الخميس 28 نوفمبر 2024

«هيمن هورامى» مسئول العلاقات الخارجية فى الحزب الديمقراطى الكردستانى: إعلان دولة كردستان العراق اقترب

  • 16-2-2017 | 09:44

طباعة

 

أجرى الحوار فى أربيل: السيد عبد الفتاح

تبقى الدولة الكردية حلمًا يراود كل كردى منذ عقود طويلة، ويبقى تحقيقه وإخراجه إلى النور الأولوية لكل كردى فردا أو حزبا، أيًا كانت توجهاته وأيديولوجياته وأجنداته وعلاقاته الداخلية والإقليمية والدولية.

يحلم الأكراد بدولة مستقلة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لكن هذا الحلم تواجهه عقبات وعراقيل كثيرة لا يستهان بها، قادرة على إجهاضه، سواء كانت خارجية من القوى الإقليمية، التى ربما يصنفها الشعب الكردى بـ«العدو»، فى تركيا أو إيران، وأخرى دولية تخضع لحسابات القوى الكبرى التى ترسم حاضر ومستقبل فى العالم، وتتحكم فى مصير المنطقة وشعوبها، من الولايات المتحدة أو روسيا أو الاتحاد الأوربي، أما العراقيل الداخلية فلا تقل أهمية وخطورة من نظيرتها الخارجية والإقليمية، فواقع الحال يؤكد أنه رغم الاتفاق شبه الجماعى بين القوى والأحزاب السياسية فى كردستان بأجزائها الأربعة، إلا أن هناك بعض الاختلافات حول كيفية وتوقيت إعلان الدولة الكردية.

الأمر محسوم تمامًا فى الشارع بين المواطنين، لكنه بين السياسيين ليس كذلك، فى إقليم كردستان العراق، الذى حكم نفسه بنفسه منذ عام ١٩٩١ ويعتبره البعض مستقلًا فعليًا عن الحكومة المركزية فى بغداد، يقود الحزب الديمقراطى الكردستانى الأقدم فى قيادة حركة النضال الكردى فى العراق، ورئيسه مسعود بارزاني، التيار المنادى والمؤيد تمامًا لفكرة إقامة الدولة الكردية، ودأب بارزانى على التلويح بين الحين والآخر بإعلان الدولة الكردية ولو من طرف واحد.

«المصور» التقت فى مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، «هيمن هورامي» مسئول العلاقات الخارجية بالحزب الديمقراطى الكردستانى، والذى يسير على خطى مسعود البارزانى ويطبق رؤيته حرفيًا بكل اقتناع، وهو شاب قيادى فى الحزب، من المقربين من زعامة الحزب، ولديه قبول فى الشارع الكردى بين المواطنين، ويتميز بثقافة عالية وفكر متحرر ومنفتح ولغة دبلوماسية هادئة وشديدة الوضوح والدقة فى نفس الوقت.

«هيمن» والذى يعنى اسمه بالكردية «الهادئ» كان شديد الوضوح والصراحة فى إجاباته التى جاءت مباشرة ولا تحتمل أكثر من تأويل واحد.

أكد «هورامي» أن تحقيق حلم الدولة الكردية بات قريبًا، وأنها قادمة لا محالة، لكنه شدد على أن إقامة الدولة الكردية لا تعنى أنها ستتم بالطرق الخشنة والدموية، بل بوسائل سلمية ومشروعة وعبر عملية تفاوضية هادئة وصبورة مع الحكومة العراقية، وأوضح أنهم يضعون فى اعتبارهم كافة الجوانب والأمور المتعلقة بتحقيق حلم الشعب الكردي، وأن لديهم حسابات دقيقة لمواقف وتحركات وردود أفعال مختلف القوى الداخلية والإقليمية والدولية.

وبرر «هورامى» مواقف حزبه وحكومة الإقليم ورئاسته، بأن البقاء فى الدولة العراقية الحالية بات أمرًا صعبًا، وأن الأكراد يرفضون أن يكونوا جزءًا من الوضع الحالى غير المضمون فى بغداد، حيث إن مستقبل العراق العربى «غير مضمون»، ما سيؤدى إلى توترات فى المستقبل، والأكراد يريدون قطع الطريق عليها.

ونفى «هورامي» تهمة الانفصال عن العراق الموجهة إلى الأكراد، لأنهم، حسب رأيه، لم يكونوا أصلًا جزءًا من العراق حتى ينفصلوا، معترفًا بأن الظروف الداخلية والإقليمية والدولية، وإن كانت غير مناسبة لكن ذلك لا يعنى أنها ستكون مناسبة مستقبلًا، مؤكدًا أن الأكراد صاروا لاعبين أساسيين فى المعادلة السياسية والعسكرية والأمنية فى المنطقة، فإلى نص الحوار:

هل اقترب موعد إعلان الدولة الكردية خاصة مع تصريحات الرئيس مسعود بارزانى المتكررة، وهل بدأ العد التنازلى لظهورها إلى الوجود؟

أجاب القيادى الكردى بكل وضوح: تقرير المصير حق طبيعى لأى شعب، وعندما تم تخييرنا فى بداية القرن الماضى بين أن نكون جزءًا من تركيا أو العراق بعد انهيار الدولة العثمانية، اخترنا العراق، لكن منذ هذا الوقت وحتى عام ٢٠٠٣ الحكومات العراقية المتتالية تعرض الكرد للاضطهاد والتهميش والإقصاء، والسؤال ماذا كان نصيب الكرد كمواطنين فى العراق؟ والإجابة الإبادة الجماعية والقصف الكيماوى وعمليات الأنفال وهدم وتدمير ٤٥٠٠ قرية، وبعد سقوط نظام صدام حسين، ولو أننا منذ انتفاضة ١٩٩١ كنا شبه مستقلين وعندنا كل شىء، فإن الرئيسين بارزانى وطالبانى ذهبا إلى بغداد أملًا فى عراق جديد مبنى على الديمقراطية التعددية والشراكة الحقيقية، لكن بعد ١٤عامًا ماذا حققنا من العراق الجديد؟ الفيدرالية غير موجودة، وحتى الآن هناك ٤٦ مادة فى الدستور العراقى لم تطبق، وموضوع الموارد والثروات لم نستلم حصتنا منه ولو مرة واحدة، والمادة ١٤٠ فى موضوع المناطق المتنازع عليها لم يتم تفعيلها، والمجلس الاتحادى لم يؤسس.

وفى عام ٢٠١٤ قام المالكى بقطع بشكل كامل ميزانية الإقليم، وعندما هاجمنا داعش لم تحمنا الحكومة العراقية، بل كانت الحكومة جزءًا من هذا الخطر بسبب السياسات المذهبية للمالكى، ولهذا فإننا أمام اختيارين، إما أن نكون جزءًا من مستقبل غير مضمون يعيد ما كان عليه العراق فى السابق، أو نختار مستقبلنا، بغداد رفضت أن تقبل الكرد كشريك للحكم فى العراق، ونحن نرفض أن نكون تابعين، إذا لم ننجح أن نكون شريكين أساسيين فى الحكم يمكن أن نكون متحابين وبيننا صداقة كاملة.

بصراحة لن نكون جزءًا من استمرار الوضع الحالى فى بغداد، وقد بدأت هذه العملية عندما زار الرئيس بارزانى بغداد والتقى رئيس الوزراء حيدر العبادى، وقادة التحالف الوطنى، وتمت مناقشة هذا الموضوع، على أن نكون عمقا للعراق وهو يكون عمق لنا، ونحن متفائلون أن نحصل على نتيجة إيجابية.

لكن إعلان دولتكم يعتبره كثيرون أنه انفصال عن العراق وتفتيت لوحدته؟

ـ السؤال هو هل نحن الكرد نعيش على أراض غير أرضنا أم على أرضنا؟ هل احتللنا قرية أو مدينة عربية؟ قبل تشكيل العراق عام ١٩٢١ هل كانت كردستان والكرد موجودون على أراضيهم؟ نعم. هل كنا جزءًا من كيان اسمه العراق؟ لا. لسنا انفصاليين لأننا لم نكن جزءًا من العراق، نحن نطلب أن يختار شعبنا فى عملية ديمقراطية سلمية ما يريد، وعلى المثقفين العرب والرأى العام العربى أن يفهموا أننا جزء من الحل وليس من المشكلة، نريد حق تقرير المصير لنكون جزءا من الحل، لأن مستقبل العراق العربى صراحة غير إيجابي، والبقاء على الوضع الموجود سيؤدى إلى توترات فى المستقبل نريد أن نقطع الطريق عليها ونحل كل الموضوعات سلميا مع بعضنا البعض، لا نريد حربا أخرى.

هل الظروف الداخلية والدولية مناسبة لإعلان دولتكم؟

الظروف المثالية غير موجودة فى أى مكان بالعالم، وإذا انتظرناها لن نفعل شيئًا، الاستقلال المعلب غير موجود حتى نستورده، الوضع الاقتصادى غير مثالي، والتوحد بين الأحزاب الكردية غير مثالي، والوضع الإقليمى غير مثالى وكذلك الوضع الدولي، لكن السؤال: إذا لم يكن الآن فمتى وكيف؟ لنفترض بعد أى عدد من السنوات من يضمن وقتها أن يقنع الكرد أن الطروف الداخلية والإقليمية والدولية تكون مثالية؟ ما نخشاه أن الأمور ستزداد سوءا أمنيًا واقتصاديًا إذا لم نحصل على حق تقرير المصير الكردى.

هل حصلتم على ضوء أخضر من الولايات المتحدة والغرب؟

الأمر ليس موضوع الضوء الأخضر والضوء الأحمر، الموضوع أن هذه المرة الأولى فى تاريخ الشرق الأوسط، يصبح كرد العراق مشاركين فى اللعبة السياسية وجزءا من الملعب السياسي، فمنذ عشرينيات القرن الماضى كانوا يلعبون بنا، والآن نحن لاعبين أساسيين، فالغرب والولايات المتحدة والدول الإقليمية عندما يرون الكرد شريكًا حقيقيًا فى مكافحة الإرهاب من كافة النواحى العسكرية والمعلوماتية وفى الجهود الدولية لإيواء النازحين، وعندما يرون كردستان بلدًا متعددًا من حيث الأديان والمكونات وجميعهم يعيشون بسلام، فإنهم يرون إقليم كردستان كحليف يمكن أن يعتمد عليه فى منطقة تعانى عدم استقرار، وأمريكا والغرب لم يعطونا الضوء الأخضر لكنهم لم يقولوا لنا بأن هذا الأمر خط أحمر، وكل الاعترافات كانت بعد الإعلان.

لكن الموقف الكردى الداخلى ليس موحدًا؟

سياسيًا وليس استراتيجيًا، استراتيجيًا كل الأحزاب موقفها واحد فى موضوع حق تقرير المصير والاستقلال، فليس هناك كردى واحد يختلف على ذلك.

كيف تتعاملون كحزب مع الأحزاب الأخرى، خاصة أن لهم بعض الاختلافات ربما تؤثر على إعلان الدولة الكردية وفقًا لما يراه حزبكم؟

فى الحقيقة هذا جزء من النضوج السياسى داخل كردستان العراق، ففى عام ١٩٩٤ كان عندنا مشاكل واختلافات جانبية صغيرة أدت إلى حرب أهلية، ولكن فى عامى ٢٠١٤ و٢٠١٥ كان عندنا مشاكل سياسية كبيرة جدًا وظلت باقية كمشكلة سياسية، فهذا جزء من النضوج السياسى فى إقليم كردستان العراق، أن هناك اختلافات أيديولوجية فى وجهات النظر، والرئيس بارزانى أصدر بيانًا يمثل خارطة طريق تتكون من التغيير فى رئاسة البرلمان وإعادة تشكيل الحكومة الثامنة واختيار شخص آخر لمنصب رئيس إقليم كردستان، وحزبنا شكل وفدًا كبيرًا اجتمع مع الأحزاب، وزار وفد من المكتب السياسى للحزب مدينة السليمانية واجتمع مع حزب الاتحاد الوطنى الكردستانى ومع حركة التغيير، فهذا يعطينا فرصة لحل مشاكلنا الداخلية، لدينا بادرة إيجابية ونتمنى ونتوقع من الأخوة فى الأحزاب الأخرى أن يتعاملوا بشكل إيجابى مع هذه المبادرة.

هل ترى أنه كان هناك أسباب منطقية للأزمة السياسية التى شهدها الإقليم ومازالت مستمرة؟

نحن فى مرحلة انتقالية إلى الديمقراطية ولدينا آليات للديمقراطية، ولكن الثورة الثقافية والاجتماعية والنضوج السياسى ما كانت لتتواكب وتتناسب مع هذه الأدوات الديمقراطية، ما أدى إلى الحرب الأهلية، وحتى الآن ما عندنا دستور فى الإقليم حتى ننتهى من المرحلة الانتقالية، ومازلنا نفتقد ثقافة المؤسسات والمعارضة السياسية، يجب أن تكون أى معارضة ضمن نظام إقليم كردستان، وليس ضمن الحكومة، لكن للأسف الشديد بعض الممارسات من الأحزاب المعارضة فى الإقليم أعطوا هذا التصور بأنهم معارضة ضد النظام فى الإقليم، وهم كانوا جزءا من هذا النظام، كانوا ضمن الحكومة ولديهم ٥ وزراء، فى الصباح يكونون وزراء وبعد الظهر داخل أحزابهم كانوا يمارسون المعارضة ضد النظام والحكومة، وهذا أمر غير موجود فى أى مكان بالعالم.

البعض يرى أن المشكلة هى فى شخص الرئيس مسعود بارزاني؟

الرئيس بارزانى فى عام ٢٠٠٥ أجرى اتفاقا مع حزب الاتحاد الوطنى الكردستانى على أن يكون مرشح الكرد لمنصب رئيس الجمهورية فى العراق هو مام جلال طالبانى، وفى البداية كانت هناك مطالبات بأن يكون الرئيس بارزانى مرشحًا للمنصب، وعندما تم الاتفاق أن يكون بارزانى رئيسا للإقليم، طالبنا بانتخابات مباشرة يقوم الشعب فيها بالتصويت المباشر، لكن الهيئة العليا للانتخابات العراقية قالت إنها ليس لديها الإمكانية لإتمام الانتخابات خلال ٣ شهور، فوافقنا على أن يتم انتخاب رئيس الإقليم من خلال البرلمان، بعدها هاجمت المعارضة الرئيس بارزانى، وقالت إنه ليس عنده شرعية لأنه لم ينتخب من الشعب وتم انتخابه بصفقة سياسية داخل البرلمان، وقبل انتخابات ٢٥ يوليو ٢٠٠٩ بشهرين طلب الرئيس بارزانى من البرلمان تعديل قانون انتخاب رئيس الإقليم إلى الانتخاب المباشر من الشعب، وهو نفس الطلب الذى طالبت به المعارضة، وفى الانتخابات صوت ٧٠٪ من الشعب الكردى للرئيس بارزاني، وحصلت حركة التغيير على ٢٥ مقعدًا ودخلت البرلمان لأول مرة وشكلت المعارضة، وبعدها قالوا بأن انتخاب الرئيس من الشعب يعنى أن يكون النظام رئاسيًا ونحن نريد النظام البرلماني، وبالتالى لابد أن ينتخب الرئيس من البرلمان وظلوا يهاجمون الرئيس بارزانى ٤ سنوات بأنه رئيس ديكتاتورى ولابد أن ينتخب من البرلمان، وفى عام ٢٠١٣ طالب الرئيس بارزانى بإجراء الانتخابات وترشيح شخص آخر، لكن الاتحاد الوطنى وحركة التغيير لم يوافقا، فتم الاتفاق على تمديد رئاسة بارزانى عامين يتم خلالهما المصادقة على مشروع دستور الإقليم، إلا أن بارزانى نشر بيانًا قال فيه بأنه غير راض عن هذا القانون ولايريد التمديد ولا تعديل القانون، ولكن بسبب الأوضاع وافق على التمديد لمدة سنة، وطالب البرلمان بالمصادقة على الدستور والدعوة لانتخابات رئاسية جديدة بعدها، وبانتهاء هذا العام جاءت داعش والرئيس بارزانى مشغولًا بقيادة جبهات القتال، والبرلمان لم يبحث مسألة الدستور إلى عام ٢٠١٥، وفيه طالب الرئيس بارزانى بالتوافق على شخص آخر والمصادقة على الدستور، وفى ١٣ يونيه من عام ٢٠١٥ طالب مرة أخرى بإجراء انتخابات رئاسية فى ٢٠ أغسطس وأن يختار الشعب الكردى شخصا آخر، وقال إنه لايرشح نفسه للمنصب لأن مدته القانونية انتهت، لكن المعارضة التى كانت جزءا من الحكومة من خلال التوافق مع الحزب الديمقراطى لم يحسبوا أى حساب لهذا التوافق وذهبوا لتعديل قانون انتخاب رئيس الإقليم عن طريق البرلمان، ولم نكن راضين عن هذا وطلبنا منهم تأجيله أو يكون هناك استفتاء شعبى عليه فلم يوافقوا وأصروا على تعديل القانون يوم ١٩ أغسطس ٢٠١٥، وحاولوا ذلك فى البرلمان ولكن لم ينجحوا فى توفير النصاب القانونى لذلك.

والآن الرئيس بارزانى أصدر بيانه وطالب الأحزاب بالاتفاق على رئاسة جديدة للبرلمان وتشكيلة جديدة للحكومة، وأيضًا رئيس جديد للإقليم، فإذا كان لدى هذه الأحزاب مرشح فليقدموه، ولهذا فالقضية ليست شخصية الرئيس بارزاني.

ما حدود الدولة الكردية.. هل ستكون فى الإقليم أم كردستان الكبرى؟

إقليم كردستان العراق داخل العراق، ليس لدينا استراتيجية لإقامتها فى الأجزاء الكردية فى سوريا وتركيا وإيران، فالكرد فيها لديهم سياقات وقيادات سياسية وثقافة مختلفة.

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة