كنا قد تعاهدنا أن نقدم أعمالاً تربوية ترتقى بعقول الأطفال وتوافق الذوق العام الرفيع، بجانب ابنتى «ريم» التى ولدت وقت كتابة هذه الأغنيات وكان بالطبع مصدر إلهامى.

حجاب وعكاشة

كما تعاون الراحل سيد حجاب مع الكاتب والسيناريست الراحل أسامة أنور عكاشة، وكانا قد حققً معًا نجاحًا كبيرًا، وكان قد أكد حجاب أن عكاشة رفض كتابة جزء سادس من مسلسل "ليالى الحلمية"، ولذلك رفض حجاب أن يكون تتر مسلسل "ليالى الحلمية" الذى كتبه من قبل أن يكون هو نفسه تتر الجزء السادس الذى كتبه الشاعر أيمن بهجت قمر، إلا أنه وافق بعد ضغوط عاطفية من الأصدقاء والمقربين والقائمين على التليفزيون المصرى، مشيرًا إلى أن آخر تتر قدمه سيد حجاب كان عام 2012 من خلال مسلسل "شمس الأنصارى"، بسبب رحيل رفقاء مشواره الفنى وشركائه فى الدراما والعظماء من أمثال أسامة أنور عكاشة وإسماعيل عبد الحافظ وعمار الشريعى.

وتجدر الإشارة إلى أن تتر " الأيام" كان يعد أول عمل يجمع بين الثلاثى حجاب والشريعى والحجار وكان بمثابة نقطة انطلاق حقيقية فى تاريخ الحجار الغنائى، وكان المطرب على الحجار قد قال فى احد اللقاءات ان الملحن عمار الشريعى كان دائماً ينصحه بضرورة التركيز على المعنى أكثر من الطرب فى أغانى الأعمال الدرامية، وكان المطرب على الحجار قد نعي الشاعر الكبير سيد حجاب بنشر عدد من أعماله عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعى "فيسبوك"، كما أنه أثناء قيامه بإحياء حفله السهرى بساقية عبد المنعم الصاوى، طلب من الجمهور الوقوف دقيقة حدادا على روح الشاعر الراحل.

وعلى صعيد آخر كشف الشاعر جمال بخيت لـ "الكواكب"، أن سر ارتباط الثلاثى الشاعر الراحل سيد حجاب والموسيقار الكبير الراحل عمار الشريعى والمطرب على الحجار يرجع إلى أن، حجاب والشريعى قد تعرفا على بعضهما فى بداية الأمر، وشعرا بأن هناك كيميا بينهما فى العمل، وهناك سر أيضا جعل كبار شعراء العامية بصفة عامة يرتبطون بـ عمار الشريعى، حيث إنه كان مفكرًا وليس فقط ملحناً عبقرىاً، بل كان مثقفًا بجانب قدراته التلحينية وفهمه العميق للموسيقى ودروبها وأبعادها وتأثيراتها وكل فنون الموسيقى، وكان قارئ نهما يستريح أى شاعر عندما يجلس معه ويشعر أنه أمام عقل حكيم، فهناك الكثير من الملحنين وأن كانوا محترفين فى مجالهم، إلا أنهم لا يفقهون شيئًا خارج هذا المجال على عكس الشريعى، ولذلك كان من الطبيعى والمنطقى ان مثقفا موسوعىا مثل سيد حجاب أن يلتقى ويلتصق اسمه مع موسوعى ومثقف مثل الموسيقار عمار الشريعى، وكان من الطبيعى أن يبحث الاثنان على صوت قوى مثل صوت على الحجار.

وأشار بخيت إلى أغنية الشاعر الكبير سيد حجاب "سمرا" والتى غناها الحجار ومن كلماتها "سمرا وبعيون كحيلة وجديله ديل الكحيلة يانى ورمانى زمانى مالى فى هواكى حيله"، كما أشار إلى أن صوت على الحجار دائمًا يقولون عنه صوت درامى بطبعه، فكان هذا الثلاثى أنجح ثلاثى كل منهم فى مجاله، ولذلك كان دائمًا كتاب الدراما ومخرجو ومنتجو الدراما لا يجدون أفضل من على الحجار فى الغناء وحجاب فى الشعر والشريعى فى الألحان وأن كان هناك آخرون عظماء، إلا أن هؤلاء كانوا أعظمهم ، ومن هنا كانت هذه الثلاثية الرائعة.

سيرته العطرة

الشاعر الكبير سيد حجاب من مواليد 23 سبتمبر 1940، فى محافظة الدقهلية، التحق بقسم العمارة بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية عام 1956م، ثم انتقل الى هندسة القاهرة لدراسة هندسة التعدين عام 1958م، ثم دخل حجاب مجال الشعر والأغنية حتى أصبح واحدًا من كبار شعراء العامية المصرية فى الوطن العربى، وغنى له كل من على الحجار وسميرة سعيد وعفاف راضى وصفاء أبو السعود ومحمد منير، وكان قد حصل على جائزة كفافيس الدولية عن مجمل أعماله، بالإضافة إلى حصوله على عدة جوائز أخرى، واشتهر حجاب بمواقفه السياسية والوطنية ومشاركته فى الثورات الشعبية وكتاباته الثورية ومن بينها "بعد الطوفان" قبل اندلاع ثورة 25يناير 2011م، إلى أن توفى الشاعر الكبير يوم 25 يناير عام 2017 فى الذكرى السادسة لـ «ثورة يناير المجيدة».